|
نظرة سريعة على نتائج الإنتخابات التركية
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4831 - 2015 / 6 / 8 - 11:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رغم ان نتائج الإنتخابات البرلمانية التركية ، التي اُعلِنتْ مساء أمس ، أولية وليستْ نهائية .. فأن عمليات الإنتخابات العديدة التي جرت في تركيا خلال الخمسة عشر سنة الماضية ، عّوَدتْنا على الوثوق ، بالنتائج الأولية ، التي تكون قريبة جداً من النتائج النهائية . وأدناه بعض المُلاحظات العامة : * أثبتَتْ الإنتخابات الأخيرة ، ان تُركيا ( رغم المآخِذ العديدة ) ، تكاد تكون الدولة الوحيدة في محيطها الإسلامي والشرق أوسطي ، التي تجري فيها إنتخابات حقيقية ، تعكس إتجاهات الناس بصورةٍ واقعية . نعم .. حدثتْ بعض القلاقل والحوادث التي عّكرتْ صفو الحملة الإنتخابية ، وكان آخرها وأشدها ، الإنفجار في دياربكر أثناء تجمعٍ جماهيري حاشد لحزب الشعوب الديمقراطي HDP . وصحيحٌ ان رئيس الجمهورية أردوغان ، لم يلتزم كثيراً ب " حياديتهِ " المُفتَرَضة ، وكانَ يُرّوِج علناً لحزب العدالة والتنمية AKP . لكن للحَق ، فأن الحكومة مُتمثِلة برئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ، نجحتْ في إدارة العملية الديمقراطية عموماً ، بِحَدٍ معقول من النزاهة والقبول بالنتائج . * خيرُ دليلٍ على سِعة صدر الحكومة التركية ، هو توّجُه العديد من الوفود من أحزاب أقليم كردستان العراق ، للترويج لحزب الشعوب الديمقراطي HDP خلال الحملة الإنتخابية .. بل ان بعضهم هتف من على المنصة في دياربكر بحياة أوجلان . لو ان هذا الأمر جرى في أي دولةٍ أخرى في المنطقة ، لكانَ يُعتَبَر تدُخُلاَ في الشؤون الداخلية التركية .. أو يُتَهم HDP بأنه يستعين بأطراف أجنبية ! . * أبرز إفرازات الإنتخابات كانتْ : فشل حزب العدالة والتنمية AKP ، ليسَ في الحصول على ثُلُثَي عدد المقاعد ، بحيث يستطيع إجراء تغييرات جوهرية في الدستور ، بل حتى على أغلبية بسيطة تُؤهِلهُ لتشكيل الحكومة مُنفرِداً . ببساطة ووضوح " حسب الطموحات الكبيرة التي كان يتوقعها " ، فأن حزب أردوغان وداود أوغلو ، كانَ أكبر الخاسرين في هذه الإنتخابات . كذلك ، نجاح حزب الشعوب الديمقراطي HDP ، في تجاوز نسبة ال 10% ، كانَ نجاحاً مُدوياً وكبيراً .. فحتى أكثر المُتفائلين كان يتوقع فوز الحزب بحوالي 60 مقعداً أي 10.5% تقريباً من الأصوات .. لكن حصوله على 13% أي 78 مقعداً ، فأنهُ في الواقع إنجازٌ ضخم . * يبقى حزب العدالة والتنمية AKP أكبر الأحزاب على الساحة التركية . صحيح أنه خسر الكثير من مقاعده مُقارنةً بالإنتخابات السابقة ، لكنه يبقى الأول بنسبة 41% تقريباً . * تصويت أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون ناخب لصالح حزب الشعوب الديمقراطي HDP ، أي أكثر من نفوس أقليم كردستان كله .. يعني ببساطة أنهُ حزبٌ جماهيري حقيقي !. * لاجدال حول أن أي حكومة تُشّكَل مِنْ قِبَل حزبٍ واحد .. تكون أكثر قُوة وإستقراراً وقُدرةً على الإنجاز .. ليس في تركيا وحدها ، بل في كل مكانْ آخَر أيضاً . ولعلَ بعض إنجازات أردوغان وحزبه AKP خلال السنوات العشر الماضية ، يعود الى أنه كانَ مُنفرِداً في الحكومة وله أغلبية مُريحة في البرلمان . هذه الفترة إنتهتْ الآن . فليس امام AKP إلا خياران : أما تشكيل حكومة [ إئتلافية ] مع حزبٍ آخر خلال المدة القانونية / أو التوجُه الى إجراء إنتخابات مُبكِرة . وكلاهُما مُرٌ " فإذا لم يتسِم AKP بمرونةٍ كافية وإستعدادٍ لتغيير سياسته الخارجية ، فأن الأمور تتجه الى أزمةٍ طويلة " . * فُرصة تأريخية كُبرى ل HDP وحزب العمال الكردستاني ، من أجل الإرتقاء بالقضية الكردية الى مُستوى أرفع . فكما يبدو ان بندقية حزب العمال ، نجحتْ في إجبار الحكومات التركية ، على إعادة النظر في المسألة الكردية ، منذ بداية التسعينيات أبان حُكم أوزال . لكن والحق يُقال ، فأن أردوغان هُو مَنْ تجرأ وهدمَ التابوات والممنوعات التركية التقليدية أزاء الكُرد وفتح الباب لبحث القضية علناً . أعتقد ان [ الديمقراطية التُركية ] رغم نواقصها .. أتاحتْ للكُرد ولحزب العمال الكردستاني وبالتالي لحزب الشعوب الديمقراطي .. أن ينهض ويتطور ويتقدم ، وينجز هذا النجاح اللافت في الإنتخابات الاخيرة . أرى ان الكُرد اليوم ، في تركيا يستطيعون الحصول على حقوقهم بالفعل ، من خلال البرلمان واللُعبة السياسية الديمقراطية ، وليسَ عن طريق الكفاح المُسلَح . أعتقد ان مرحلة الكفاح المُسلَح إنتهتْ وليس من وراءها جدوى في ظل ظروف تركيا الحالية . حانَ الوقت لعقد مُؤتمرٍ لحزب العمال ، يُعلن فيه تخليه رسميا عن السلاح وإنخراطه في العملية السياسية ، بالإتفاق طبعاً مع الأحزاب الأخرى وبعد إستصدار عفوٍ عام عن المُقاتلين ورفع صفة الإرهاب عن الحزب . * سيكون أقليم كردستان العراق أول المُستفيدين [ إذا جرى حَل القضية الكردية في تركيا حلاً سلمياً ] . فسوف تنسحب القوات التركية الرمزية المتواجدة في الأقليم منذ عشرين سنة ، وينسحب أيضاً مُقاتلو حزب العمال من جبال قنديل وغيرها . ......................... السياسة الخارجية التركية ، ولا سيما تجاه سوريا ومصر والعراق ، وإنفضاح تأييدها للمجاميع الإرهابية .. هي التي أدتْ الى خسارة أردوغان وحزبه ، الكثير من قوته وشعبيته . وهنالك إحتمالٌ وارد الآن : أن يتحالف أردوغان وأحمد داود أوغلو ، مع حزب الشعوب الديمقراطي HDP ، ويُشكلان حكومة إئتلافية .. فإذا حدث ذلك ، فلا بُد أن نشهد تغييرات جوهرية ، على السياسية الخارجية التركية ولاسيما تجاه " داعش " !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم البيئة العالمي .. وأقليم كردستان
-
عائلة صديقي [ ك ]
-
التجاوُز على أراضي الدولة ، في الأقليم
-
ما حدثَ بين حزب العُمال والحزب الديمقراطي في إيران
-
بعض الضوء على إنتخابات 7/6 في تُركيا
-
التقدُميةُ والتمدُن
-
على جانِبَي جِسر الأئِمة
-
.. مِنْ عَشيرة المُحافِظ !
-
الحرامي المُحتَرَم !
-
الضابطُ نائمٌ !
-
العراقُ عظيمٌ .. وليخسأ الخاسئون !
-
ربوبي
-
- إصعدوا شُبراً أو شبرَين - !
-
تعديلات على مسوّدة مشروع دستور أقليم كردستان
-
قصّة مدينتَين
-
إمرأة إيزيدية لِرئاسة أقليم كردستان !
-
صراعات ... وتِجارة
-
أحلامنا الضائعة
-
في الذكرى 81 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي
-
ديمقراطيتنا الهّشة ... على المَحَك
المزيد.....
-
محادثات أولية للمرحلة الثانية من اتفاق غزة ومبعوث ترامب يتوج
...
-
الاحتلال يصعد عدوانه على الضفة ويهجر آلاف العائلات بجنين وطو
...
-
الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في الضفة الغربية و-يجبر- عائلا
...
-
-ديب سيك- تطبيق صيني يغير معادلة الذكاء الاصطناعي العالمي..
...
-
الأزهر يعلن رفضه القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين
-
إقالة 12 مدعيا شاركوا بمحاكمة ترامب
-
أميركا تواصل ترحيل مهاجرين إلى غواتيمالا وتتجاوز الأزمة مع ك
...
-
سوريا.. ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة على معبر نصيب الحدو
...
-
حرصا على كرامتهم.. كولومبيا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها المر
...
-
مجلس الشيوخ يصوت على تعيين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|