أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمير الشافعي - تكلم حتى أراك














المزيد.....

تكلم حتى أراك


أمير الشافعي

الحوار المتمدن-العدد: 4815 - 2015 / 5 / 23 - 23:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يحكي أن الفيلسوف الإغريقي سقراط كان في جلسة مع عدد من طلابه يتحاورون في قضية ما، فجأة وقف عليهم شاب وهو يتبختر في مشيه، يزهو بنفسه، وسيما بشكله، أنيقا بلباسه، يتباهى بمظهره، يتفاخر بهيئته، فنظر إليه سقراط وحملق في وجهه قائلا له عبارته الشهيرة "تكلم حتى أراك" .

بالرغم أنَّها جملة بسيطة وتتكوّن من ثلاث كلمات فقط، لكن في طياتها معاني ودلالات عظيمة جدا. بل إنّني وجدت في حياتي منها الكثير الكلام المهم جدا لسبْر أغْوَار من هو أمامك، لأنك أحيانا ترى الشكل الخارجي لشخص ما فيعجبك، وترى الزهو فتتمنى أن يكون لك حظ منه، لكنّه عندما يبدأ في الكلام أو في حوار ثنائي معه تظهر لك شخصيته الحقيقية ومستواه الثقافي والفكري، لأن مظهر الشخص الخارجي لا يعبر دوما عما بداخله وقد يختلف مظهره عن أسلوبه أثناء الحديث والكلام. وأحيانا قد تحتقر شخصا ما من مظهره وشكله الخارجي ولكن بعد التعامل معه تجده ذات تفكيرا عميقا وشخصية وكريزما قويتين.وهذا هو ما يطمح إليه الفيلسوف الحكيم سقراط من خلال عبارته فهو يريد أن يعرف ماهية الشخص وكنهه وجوهره وتلك معرفة يستحيل أن تظهر لنا إلا إذا نطق أو تكلم الإنسان، علاوة على ذلك فالكلام حسب سقراط يعبر عن الفكر ويعكس شخصية صاحبه .
فسقراط إذا لا يعترف بشكل الإنسان الخارجي وما يرتديه أو يحمله أو يتقلده من منصب أو ما يملكه من أموال وهلم جرا. وإنّما التعرف على ماهيته والذي يكون من خلال الحديث والرأي الذي يطرحه والفكر الذي يحمله والموهبة التي يمتلكها. بمعنى آخر أن الإنسان عند سقراط "لا شيء" دون أن يكون له مايؤهله من الكلام، لأن مايهمه هو الجوهر ويرى أننا عن طريق الحديث مع الناس نستطيع أن نتعرف على جوهر الإنسان ونحدد شخصيته، فكم من أشخاص يدعون الحكمة والثقافة لكن سرعان مانكشفهم عند أول جملة أو كلمة بأنهم مجرد أوعية فارغة.

لأن من ميزة الشخصية الناجحة للشخص غالبا وهي أن يترادف كلامه مع شكله الخارجي، وقد نتفاجأ أحيانا عندما تجد شخص شكله مقزز ولكن يحوي بداخله شخصية مثقفة تتكلم بكل إسهاب وتناقش بكل ثقة وسلاسة وقناعة. لأن الكلام هو مرآة حقيقية لجوهر الإنسان والجسر الذي يمر به الشخص للوصول للمتحدث، ومعرفته معرفة تامة إن كان حكيما أو مثقفا أو جاهلا أو متعلما.
شخصيا وفي حياتي مع الناس أصادف زمرة من المثقفين والإعلاميين يبهرونني بكتاباتهم فهم مثقفون حتى النخاع وكتاب للروايات وغزاة لوسائل التواصل الإجتماعي، وتجدهم مدعوين دائما للبرامج التلفزيونية والظهور أمام عدسة الكاميرات لكن عندما يبدأون في الكلام تجد أسلوبهم ركيكا ومبهما فتتمنى لو أن الأرض تنشق فجأة وتبتلعك أنت أو تبتلعهم هم،
وفي الختام أود أن التأكيد أن معظم فلاسفة الإغريق وعلى سبيل المثال الفيلسوف العظيم "ديوجين الكلبي" الذي كان مظهره قبيحا ويشمئزوا الناس منه ولكنه عاش حكيما بأقواله وفكره وليس بمظهره، لأن قيمة الإنسان عند سقراط ليس في ما يايملك أو ما يلبس أو ما يتقلد بل في جوهره وكلامه، وهذا ماتلخصه لنا مقولته "تكلم حتى أراك"



#أمير_الشافعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أوكرانيا تقول إنها قبضت على صينيين يقاتلان لصالح روسيا.. وبك ...
- ماكرون يقول إن فرنسا قد تعترف بدولة فلسطين في يونيو/ حزيران ...
- زعيم المعارضة التركية يتحدى أردوغان ويؤكد أن النضال -سيستمر ...
- تونس: صناعة الحصير التقليدي تواجه خطر الاندثار
- الحوثيون وسوريا.. روبيو يعلق بعد لقاء وزير خارجية السعودية ف ...
- خبير أمني يحذر.. هذه أهم علامات إصابة هاتفك بفيروس
- إيكواس تُعرب عن قلقها إزاء التصعيد في أفريقيا: ماذا يحدث بين ...
- تواصل الغارات الأمريكية في اليمن.. و-ملايين اليمنيين في خطر- ...
- B?n c? vua h?i t?c 789club – Cu?c s?n kho b?u trên bi?n c?c ...
- الاستخبارات الأمريكية تعلن عن عملية تبادل للسجناء مع روسيا ت ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمير الشافعي - تكلم حتى أراك