|
أين المغرب من مخاطر الإرهاب ؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 4812 - 2015 / 5 / 20 - 22:24
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تحل الذكرى الثانية عشرة لأحداث 16 ماي 2003 ، وتحمل معها ذكريات وفواجع مؤلمة ظلت تؤرق عشرات الأسر المغربية التي فقدت أعز أبنائها . وكلما حلت هذه الذكرى حق لنا ، كمغاربة ، أن نتساءل : أين المغرب اليوم من خطر الإرهاب ؟ بل إن الأوضاع الإقليمية والدولية التي تعرفها المنطقة العربية تفرض طرح هذا السؤال ، خصوصا وأن مناطق التوتر وجبهات القتال اتسعت لتطوق المنطقة العربية وتقطع أوصالها . وما يزيد من خطر الإرهاب على المغرب ، وجود عوامل عديدة أبرزها : 1 ـ وجود مخططات إرهابية تستهدف المغرب منذ 1994 ؛ وقد ارتفعت وتيرتها وزادت خطورتها وتنوعت أساليبها وتطورت منذ 2003 . وقد قدم السيد ياسين المنصوري ، مدير المخابرات العسكرية ، أمام اللجنة المكلفة بمحاربة الإرهاب معطيات دقيقة تظهر حجم الخطر ، وفي نفس الوقت تثبت نجاح المقاربة الأمنية في إفشال المخططات الإجرامية وكذا جاهزية الأجهزة الأمنية وما راكمته من خبرات في مجال مكافحة الإرهاب ، بحث استطاعت إحباط 119 عملية تفجير، و109 مخطط اغتيال، و7 مشاريع اختطاف، و41 مخطط للسطو المسلح. وبهذه المناسبة ، تستحق أجهزتنا الأمنية على اختلاف أصنافها ، تحية تقدير عالية لجهودها الجبارة في ضمان الأمن وحماية الوطن والمواطنين . 2 ــ تمدد التنظيمات الإرهابية لتصل إلى الحدود الشرقية للمغرب بعد أن عجزت دول الجوار في حماية أمنها ومراقبة حدودها . فلم يعد الإرهاب محصورا في مثلث الموت داخل الجزائر ، بل صارت ليبيا وتونس ومالي ونيجيريا والنيجر والكامرون مسرحا للعمليات الإرهابية التي لم تعد إمكانات الدول المهددّة بالإرهاب قادرة على مواجهة خطره . وباتت منطقة الساحل والصحراء نقطة جذب للعناصر المتطرفة لما توفره من حرية الحركة ومصادر التمويل (الاتجار في السلاح والتهريب والبشر ) .وباتت هذه التنظيمات الإرهابية على مستوى عال من التدريب والخبرات القتالية والتسليح . 3 ــ وجود قوى إقليمية ودولية تغض الطرف عن أنشطة التنظيمات الإرهابية ، أو توفر لها الدعم والتمويل . وتحتل الجزائر وتركيا وإيران قائمة الدول المتواطئة مع التنظيمات الإرهابية ؛ في حين تقوم الإستراتيجية الأمريكية على صناعة الإرهاب وعولمته . 4 ــ تناسل شبكات الاستقطاب والتجنيد التي لا تخلو منها أي دولة في العالم . وقد تمكنت هذه الشبكات الإرهابية من استقطاب عشرات الآلاف من الشباب وتجنيدهم في صفوف التنظيمات الإرهابية العابرة للقارات . وبحسب التقارير الاستخباراتية ، يحتل المغرب المرتبة الثالثة ضمن الدول المصدّرة للمقاتلين في صفوف داعش وبقية التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا . 5 ــ عودة الجهاديين إلى دولهم الأصلية ، وضمنها المغرب . ويشكل العائدون من جبهات القتال الخطر الحقيقي الذي يتهدد أمن الدول ، لكون عودة غالبيتهم تتم في إطار مخطط يرمي إلى تشكيل أذرع وفروع موالية للتنظيم الإرهابي "داعش" على وجه الخصوص بهدف زعزعة الاستقرار وضرب أسس الدولة تمهيدا لإعلان قيام إمارات تابعة للتنظيم الإرهابي الأم . وقد شهدت الشهور الأخيرة تفكيك عدد مهما من الخلايا الإرهابية المرتبطة بداعش والتي كانت تسعى لإقامة قواعد خلفية وأذرع تنظيمية بالمغرب . ولعل الفيديوهات التي بثها الدواعش من أصول مغربية يتوعدون فيها النظام والشعب بالدمار والخراب حين عودتهم ، تستوجب أخذ كل التهديدات مأخذ الجد والتعامل معها بما تقتضيه المسئولية الوطنية . ولنا أن نستحضر حجم المخاطر إذا علمنا أن عدد المغاربة الذين يقاتلون في سوريا يبلغ ثمانية آلاف مغربي يتحدرون من مناطق مختلفة من المغرب، إضافة إلى عدد من الحاملين لجنسيات بعض الدول الأوربية خاصة فرنسا وبلجيكا ، بحسب ما كشف عنه المعهد الأمريكي «غولف ميلتري انلايسيس» . 6 ــ الإغراءات المالية والجنسية التي يغري بها تنظيم داعش الشباب من مختلف الجنسيات والثقافات . فلم يعد الذهاب إلى سوريا باعثه "الجهاد" ونصرة "المستضعفين" كما روج له الإرهابيون بداية انفجار الأزمة السورية ، بل تفنن الإرهابيون في أساليب الإغراء حيث ركزوا أساسا على عاملين رئيسيين هما : المال والجنس . وتولت مواقع إلكترونية مختصة التحريض على الذهاب إلى سوريا من أجل المال والجنس ( تونس وحدها منعت 12 آلاف جهادي من الالتحاق بداعش ) . 7 ــ وجود إستراتيجية أمريكية لإعادة رسم خريطة دول الشرق العربي على أسس طائفية ومذهبية . وتكفي هنا الإشارة إلى ما انتهى إليه لاري شين، وهو محلل أمريكي معروف، في بحث عنوانه «إعادة رسم خريطة المنطقة يبدأ بتدمير العراق» ، حيث كتب «حقيقة الأمر أن ما تغرق فيه المنطقة هو عملية ضخمة مهولة للمخابرات الأمريكية، وخطة جيو إستراتيجية يجري إعدادها وتنفيذها منذ زمن تقوم على، إغراق المنطقة في الحرب الطائفية، وفي حمام دم إقليمي بما ينطوي عليه ذلك بالضرورة من إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في كل مكان، وتعمد إشعال العنف الطائفي عبر الحدود، وكل هذا بهدف إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط». ونفس الأمر أكدته جولي ليفيسك، باحثة أمريكية في مركز دراسات العولمة، حيث كتبت تحليلا مطولا بعنوان «الإرهاب الذي ترعاه أمريكا في العراق والفوضى البناءة في الشرق الأوسط». تقول الباحثة: «ما يجري هي عملية فوضى بناءة خطط لها الغرب.. عملية تقوم ابتداء على تقويض استقرار العراق وتقسيمه. هو مخطط موضوع منذ فترة طويلة، وهو جزء من خريطة طريق عسكرية انجلو أمريكية إسرائيلية في الشرق الأوسط». في ظل هذه الأوضاع المضطربة ، لم يعد المغرب في منأى عن التهديدات الإرهابية ولا عن المخططات الغربية لإعادة رسم الخريطة العربية . الأمر الذي يستوجب تعبئة شاملة لمواجهة كل المخططات وذلك بتقوية الجبهة الداخلية وتعزيز التعاون والتنسيق الأمني والعسكري مع الدول العربية والإفريقية التي تواجه نفس المخططات .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطاب إلى المعارضة البرلمانية .
-
وزراء الحب والسرير والشكولاطة
-
تبا لحكومة يهمها الحياء العام ولا يهمها نهب المال العام .
-
مشروع القانون الجنائي مدخل لدعوشة المغرب.
-
الإجهاض وضرورة تشريعه .
-
هل الإسلاميون إنسانيون ؟
-
أنا -إجهاضي- وهذه أدلتي.
-
مدى قناعة الوزيرة الحقاوي بأهداف بيجين +20 ؟
-
حين تهدد الجمعيات النسائية بمقاضاة الحكومة أمميا .
-
-فقاتلوا أولياء الشيطان- يادكتور الريسوني.
-
للبرلمان حرمته يا رئيس الحكومة .
-
الاستثمار في الإنسان أولى من الاستثمار في الدين .
-
هل الأوربيون جادون في الحرب على الإرهاب؟
-
لماذا التضامن مع -شارلي إيبدو- ؟
-
هل سيلتزم المغرب بتوصيات مؤتمر الإسكندرية ؟
-
الدواعش بيننا ويسيرون أمورنا .
-
هكذا استغاثت إيمان الغريس
-
الريسوني أشد عداء وتبخيسا للمرأة .
-
الخطاب الديني ومناهضة كونية حقوق الإنسان .
-
إنها حكومة الإهمال والحڴرة .
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|