أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - طبخة طنجرة وزارة الداخلية والمسخ السياسوي الانتخابوي















المزيد.....

طبخة طنجرة وزارة الداخلية والمسخ السياسوي الانتخابوي


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4821 - 2015 / 5 / 29 - 15:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على مشارف الانتخابات الترابية القادمة في سبتمبر المقبل ، افتتحت الدكاكين الانتخابية للاتجار في الديمقراطية كقطاع تجاري مهم ومربح ضمن باقي القطاعات التي يتحكم فيها المخزن الفيودالي والاوليغارشي . انه قطاع الخدمات الديمقراطية ، او قطاع التجارة الديمقراطية .
ان هذا القطاع الجديد – القديم ، يشمل كل المجالات والعمليات التي تُطالها المسألة الديمقراطية ، ابتداء من ميزانية الانتخابات ، وميزانية الجماعات القروية والبلدية ، وميزانية البرلمانات ، وميزانية الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان ، وميزانية وزارة الداخلية من خلال الاعداد ، واللوجيستيك ، والمشرفين من ولاة ، وعمال ، وكتاب عامون للعمالات ، وباشوات ، ورؤساء دوائر ، وقياد ، الى الشيوخ والمقدمين ، وأجهزة الامن المختلفة التي توظف في خدمة المسخ السياسي ، ثم ميزانية الصيانة والتجهيز والتسيير ، مضافا الى ذلك الميزانيات والمصاريف التي سيخسرها المرشحون ، إمّا في شراء اصوات الناخبين في بلد يعاني سُكانه من الفاقة و الفقر المدقع ، او الحفلات الموسيقية للشيخات ، والطبل والبنْديرْ ، وهزْ البُوطْ ، والغذائية ، والولائم ، والزْرُودْ المقامة هنا وهناك ، او في شراء ذمم وأصوات مرشحين آخرين ، حتى يتخلوا عن ترشيحهم والأصوات التابعة لهم ، للمرشح الثري ، القوي ، المدعوم من قبل السلطة ، والذي يستطيع ان يزن الارض ذهبا ان شاء . وكلما كان المتنافس الانتخابي قويا ، كان ثمنه اعظم ، ولا يضير المرشح الثري المدعوم من السلطة ، في ان يدفع لمنافسيه في الدائرة الانتخابية ما شاؤوا ، لأنه متأكد من انه سيجني في اليوم الموالي لفوزه اضعاف وأضعاف مخسوراته .
انها إذن كتلة مالية ( سياسية ) ضخمة تلك التي يروجها المرشحون في الانتخابات ، حيث يغدقون الملايين من الدراهم ، ويوزعون المناشير ، والجرائد ، والخراف المشوية ، والدجاج المقلي ذات اليمين وذات الشمال ، وكأنهم آلهة الخصب في الميثولوجيا القديمة ، وقد فاضت أثداؤها ( ثدي ) بالخيرات والنعم بغير حساب .
تدير هذه الكتلة المالية ، طبقة بيروقراطية ، مافيوزية ، سياسية ، تضم سائر موظفي القطاع الديمقراطي ، من جيوش البيروقراطية الحزبية في المراكز والفروع ، وفئات المستخدمين الموسميين في الفصول السياسية ، والمُياومين خلال العمليات الانتخابية من مفتولي العضلات الشْماكرية ، والعصابات البلطجية الذين يجدون في المسرحية ( الانتخابية ) وليمة يتمنّوْن من اعماقهم ، أن لو جاد الدهر عليهم بمثلها ، عشرات المرات في السنة الواحدة ، إن لم يؤبّدُها لهم يوميا . ويضاف اليهم جيش من الصحفيين المتخصصين في تتبع مسار المسرحية الديمقراطية وتسقُّط اخبارها .
يضم هذا القطاع التجاري كذلك ، ترسانة من القوانين ، والمراسيم ، والبروتوكولات ، والاتفاقيات ، والنصوص من كل حدب وصوب ، ترعاها بعين ساهرة ، عقول سياسية حربائية يقظة وحذرة ،من جهابدة الغش والتزوير ، منتمية الى وزارة الداخلية ، العقل المدبر ، والموجه للمسرحية الانتخابية .
كتلة مالية ، كتلة بيروقراطية ، كتلة سلطوية متدخلة في جميع اطوار العملية الديمقراطية ، كتلة تشريعية ... لخ ، تلك هي الكتل الاساسية المشكلة لهذا القطاع التجاري الحيوي الجديد .
ولكن ماذا يُباع ويُشترى في هذا القطاع ؟
ان هذا القطاع هو جزء من القطاع السياسي ، وهذا الاخير هو طنجرة وزارة الداخلية التي يتم فيها طبخ الوعود ، والآمال ، والأفكار السياسية ، والتحليلات والتوجيهات ، والإدانات ، والتهديدات المختلفة . وإذا كان القطاع السياسي ، هو قطاع الوعود ، والآمال ، والحلول الجاهزة وغير الجاهزة ، فإن القطاع الديمقراطي يتخصص في تحويل هذه العملة السياسية ، الى خدمات ، واتصالات ، واستحقاقات ، ومكاسب ، اي مختص في تصريف الوعود والآمال وإعطاءها طابعا اجرائيا .
لكن كيف نستسيغ هذا التحول المسخي والممسوخ للديمقراطية من مثال نموذجي لحل مسألة السلطة وتوزيعها بعدل ، وإشراك المواطن العادي في ادارة شؤون القرية او المدينة ، الى اجراءات عملية تتخذ طابع خدمات ، تتحول الى بضاعة تباع وتشترى ، بعد ان يتم طبخها في طنجرة وزارة الداخلية ؟ اليس في ذلك تحْليك’’ للمشهد الديمقراطي وتسْويد’’ تشاؤمي لأحد اهم مكاسب الفكر السياسي الحديث ؟
هناك قانون اساسي يسود بقوة كل مجتمع رأسمالي ، وهو تحويل كل شيء الى بضاعة تباع وتشترى ، بما في ذلك القيم الاخلاقية ، والمثل السياسية ، والعواطف النبيلة . انه قانون التبضيع ( بضاعة ) الذي يطال مستويات المجتمع الرأسمالي كافة ، ويحكم كل مجالات الحياة المادية منها والمعنوية .
والعنصر المكمل لهذا المشهد هو سيادة الاداتية الناتجة عن التقدم التقني الذي يحول بدوره كل الاشياء الى ادوات . فمثلما تلغي الروح البضاعية الرأسمالية كل غاية نبيلة ، فإن الروح التقنية تلغي كل غائية ، وتحول القيم الجميلة والمثل النبيلة الى وسائل وأدوات ، وهكذا يصبح المعيار الاساس هو الاستغلال والمنفعة والمردودية المباشرة .
والقطاع السياسي الذي هو قطاع تسيير ، واقتياد المجتمع وتوجيهه ، لا يستطيع ان يفلت من القانون العام الذي يحكم هذه المجتمعات ، وهو قانون تحويل كل شيء الى بضاعة وأداة . وهذه المعايير تتسرب الى سلوكات ونفوس وعقول الافراد ، عبر الانخراط في العلاقات الرأسمالية التي تستدرج جماهير واسعة ، نحو نمط الحياة الاستهلاكية ، عن طريق القروض التي تدمج الفرد في شبكة علاقات رأسمالية على مستوى دولي ، مما يسهل عليهم وهم مُنْجرّون الى احتذاء النموذج الاستهلاكي ، والانصياع الى هذه العملية المسْخيّة الكبرى .
إذن ، ما دام أن اللعبة كلها تدور حول التّضْبيع ، والمسخْ ، والحفاظ على القديم باسم ( الجديد ) ، فالحل لأي معضلة ، وعلى رأسها العملية ( الديمقراطية ) ، لن يكون احسن من المقاطعة ، ما دام أن ارادة الشعب مُغيّبة و ما دام ان الكتلة الناخبة تستعمل ككمبراس ، ينتهي دورها عند وضع ورقة التصويت في صناديق الاقتراع ، وليحل محلها مباشرة الوجه الحقيقي للسلطة من خلال التحكم في مسار التجربة ( الديمقراطية ) التي لا علاقة لها بالديمقراطية الحقيقية .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل لا يزال هناك امل بالوحدة العربية ؟
- الثورة
- شروط التغيير
- على هامش - الاستحقاقات الجماعية - القادمة : المجالس - المنتخ ...
- السيد محمد عبدالعزيز رئيس - الجمهورية العربية الصحراوية الدي ...
- قراءة لقرار مجلس الامن 2218 حول نزاع الصحراء
- - ملف حقوق المرأة في العالم العربي -
- انصار واعداء الرسل : المجتمع الاشتراكي مجتمع الكفاية والعدل
- رد على مقال الاستاذ سعيد الفطواكي . ملكية برلمانية ام جمهوري ...
- هل تنفع المخزن سياسة الهروب الى الامام للإلتفاف على ازمته ال ...
- قوى المعارضة السرية في الاسلام
- السلف الصالح
- بحلول 23 مارس 2015 تكون قد مرت خمسة واربعين سنة على تأسيس او ...
- من افشل حركة 20 فبراير ؟
- بيان الى الرأي العام الحقوقي
- المكيافيلية والسكيزوفرانية الفرنسية : هل فرنسا مع الحكم الذا ...
- بلاد دنيال كالفان . بلاد الظلم والذل والعهر والعار . بلاد هك ...
- انزلاق المغرب من دولة علم ثالثية متخلفة الى دول ربع العالم ا ...
- حين تصبح الدواعيش التكفيرية اوصياء على الاسلام
- إلغاء ام تأجيل لوقفة الائتلاف من اجل التنديد بالدكتاتورية ام ...


المزيد.....




- -أمريكا ليست وجهتنا-..أوروبيون يقومون بإلغاء رحلاتهم إلى الو ...
- شاهد حجم الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مستشفى الأهلي ...
- إيران: قد يتغير مكان المفاوضات النووية.. وعلى أمريكا حل -الت ...
- تحذيرات من عاصفة شمسية قد تدمر العالم الرقمي وتعيدنا إلى الق ...
- الاتحاد الأوروبي يعلن عن مساعدات لفلسطين بـ1.6 مليار يورو
- باريس تقول إن الجزائر طلبت من 12 موظفاً بالسفارة الفرنسية مغ ...
- لماذا تحتاج واشنطن إلى أوروبا لإنجاح الجولة الثانية من المفا ...
- بوادر أزمة جديدة.. الجزائر تطلب مغادرة 12 موظفا بسفارة فرنسا ...
- آثار زلزال طاجيكستان (فيديوهات)
- محمد رمضان يرتدي -بدلة رقص- مثيرة للجدل


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - طبخة طنجرة وزارة الداخلية والمسخ السياسوي الانتخابوي