أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - الزهرة اليتيمة والرسالة الحميمة!؟














المزيد.....

الزهرة اليتيمة والرسالة الحميمة!؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 4841 - 2015 / 6 / 18 - 08:50
المحور: الادب والفن
    


وجدتها هناك !.
وجدتها هذا المساء وسط (شفيلد)!.
وجدتها في غمرة الحياة ، حيث كان الخلق يركضون ويلهثون وراء الأمنيات وخلف الحاجيات !.
وجدتها وحيدة مهملة ملقاة على قارعة الطريق !.
***
كنت في طريق عودتي الى البيت حيث لفتت انتباهي على الفور حينما رأيتها ملقاة هناك وحيدة شريدة فنظرتُ اليها بقدر كبير من الاعجاب بجمالها الطبيعي الخلاب ولونها الزهري الرقيق الجذاب لكنني سرعان ما شعرت بالأسف على ما آل اليه حالها هناك وسط المدينة!.
وبقدر ما أسرني جمالها الطبيعي النبيل ولونها الزهري الجميل احزنني أنها قد اصبحت ملقاة على قارعة الطريق كقطعة القمامة عرضة لأن تدوسها اقدام المارة في اية لحظة من حيث لا يشعرون !!... بل ربما بعض المارة ستقع عيناه عليها هناك وهي ملقاة وحيدة في الشارع ولكنه لن يبالي بها ولا يشد جمالها انتباهه ولا يشعر بعمق مأساتها !.. والبعض الآخر ربما - ولفرط انشغاله بأمر الدنيا وهمومها - لن ينتبه لوجودها حتى !!... لكنني كنت ممن يعشقون الزهور وتسحرهم الوانها البهيجة منذ طفولتي كعشقي للبحر وامواجه المتوالية ! .. لهذا ما ان وقعت عيناي عليها حتى هب قلبي وصاح في عقلي بأعلى صوته : (صه ٍ ! مه ٍ ! ، انظر ! ، ماذا هناك !؟).... عقلي الذي كان في تلك الاثناء مشغولا ً كعادته بهموم وجراح الوطن واحزان الغربة وقضية الموت والبعث والحساب! .. فتوقف فجأة ً عن التفكير حينما سمع صيحة قلبي الملهوف كما تتوقف السيارة المندفعة بشكل مباغت عن المسير !!.
توقفت هناك ونظرت بإشفاق الى تلك الزهرة الجميلة الرقيقة الملقاة في ذلك الشارع العام على قارعة طريق المشاة ! ، فنظرتْ اليّ المسكينة نظرات حزينة كأنها طفل تاه عن أمه وسط الازدحام ثم وجد من يمد اليه يد العون والشفقة من المارة بعد طول بكاء وأنين وقالت لي بصوت رقيق كصوت الملاك : "مرحبا !" فقلت لها في ارتباك : "مرحبا يا صغيرتي! ، هل انت بخير ؟!" ، اجابتْ بصوت مترع بالأسى ومشبع بالآهات يعتصر القلب : "كيف يمكن لي ان اكون بخير وهذا حالي كما ترى !؟" .. فقلت لها : "ماذا دهاك ومن القاك هنا في قارعة الطريق أيتها الزهرة المسكينة!؟" ..وأخلدت للصمت قليلا فلما لم تجبني أردفت أقول متسائلا ً : "هل اقتطفك احد العشاق المحبين ليهديك لحبيبته الغاضبة فارادت حينما قدمك لها ان تعبر عن غضبها وسخطها عليه فالقتك بكل قسوة وغضب في قارعة الطريق كتعبير عن استمرار حنقها عليه !؟ أم أن ذلك العاشق المحب اقتطفك من شجرتك الأم ليقدمك لفتاة احلامه كعربون محبة وغرام فرفضته ورفضت ذلك الحب اليتيم فعاد المسكين مهموما ً حزينا ً كسيف البال يجر اذيال الخيبة ثم وهو في غمرة ذهوله وغمه لم يشعر بك وانت تسقطين من يده في قارعة الطريق !!؟" ... "اخبريني ايتها الزهرة الجميلة المسكينة ما الذي دهاك ومن الذي القاك ههنا في طريق اقدام العابرين وأحذية المشاة !؟ " هكذا حدثتها بكل عطف واشفاق وحنان.... فنظرت اليّ في حزن وانكسار وقالت بصوت رقيق وحزين ينضح بالاسف والحيرة : "لست ادري ، صدقني لست أدرى !!" .
قلت لها : "أيتها الوردة المسكينة اليتيمة صدقيني كم أود ان اساعدك واتمنى لو في امكاني ان اعيدك الى أمك الشجرة التي قطفك من اغصانها ذاك القاطف الجاني المجهول !. اتمنى ان اعيدك هناك بين شقيقاتك الزهرات الجميلات حيث مكانك الطبيعي ولكن الآن فات الاوان ولم يعد في الامكان فعل ذلك !"... قالت وهي تتأوه في أسف وحسرة : " أواه ! ، نعم اعلم ان ذلك مستحيل !" ، قلت في ارتباك وحيرة : "اذن ! ، كيف يمكنني ان اساعدك الآن !؟ ، فانا اخشى إن تركتك حيث انت تدوسك اقدام المارة فتسحقك احذيتهم وتسحق كل هذا الجمال البرئ الخلاب الرقيق بلا رحمة ولا حتى انتباه !؟.. بأي وجه ٍعندئذ ٍ سأقبل ربي!؟ وبأي قلب سأخلد للنوم !؟" .. فسكتت المسكينة هنيهة ونظرت الي بعينين حائرتين ، وسكتُ أنا أفكر مليا ً حتى لاحت لي فكرة كحل لطيف ومخرج رهيف من هذا المأزق الإنساني المخيف الذي وقعت فيه هذا المساء ! ، فبادرتُ الى طرح فكرتي تلك عليها بالقول : " ما رأيك أيتها الوردة الرقيقة الحسناء لو تسدين لي خدمة جميلة وجليلة هذا المساء !؟ .. خدمة تجعل لك معنى ومصيرا ً ومستقرا ً خيرا الف مرة من ضياعك هاهنا على قارعة الطريق ووسط السوق !؟" ، نظرت الي بشي من الامل والانتعاش وقالت متسائلة في لهفة : "كيف !؟" .. قلت لها : "أ تقبلين ان اقدمك هدية لزوجتي وشريكة حياتي ورفيقتي في غربتي وأم ولدي"!؟ ... فجأة اختفت غيوم الحزن والكآبة التي كانت تخيم حولها وأعجبتها هذه الفكرة أيمَّ اعجاب وكأنها شعرتْ بأنها وقبل وفاتها المحتومة ستكون لها رسالة جميلة في هذه الحياة ! .. رسالة تفوح بعطر المودة والوفاء ! ... فصاحت في انفعال وفرح وسرور : " نعم ! ، قطعا ً وطبعا ً سأقبل بتنفيذ هذه المهمة الجليلة وأداء هذه الرسالة النبيلة ودون أي تردد ! .. ارجوك قدمني هدية لزوجتك فانا سأكون سعيدة بذلك ولا شك انها ستكون كذلك" !.
وهكذا التقطتُ هذه الزهرة الجميلة اليتيمة من على قارعة الطريق برقة وحنان كما لو أنها جوهرة فريدة وحملتها الى زوجتي وأم ولدي كهدية حسناء مترعة بكل معاني المودة والعرفان ! ... وهاهي اليوم وقد تنفست الصعداء واستلقت بكل زهو وهناء هنا في بيتي كرسالة للحب والوفاء بعد أن كانت هناك ملقاة في السوق على قارعة الطريق تكاد تسحقها أحذية المارة وأقدام العابرين !.
***********
سليم الرقعي
(*) الصورة المرفقة هي صورة حقيقية لبطلة هذه القصة الحقيقية التي حصلت مساء البارحة في شفيلد



#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماجناكارتا والاسلام!؟
- زهرة الربيع والرأس المقطوع !؟
- داعش منا وإلينا وفينا وعلينا !؟
- الزواج والعشق والحرية !؟
- رأي في اصناف الشعر العربي !؟
- قهقهة ٌ ودماء !؟
- قصة أبطال بلا قصة 2 !؟
- قصة أبطال بلا قصة !؟
- لماذا المسلمون في ذلة وشقاء والغربيون في عزة وهناء!؟
- المرأة والعين السرية !؟
- الديموقراطية حكم الشعب أم حكم النخب !؟
- نظرية المؤامرة .. مؤامرة !؟
- في اليوم العالمي للغة العربية !؟
- الاخوان والنزعة السلطوية الشمولية (التوليتارية)!؟
- الاخوان والطموح القطري والمشروع الامريكي !؟
- أفول نجم جماعات الاسلام السياسي !؟
- خطر رجال الدين على الدين أكثر من خطر السلاطين !
- حقائق حول الهوية الوطنية الليبية (المركبة) !؟
- هل الجزيرة كانت مع ثورات الشارع العربي بالفعل !؟
- أحلم بوطن أساسه العدل و.. الاحترام !؟


المزيد.....




- مخرج يدافع عن فيلم كتبه الذكاء الاصطناعي بعد رفض عرضه
- تحديث:قصيدة مهداة الى النقاومة الفلسطينية ،بعنوان(صديقى المق ...
- الغاوون ،قصيدة مهداة الى النقاومة الفلسطينية ،بعنوان(صديقى ا ...
- الفنانة كندة علوش تكشف عن مبادرة إنسانية من النجم محمد صلاح ...
- الفنانة كندة علوش تكشف عن مبادرة إنسانية من النجم محمد صلاح ...
- حاول الاستعمار طمسها.. هل تستعيد اللغة العربية مكانتها في غر ...
- “المؤسس عثمان Kurulus Osman الموسم 6” موعد عرض مسلسل قيامة ع ...
- إذاعة أولى حلقات مسلسل محمد الفاتح الموسم الثاني مترجمة للعر ...
- شاومينج بيغشش.. تسريب امتحان اللغة الأجنبية الثانية ثانوية ع ...
- تابع HD.. أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 مترجمة للعربية ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - الزهرة اليتيمة والرسالة الحميمة!؟