لينا جزراوي
الحوار المتمدن-العدد: 4814 - 2015 / 5 / 22 - 12:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يكفي أن تقرأ كل يوم كتابا لتكون مُثقّفا ، أم أن الثّقافة هي أن تكون كاتبا ومُفكرا ومُحللا تحمل في جوفِك فلسفةً خاصة في الكون والحياة والانسان ، فهل المُثقف هو ذلك الساكن في بُرجه العاجيّ حيث لا صلة له بالناس وبمُعاناتهم فيشيّد نظرياته بعيدا عنهم ، أم هو صاحِب مؤلّفات واصدارات وكتابات تعكِس فكره وتأملاته ، هل هو الشّاعر أم الكاتب أم الأديب ، أم كلّهم ، أم هو السياسي أم الرّوائي أم الحزبيّ ، أم ثلاثتهم معا ، هل هو ذلك الموجود الذي يتغذى على الأفكار فقط ؟ كان دائِما يراوِدني سؤال ، فهل ثمّة علاقة بين الثّقافة والحضارة والأخلاق، وهل يمكن لأحدهم أن يوجد بمعزل عن الآخر؟ فأنا أميل للاعتِقاد بأن هناك علاقة وثيقة بين المفاهيم الثّلاثة فلا أتمكّن من فهم أحدهم بعيدا عن الآخر. فذلك الرّجل المثقّف الجذّاب المُؤمن بالأفكار التحرريّة واسِع الاضّطلاع ، الموهوب، يُبدِع الكلام المُنمّق والمُطرّز ، ويٌحلّق بالبلاغة والتركيبات اللغويّة الجميلة ، وبالغزل، فتتحلّقُ حوله النّساء ، كفراشات الليّل حول ضوء لا تعرِف أنّ فيه مقتَلها ، بل هو زعيم الثّقافة في بلده ، قال يوما عن تِلك الكاتِبة المُبدِعة (والتي أعرفها جيّدا ) أنها قد أقامت عِدّة علاقات مع مُثقّفين ساعدوها بالوصول الى ما وصلت اليه ولم تصِل بموهبتها ومهاراتها ، ثم وصفها " بالعاهِرة " ، مع أنّه نفسه كتب العديد من المقالات في مديح كتاباتها وكان يتملّقها كلّما التقاها ، وهو رجل مُثقّف يُمارس نشاطا سياسيا أحيانا ، وينادي بتحررالمرأة ويحتلّ مِنبرا ثقافيا هاما ، قال يوما " أنه يستحيل أن يتزوّج من امرأة أقامت معه علاقة عاطفيّة " !!!!!!!!!!!!! مع أنّه مُثقّف وذلك الرجل أيضا مُثقّف ، وينتمي لحزبٍ سياسي مَرموق،يكاد لا يمضِ يوما الّا وتراه مُتصدّرا شاشات التّلفاز ، ومواقِع التواصل الاجتماعي ، بتصريحات ثوريّة وطنيّة تحرريّة تذرِف الدّمع أنهاراً ، لشدّة تأثّرك بصِدقِها، ، وهو من أشدّ أنصار المرأة و أشرس المُدافعين عن حقوقها ، لكنّه في أحد الأيّام الشّتوية القارِصة (وسوس الشّيطان برأسه) ، فنادى بائع الغاز ليُغيّر الجرّة لزوجته ، وعندما دخل العامِل أغلق الباب بالمفتاح ، وأحضر رجل دين ليشهد وبالجرم المشهود عن حالة زنا بين زوجته والرجل الغريب ، فيحلّ طلاقه بحسب العقيدة التي ينتمي اليها ،،،،، لكنّك صِدقاً ، لا تملّ من ثقافته وحديثه الجذّاب خصوصا ذلك النّوع الّذي يتعلّق بحركات التحرر والموجات النسويّة المُطالبة بالمساواة ، فهي لعُبته المُفضّلة. فهل ثمّة علاقة ( يا رعاكُم الصّانِع الأعظم ) ، بين الثّقافة والحضارة والأخلاق ، عندما يسقُط القِناع عن المُثقف الجذّاب المُتحرر ، وتظهر أعماقه العفِنة التي نخرها الكذب والأدّعاء ،، على الرّغم من أنّه مثقّف ،،،،؟؟؟؟
#لينا_جزراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟