|
وقفة عابرة ، التوالد الصوري عند المنشئ
صباح خيري العرداوي
الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 22:46
المحور:
الادب والفن
وقفة عابرة التوالد الصوري عند المشئ. تتمحور هذه الوقفة حول موضوع التوالد الصوري في مخيلة المنشئ، بما ان هنالك جدلية قائمة بين الذاكرة والخيال تعطينا نتيجة بين ارتباط الذات بالوجود وبالتغيرات الحاصلة من حول الانسان في صميم وجوده تبعا للتذكر او النسيان. وكما ان المعرفة تذكر على حد قول افلاطون، فالتذكر مكون زماني وبه يستطيع الانسان التنقل من زمن الى اخر معتمدا على الذاكرة التي هي معين المعرفة ولان الوقائع الماضية قد فقدت جزءا من صورها الاصلية بفعل التراكم وتشابه المنطلقات في اغلب الاحيان، الا انها اصبحت اثرا في الذاكرة والانتقال من واقع الى واقع اخر. واذا ما اعتبرنا الصورة الاصلية في هذه الذاكرة بالوثيقة، يستلزم منها التوالد الصوري من تخزين تلك الوثائق وعيا مستديما بمعانيه، يسترجع تلك الخزائن في لحظة الشعور بالاثارة والتامل او التدوين من خلال التلوين الشعورين عند المنشئ او لحظة التعبير. ان القدرة باستدعاء الوثائق في تلك المقارنات -التأثيرات الشعورية بين الخارج والذات- تقوم بها (الذاكرة)، وان هذه الاستدعاءات يبرره التوالد الصوري المركب من تلك المعلومات والمعاني والخبرات التي كسبها من الذاكرة. وبصورة اخرى ان تشكيل الانطباعات الصورية المتولدة من الوثائق الاصلية، تتحول فيما بعد الى رموز وصور ، اذ ان جدلية الذاكرة تعتمد على متابعة تلك الاثار التي تندرج في ضوئها المركبات الصورية المنتج حسية كانت ام عقلية. هنا نحاول الافصاح عن القول بان الكشف عن البنى الوظيفية في النص القرآني او الشعري او غيره، اساس للكشف عن بناه الثاوية، وبالتالي اكتشاف ماهيته فالنص عملية متشابكة لا يفهم على انه آلية كتابية؛ بل هو محصلة تركيبية ذات وجود متضمن لخواص كثيرة اعطته هذه المعنى وهو بنية توصف بالتفرد او الابداع النصي بقسميه القرآني والبشري، بغض النظر عن الاساليب التعبيرية والقصدية( ) في استخدام التراكيب المضمونية ، فهنا ركيزتين مهمتين تكشف لنا هذا التفرد، وهي : 1. الوثيقة او الاثر: وهي مرجعيات النص وجذوره والتي يمكن عن طريقها فحص معطياته، ويعد اهم مرتكز في فهمه، والاقتراب من مركباته، وباعتبارها وقائع مهمة تفصح عن فكر الانسان وسلوكه. 2. الخبرة الجمالية: النص بناء متعدد الطبقات والمستويات، وان آلية التاليف والتنسيق هي التي تعطي موضوعه ، فالخبرة الجمالية هي نقطة الاحساس والشعور التي تكون قرينة الموضوع. لان تلك الخبرة هي المعرفة ( والمعرفة تخضع دائما لموضوعها)( )، فالمعرفة هي المساحة الخبرة الجمالية التي تكشف عن ماهية النص . وبما ان القارئ يعيد قراءة او خلق النص وفقا لمقاصده، فالخبرة الجمالية هي اذن تعالق بين النص والقارئ وهذا التعالق تكمن وراءه تلك الخبرة بطريقة تلقائية. لو اردنا ان نلقي ماوراء التعالق على مدى الفكر الانساني(كفلسفة وسكولوجي سوسيولوجي) يتحكم في بنائه المعرفة ، والتاملي والسلوكي الى مجموعة ثنائيات كالفلسفية التي تقول (بوجود مادي او وجود غيرمادي )، وسيكولوجي (ممارسات ومعالجات) سوسيولوجي (مجتمع وفرد) اما النص (معنى ظاهري ومعنى باطني) اي بصورة ادق (دلالة او معنى) فالمعنى يكمن في الوجود المتعين للنص لكونه (كيان لغوي قائم بذاته) والدلالة تكمن في الوجود المفارق للنص كونه (خطاب) يحمل رؤاه المعرفية والتأملية والماورائية في الوجود للوصول الى الحقيقة الانسانية. فصيروة النص لا يمكن ان تتحدد في اية مرحلة من مراحل النمو التي يستجاب له المتلقي وردود فعل وتفاعله، بانعكاس الدلالة كعلاقة النص بمكوناته البنائية، فالنص مركز تدور حوله جميع المحاور الاخرى بما فيها الاستجابة القارئ (معرفيا) ، وعليه تنمو جميع المحاور الدلالية الاخرى ولذلك يمكن اعتبار النص بمجمله تعبيرا ما ورائيا يدفعنا الى عدة اشياء منها : 1. محاولة بناء عالم من الصور تتصف بالشمولية وتعتمد على تجربة تبرز وحدة الرؤيا ومعقوليتها. 2. كينونة النص مرتبطة بالجوهر الذي يعرف باستجابته على انه روحي وهو بطبيعته امتداده سواء كان خارجيا ام داخليا. من الناحية الحقيقة والقيمة . 3. الشك المعرفي ، او الابستمولوجي: يمثل الشك المعرفي صهر المعارف والتجارب (القبْليّة) للوصول الى حقيقة واحدة هي (حقيقة الانسانية) التي تتحد في انسجام فوق الحس. اذا الوعي الجمالي متنوع الاتجاهات ومتعدد عوالم الاشتغال على ماهية النص وتأثره، اي هي تلك اللذة التي يسعى المتلقي فيها لادراك ماهية النص في صورة تخلو من منفعة مادية، سوى الاحساس بلذة المجاذبة ، لان النزعة البشرية تسعى دائما لملاحظة الجمال وبالتالي تقديره مع الاحتفاظ بتلك اللذة التي تستهدف التأمل الخالص، والذي لا يملي شروطه على النص، وانما يستنبط تلك الشروط ، فبديهي ان احساس الانسان بالجمال هو جزء من مكونات النص، لهذا تكون الصور متوالدة عند الرجوع الى الاحساسات المتجاذبة من خلال تأثرها بتلك اللذة من النص وتصورها. واذا ما قلنا فان الصورة اليوم هي توليد لذكرة باستدامة في ذهن الانسان او من النص المنزل(النص القرآني)، فهنا توليد لطاقة التفكير والمعرفة بالتأمل الحسي والعقلي .
#صباح_خيري_العرداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اشكالية تفسير النصوص القرآنية من منظور فهم قواعد التفسير
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|