|
العودة الى ارض الزومبى
محمد نبيل صابر
الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 03:37
المحور:
الادب والفن
دخل المكان الهادئ يتصبب عرقا رغم اعتدال الجو فى تلك الفترة من السنة ..اختار الجلوس فى مائدة فى ركن بعيد وطلب قهوته المركزة المعتادة بدون سكر.. لام نفسه كثيرا لحضوره المبكر ثم ابتسامه ابتسامة ساخرة بجانب فمه الايمن هو يدرك تماما انه كان سيحضر مبكرا لقد انتظر هذا طوال عمر طويل لم يحسبه اغمض عينيه ليسيطر على اعصابه وهو يسترجع ما مضى .. هى فى حد ذاتها اسطورة صاحبة ذلك الجسد الرقيق المتناسق فى انسيابيته وتموجاته ..تمتلك تلك القوة الداخليه التى تجعل الجميع يعاملها كدوقة انجليزية من العصور الوسطى ممزوجة بتلك الابتسامة الهادئة والعيون اللامعة الواثقة ..كل هذا فى شخص واحد يقترب من الكمال لازال يتذكر كيف وقع فى حبها منذ الصغر وكيف عشقها وعشق خطواتها التى لا تترك اثرا فى الارض او تمشى على العشب دون انن تثنيه كما وصف رفعت اسماعيل حبيبته ماجى فى تلك القصص ازدادت ابتسامته وهو يتذكر كيف كان تحب تلك القصص وكيف......؟ قاطع تواصل افكاره ذلك الرنين المميز للجرس الصغير فوق باب المكان ..او ربما نبض قلبه ...لقد جاءت فتح عينيه وهو يراها قادمة من بعيد والارتباك يبدو على ملامحها ...لم تتغير البته .حتى فى مشيتها الخجولة وذراعاها المضمومان حولها فى اثناء المشى هتفت لنفسها "لماذا يبدو كم تقدم فى العمر ححتى بلغ المائة" بعد السلام وعبارات المجاملة التقليدية جلست وهو يتفرس ملامحها ..وهى تجول بعينها فى المكان وعصبيتها الواضحة تبدو فى دقات اصابعها على المائدة ثم لم تتمالك نفسها وقالت "والان ماذا؟..ماذا تريد؟..ولماذا الان بعد كل هذه السنوات؟" بدا كمن كان ينتظر السؤال ورجع بظهره للوراء واعتدل "عدينى الا تقاطعينى وسأجيبك" بدأت تظهر توترها فى صوتها "لا وقت لدى.. لماذا اصررت على رؤيتى؟" نظر الى عينها فى عمق "عدينى" انتقلت فجأة الى هدوء كامل وهى تبادله النظر "اعدك" اخذ نفسا عميقا "انت تعلمين تماما كل شئ ...؟.. لا يمكن ان نكون افترقنا فلقد حملتك معى فى كل لحظة فى كل نجاح وفى كل كبوة كنت بجوارى .كنت شمىسى فى البرد وقمرى فى الظلام وتهت بدون قربك منى ..تهت رغم ندائى عليك ورغم الحب الذى ينمو بداخلى كل يوم ...تهت مثل طه الغريب الرواية المعروفة ..تهت حتى لم اتمن شئ سوى ان اموت وفى اقصى لحظات يأسى اشرقت على من جديد .. بدوت مثل من يمد يده بشربة ماء لتائه فى الصحراء استسلم لدنو اجله فى اللحظة الحاسمة ..نقلتنى من اليأس الى الحياة كما نقلت لمسة ابو تريكة مشجعى الاهلى فى مباراة الصفاقسى " ابتسمت رغما عنها للتشبيه "انت تدرين تلك الجملة فى سلسلة روايات احمد خالد توفيق ود.رفعت اسماعيل ..ان تكون نصف حى اسوأ بكثير من ان تكون ميت ..هكذا كنت بدونك طوال الاعوام السابقة ..نصف حى ام نصف ميت لا ادرى.. كل الذى اعرفه انى كنت مثل الزومبى تماما لا مشاعر لا احاسيس لا رغبة فى شئ ..كنت لا شئ ."... ثم اكمل "لم اصدق عندما وجدتك فى مواقع التواصل الاجتماعى ..حتى عندما رفضتى صداقتى..او الحديث معى..رغم انك تعلمين كم احتاجك وكم انى لازالت احبك..وكم ...." قاطعته بحدة " دعنا من هذا وما اعلمه ..صدقنى اعلم الكثير ..الان ماذا تريد".. اخرج من جيبه ورقة مطوية "اقرأى هذا اذن " فتحت الورقة مترددة وهى تنظر اليه وبدأت فى القراءة "مليكتى وسيدتى ومولاتى وسر وجودى الابدى هذا انا اكتب عنك منك واليك فلتغفرى لى زلاتى وقلة حيلتى فلا املك الا حبا لا يليق لمقامك فكل ما انا عليه هو ملكك بالفعل انتى المتصرفة فيه ولكنه حب ابدى سيهزم الوقت والزمن حتى بعد ان يمضى الجميع فتقبلى من ملكتيه ولم يبغ هربا ولا فكاكا ولم يتمنى سوى المزيد من اسرك .. من عشق جمالك كشمس تضئ من الداخل الى الخارج فلتقبلى ...عسى ان يكون هذا الكلام جدير بابتسامة منك ونبضة قلب تنادينى عسى ان تعلمى الا سبيل لى سوى سبيلك احبك حتى يعجز الحب عن اشواقى اليك هذه وصيتى اليك.." التمعت الدموع فى عيونها وهى تنظر اليه ولا تجد الكلام " انا..انت ..انا ....." امسك يدها فى هدوء "كل ما رغبته ان تعلمى انى احبك ولا احب سواك ولن احب سواك ..انا الان شخص مختلف ادرك انى لن اعيش طويلا بما فيه الكفاية .. لان الموتى الاحياء مثلى لا يستمرون طويلا اريدك اان تبقى هذه الرسالة معك وفى قلبك " انسابت دموعها وهى تهمس "انا ايضا لازالت احبك" "سأعود الى ارض الزومبى....حياتى الان لا تحمل معنى ولا هدف ..الان يمكنى ان اغادر تلك الارض مستريحا " طلب الحساب وترك مبلغا يزيد كثيرا نظر لها نظرة اخيره ومضى بمجرد خروجه ..تهدلت اكتافه ..وتعثرت خطواته زاغت عينه وطغى فيها البياض وتيبس جلده ثم عوى ..طويلا
#محمد_نبيل_صابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعزائى النحانيح... صمتا
-
رسالة الى معلومة العنوان
-
الرئيس ودولة السبكى
-
اسباب للدهشة
-
حماس..اختطاف غزة
-
العدالة اولا...قبل الفطام
-
وجهات نظر
-
نحو استراتيجية علمية لمكافحة الارهاب
-
الخطاب الاعلامى للمتأسلمين بعد 30 يونيو....4
-
الخطاب الاعلامى للمتأسلمين بعد 30 يونيو...3
-
الخطاب الاعلامى للمتأسلمين بعد 30 يونيو....2
-
الخطاب الاعلامى للمتأسلمين بعد 30 يونيو....1
-
اعتذروا عن هذا ..اذا استطعتم
-
الخروج من حقول الالغام الدستورية
-
الاعيب المتناقضات الاخوانية
-
سؤال الهوية فى مصر
-
ثأر فرج فودة
-
رسالة الى من كان الرئيس
-
مصر فى زمن الابتذال
-
مأزق الانتفاضة المصرية القادم
المزيد.....
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|