|
وفاءاً للشهيد النصير عباس مهدي محمد شكر (أبو رغد)
كمال يلدو
الحوار المتمدن-العدد: 4825 - 2015 / 6 / 2 - 16:27
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
يخرجون كل صباح، قاطعين القرى والأرياف والمدن حاملين اعلامهم الملونة وراياتهم الداعية لبناء الأوطان والإنسان، لرعاية الطفولة والمرأة ولضمان الحياة الحرة السعيدة، ولتحقيق العدالة والمساواة في هذا الوطن المثخن بالجراح والملئ بالحالمين والأحلام. اولئك هم جمهرة شهيداتنا وشهدائنا الأعزاء، الذين لا يغيبوا عن بالنا مهما اشتدت الأزمات وصعبت الأوقات. لهم الذكر الطيب دائما ولعوائلهم الكريمة محبتنا وخالص شكرنا وتقديرنا لتضحياتهم. *** الشهيد عباس مهدي محمد شكر ( أبو رغد ـ أبو مسار) من مواليد محافظة النجف عام 1952، درس في مدارسها، وعندما تخرج كان يحمل شهادة الدبلوم من (معهد الصحة العالي ـ بدرجة مساعد طبيب).كان توظيفه الأول في البصرة (المدَينَة)، ثم نُقل الى (الفاو)، وبعد أن انهى خدمة الأحتياط العسكرية انتقل الى بغداد عام 1977. إقترن بالسيدة (نضال مجيد حميد الياس) في مطلع العام 1979، ولم يمهله تدهور الوضع السياسي كثيرا، فاضطر لترك العراق عقب زواجه بأيام معدودة في شباط 1979 وتوجه الى بيروت وليعاود نشاطه الوطني من هناك. وعندما اعيد تشكيل فصائل الأنصار المسلحة لمقارعة النظام الدكتاتوري في كردستان العراق كان من اوائل الملتحقين عام 1980، وسقط شهيدا في آيار 1984. ومن اجل أن تكتمل صورة المشهد كان لابد من الأتصال بالسيدة نضال، زوجته وشريكة حياته فقالت: تعرفت على الشهيد عبر أحد زملائي (عامر جميل) عندما كنت طالبة في الجامعة المستنصرية، وتم الزواج في اوائل 79، واضطر للمغادرة مباشرة عقب زواجنا وأيام شهر العسل القصيرة في شباط 79 وقصد بيروت، وقد تمكنت من اللحاق به في تموز من ذات العام. ووضعت مولودي الأول (مسار) في بيروت من نفس العام، وأفترقنا من جديد ، إذ عدتُ لبغداد فيما التحق هو بفصائل الأنصار في كردستان العراق. كنّا نتواصل (شحيحا) وقد تمكنت من الألتقاء به في تركيا عام 83 وفي ايران عام 84 ، وبقيت معه في كردستان لفترات قصيرة، لكني كنت مضطرة للعودة الى بغداد. في عام 1984 التقيته لمدة ثلاثة ايام في احدى القرى القريبة من دهوك، إذ كان أخي يملك عيادة بيطرية في مدينة دهوك. عدت بعدها الى بيت أخي، وإذا بي افاجأ بخبر استشهاده في اليوم التالي لفراقنا، فأنتقلت الى بيت أخي الثاني في بغداد، وساهم بأعالتي وتغطية احتياجاتي بعد أن قام بتأجير منزل لي شاركتني به والدتي وشقيقتي وإبنتي مسار ايضا. ولشدما يحزنني أمر كنت اتمنى ان تمنحنا الحياة ولو فرصة قصيرة لتداوله، الا هو خبر حَملي الثاني بأبني (مجد) الذي ولد عام 1984، ذات العام الذي رحل فيه عباس. لقد كان الخبر قاسيا جدا عليّ، ليس بسبب مسؤولية الأطفال بل لأن الوضع العام كله كان مربكا، فالحرب مع ايران قائمة، والحرب على القوى الوطنية قائمة، والسجون والأعدامات قائمة، والبلد كله على فوهة بركان، وأنا مع طفلين (4سنوات وسنة واحدة)، لكني تدبرتها، وإضطررت لمغادرة العراق بحثا عن الأمان وتوفير المناخ الملائم لتربية الأبناء وأعيشُ اليوم بجزيرة (غوتلاند) بالمملكة السويدية. لقد كبرت مسار وكذا مجد، وقد تزوج كلاهما وغالباً ما نتحدث بسيرة والدهم الشهيد رغم انهما لا يتذكرانه لكنه دائمُ الحضور بيننا، وأقص عليهم عن كردستان والنضال والعمل الوطني والتضحية من اجل المبادئ السامية، ورغم اللوعة التي تداهمني احيانا بسبب افتقادي له، لكني اتجاوزها بالنظر للمستقبل. اما الفصل الثاني من حكاية الشهيد "عباس" فيرويه زميلهُ عامر جميل ويبدأ القول: تعود بنا الذكريات الى العام 1971 حينما تعرفت عليه عبر صديق آخر هو ( وسام محمد جواد) وحينها عرفت بأنه من كوادر "اتحاد الطلبة العام". استمرت تلك الصداقة وتوطدت اكثر ، وكنت استضيفه كلما حل في بغداد مجازا. كنت من اسعد الناس وأنا اشارك في بناء عائلته الصغيرة مع زميلتي الغالية (نضال خضر)، ورغم كل الأوجاع التي تلتها، لكني مصر على استحضار الفرح اكثر من الألم. كان آخر لقائي به في شارع السعدون مقابل سينما النصر في شباط 1979، وأفترقنا. أما أشد الصدمات ألما كان ذلك الخبر الذي نزل عليّ كالصاعقة، حينما استلمنا في ديترويت (بيانا) موقعا من قبل المنظمات العربية العاملة في بيروت عام 1984 وهي تنعي الشخصية الوطنية والكادر الشبابي (عباس مهدي ـ ابو مسار)، ولم يهدأ لي بال قبل أن اعرف تفاصيل استشهاده بدقة، فعلمت عبر الأستاذ د. كاظم حبيب بأن الشهيد كان عضوا في الأعلام المركزي للحزب الشيوعي، وأنه اصبح سكرتيرا ل (اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي) حتى ساعة استشهاده، اما ظروف الأستشهاد ، فهي الأشد غرابة وقسوة على قلبي. فقد قص لي بعض من رفاقه المشهد الذي أودى بحياته حيث قالوا: كان الشهيد عائدا بمفرده في احدى المناطق، وإذا به يلتقي بإثنين من اعضاء (ح د ك) فمشوا معه لفترة، وكانوا في طريقهم لتسليم اسلحتهم بعد قرار (العفو) الذي اصدره النظام آنذاك، ووعد بدفع مبلغ (100 دينار) لكل من يسلّم بندقيته للنظام، وهكذا عالجوه غدرا بطلق ناري، اودى بحياته وتركوه في العراء حتى اكتشف رفاقه الأمر لاحقا، وعلمت ايضا بأنهم لم يفلتوا من العقاب . كان أمرا محزنا أن ينتهي هذا الكادر السياسي الوطني، والشخصية الطيبة بهذه الطريقة ، وهو الذي ترك خلفه حياة المدينة والزوجة والأطفال وألاهل والأصدقاء وتوجه حاملا سلاحه وأيمانه من أجل مقارعة الدكتاتورية، بغية اقامة وطن آمن، وطن يتسع لأحلام الطفولة وأماني العشاق. لقد تحمل الصعاب والوحدة من اجل نصرة قضية الشعب الكردي العادلة ولمواجهة ارهاب البعث المسلط ضد الأكراد، هكذا وبهذا الثمن غابت شمسه وبهاؤه عنّا. انه لأمر احزنني وأخوتي ووالدتي وكل من عرفه صديقا طيبا مخلصا. اما آخر الكلام فكان من زوجته الصبورة الطيبة ( نضال خضر ـ أُم مسار) أذ تقول: مع كل أحزان المشهد، والأرباك الذي لازم حياتي لسنين، فأني مازلت على قناعة بأن الأختلاف في الأنتماء السياسي لا يجب ان يكون ثمنه الغربة والعذاب أو الموت. من حق الناس ان تعتنق ماتشاء، ويجب على القانون والدولة أن تحمي المواطن. إن جرائم البعث وصدام والدكتاتورية لاتغتفر، فلولا ارهابهم ما كان (عباس) قد غادرنا، ولا تغرّب وتغرّبنا، ولا مات بهذه الطريقة الخسيسة، انهم هم وحدهم يتحملون المأساة التي يعيشها العراق أمس واليوم، ومع كل هذا فأني أشعر بالفخر والأعتزاز كوني زوجة الشهيد (أبو رغد)، وأفتخر بانتمائه وحبه للوطن، كما وأشكر رفيقاته ورفاقه الذين وقفوا معي على مدى السنين وغمروني وأبنائي بمحبتهم. أتمنى ان يتعافى العراق من جراحه ويعود جميلا للجميع، ويملؤني الأمل بناسه الطيبين وشبابه المتطلعين للغد الديمقراطي السعيد. **الذكر الطيب للشهيد النصيرعباس مهدي محمد شكر (ابو رغد) **العار لقتلته الأوغاد وللنظام العفلقي الذي اوصل البلد للدمار **المواساة لزوجته نضال وأبنته مسار وأبنه مجد، ولكل عائلته وأصدقائه وكل من عرفه انسانا رائعا.
آيار 2015
#كمال_يلدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمل وسط النازحين مع الناشطة -ماجدة الجبوري-
-
وفاءاً للشهيد بطرس هرمز جركو
-
وفاءاً لذكرى الشهيد جلال يونان جبو عم مرقس
-
وفاءاً للشهيدة تماضر يوسف متي ديشا
-
وفاءاً للشهيد المربي كامل فرنسي كمّه
-
بعد 100 عام على المذابح، الجرح مازال نازفاً !
-
كمال يلدو: متى يُنصف الشهيد موفق الياس زوما؟
-
أنوار المسرح الأمريكي في رحلة المخرج علاء يحى فائق
-
ضجيج يستبيح -مقبرة تلكيف-
-
عن صديق شارع المتنبي، الشاعر وبائع الكتب “ بوسوليل”
-
مصمم الديكور رياض جمال نوري و دمعة على -شارع 40-
-
في عيدهم، مرثية للشهيد -وليم شمعون شعيا-
-
وفاءاً لذكرى شهيد الصحافة بديترويت -نابليون بشي-
-
رحلة الناشطة -هيريات تبمان- للخلاص من العبودية
-
شوق الفن والأنسان لدى د. ليلى وجيه عبد الغني
-
إسقاطات الأحداث والوجوه مع التشكيلي “رائد نوري الراوي”
-
-فيرغسون- .... وحُقن العلاج الخاطئة
-
ألق عراقي في مكوك وكالة -ناسا- الفضائية الأمريكية
-
ما أصعب أن تكون - قيثارة اور- غريبة في وطنها!
-
لو كنت عراقيا ومت، اين ترغب ان تُدفن!
المزيد.....
-
النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و
...
-
الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا
...
-
-الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
-
تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال
...
-
المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف
...
-
أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا
...
-
لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك
...
-
بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف
...
-
اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|