جوزفين كوركيس البوتاني
الحوار المتمدن-العدد: 4817 - 2015 / 5 / 25 - 20:25
المحور:
الادب والفن
لا يغريك قصري الفخم يا جاري لأنه مبني بدم ابنائي! فكما تعلم، في الشرق تبنى القصور من الدم، ومن لا يتاجر بالدم تأكد بأنه فقير يمضي العمر بملابس مهلهلة ومعدة فارغة مثل حياته--اقصد مثلك. فكما تعلم، ثلاثة من ابنائي استشهدوا ليس من أجل الوطن، فحاشا ان أدعي هذا. ابنائي استشهدوا لإرضاء غرور حكام الوطن ويا مكثرهم! وزوجتي التي حولتها بحكم الظروف لآلة تفريخ لتتعب وتربي لأرسلهم بدوري كأي أب "غيور" الى حتفهم. بهم ازدهرت تجارتي!
احصل على قطع اراضي واموال ومستحقات لا استحقها في الحقيقة. الوطن هو وطني ولكن الحكام صناعة اجنبية صرف! لا اخفي عليك يا جاري بأنه احيانًا يزعجني أنين زوجتي، رغم اني اعتدت عليه مع الزمن. فهي ساذجة لا تعرف سر اللعبة. كل ظنها بأن ابنائها ماتوا ويموتون في سبيل الوطن. بيني وبينك: تركتها على عماها لأنه-- كما تعلم-- الحقيقة طعمها مر جدًا! واتمنى ايضا بألا تغريك تماثيل النسور هذه الموزعة في ارجاء قصري كي أبين للمارة بانني رجل يحسب له الف حساب. فأنا يا جاري العزيز مجرد رجل-- او بالكاد احسب رجل، وإلا لما كان سور بيتي عاليًا ومحاطًا بأسلاك شائكة خوفًا من اللصوص. فكما تعلم، اللص وحده يخاف من اللصوص! انا لص محترف سرقت خيرة ابنائي من صدر امهم الساذجة كي أهبهم لحكام هذا الوطن لكي انال رضاهم ولينالوا هم من ابنائي! اعرف انك تحسدني لأن الله وهبني المال والبنون وانت وهبك شقة متواضعة مع زوجة طيبة القلب رفضت ان تفرط بك، رغم ان العلة بك لعدم انجاب الاطفال. زوجتك قالت مرة لزوجتي: "انا راضية بقسمتي ولعل الله يحبني لانه لم يجعلني امًا في هذا البلد، والا لكنت الان مثلك امضي اليوم بالبكاء!" وزوجتي تعجز عن الاجابة لأنها في قرارة نفسها تعرف بأن زوجتك محقة!
والغريب يا جاري العزيز هو انني كنت اريد ان ابلغك فقط برسالة عبر هاتفي النقال بأني غيرت رقمي. هذا هو رقمي الجديد. فكما تعلم انا رجل يحب كل ما هو جديد لأن الرجل المكسور من الداخل يمضي الوقت كله بتغيير الاشياء ليرفه قليلاً عن نفسه العطبة...
ورد الجار عليه:
"لا احسدك يا جاري العزيز بقدر ما اعطف عليك لاني اعرف بأن خسارتك لا تعوض!"....
#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟