|
فلسفة مبسطة: الفلسفة البراغماتية
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 10:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فلسفة مبسطة: الفلسفة البراغماتية (وقصة ساخرة لنبيل عودة للتعبير عن المنطق البراغماتي) من رواد الفلسفة البراغماتية الفيلسوف الأمريكي وليم جيمس (1842 - 1910) الى جانب الفلسفة كان من رواد علم النفس الحديث أيضا.. وكان شقيق الروائي المعروف هنري جيمس وأليس جيمس كاتب اليوميات. يعرف وليم جيمس أيضا بانه فيلسوف الحرية . من مؤلفاته: الإرادة، الاعتقاد، مبادئ علم النفس، البراغماتية. من اقوله الشهيرة: "إن الاكتشاف الأعظم الذي شهده جيلي والذي يقارن بالثورة الحديثة في الطب كثورة البنسلين هو معرفة البشر أن بمقدورهم تغيير حياتهم عبر تغيير مواقفهم الذهنية". اصطلاح البراغماتية من أصل يوناني (pragma) وتعني العمل - المسألة العملية أو التمرس كما حور الرومان الاصطلاح( progmaticas) .هذه الفلسفة انتشرت وبرزت اساسا في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كسبت شعبية لم تكسبها الفلسفات الأخرى. ويعتبر الفيلسوف الأمريكي جون ديوي (1859 (1952- الأب الروحي وزعيم من زعماء الفلسفة البراغماتية. وهو من أطال عمر هذه الفلسفة واستطاع ان يستخدم بلياقة كلمتين قريبتين من المفاهيم التربوية الشعب الأمريكي هما "العلم والديمقراطية"!! خطوط البراغماتية العريضة تبلورت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد الفيلسوف تشارلز بيرس (1839- 1914) ثم تابعت تطورها مع وليم جميس. انتشرت الفلسفة البراغماتية في أوربا مع بداية القرن العشرين ، ويبدو ان الأمر مرتبط بتحول امريكا الى قوة دولية هامة وبداية سيطرة الثقافة الأمريكية والفن الأمريكي عالميا. البراغماتية كانت اشبه بفلسفة أمريكا القومية ، رغم ذلك لم يصبح دور الفلسفة البراغماتية مؤثرا كما هي الحال في أمريكا حيث سيطرت البراغماتية على نظام التعليم الأمريكي لسنوات طويلة جدا . ملاحظة: هذه القصة تتناول موضوع البراغماتية من زاويتها الساخرة حسب جملة وليم جيمس باننا "نختار الحقيقة بمدى التغيير الذي يمكن ان تحدثه في حياتنا... وبمعرفة البشر أن بمقدورهم تغيير حياتهم عبر تغيير مواقفهم الذهنية" ********* من يريد استعادة زوج مثل هذا؟
قصة: نبيل عودة وصلت مدام نديم برفقة صديقتها الى محطة الشرطة، قلقة ومضطربة وتكاد الدموع تتدفق من عينيها.. ولولا صديقتها المخلصة التي تتأبط ذراعها وتمسح عرقها وتهمس لها مطمئنة: "سنجده.. ستجده الشرطة.. لا تقلقي"، لسقطت على الأرض مغشيا عليها. كانت متوترة للغاية.. وفورا توجّهت للشرطي المناوب: - زوجي ضاع.. خرج ولم يعد.. اريد أن تجدوه لي.. اذا لم يتناول دواءه اليومي قد يموت!! فورا أدخلت الى غرفة ضابط مسؤول. - ارتاحي يا سيدتي واهدئي.. انا سأعالج الموضوع. - الموضوع لا يحتاج الى علاج.. اريد ان تجدوا زوجي.. خرج صباحا ولم يعد.. ليس من عادته.. انه مريض.. ويجب ان يتناول دواءه والا.. آه.. يا ويلي.. - حسنا سيدتي اطمئني.. لا داعي للقلق.. هذه وظيفتنا أن نجد المفقودين.. عليك ان تعطينا بعض التفاصيل.. - زوجي ضائع وانتم تريدون تفاصيل.. تفاصيل مفاصيل.. من يهتم للتفاصيل.. اريد ان تجدوا زوجي وكفى. حاولت صديقتها ان تهدئ من روعها.. - مدام نديم يا صديقتي.. أنت مضطربة.. الضابط يريد وصفا للسيد نديم حتى يجدوه.. قال الضابط بفراغ صبر: - اهدئي يا سيدتي.. سأجلب لك كوب ماء.. خذي راحتك.. قدم لها الضابط كوب ماء بارد. فأفرغته دفعة واحدة. قال: - اطمئني.. سنجده.. بالطبع نحتاج منك الى معلومات حول عاداته وشكله و.. قاطعته: - أقول لك زوجي ضائع وانت تقول لي معلومات..؟ جففت دموعها.. - ما اسمه يا سيدتي؟ - نديم.. السيد نديم. - صفيه لنا.. نظرت مدام نديم بوجه الضابط، فكرت، انتعشت قليلا وبان بعض الهدوء على محياها - زوجي طويل القامة.. قاطعتها صديقتها: - مدام نديم.. يا صديقتي.. اشارت اليها بيدها بحركة غاضبة ترفض المقاطعة: - يا صاحبتي.. أنا أعرف زوجي أفضل منك.. احمرت وجنتي صاحبتها وصمتت.. ولكن في وجهها بان عدم الارتياح. - زوجي طويل القامة.. قالت بحيوية وارتياح وكأنها لم تكن قلقة مضطربة قبل لحظات. تابعت: - طوله.. أظن حوالي مترين.. اليس كذلك يا صديقتي..؟ الصديقة تبدو مصدومة وغير مصدقة ما تسمع.. وتمتمت بما يفهم ان الوصف صحيح. - جسمه رياضي.. أسود الشعر.. قوي العضلات.. اسمه نديم.. نسكن قرب العين الفوقا. - قلت انه مريض... وقد يموت.. وهذه صفات لرجل قوي لا يعرف المرض.. - أجل أجل.. يتناول دواء يوميا.. بسب رشح خفيف ألم به. - أي لا يوجد خطر الموت.. حسنا.. متى خرج وما هي عاداته اليومية؟ - كان يجب ان يعود ظهرا.. ليس من عادته أن يفوت وجبة الغداء ظهرا. ها نحن في المساء ولم يعد. بانت الحيرة على وجه الضابط.. خاصة وان الصديقة بدت مرتبكة وشيئا ما يجعلها أكثر اضطرابا من مدام نديم. ألقى قلمه على المنضدة، تأمل مدام نديم، تأمل صاحبتها.. هزّ رأسه بعدم استيعاب.. وسأل: - لكنك تصفين انساناً مسؤولاً وعاقلاً وغير مريض، ربما انشغل مع بعض أصدقائه.. - أصدقاء.. لا أصدقاء لزوجي. بانت الحيرة على وجه الضابط.. وسأل بعدم اهتمام: - ماذا كان يرتدي؟ - بنطالاً رمادياً، حذاءً رياضياً وقميصاً أزرق اللون.. حاولت الصديقة أن تقول شيئا، فأشارت لها مدام نديم ان تصمت. قال الضابط بملل: - اعطني رقم تلفونك.. ونأمل خيرا.. هل تحملين صورة له؟ - وتريدون صورة له.. هل صار مشهورا مثل مايكل دوغلاس؟ لا أحمل صورته معي.. - سأرسل شرطيا لأخذ صورة له.. الصورة تساعدنا على ايجاده بسرعة. - لا أعرف أين صوره.. لا أعرف.. - عودي الى البيت.. وابحثي عن صورة.. سيحضر شرطي لأخذ الصورة. قالها بطريقة توحي ان المقابلة انتهت. أعطته رقم تلفون المنزل وغادرتا مبنى الشرطة وهي تردد: - جدوه بسرعة.. لا أريد ان يتعرض لمكروه. خارج مبنى الشرطة نطقت الصديقة ببعض الحيرة والعتاب: - تفاصيل زوجك ليست صحيحة.. كيف سيجدونه؟ - هل تعرفين زوجي أكثر مني؟ - يا صديقتي ماذا جرى لك.. زوجك طوله متر ونصف وأقرع وله كرش ضخمة، مصاب بمرض النسيان ولا رياضي ولا بطيخ.. يدبّ على عصا ويسير بصعوبة؟ نظرت مدام نديم باستهجان لصاحبتها وقالت بحزم: - ومن يريد استرجاع زوج مثل هذا؟!
[email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدرجة 13
-
محنة المسيحيين - محنة العالم العربي!!
-
حسين الغزاوي ينتظر جائزة نوبل
-
حكومة لتحضير الانتخابات القادمة
-
الناصرة بلدي: نحو العمل وليس المناطحة!!
-
-تايتانك- نتنياهو في بحر هائج
-
السياسة الوسخة او وسخ السياسة
-
فلسفة مبسطة: درس في الفلسفة الواقعية..!
-
فلسفة مبسطة: راتسيوناليزم (RATIONALISM)
-
فلسفة مبسطة: البوذية - فلسفة السعادة والشقاء
-
الشيطان الذي في نفسي
-
إضراب خجول
-
النظام والشعب
-
قصتان غير قصيرتين جدا
-
فلسفة مبسطة: النسوية (فيمينيزم)
-
فلسفة مبسطة: القوة - العدالة
-
فلسفة مبسطة: المضامين
-
فلسفة مبسطة: التشابه الجزئي
-
وفاة الأديب الألماني غونتر غراس الذي أثار غضب إسرائيل
-
فلسفة مبسطة: جولة في الفلسفة الوجودية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|