أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قحطان محمد صالح الهيتي - البغدادي بين الخان وبين مَنْ خان














المزيد.....

البغدادي بين الخان وبين مَنْ خان


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4826 - 2015 / 6 / 3 - 23:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


البغدادي مدينة الماء والخضراء والوجه الحسن. مدينة الماء حيث يحتضنها الفرات كأنه قلادة تزين جيدها، راسما أجمل لوحة طبيعية تبهر نظر كل من يمر بها. ولا يكاد من يمر بها إلا أن يتوقف ليرتاح من عناء سفره، أو ليتزود أو يأكل من زادها.

وهي مدينة (الخضراء) المتميزة بخضرة بساتينها الغناء الزاخرة بأشجار الفاكهة وبنخيلها الذي يضم أنواعا نادرة لا وجود لمثله في بقية المدن، وما يزيد المدينة رونقا، ويضيف لها بهاءً سلسلة التلال الممتدة على طول المدينة من مدخلها حتى مخرجها. وتتميز هذه المدينة بزراعة الفستق فهي اول مدينة عراقية عرفت زراعته.

وهي مدينة الوجوه الحسنة الطيبة التي ترتسم عليها البهجة والفرح حين تستقبل المارين بها ذهابا وإيابا منذ أن بنى بها ذلك الرجل البغدادي (خانا) جعله محطة راحة ودار استراحة للمسافرين من بغداد الى الشام وبالعكس فعُرفت باسمه، فاسمها مشتق من خان ذلك البغدادي الذي عرف بـ (خان البغدادي). والخان: مبنى واسع يحوي غرفاً لإيواء بعض العوائل الفقيرة والزائرين، أو ينزل به المسافرون، وهو أيضاً ما توضع في البضائع والسلع التجارية المحلية والمجلوبة ويستأجر التجار فيه حجر أعمالهم، وقد كان يستعمل مربطاً للدواب، وجمعه (خانات).

لم يكن اختيار الرجل البغدادي للمكان اختيارا عشوائيا بل كان اختيارا مدروسا بعناية الخبير المتمرس بعمله، فالمدينة اشبه ما تكون بساحل بحر يمتد الى نحو يزيد على الخمسة كيلومترات، كل متر فيه يصلح ليكون مكانا للراحة والاستجمام، فماؤها فرات عذب وهواؤها عليل.

من أشهر قرى البغدادي وأكبرها قرية (جبّة) التي تعد من أقدم المناطق تاريخا وتوجد فيها منارة بنيت قبل ما يقرب من 700سنة، وقد اشتهر منها بعض الفقهاء وكانت ومازالت موطنا للمعرفة والفكر.

نمت وكبرت تلك القرية الوادعة الهادئة الجميلة حتى صارت ناحية تابعة إداريا الى قضاء هيت أحد أقضية محافظة الانبار وتبعد عنه بحوالي ثلاثين كيلو مترا. وقد تميزت هذه المدينة بتنوع سكانها فهم من القبائل والعشائر العربية الأصلية، جَمَعهم حبُّهم لمدينتهم وتعلقهم بمهنة الزراعة، فللجميع فيها بستان أو حقل أو عقد زراعي لأن الملكية فيها تعني الولاء.

لم تكن البغدادي معروفة الا من قبل المارين بها، ولكنها عُرفت أكثر حينما اختارت الحكومة العراقية في عام 1980 قرية (عين الأسد) التي تبعد عن مركز المدينة ببضع كيلو مترات لتنشئ فيها قاعدة جوية عراقية تمثل أهمية استراتيجية وعسكرية سميت في حينه بقاعدة القادسية التي تعد أكبر قاعدة جوية في غرب العراق، ومثلت منطلقا لعمليات عسكرية استراتيجية في خلال الاحتلال الأميركي للبلاد الذي بدأ عام 2003حيث استولت عليها في نيسان /2003 قوات أسترالية خاصة وسلمتها لجيش الاحتلال الأميركي في مايس من العام ذاته بعد أن استبدل اسمها الى قاعدة (عين الأسد).

في عام 2006 حطت بها طائرة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ليستقبل فيها عددا من شيوخ الصحوات، وفي كانون الأول /2011 تسلم الجيش العراقي القاعدة من الأميركيين. وفي 2014، استعادت قاعدة عين الأسد أهميتها وزخمها نظرا لاحتضانها جنودا وضباطا ومستشارين عسكريين أميركيين يقدمون الدعم للقوات الحكومية العراقية في حربها ضد داعش.

بسبب وجود القاعدة وبسبب الموقع الاستراتيجي للمدينة عرفت البغدادي على المستوى العالمي، فلم تعد تلك الناحية الصغيرة الحالمة بالتنمية والازدهار مجهولة للعالم بل صارت محط انظار المحتلين ومنهم (دولة البغدادي) حيث فرض تنظيم داعش حصارا عليها منذ ما يزيد على السنة وحرم أهلها من الغذاء والدواء ومن كل وسائل الراحة.

وحيث أننا نكتب للتاريخ وهذا ما يستوجب النزاهة والحيادية والتجرد، فلابد أن نقول بأن بعض أهل المدينة (خانَ) مدينة (البغدادي) وأنظم الى دولة (البغدادي) وكان سببا فيما جرى ويجري اليوم لأهلها الطيبين المحاصرين، فضلا عن التقصير غير المبرر والعجز الواضح من قبل الحكومتين المحلية والمركزية في فك الحصار عن المدينة، أو في إيصال المواد التموينية والدواء اليها مما وضع أهلها بين مطرقة الجوع وسندان المرض.

اليوم نستصرخ الضمير الدولي والعربي والعراقي بل والعشائري ليفكوا الحصار عن البغدادي وينقذوا ألوف المحاصرين من الشيوخ والنساء والأطفال ويعيدوا اليها بهجتها وخضرتها وفراتها العذب ووجها الحسن. فهل كُتب على هذه المدينة أن يكون اسمها (البغدادي) جامعا بين من عرفت باسمه وظلت وفيَّة لذكراه، وبين من يريد اليوم قتلها وموت أهلها؟

اللهم ارحم مَن في البغدادي ممن يريد بهم سوءً، وارحم البغدادي صاحب الخان والعن البغدادي أمير داعش و كل من خان.



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة وفاء الى الصديق يوسف فواز الهيتي
- الدم هو الدم
- الغُربان والبُوم في السياسة العراقية
- الخطوط الحمراء
- ابن الذين
- هاكم شيلتي اطوني جفافيكم*** فرد فريخ يمعارچ لعب بيكم-
- العشيرة العراقية وازدواجية الطائفة
- إليحچي الصُد گ طاگيته منگوبه
- عجيب أمور غريب قضية
- من سيحل لغز (محمد يرث ومحمد يرث ومحمد لا يرث ) في عراق اليوم ...
- كلنا مذنبون
- تبَّتْ يدا داعش
- من هو الشيخ.....؟
- رفقا بالمرأة
- الزَعِل
- الدولمه
- الفيس بوقيه
- أخطاء في الكتابة والإملاء
- وداعا عام الويل
- مجرد عتاب


المزيد.....




- انقلاب ناقلة نفط ترفع علم جزر القمر قبالة سلطنة عمان
- بعد إطلاق النار.. سفارة أمريكا في سلطنة عُمان تصدر تنبيها أم ...
- -بلومبرغ-: بعض الدول الأوروبية تدرس فتح سفارات لها في أفغانس ...
- -نائب ترامب- يتجاهل مكالمة -نائبة بايدن-
- اكتشاف يحل لغزا محيرا حول -متلازمة حرب الخليج- لدى قدامى الم ...
- العراق بين حزم -خروتشوف- وبندقية -سبع العبوسي-!
- -روستيخ-: صواريخ -إسكندر- الروسية تضرب بـ-دقة القناصة- ولا ت ...
- محاولة اغتيال ترامب.. أجهزة الأمن تتخوف من عمليات انتقامية
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف مواقع لـ-حزب الله- في جنوب لبن ...
- لافروف يصل نيويورك لترؤس اجتماعات وزارية في مجلس الأمن الدول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قحطان محمد صالح الهيتي - البغدادي بين الخان وبين مَنْ خان