|
بذورٌ فاسدة
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4819 - 2015 / 5 / 27 - 11:02
المحور:
الادب والفن
بذورٌ فاسدة -- قبلَ أن يحملوا فؤوسَهم ويرحلوا إلى دُورِهم النائيةْ يتأكَّدُ الفلاحون أنَّ بذورَهم التي نثروها في الأراضي البعيدة منزوعةُ النواةْ فاسدةٌ لن تأتي بالثمرْ ... يخافون أن يأتيَ الغرباءُ ويحصدوا ما زرعوا.
جاءوا من أقاصى الأرضْ إلى حيث القريةِ البائسةْ وراحوا يجوبون الدروبَ الآمنة: يثقبونَ عيونَ العذراواتْ بأسِنَّةِ الإبرْ يُشَرِِّطون نهودَهنَّ بالمناجلْ يمزِّقون الأوصالَ ليُفرِّغوا الأجسادَ الغِضّةَ من السُّقيا ثم يحصدون أرواحَهن بقلبٍ باردْ ويمضونْ قبل أن يسمعوا الصرخةَ الأخيرةْ ودونَ أن يُلقوا السلامَ على فقراءِ الحَيِّ.
جاءوا يحملونَ أحلامَهم فوق ظهورِهم حلِموا أن يصعدوا مع الغَيمِ الطالعِ مِن أغصانِ الشجرْ لتُكتَبَ أسماؤهم في دفاترِ الشعراءْ حتى إذا ما كلَّلَتْ هاماتِهمْ صلواتُ الصَّبايا يرفعون فؤوسَهم فوق أعناقِ البناتْ ويغرسونَ النِّصالَ القاسياتْ بين عظامِ النحْورْ حتى يموتَ الصوتُ الواهنُ في الحناجرِ و... يختفونْ.
لا شيءَ يُطعِمُ العصافيرَ سوى حباتِّ الشِّعيرْ التي تتدفأُ داخلَ مخلاتٍ تحملُها ظهورُ الفلاحينْ لكنّهم قساةٌ وبُخلاءْ كلّما امتلأتْ مخلاةٌ أفرغوها في النهرْ وصبّوا البنزينَ على أجنحةِ العصافيرِ النحيلةْ ثم أشعلوا النارْ.
أثناء سفرِ الفلاحين تنتهزُ الزوجاتُ الفرصةَ لينقلنَ الأسِرَّةَ الباردةَ إلى الغُرفِ المهجورةْ حتى إذا ما عادَ فحولُ الفلاحينَ من أسفارِهم تتهيأ النساءُ لموسمِ التزاوجْ والإثمارْ فلا يجِدُ الفلاحون بُدًّا من بذرِ البذورِ السليمةْ في الأراضي البورْ ثم يجلسونَ على عتباتِ الدُّورْ ينتظرونَ الثمرَ ويفكّرون في بذورِهم الفاسدةِ التي زرعوها في بُطُون الأرضِ البعيدةْ بعدما أفرغوها من النَّوى ليتأكدوا من عدمِ إثمارِها في حقولِ الغرباءْ.
الفلاحون غيرُ مَلومينَ حين شقّوا بُطُونَ الصَّبايا ليُخرجوا حبَّاتِ اللؤلؤْ والتمرَ الأحمرَ ... وحدَهُن العذراواتْ يحمِلْن الاثمَ الذي لا غفرانَ يَمحوه حين سمَحْنَ للعابثينْ أن يُدَنِّسوا أجسادَهنَّ البِكْرَ برذاذِ المطرِ الأسودْ الذي دسَّتْه الشياطينُ بين طيّاتِ السماءْ وحين أنفقنَ أعمارَهُنَّ في ضبطِ مواقيتِ الصلاةْ حسبَ توقيتِ المُدنِ النائية.
الفلاحونَ يحصدونَ الحقولْ ... والصبايا تحملُهنَّ التوابيتْ.
--
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتحارُ الأديب على بوابة قطر
-
حزب النور وحلم التمكين الداعشي
-
سلّة رمان ..
-
حكاية حنّا وعبد السلام
-
هل تحب الغُراب؟
-
“بَسّ- اللي فيها كل العِبر
-
هل قرأ وزيرُ العدل -أفلاطون-؟
-
ميكي يجيدُ العربية
-
والله وبكّيت فاطنة يا عبدُ الرُحمن
-
سَحَرةُ الكُرة … وفرسانُها
-
النسخةُ الأجمل منك... في المرآة
-
المايسترو صالح سليم
-
لستُ يهوديًّا ولا مسيحيًّا ولا مسلمًا
-
هل جئتَ في الزمن الخطأ؟
-
أصول داعش في جذور مصر
-
هاني شاكر، الطائر الحزين
-
غدًا تتحرر سيناء
-
الراقدةُ في غفوتِه
-
العروس
-
هل أنت واحد أم كثير؟!
المزيد.....
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|