أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس الشرقية تذوي والغربية تزدهر














المزيد.....

القدس الشرقية تذوي والغربية تزدهر


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4846 - 2015 / 6 / 23 - 12:52
المحور: الادب والفن
    


تعيش القدس الشرقيّة حالة من تبديد هويّتها الثقافية الأصلية، وتتكاثر الخطط الإسرائيلية التي تستهدف عزلها عن محيطها، لتهويدها ولإغراقها في بحر من الاستيطان.
ويذوي الحضور العربي الفلسطيني في المدينة جرّاء الحصار وخطط التهويد. وعلى الرغم من كثرة المؤتمرات التي تعقد باسمها، وعلى رغم الخطب الحماسيّة والشعارات، فإنّ المدينة تذوي، ويتمزّق النسيج الاجتماعي فيها، جرّاء العديد من الإجراءات الإسرائيلية التي تستهدف صمود الناس فيها. وحينما تتخلخل هوية هؤلاء الناس، تسهل عملية تدجينهم وإلحاقهم بهويّة غريبة عنهم، أو تحييدهم وحشرهم في حالة من الضياع.
ويتضاءل حضور كثير من مظاهر الحياة السويّة في المدينة. لا النشاط الاقتصادي بخير، ولا مؤسّسات المجتمع المدني بخير، ولا النشاط السياسي في أفضل أحواله، ولا هو في الحدّ الأدنى من هذه الأحوال. والنشاط الثقافي في حال لا تسرّ البال، والقدس الشرقية تذوي، فيما تشهد القدس الغربية ازدهاراً غير مسبوق في شتّى المجالات، وسلطات الاحتلال تريد ذلك وتسعى إليه.
ولا أنكر أنّ ثمة محاولات للخروج من حالة الموات الثقافي التي تعيشها القدس الآن، وأذكر في هذا المجال: ندوة السبت التي ينظّمها مركز القدس للموسيقى على نحو غير منتظم، حيث ينتظم شملها حيناً وتتبدّد اجتماعاتها حيناً آخر، وندوة اليوم السابع التي ينظّمها المسرح الوطني الفلسطيني كلّ أسبوع، علاوة على ما يضطلع به المسرح من أنشطة أخرى ثقافية وفنية، وعروض مسرح "سنابل" في النوادي وفي المدارس، ومعارض الفن التشكيلي والأفلام التي يقدمها "المعمل"، وكذلك مهرجان القدس للموسيقى الذي تنظّمه في موقع قبور السلاطين كلّ عام "مؤسسة يبوس للإنتاج الفني"، وتدعو إليه مغنّين وفرقاً فنيّة فلسطينية وعربية وأجنبية، واستضافتها للروائية المصرية المقيمة في لندن، أهداف سويف، وفريق الكتاب العرب والأجانب الذين يأتون معها، للقيام بأنشطة ثقافية في القدس وغيرها من مدن البلاد، من باب التضامن مع الشعب الفلسطيني.
يضاف إلى ذلك، إصدار بعض الكتب التي تعنى بماضي القدس مثلما تعنى بحاضرها ومستقبلها، حيث أصدر محمود الهوّاري كتاباً باللغة الانجليزية عن القدس في زمن الأيوبيين، تتبّع فيه فنّ العمارة في ذلك العهد الذي أعقب انتصار صلاح الدين الأيوبي على الفرنجة. وأصدر الناشط السياسي راسم عبيدات، كتابين جمع في أحدهما مقالاته الصحافية، ومن ضمنها ما كتبه عن القدس وعما تتعرّض له من حصار ومن هدم للبيوت وحرمان للناس من الإقامة في مدينتهم لهذا السبب أو ذاك، وكذلك من استفحال لظاهرة الاستيطان في البلدة القديمة من المدينة وخارجها، وجمع في كتابه الثاني مقالاته الصحافية التي كرّسها للحديث عن المعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال، علاوة على بعض كتب أدبية أخرى في هذا السياق.
إنّ نظرة سريعة على ما يصدره الإسرائيليون من كتب أدبية وبحوث ودراسات ووثائق وأفلام عن القدس، وما ينظّمونه فيها من مهرجانات ثقافية وفنية وسياسية، ومن مؤتمرات وندوات علمية واقتصادية، ومن استضافة مفكّرين وكتاب وفنانين عالميين لزيارتها وللإقامة فيها بعض الوقت، تؤكّد على أنّ اهتمامهم بالمدينة يفوق اهتمامنا بها أضعافاً مضاعفة (مؤخراً، قرأت كتاب "القدس.. مدينة مرايا" للكاتب الإسرائيلي عاموس إيلون مترجماً إلى اللغة الانجليزية، يتحدّث فيه عن القدس قديماً وحديثاً، ويستشهد بانطباعات عنها كتبها كتاب مشهورون من أمثال هرمان ميلفل (زارها سنة 1857) وخورخي لويس بورخيس (زارها سنة 1969)، ويسعى جاهداً على امتداد 251 صفحة من القطع المتوسّط، إلى تكريسها باعتبارها مدينة يهودية، ولا ينسى بين الحين والآخر أن يمرّ مروراً سريعاً على الحضور العربي الممتدّ فيها ماضياً وحاضراً، من باب التظاهر بالموضوعية والإنصاف)، حيث يصحّ القول إن ما أنجزناه نحن عن القدس، لم يسهم حتى الآن في إعطائها حقّها باعتبارها مدينة فلسطينية لها تاريخ عريق، ولم يسهم في التغلّب على حالة الإحباط التي تعزل أهلها عن الأنشطة الثقافية إلا في حالات قليلة، وفي ما عدا ذلك تبقى هذه الأنشطة التي تشهدها المدينة، شأناً نخبوياً قليل الفاعليّة والانتشار.
ولعلّ من المناسب في هذا الصدد أن أنوّه بالعروض الناجحة التي تواصلت زمناً غير قصير لمسرحية "الجدارية" التي أعدّها للمسرح الممثّل خليفة الناطور عن ديوان محمود درويش، وأخرجها أمير الزعبي، وكذلك بعروض فيلم "الجنة الآن" الذي كتبه وأخرجه هاني أبو أسعد، وفيلمه "القدس في يوم آخر"، وفيلم "يد إلهية" الذي كتبه وأخرجه إيليّا سليمان، وكذلك بعض الأفلام الوثائقية الفلسطينية لليانة بدر ومحمد بكري وغيرهما.
وفي الآونة الأخيرة، قدّم مصطفى الكرد عدداً من أغانيه الجديدة المكرّسة للقدس في قرص مدمج وسمه ب "المدّاح". تندرج هذه الأغاني في إطار مشروع متكامل، يقدّم الفنان من خلاله رؤيته الذاتية للمدينة كما عاشها وكما ترسّخت في ذاكرته ووجدانه، ويحاول استحضار الأمكنة التي خبرها في المدينة والناس الذين عرفهم عن قرب. كلمات هذه الأغاني التي كتب أكثرها مصطفى الكرد، لا تنشغل بالسياسة اليومية ولا بالشعار الساخن ولا بالإيديولوجية الجاهزة، إنها كلمات بسيطة نابعة من القلب، تعبّر عن العلاقة الحميمة التي ربطته وما زالت تربطه بالمدينة، بحيث لا تستطيع الأسطورة التي يستند إليها المحتلّون، أن تمحو عنصر الصدق في هذه العلاقة، أو أن تطمس صورة المدينة كما ارتسمت في الأذهان.
أتحدّث عن الثقافة بهذا الاهتمام، نظراً لدورها الأكيد في صيانة الهوية الوطنية الفلسطينية المنفتحة على بعديها العربي والإنساني من الضياع، وفي صقل هذه الهوية وتطويرها وتمكينها من الصمود في وجه الأخطار، ولما للثقافة من دور في حفظ هوية المكان، وتعميق الارتباط به وتعزيز الأواصر التي لا يستطيع محوها أو زعزعتها أيّ عدوان.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاهي القدس التي تتناقص باستمرار
- ترييف القدس المعزولة عن ريفها
- شبابيك القدس3 / قالت لنا القدس
- شبابيك القدس2 / قالت لنا القدس
- شبابيك القدس1 / قالت لنا القدس5
- في مديح نساء القدس/ قالت لنا القدس4
- قالت لنا القدس3
- تمهيد ثانٍ/ قالت لنا القدس
- تمهيد أول/ قالت لنا القدس
- رقص/ قصة قصيرة جداً
- فراغ/ قصة قصيرة جداً
- لو/ قصة قصيرة جداً
- مفاجأة/ قصة قصيرة جداً
- غبش/ قصة قصيرة جداً
- الخالة/ قصة قصيرة جداً
- نبيذ/ قصة قصيرة جداً
- قطار/ قصة قصيرة جداً
- الطفل/ قصة قصيرة جداً
- عشاء/ قصة
- متجر/ قصة قصيرة جداً


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس الشرقية تذوي والغربية تزدهر