سليمان جبران
الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 22:42
المحور:
الادب والفن
سليمان جبران: ندماء الباذنجان !!
الحكاية هذه سمعتها من المرحوم والدي، وأنا صغير، غير مرّة، وأعجبت بها أيّما إعجاب. طبعا لم يكن والدي يتلوها شعرا. كان "ينثر" القصيدة في المحكيّة، وبأسلوبه هو. ويوم كبرت رغبت في البحث عن الحكاية الطريفة تلك، فلم أجدها إلا في ديوان الشاعر أحمد شوقي. نعم في ديوان شوقي "شاعر الأمير" بالذات! على كلّ حال، لا ينكر منصف على شوقي إسهامه في كتابة المسرحيّة الشعريّة، قبل غيره، وأضيف هنا: وفي شعر الأطفال أيضا !
قصائد كثيرة، وأبيات كثيرة، نردّدها اليوم ناسين غالبا أنّها من شعر شوقي بالذات. شوقي كان موهبة شعريّة كبرى، لكنّ ظروفه ظلمته. قصائده الكثيرة بعد عودته من المنفى في الأندلس، إبّان الحرب العالميّة الأولى، ما زالت أبيات منها نردّدها اليوم ناسين أحيانا أنّها من شعر شوقي بالذات..
الغريب أنّنا فتّشنا عن أصل قديم ربّما لهذه الحكاية الفذّة فلم نجد. إذا كان شوقي هو مبتكرها أيضا فأجره أجران. ليست هذه "الحكاية" ونظيراتها "شعرا" جادّا في نظر شوقي. لذا فقد حشرها ناشروه، بعد وفاته طبعا، في آخر الجزء الرابع من "الشوقيّات"، وسموّها"الحكايات"، ص. 120 – 186. لكنّها في نظرنا نحن ليست أقلّ شأنا من قصائده الجادّة المعروفة !
أحمد شوقي: نديم الباذنجان
(الشوقيّات،القاهرة 1964، المجلد الثاني، الجزء الرابع، ص. 131)
كان لسلطان نديمٌ وافِ - يعيد ما قال بلا اختلافِ
وقد يزيد في الثنا عليهِ - إذا رأى شيئاً حلا لديهِ
وكان مولاه يرى، ويعلمُ - ويسمع التمليق، لكنْ يكتمُ
فجلسا يوماً على الخوانِ - وجيء في الأكل بباذنجانِ
فأكل السلطانُ منه ما أكلْ - وقال هذا في المذاق كالعسلْ
قال النديم: صدقَ السلطانُ - لا يستوي شهدٌ وباذنجانُ
هذا الذي غنَّى به "الرئيسُ" - وقال فيه الشعرَ "جالينوسُ"
يُذهب ألف علّة وعلّه - ويبرد الصدر، ويشفي الغُلّه
قال: ولكنْ عندهُ مرارهْ - وما حمدتُ مرّة آثارَهْ
قال: نعم، مرّ، وهذا عيبُهُ - مذْ كنتُ يا مولاي لا أحبُّهُ
هذا الذي مات به "بقراطُ" - وسمّ في الكأس به "سقراطُ"
فالتفت السلطان فيما حولَهُ - وقال: كيف تجدون قولَهُ؟
قال النديم: يا مليك الناسِ - عذراً فما في فعلتي من باسِ
جُعلت كيْ أنادم السلطانا - ولم أنادمْ قطّ باذنجانا!
#سليمان_جبران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟