أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الخالق كيطان - ابناء القيامة














المزيد.....

ابناء القيامة


عبد الخالق كيطان

الحوار المتمدن-العدد: 4839 - 2015 / 6 / 16 - 15:38
المحور: الادب والفن
    


تقول حبيبتي: نحن أبناء القيامة، فيزداد التراب الأحمر على الرؤوس.
القيامة التي ترعد في العراق بين لحظة وأخرى، تمرين على محو من ظلوا يناكفون بعضهم بحديث الشيعة والسنة...
هذه ليست سوى سجايانا، بها نعبر إلى قرن جديد، ومنها نستل سيوفنا في التصدي لبعضنا..
قيامتنا التي نصنعها اليوم بلا بصيرة، بل بشهوة المحو الذي كنت أتحدث عنه.
أمر في بغداد، وأرى يافطات المحو في التقاطعات والشوارع العامة...
من أين خرج كل هؤلاء؟ وكيف وصلوا إلى سجايانا؟
****
كنت أمر جوار حائط كونكريتي، على الحائط صورة أحدهم، وغير بعيد عنه، بقايا أكياس نايلون... صخب في الشارع، لأن الجندي المأمور لا يسمح جهازه الرفيع للسيارات بالمرور... شتمه جاري، تأفّفتُ... وأخرج أحدنا رأسَه من النافذة ليبصق. أدرت وجهي إلى حيث ترطن مسنًة بما لا أفهم... دعتني لأن أراجع حساباتي قبل أن أحرّك شفاهي. زمجر سائق السيارة "الكيّا" غاضباً على "سايبا" تجاوزته بعنف... لم يتمالك الجالس ورائي نفسه، أشعل سيجارة قضى دخانها على ما تبقى من عطر "شانيل" الذي تعطّرت به قبل ساعتين. هل هذه هي القيامة؟
****
عمّنا الهاشميّ القرشيّ، فيصل الأوّل، يتحوّل إلى سنّي يقصي الشيعة، ويتحوّل عبد الكريم قاسم، الذي أهان الدولة، إلى شيعيّ يريد إعادة النصاب لأهله... ثم يأتي الفارس الأوحد، الملهم بإذن ربه، فيتقاذفه الفريقان، ولا ننجو من حممه حتى وهو يرقد في القبر... من خلّفوه، ليسوا أكثر من حفنة منتقمين.. انتقموا من الإنسان... من الزرع.. ومن الماشية.. انتقموا من الجمال، والبيوت الآمنة.. أنتقموا حتى من أرصفة العزّل، فأعادوا طلائها عشرات المرات في عام واحد، كان لزاماً علينا أن نسبح مع السيّارات في شارع ضيّق بهذا العام الواحد.. المنتقمون، ورثة الدم العراقي، لا يبهرهم مشهد الأشلاء في غير مكان... فهل هذه هي القيامة؟
****
وفي المنافي، يذرف العراقيون دموع الحسرة على بلاد ضيّعوها، أو أضاعتهم. يعودون بين حين وآخر ليرتشفوا منها عذاباً مضافاً. وفي منافيهم البعيدة يتسمّرون أمام شاشات الكومبيوترات بحثاً عن أمل. لا أمل أيها الفارّون... لا أمل... احمدوا ربكم، الذي خلقكم، على نعمته عليكم... فالتراب الأحمر والمفخّخات لن تبقي لكم في بلاد المولد سوى بضع حجارات... محسودون أنتم على نحيبكم.. محسودون على التهمة الجاهزة: نساء شقراوات، ونبيذ أحمر، وحقول خضراء... ثم لماذا تضيّعون الوقت بالنحيب؟ القيامة لا تحب النحيب... القيامة أن تدوسوا على لحمكم، وربما تطعموه لكلاب الزينة خاصّتكم... فهل حقاً هذه هي القيامة؟
****
وأذرع بلادي عارفاً بمتاهاتها كلها... اذرعها دون خوف طائفي، ولماذا أخاف وأنا لا أملك في أرض الله غير روحي وبضعة محبين؟ أجول بين أنهارها التي تتيبّس كل يوم، النهران العظيمان يطلقان الجثث الآدمية، والأسماك شحّت.. صحاري البلاد تقذفنا بالحمم... ومزارعها فقيرة وحيواناتها نفقت.. أجول بين مدن يخجل الرب من النظر إليها... بين قرى أصابها الفزع فانقطعت الدجاجات فيها عن اللهو، وهزلت أغنامها... لم يكن في حسابي أن يعود العراقي إلى فطرة قابيل، "فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ"... فهل هذه هي القيامة؟
****
القيامة
القيامة
القيامة
كلنا نبصق في البئر الذي شربنا منه ذات يوم، فعن أي قيامة أتحدث؟
*******
عمان في
19-4-2012





#عبد_الخالق_كيطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع المشروع الديموقراطي حتى لو....
- عبد الرزاق عبد الواحد يكتب عن سعدي يوسف!!!
- اطلاق مشروع الذاكرة العراقية في بغداد
- مزحة الوطنية أو زفة الألم
- عاشوراء الدامي مسؤولية الأمن في العراق ومستقبل الدولة
- عصر الحرية في المسرح العراقي
- ارتكبت جريمة هذيان / مقالات ومواضيع اخرى
- عن رحيل الشعراء ومفارقاته
- خطيئة الاجتزاء
- المثقفون العرب وأم الحواسم: الحيرة واليقين في مخيلة مواطن عر ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الخالق كيطان - ابناء القيامة