أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - إذا كنت تحب














المزيد.....

إذا كنت تحب


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4823 - 2015 / 5 / 31 - 17:35
المحور: الادب والفن
    


سرديات لطفية الدليمي دالّة لانتصار الحياة.. شهادات تقضي بأن الشر والكراهية والعنف إلى زوال، وأن الخير والمحبة والسلام هو مستقبل الإنسانية.. قد تكون هذه الرؤية إلى العالم منكّهة برومانسية حالمة تحلّق فوق الواقع، لكنها في نظري ضرورية لأجل إدامة زخم قوى الحياة التي تواجه قوى الموت بضراوة، لكي لا نيأس ونستسلم.. سرديات لطفية الدليمي، مثل كل الأعمال الإبداعية العظيمة في الأدب والموسيقى والرسم والنحت والمسرح والسينما والفلسفة، تمنحنا الأمل.
الحب مفردة مركزية في كل ما تكتب.. الحب بوصفه الطاقة الخلاقة التي تحتاجها الأرواح في توقها إلى التحرر من محدوديتها ورتابة عيشها، ولا معنى وجودها.. هنا يكون الحب هو الحرية وهو الإبداع وهو جوهر كينونة البشر، والسر الفريد الذي ينطوي عليه قلب الكون. فالله محبة، والطبيعة محبة، والإنسانية محبة. ومغزى رحلتنا في بحر الزمان المتقلب ليس سوى ذلك البحث الشاق والبطولي، كما هو إصرار يوليسيس للعودة إلى إيثاكا التي فيها بينولوب، عن الحب.
(إذا كنت تحب) هو عنوان مجموعتها القصصية الأخيرة الصادرة عن دار المدى/ بيروت 2015.. عنوان يفتح الأفق على احتمالات سارّة محسومة بهذا الشرط المتوهج؛ إذا كنت تحب. غير أن الطريق إلى من تحب وما تحب ليس سالكاً ممهداً وآمناً على الدوام، فهناك من يكمن لك بعدّة الشر وهناك من يتربص بك كي يحول بينك وبين الوصول إلى الفردوس. وهنا تلوذ الدليمي، طالما كان الفن وسيلتها، ببعض الغموض.. الغموض المثير للتساؤلات والفضول، الغموض الذي ينبئنا عن بُعد آخر أروع وأنقى. لأن الواضح جداً، المحدد جداً، العاري جداً لا جاذبية له، ويفتقر إلى الجمال الكافي. حيث يعدّ الجمال توأم الحرية وهالتها المبهرة..
في قصتها الأولى (الساعات) تضعنا الكاتبة إزاء هذه الكلمة/ اللغز؛ الساعات.. الساعات التي هي الآلات الأكثر حيادية وموضوعية في الكون، والأكثر التصاقاً بالقدر البشري. والتي بسيرها الحثيث البارد، واللامبالي تتمثل حركة العالم، وتعكسها، وتنعكس فيها.
تذكرنا ساعات الدليمي بساعات محمد خضير في مجموعته (في درجة 45 مئوي) وبساعة كونتن في (الصخب والعنف) لوليم فوكنر، التي أهداها له أبوه لا من أجل أن يتذكر الزمن، بل لكي ينساه. وتذكِّرنا برواية مايكل كنكهام (الساعات) التي تحولت إلى فيلم مذهل قامت بأداء أدوار البطولة فيه الثلاث الرائعات (ميريل ستريب، نيكول كيدمان، وجوليا مور). غير أن ساعات الدليمي تتم معالجتها من منظور آخر. صحيح أنها كما في السرود الأخرى تغدو رديفة للموت، لكنها هنا تكتسب ملمحاً أكثر تفاؤلاً.. فالشخصيتان الرئيستان في قصة لطفية الدليمي تحاولان أن تخذلا الجانب الهدّام في الزمن، وأن تعوِّضا الخسارة القديمة. وعلى الرغم من أن ما تريدانه يكاد يكون المستحيل بعينه، إلا أنهما تفلحان في النهاية بترويض أشيائهما، بعد أن فتك بها الزمن..
يقرر الرجل مع زوجه أن يعتزلا الناس. وراح الرجل يعوض غياب زمن الآخرين بزمن ساعات مختلفة راح يقتنيها ويضعها في كل مكان من البيت. غير أن هذا لم يبعث السلام في روح المرأة التي بقيت تخشى على فقدان ما تعدّه سعادتها مع رجلها.. ويحدث الانقلاب الحاسم في حياتها حين تستلم مكالمة من صديقة قديمة اسمها (أمل) تخبرها أنها مع شلة من أصدقاء العائلة القدامى في طريقهم إلى زيارتها.. عندها يقرر الزوج الخروج من البيت؛
"سيذهب الآن، ويتركها مع الساعات التي بدأت تخيفها، وتغيرت علاقتها بها من التعلق المنعش الفطن إلى التوجس والعداء الخفي"ص11.
هل أراد بخروجه اختبار صلابتها واستعصاء استجابتها لنداء الخارج، مثلما قال لها، أم أنه كان يريد الوصول إلى نتيجة مغايرة غير أن يثبت بدليل واقعي أن الآخرين هم الجحيم. وكان عليها الآن أن تبرح عزلة الساعات التي حاصرتها، فتعمد إلى تحطيمها لتقضي على الضجة البلهاء التي تحدثها.. ترتدي ثوبا بألوان مشرقة وينتابها شعور بالبهجة.. ثم تفاجأ بزوجها يدخل ومعه جمع الضيوف؛"ومن النافذة رأت وجوهاً كان أقربها وجه أمل.. وجوه لوحتها الشمس والرياح، وغزتها التجاعيد واكتمل نضجها وسمعت صوته يناديها، فأسرعت خفيفة الخطى نحو الباب"ص24.
نصوص (إذا كنت تحب) لا تعتمد السرد التقليدي بعناصره المعروفة بل تتعدى ذلك إلى فضاءات أنواع أخرى، أولها الشعر.. نثر الدليمي مفعم بطراوة الشعر وتعرجاته الدلالية.. كذلك تحضر عناصر الفنون التشكيلية في النصوص.. الرسم بخاصة، فالكاتبة تعرف كيف ترسم بالكلمات، ليس بورتريهات الأشخاص فقط، ليس ملامح الأمكنة فقط، وإنما ما وراء ذلك أيضاً.. إنها تنفذ إلى الأعماق، تخبر ما يجري في المملكة العصبية، وما يتخفى بين ظلال الأشياء."هذا الزجاج المخادع، هو زجاج للعيون المتلصصة الحذرة. يستر عري النفوس الخائفة والنفوس التي تجابه دناءة أن تتلصص، أن تَرى ولا تُرى، يستر هذا الزجاج ضعفها أمام تيقظ سوء ظنِّها"ص51 من قصة (الزجاج).
تنتهي قصة (حياة) بانتصار الحب، وهي في حبكتها وبنائها تعد تقليدية وتختلف عن بقية قصص المجموعة، لكنها بالمقابل تتضمن دراما إنسانية موحية لا تخلو من عنصر الإمتاع.
قصة (إذا كنت تحب) التي تحمل المجموعة اسمها تحكي عن امرأة في حالة بوح مؤلم تختلط عندها الوقائع بالأحلام، بالأوهام، وبالآمال.. تتحرر من سطوة الأب المتسلط بعد موته، لكن حبيبها يكون عندئذٍ في مكان آخر.. يحضر في ذهنها ويغيب، وحتى حين تود إرسال برقية حب له، تشير إليه وكأنه في اللامكان.. إذا كان يحب حقاً فعليه أن يتخلى عن أشياء كثيرة، فهل هو مستعد لهذا؟. هي نفسها لم تكن على قناعة تامة بأنه ممكن أن يضحي في سبيل حبهما.. يلتفت إليها في اللحظة الأخيرة قبل أن يغيب بصحبة امرأة أخرى..
أحدثَ هذا حقاً، ام أنها كانت تتخيّل؟
قصص مجموعة (إذا كنت تحب) أكبر من أن نقدِّمها بهذه العجالة والاختزال.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الراهن العراقي: السياق الواقعي والأسئلة المحيّرة
- قراءة في رواية ( سانتا إيفيتا )
- إبريل قاسٍ
- -تمثّلات الحداثة- 4 الحداثة والمثاقفة.. الآداب والفنون والب ...
- تحت جرس زجاجي
- الإصبع الصغيرة
- -تمثّلات الحداثة- 3 المدينة والطبقة الوسطى ومشكلات التحديث
- بلاغة الجسد؛ السلطة، الثقافة، والعنف
- طفولة ناتالي ساروت
- تمثّلات الحداثة: 2 المثقفون والمجتمع والدولة، ومظاهر الاغترا ...
- قراءة في ( مراعي الصَبّار ) لفوزي كريم
- تمثّلات الحداثة: 1 النخب، وبناء الدولة العراقية الحديثة
- نساء بوكوفسكي
- سارتر في المرآة
- حتى نتجنب الكارثة ( 2 2 )
- الترنيمة الحزينة ( سابرجيون )
- حتى نتجنب الكارثة ( 1 2 )
- مثقف المدينة: بغداد السبعينات بين الشعر والمقاهي والحانات
- الانتصار على الإرهاب بالثقافة
- الكيان العراقي ليس افتراضاً تاريخياً قابلاً للدحض


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - إذا كنت تحب