أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - متى يحل مشروع الاتحاد الشرق أوسطي محل مشروع الشرق أوسط الجديد الأميركي، أو محل البديل الآخر وهو الدولة الاسلامية الشرق أوسطية؟















المزيد.....


متى يحل مشروع الاتحاد الشرق أوسطي محل مشروع الشرق أوسط الجديد الأميركي، أو محل البديل الآخر وهو الدولة الاسلامية الشرق أوسطية؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4836 - 2015 / 6 / 13 - 23:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاتحاد الشرق أوسطي الذي أقترحه وأنادي به منذ عامين، هو اتحاد على شاكلة الاتحاد الأوروبي، يضم دول المنطقة في اتحاد كونفدرالي يحافظ على هوية كل دولة من الدول الأعضاء ، والذي أتوقع له أن يضم الدول العربية، الجمهورية الايرانية، الجمهورية التركية، بل والدولة الكردية المستقلة التي أتوقع ظهورها في زمن قريب، آملا أن تساعد دول المنطقة الأكراد على ظهورها وتبلورها في تطور سلمي اتفاقي. فالدولة الكردية بدأت تظهر كأمر واقع ، وافضل أن تحكم دول المنطقة العقل، فلا تحاول قمعها بالقوة، كي لا ينتهي الأمر في نهاية المطاف الى دولة معادية انتزعت استقلالها بالحديد والنار، مما سيحولها الى دولة معادية لا تطمئن الى جيرانها الذين تصدوا لها في محاولة للحيلولة دون استقلالها.


أما الشرق الأوسط الجديد ، فهو المشروع الذي طرحته الولايات المتحدة منذ سنوات عديدة. ولم تكشف الولايات المتحدة عن تفاصيل مشروعها ذاك ، الا أن مؤشراته بدأت بالظهور مع توارد مؤشرات الربيع العربي وما خلقه من فوضى في البلاد التي حل بها ذاك الربيع غير الربيعي وغير العربي.


ملامح الشرق أوسط الجديد برؤيته الأميركية

التطورات المتلاحقة نتيجة افرازات ما سمي بالربيع العربي، شكلت مؤشرات على أن التوجه هو نحو تفكيك الدول العربية المفككة أصلا، عوضا عن توجهها نحو الوحدة العربية التي تتطلع اليها آمالهم وطموحاتهم، معتقدين أن ثورات الربيع العربي قد جاءت لتحققها كما حققت الثورة الفرنسية حق الشعب الفرنسي بحقوق الانسان كحد ادنى من الحقوق، وحققت ثورة أوكتوبر الشيوعية الرخاء للعامل والفلاح الذي وعدته بهما. فهذا هو المفهوم المعتاد والمتوقع من الثورات، وهو تحقيق ما يتطلع اليه الشعب الثائر، وكان تطلعه نحو الخبز، الحرية، الديمقراطية كوسيلة أو طريق نحو الوحدة العربية.

ولكن ثورات ما سمي بالربيع العربي جاءت بنتائج عكسية تماما، فأفرزت حروبا مشتعلة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، اضافة الى اضطرابات وعدم استقرار في تونس والسودان والصومال، بل وفي مصر أيضا، دون أن ننسى احتمالات تمدد الاضطراب ليشمل السعودية استنادا لاكتشاف خلايا نائمة تابعة للدولة الاسلامية، اضافة الى هجمات الحوثيين عبر الحدود اليمنية السعودية.

احتمالات تفكك الدول العربية

مع تواصل القتال في سوريا على مدى أربع سنين ونيف، ومع عدم ظهور بوادر لحسم عسكري من هذا الجانب أو ذاك، بدأت تلوح في الأفق بوادر تقسيم الدولة الى دويلات قد تصل الى خمس دويلات: احداها سنية ، واخرى علوية على امتداد الشاطىء السوري، وثالثة درزية في منطقة السويداء، ورابعة كردية في الحسكة والرقة والقامشلي والمناطق المحاذية للحدود العراقية والتركية، مع احتمال دويلة خامسة هي دولة النصارى في وادي النصارى السوري ، وفي المناطق ذات الأكثرية الكردية حيث توجد هناك نسبةعالية من المسيحيين الأشوريين.

أما العراق، وبعد مضي اثنتي عشر عاما على غزوه من قبل القوات الأميركية وحل جيشه، والقضاء على مؤسساته من حكومية وحزبية، فان الخلافات بين الطوائف السنة والشيعة، ومثلها الخلاف القومي بين العرب والأكراد، قد استمرت وازدادت اتساعا مع ظهور الدولة الاسلامية ومساعيها المتواصلة للسيطرة على مزيد من الأراضي والمحافظات. وتدريجيا بات يلوح في الأفق احتمال أن تقسم الدولة الواحدة الى ثلاث دويلات هي دولة الجنوب للشيعة، ودولة السنة في الأنبار ومحافظات الشمال كنينوى وصلاح الدين ، أضف اليها ديالى وبابل، مع دولة ثالثة هي دولة كردية مستقلة في اقليم كردستان.

أما الجمهورية اليمنية التي خاضت معركة الربيع العربي السيء على شكل مظاهرات أودت بحياة العشرات وانتهت برحيل رئيسها علي عبد الله صالح وحلول عبد ربه منصور هادي محله، فانها لم تستطع أن تحل عبر المفاوضات السلمية قضية تشكيل الأقالبم والمحافظات اليمنية، مما أدى الى ظهور القوة الحوثية المعززة بتعاطف ايراني، واشتعال حرب ضروس بينها وبين المملكة السعودية الرافضة لأي نفوذ ايراني في المنطقة. ولكن هذه الحرب وفرت الفرصة السانحة للحشد الجنوبي ليتشدد في مطالبته باستعادة استقلال الجنوب ، كما رجحت احتمال تقسيم الشمال اليمني الى دولتين او أكثر يكون من بينها دولة للحوثيين اليزيديين في انتمائهم الطائفي، وأخرى أو أكثر لليمنيين من طائفة السنة، مع احتمالات وجود دويلات أخرى صغيرة تسيطر عليها القاعدة التي سيطرت على أجزاء هامة من أبرزها محافظة حضرموت الواسعة في مساحتها.

أما ليبيا، فحدث ولا حرج عن الأجزاء التي تشرذمت اليها على أرض الواقع. أحدها هو برلمان وحكومة في طبرق معترف بهما دوليا، و تساندهما عسكريا قوات الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر، يقابلها مجلس وطني وحكومة غير معترف بها دوليا، وتساندها قوات فجر ليبيا المعززة بقوات وميليشيات مصراطة ، اضافة الى قوات مجلس الشورى التي تساندها مقاتلو أنصار الشريعة الذين بايعوا أبو بكر البغدادي، مع تواجد قوات للدولة الاسلامية في مدينة درنه، انتشرت وتوسعت لتحقق موطء قدم لها في أطراف بنغازي، ومؤخرا على مدينة سرت والقاعدة الجوية فيها. وهذا كله ينذر بتقسيم ليبيا الى ثلاث دول هي طبرق وبنغازي وطرابلس، مع احتمال نشوء دولة رابعة في درنه ومحيطها. هذا ما لم يظهر في خضم هذه الفوضى (الخلاقة؟) تمرد يقوم به الأمازيغيون والبربر، مطالبين أيضا بدولة مستقلة لهم ، وفي هذا مافيه من مخاطر قد تمتد الى الجزائر والمغرب حيث يوجد فيهما أمازيغيون وبربر.

ولا ينبغي أن ننسى لبنان الذي وضعت كل من النصرة وداعش موطىء قدم لهما في عرسال وذلك في زمن مضى فيه عام كامل على لبنان بدون رئيس، مع وجود وزارة ضعيفة وقد تصبح قريبا غير قادرة على ادارة شؤون البلاد، مع ازدياد التفسح الطائفي مما قد يرشح لبنان أيضا الى الانقسام الى ثلاث دويلات : سنية، شيعية، مسيحية.

وأكثر ما أخشاه هو تمزق مصر أيضا الى دويلات اذا ثابر الاخوان المسلمون ومناصروهم من القاعدة والدولة الاسلامية في مساعيهم لاثارة الفوضى واشاعة الاضطراب في تلك الدولة العربية الكبرى، مما قد يصبح معه الجو مهيئا لتفتيت مصر الى أربع دول هي دولة سيناء، ودولة مصر، ودولة قبطية تضم أكثر من عشرة ملايين مسيحي قبطي ما زالوا يقيمون على الاراضي المصرية ويخشون بطش حركات الاسلام السياسي بهم. وأكثر ما أخشاه هو قيام سكان النوبة ، وهي المنطقة الواقعة على الحدود مع السودان، بالمطالبة باستقلالها أيضا، علما أن هناك حركة تمرد جارية فعلا على الجانب الآخر من الحدود المصرية مع السودان، وهي حركة تطالب بالانفصال عن جمهورية السودان اسوة بانفصال جنوبه عنه قبل بضع سنوات.

ومع أنه لم تظهر بوادر بعد على وجود أي توجه نحو تفكيك الجمهورية الايرانية التي لم تطلها بعد حملات الربيع (الايراني هذه المرة) ، الا أن كونها دولة قوية عسكريا ونفطيا ولا تكن الود لاسرائيل، فاني لا أستبعد وجود مخططات ربما ما زالت خفية، لتمزيقها الى جمهوريات صغيرة. ولعل البعض ما زال يذكر تبدل الموقف الأميركي الذي ساعد على وصول التيار الخميني الى السلطة في نهايات عام 1979 ، بعد أن سمى آية الله خميني أميركا بالشيطان الأكبر، وقام التلامذة الايرانيون الموالون للخميني باقتحام السفارة الأميركية ، حيث سعت الولايات المتحدة عندئذ الى تفكيك الجمهورية الاسلامية الى دويلات، فنشبت ثورة مسلحة في الأقالبم البلوشية المحاذية للحدود الباكستانية، وكذلك في شمال الجمهورية وهي المناطق المحاذية للحدود مع تركيا حيث يقيم الايرانيون من أصل تركماني، وثالثة في جنوب البلاد حيث الأكثرية من أصول عربية، وبعضهم لا يفقه اللغة الفارسية، بل وما زال لا ينطق الا باللغة العربية. وهذا الجزء من التمرد في تلك المنطقة قد غطيته بنفسي ، والتقيت عندئذ في الأهواز وفي خورمشهر بأحد آيات الله الذي كان عربيا وربما آية الله الوحيد من أصول عربية بين العدد الكبير من آية الله الايرانيين. ولم أعد أذكر اسمه تماما فالذاكرة تخونني وتتردد بين آية الله محسن عراقي أو آية الله محمد طاهر شبير خاقاني. وقد حدثني الآية الله آنئذ عن تطلعات السكان العرب نحو الاستقلال أو الحكم الذاتي في أدنى الحدود. ولكن حكومة الثورة الايرانية التي كانت آنئذ في أوج قوتها واندفاعها، استطاعت أن تستأصل كل حركات التمرد في تلك المحافظات البعيدة عن العاصمة الى أن استقر الأمر لها. و أرسل الخميني آنئذ آية الله أحمد جناتي الى منطقة الأهواز، فقمع التمرد وأعدم العديدين من العرب الذين شاركوا فيه. لكن من يدري ان كانت الولايات المتحدة التي شجعت آنئذ حركات التمرد في الإقاليم، لن تعيد الكرة اذا اقتضت مصلحتها الأميركية - الاسرائيلية ذلك.

الأسباب الاستراتيجية لهذا التفكك المحتمل

الأسباب الواضحة للسعي لتفكيك هذه الدول الى دويلات، اضافة الى المصالح النفطية وأسباب أخرى استراتيجية، هي الرغبة في حماية اسرئيل، ربيبة الولايات المتحدة، التي تعلم أنه لا مجال لضمان الأمن للدولة الاسرائيلية، الا بتفكيك دول الجوار وجعل كل الدول الناتجة عن خطوات كهذه دولا ضعيفة لا تشكل خطرا على اسرائيل ، وغير قادرة على محاربتها. فأمن وسلامة وقدرة اسرائيل على البقاء القوة العسكرية الوحيدة في المنطقة، توجب تفكيك هذه الدول كلها الى دويلات غير قادرة على تجميع قدرات عسكرية تقاتل اسرائيل منفردة أو مجتمعة.


الحل البديل لمشروع الشرق الأوسط الجديد الأميركي

هناك خيار بين امرين اذا أردنا تجنب مشروع الشرق الأوسط الجديد الساعي الى تفكيك المنطقة الى دويلات صغيرة، وقد يطال مشروعها في يوم ما المملكة السعودية التي لا يفترض بها أن تبقى مملكة متماسكة، اذ هناك قابلية لتجزئتها الى دويلة نجد ، ثم دولة شيعية في شرق المملكة، ودولة سعودية فيما يتبقى من اراضي المملكة. وقد تكون اليمن هي الشرارة الأولى التي قد تقود الى ذاك الاتجاه.

والبديلان هما: أولا تحكيم صوت العقل والمصلحة الخاصة بشعوب المنطقة، والسعي لتشكيل اتحاد شرق اوسطي يضم كل دول المنطقة من عربية وايرانية وتركية، مع منح الأكراد استقلالهم وضمهم كدولة مستقلة لذاك الاتحاد. فبخطوة جرئية وعقلانية كهذه ، بعيدةعن العواطف والأحقاد القديمة، يمكن لدول المنطقة ان تشكل دولة قوية ترعى مصلحة شعوبها الاقتصادية، كما تحول نفسها من دول صغيرة مفككة متنازعة على لا شيء وعلى كل شيء، الى دولة قوية تواجه كل القوى العظمى ويمكن أن تطرح نفسها كقطب سادس يقارع الأقطاب الأخرى. فالاتحاد الكونفدرالي المقترح، والذي يمكن تحقيقه خطوة خطوة بدءا بتكتل اقتصادي على نمط دول بريكس مثلا، ليتطور تدريجيا في خطوات مدروسة الى اتحاد كونفدرالي او شبه كونفدرالي على نمط الاتحاد الأوروبي ، يفتح الحدود بين البلاد، ويسمح بالتجارة الحرة وتنقل البضائع والسكان والى غير ذلك من مظاهر الاتحاد او التنسيق ولو في أدنى حدوده بداية.

البديل الثاني ان يتم اتحاد قسري بينهذه الدول، لكن ذو توجه اسلامي متشدد، تفرضه الحركات الجهادية التي ستسفيد من تفكيك الدول العربية، وربا بعدها الايرانية والتركية. ك بدأ يتبلور تدريجيا على الساحة العربية حتى الآن. ف الدولة الاسلامية قد بات لها تواجد قوي في عدة دو ل عربية منها سوريا، العراق، اليمن ، ليبيا، اضافة الى تواجد جزئي أو مبدئي في السعودية ولبنان ومصر. وقد أعلن أبو بكر البغدادي صراحة توجههه نحو السيطرة على هذه الدول وذلك في الخطاب الصوتي الذي بثه في أواخر العام الماضي مهددا بأنه يسعى للتمدد في كل من ليبيا وتونس ومصر ولبنان والسعودية ، اضافة الى تواجده الكثيف في كل من العراق وسورية. وقد نجح فعلا في التمدد الى الداخل الليبي بدءا من مدينة درنة وصولا الآن الى مدينة سرت وقاعدتها الجوية. وقد ثبت تواجد خلايا نائمة له في السعودية فجرت مسجدا في الاحساء ، ثم مسجدين في شرق السعودية ، مع تبادل لاطلاق النار مع الشرطة السعودية، لأكثر من مرة ، في وسط مدينة الرياض. ولكنه لم يتعرض بعد بالتهديد لايران، رغم وجود مخاوف لدى ايران من داعش كشف عنها رئيس الوزراء العراقي مؤخرا في أحد تصريحاته للاعلام. وهناك تصريحات لبعض الأحزاب المعارضة في تركيا وخصوصا من الحزب الجمهوري، الذي كشف عن مخاوفه من تواجد خلايا نائمة للدولة الاسلامية في داخل تركيا. ولا بد أن يعترف البعض بالقدرات الخارقة والمتميزة لدى الدولة الاسلامية التي يقودها ضباط سابقون من الجيش العراق، وكلهم خريجو كليات أركان، ومدربون على التخطيط السليم والفاعل، وقد أثبتوا ذلك ببراعتهم في نقل المعركة من موقع الى آخر محققين الانتصار تلو الآخر. فالدولة الشرق أوسطية قد تتحقق برضى الشعوب والرؤساء أو بغير رضاهم، ولكنها لن تكون عندئذ دولة ديمقراطية حضارية، بل دولة اسلامية شديدة التوجه، متأثرة بأفكار محمد بن عبد الوهابـ، والفقيه بن تيمية، وأفكار سيد قطب المتشددة.


المعوقات لظهور الاتحاد الشرق أوسطي الحضاري الديمقراطي التوجه

هناك أمران يقفان سدا في طريق ها التوجه.

أولهما الخلافات الطائفية بين السنة والشيعة وتتمثل بالأفكار الشيعية الصفوية وطروحات الامام الثاني عشر وغيرها من الفروقات التي لا تتفق طائفة السنة فيها مع الطائفة الشيعية. ورغم أهمية هذه الخلافات بين الطرفين ، فان هناك أوجه اتفاق كثيرة ومنها أن الطرفين يعتبران محمد (ص) هو النبي الواحد وآخر المرسلين الأنبياء ، وأن الكعبة المكرمة هي وجهة المسلمين للصلاة سواء كانوا سنة أو شيعة. و بعتبران القرآن كتاب منزل مقدس يجلانه ويستعينان بآياته الكريمة ، ويتلوان ما ورد فيه من آيات رائعة دون اختلاف جوهري. والطرفان يصومان في شهر رمضان، و ص7لواتهم المفروضة هي خمس يوميا. هناك اذن نقاط اتفاق كثيرة وتتفوق على نقاط الخلاف. وحتى اذا لم يتم التوافق الديني الكامل بين الطائفتين ، أين ذهب المبدأ الشائع بأن (كل على دينه الله يعينه) ، فالدين هو علاقة بين الانسان والاله، وليس علاقة بين انسان وانسان. أضف الى ذلك أن الدول الأوروبية كانت ومازالت تواجه اختلافات طائفية كثيرة، ومع ذلك لم تحل هذه الاختلافات فيما بينها دون الدخول في اتحاد أوروبي ضم الأورثوذوكس والكاثوليك والبروتستانت بل والمسلمين أيضا. وقد انضمت الى ذاك الاتحاد البوسنة المسلمة ، ومثلها البانبا التي لا تقل اسلاما عن دول الشرق الأوسط؟ اذن الخلافات الطائفية لا ينبغي أن تكون مانعا أو حائلا دون الدخول في اتحاد يحقق مصالح شعوب المنطقة رغم الاختلافات الطائفية بينها.

ثانيهما الحروب التي وقعت بين بعض هذه الدول ، والدماء التي أريقت من الطرفين نتيجة لها ، تقف حجر عثرة كما يرى البعض دون الاتحاد والتنسيق كخطوة أولى. وأبرز هذه الحروب كانت معركة القادسية في فجر الاسلام ، ومعركة كربلاء في نهاية عهد الخلفاء الراشدين الأربعة. وكذلك الهجوم الذي شنه الوهابيون في بداية القرن التاسع عشر وقتلوا فيه الكثيرين كما دمروا مقامي الامامين علي بن أبي طالب والحسين. كذلك الحرب العراقية الايرانية في عام 1980 والتي استمرت ثماني سنوات. وكان هناك التنكيل الايراني بالعرب الذين تمردوا في الأهواز على الجمهورية الاسلامية ، فنفذوا حكم الاعدام في العشرات منهم ، اضافة الى تطلعات ايران الاسلامية في بدايات عهد الخميني للتوسع على حساب دول الجوار. أما على الجانب التركي العثماني ، فلا ننسى أعواد المشانق التي علقها جمال باشا السفاح للقادة والمفكرين العرب، وكذلك آلاف الضحايا من الشبان الذين قضوا جوعا وعطشا في "سفر بلك" أثناء نقل الشبان العرب المجندين اجباريا الى ساحات القتال خلال الحرب العالمية الأولى ... وغيرها من المآسي هنا وهناك.

اذن كانت هناك حروب ومآس ودماء أريقت من الطرفين. ولكن ألم تكن هناك حروب مشابهة جرت بين دول أوروبا التي اقتتلت فيما بينها على مدى عشرات القرون واريق بينها من الدماء الكثير الكثير، ومع ذلك دخلت في الاتحاد الأوروبي متناسية آلامها وحروبها؟ هل ننسى الحرب العالمية الثانية وحدها التي قتل فيها أكثر من مائة مليون انسان بعضهم فرنسي، وبعضهم بريطاني ، وفي مقابلهم قتل البولندي والايطالي بل والألماني ، حيث خسرت ألمانيا لوحدها قرابة الثمانية مليون انسان. ومع ذلك تجلس المستشارة الألمانية ميركل الآن جنبا الى جنب مع الرئيس هولاند الفرنسي، ورئيس الوزراء البريطاني ، ليشاركوا معا في التنسيق لمستقبل الاتحاد الأوروبي. اذن أريقت الدماء الكثيرة من قبل هذه الأطراف، ومع ذلك فان هذه الدماء رغم غلاوتها على شعوبهم، لم تحل دون تحقيق الاتحاد الأوروبي، لأن مصلحة شعوبهم تقتضي ذلك، وتتطلب التوجه نحو الاتحاد والتنسيق. فليس هناك عداوات دائمة ، ولكن هناك مصالح دائمة.

واذا كانت أميركا تجلس الآن على طاولة المفاوضات مع ايران التي سماها الخميني بالشيطان الأكبر، فلما لا يجلس العرب أيضا معها، ساعين لفتح صفحة جديدة. ومنذ عامين أكتب في هذا الموضوع وأدعو الى تفجير قنبلة الوفاق بين العرب وايران ، وذلك قبل أن تفكر ايران بالتفاوض مع دول خمسة زائد واحد. لكن لا أحد يسمع أو يقرأ ما يكتب وينشر.

فمع روح الود التي بدأت تسود بين ايران ودول الغرب، أتمنى أن يدلي العرب بدلوهم أيضا ، ويحاولوا مد يد الوفاق والاتفاق الى ايران، بل والى تركيا أيضا رغم كل المآسي التي ألحقها العثمانيون بالعرب على مدى أربعة قرون من الظلم والظلام. و قد حانت الفرصة الآن بعد خسارة أردوغان الساعي لتجديد امجاد تركيا على حساب العرب ، تلك الانتخابات البرلمانية، لتجديد العلاقة مع الشعب التركي أيضا المتطلع للدخول في الاتحاد الأوروبي، ولكن اذا اقترح عليه اتحاد شرق أوسطي، فقد يقبل عليه ويتناسى امتداد تركيا نحو اوروبا.


الفوائد الفورية نتيجة الشروع في مفاوضات تفاهمية تقود الى التنسيق ثم الاتحاد

فورالدخول في مفاوضات كهذه، ستتوقف مخاوف بعض الدول العربية من تهديد الهلال الخصيب الذي تخشاه. كما لن يعود هناك مدعاة لمواصلة الحرب في اليمن ضد اليزيديين الحوثيين ، اذ سيصبح بامكان الطرفين التوصل الى اتفاقات مرضية للطرفين دون حساسية أو مخاوف. كما ستتوحد جهود دول المنطقة في محاربة داعش التي تشكل خطرا على كل دول المنطقة منفردة ومجتمعة ، ليحل القتال ضد داعش محل الاقتتال بين دول المنطقة سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا، أو غيرها من مواقع الاشتباك. و تصبح امكانية استئصال الخطر الداعشي، بدون عون أميركي، ممكنة وقابلة للتحقيق.

حجر العثرة في تحقيق مشروع كهذا

قد تكون الكراسي والجالسين عليها في هذا الطرف أو ذاك، هي العقبة الكأداء في تحقيق مشروع كهذا، والذي يصفه البعض بالحلم... الحلم الكبير غير قابل للتحقق. وأنا أعترف أنه ما زال في مرحلة الحلم . ولكني آمل ألا نصحو منه لأن البديل له هو تفكك دول المنطقة الى دويلات صغيرة، أو سيطرة الدولة الاسلامية على دول المنطقة. فعندها فحسب سنصحو لا من الحلم ، بل من الكابوس الذي سيهيمن على شعوب هذه البلاد وفيه ما فيه من ثقافة قطع الرؤوس.

فهل هناك من يشاركني في هذا الحلم الجميل ، كي لا نصل الى مرحلة الكابوس المرعب... كابوس قطع الرؤوس؟؟؟

ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية (Think Tank).
عضو في مجموعة (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو مستشار في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب.
عضو في ديوان أصدقاء المغرب.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الأخوة المغربية التونسية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين...(الصفحة الرسمية)
عضو في تجمع الأحرار والشرفاء العرب (الناصريون)
عضو في مجموعة مشاهير مصر - عضو في منتدى العروبة
عضو في "اتحاد العرب" (صفحة عراقية)
عضو في شام بوك.
عضو في نصرة المظلوم (ص. سورية )
عضو في منتدى فلسطين للفكر والرأي الحر.
عضو في مجموعات أخرى عديدة.



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو الخاسر الأكبر في الانتخابات التركية: أردوغان، قطر، جبه ...
- عدم التشابه في كيفية سقوط المحافظات في العراق وسوريا، وأعجوب ...
- هل الأسباب لتقدم داعش في العراق وسوريا هي: هزالة الأداء الأم ...
- التطورات العسكرية المعززة لموقف المعارضة السورية المسلحة.. أ ...
- هل انتهت غزوة الفيديوهات المسيئة التي استمرت ثلاثة أيام؟
- غموض حول الأسباب التي أدت الى انهاء عاصفة الحزم
- عاصفة الحزم الى أين.. الى متى؟ ومن هو المستفيد؟
- نداء...نداء...نداء: يا عقلاء العالم اتحدوا
- مقدمة كتابي الجديد بعنوان: المؤامرة.. حرب لتصفية داعش أم لتف ...
- مقارنة بين حرب أميركية هزلية ضد داعش ، وحرب سعودية في غاية ا ...
- هل يشكل السعي الأميركي لتفكيك القاعدة سابقة، أم هناك سوابق ت ...
- القاعدة: ولادة طبيعية أم قيصرية
- داعش .. و بندر بن سلطان
- تسعة أسئلة، بل عشرة، تنتظر الاجابة من الادارة الأميركية
- داعش تبلغ أعلى مراحل البربرية باعدامها معاذ كساسبة
- هل الحرب الأميركية ضد الارهاب الداعشي، هي حرب لاغتيال داعش، ...
- المخطط الأميركي لتفكيك -القاعدة-، بدءا بغزو أفغانستان عام 20 ...
- لا تندهي .. ما فيه حدا آذان أصابها صمم، فلا تسمع رجع الصدى . ...
- هل كان الصاروخ الذي ادعت داعش اسقاطه للطائرة، أول الأخطاء ال ...
- ولادة الفكر الارهابي نتيجة متوقعة للفراغ الذي تركه اغتيال ال ...


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - متى يحل مشروع الاتحاد الشرق أوسطي محل مشروع الشرق أوسط الجديد الأميركي، أو محل البديل الآخر وهو الدولة الاسلامية الشرق أوسطية؟