أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - طاولة صغيرة لا تفسد عتمة المقهى














المزيد.....

طاولة صغيرة لا تفسد عتمة المقهى


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 1338 - 2005 / 10 / 5 - 10:03
المحور: الادب والفن
    


باب متجهم تماما ومقعدان منهكان .. الباب يجيد الانسحاب قليلا إلى الخلف لولوج كائن ما .. أحدالمقعدين يأنس باعتياده لجلوسك المرتبك .. المقعد الآخر يحتفي بجلوس الكائن .. الآن .. شخص عادي يجلس في مواجهتك يدرك كيف يتنازل تدريجيا عن الصمت بكلمات بطيئة سرعان ما تفقد تمهلها .. شتاء رمادي من الأحاديث .. الأشخاص .. الانفعالات .. يغمر اهتزاز رأسك وابتساماتك المقتضبة .. ثم .. سكون ما يليق بكائن انتهت حكاياته فيبقى هادئا في انتظار كلماتك .. عند هذه اللحظة .. تحاول التخلص من احتواءك لتأمل خاص محركا شفتيك ربما تنجح أنت الآخر في صنع شتاء رمادي من الأحاديث والأشخاص والانفعالات .. تدرك أن سماء حكاياتك غائمة تماما بلا مطر حقيقي يمكنه أن يغمر ملامح شخص عادي لا يزال جالسا في مواجهتك .. ثمة يقين يدركه الكائن أن ما يتدفق من بين شفتيك الآن هي كلماتك بالفعل .. لذا .. يبتسم .. ينهض مستعيدا صمته المغلف بتأكد خاص .. الباب ينسحب قليلا إلى الوراء ليرحل شخص ما .. المقعدان .. فارغان تماما .
* * *
الباب يزداد تجهما والمقعدان في انهاك تام .. كائنات كثيرة تدخل حينما ينسحب الباب قليلا إلى الخلف .. يجلس أشخاص عاديون في مواجهة جلوسك المرتبك .. يصنعون شتاءات رمادية مختلفة من الأحاديث والأشخاص والانفعالات .. ثم .. يرحلون بعد صمت قصير وكلمات قليلة من بين شفتيك مغلفة باهتزازت للرأس وابتسامات مقتضبة .......
الآن .. تدرك تماما أنك طاولة صغيرة تنزوي في ركن بعيد لمقهى محموم بعتمة الصخب .. طاولة صغيرة يأتي إليها دوما في آلية معتادة شخص عادي .. يحتوي شعورا ما بعزلة مؤقتة .. يطرد من أذنيه الجلبة والإزدحام .. يجلس وحيدا ليتحدث في صمت مع نفسه أو مع الفراغ .. يمارس في حرية مفتقدة كثيرا من الحزن .. يضحك قليلا .. تحتوي ملامحه بعض الابتسامات العابرة .. حينما يفرغ من حكاياته .. ينهض في هدوء .. يرحل مطمئنا بأن ألمه لا يزال خاصا جدا ، وأن طاولة صغيرة مثلك لن تكتشف العالم المختبئ بداخله ، وأن ثمة آخرون سيأتون من بعده ليمارسوا أيضا طقوس العزلة فوق سطح نفس هذه الطاولة الصغيرة التي لا تفسد بأي حال صخب المقهى .
* * *
هل من الضروري أن يعرف كل هؤلاء العاديون أن الباب المتجهم والمقعدين المنهكين يلائمون تماما عدم قدرتك على أن تكون عاديا مثلهم ؟ .. هل من الضروري أن يكتشف كل هؤلاء العاديون أنك طاولة صغيرة تستبدل دوما بحكاياتهم المتعاقبة عتمة المقهى الصاخب ؟ .. ليس من الضروري أن يدرك كل هؤلاء العاديون أن الابتسامة التي تلون ملامحك بالبهجة بعد رحيلهم لا تستمر طويلا .



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة ابتسامة النظرة المحدقة بمتطلبات الإيمان


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي ...
- جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن ...
- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - طاولة صغيرة لا تفسد عتمة المقهى