يوسف قرواش
الحوار المتمدن-العدد: 4812 - 2015 / 5 / 20 - 22:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
من منا اليوم لا يتوفر على علاقة اجتماعية تربطه بشخص معين من داخل مجتمعه وخارجه. هناك من سيقول أن التواجد في وسط به أشخاص كثر (جامعة، سوق، مقهى...)، بالضرورة فأنت إنسان اجتماعي. لكن في هذا الطرح هناك حلقة مفقودة وهي أن التكيف مع الأوضاع أو مواجهتها إن صح التعبير ليس دليلا على اجتماعية الشخص. وفي دراستنا هذه سنتطرق إلى تجارب أناس عايشناهم أو سردوا لنا من ما مر من علاقاتهم. وللتوضيح فالعلاقة لا تعني الارتباط العاطفي بالضرورة.
كنموذج عن الفهم الخاطئ للعلاقات الاجتماعية، أن يكون شاب وشابة في علاقة صداقة (المجتمعات العربية عامة والمغربي خاصة)، وبعض الناس لهم معادلة خاطئة وذلك بالقول أنها ستتحول لإعجاب ومن تم حب، لكن السؤال المطروح هو: ألا يمكن أن تكون علاقة صداقة صادقة بين الجنسين (الذكر والأنثى) بلا ماديات و أن يكون أساسها الوفاء، الإخلاص، والاحترام؟؟. هنا ستختلف الإجابات حسب المرجعيات والمستندات وكذا عقلية ونفسية الشخص المجيب. وعلى هذا الأساس سنناقش الأمر بمنطقية العقل بحيادية تامة عن أي شيء مما سبق ذكره، ومما جاء في هذا الأمر من أبحاث في علم النفس (الدارسة الفرويدية)، فإن الحياة البشرية تتمحور على ثلاث عناصر وهي العقل، القلب، والغريزة. إذا تدبرنا في الفكرة قليلا سنجد أن العنصر الصحيح لتسيير حياتنا هو العقل في غالبية الأحيان، لأن بهذا العنصر المهم يمكننا تمييز الصحيح من الخاطئ، وتحليل للواقع الملموس والإجابة عليه بعلمية أكثر.و القلب عنصر عاطفي وإجاباته لا يمكن أن تكون عامية وصالحة، أما العنصر الأخير أي الغريزة فهي قاسم مشترك بين الحيوانات الغير عاقلة والعاقلة. إذا وكاستنتاج مما سبق فالعقل هو الذي سيعطي حلا وسيطا بين ما هو عاطفي وحيواني فينا ويجنبنا الوقوع في الأخطاء الأخلاقية، وهنا سنرجع للمعادلة الخاطئة منطقيا والصحيحة إعتقاديا وسيكون بإمكاننا وضع خط أحمر بين الإعجاب والحب، لأنه وبكل بساطة فالإعجاب يكون ماديا، مظهريا، أي بأشياء ملموسة ومحسوسة، وكما هو محسوم فيه أن الكل في حركة وسيتغير مع تغير الزمن وطوله، ولنكون أكثر إنصافا للمعادلة فهناك نوع الإعجاب الناذر الذي من الممكن أن يترك نسبة قليلة لتصح تلك الأخيرة. وبكل بساطة فذلك النوع من الإعجاب يكون بأفكار، ومواقف وطريقة تعامل الشخص. عدد كبير مِن مَن سيقرأ الموضوع سيعتبره بسيط وليس بهذا التعقيد، لكن الظاهر شيء والجوهر شيء آخر حاسم في حياتنا الاجتماعية وكما سَلَفَ الذكر فدرجات الفهم تختلف حسب المنطلقات.
بعد توضيح بعض الضروريات سنعود للإجابة عن السؤال الذي سبق وطرح كإشكالية الموضوع، وهنا سيكون كل واحد منكم عرف صيغة الجواب وكيف سيكون حسب منطقية العقل، لا يمكن لأي كان إنكار تواجد مشاعر عاطفية بداخله تجاه أشخاص معينين (العائلة، الأصدقاء...)، أو تجاه شخص واحد وهنا من الممكن التحدث عن الحب، إذا قد وَضَح الأمر واقتنعنا بوجود علاقة صداقة صادقة بين الجنسين وتكون مبنية بالصيغة التي جاء بها السؤال أول مرة، وللحفاظ على استمرارية هذا النوع من العلاقات الناذرة في المجتمع العربي، وبالإضافة لكل القيم الأخلاقية يجب التحكم بكل العناصر المكونة لشخصية الشخص. وحتى وإن سقط أحدكم في مثل هذه الحالات أهمها أن تنطبق عليك المعادلة، فتخرج من حالتك بإجابتك على بعض الأسئلة الجوهرية وهي: كيف كنت تنظر لذلك الشخص في بداية الأمر؟ هل حقا كان تسلسل للأحداث وبالتالي الخضوع للمعادلة؟ هل حقا هناك حب، أم فقط فراغ عاطفي تريد ملأه؟ ومن المؤكد أن الإجابات ستختلف وبالتالي لن يصل كل شخص لراحته النفسية وذلك راجع لمجموع الأشياء المحيطة والمؤثرة على نفسيته بشكل كبير.
كما هو معروف أن هناك أناس من هوايتهم المفضلة أن يرجع بك سنوات للوراء قصد تعجيزك وتطبيق ما هو راسخ في دماغه من تبعات مجتمعه وتربيته، ومن المؤكد سيدافع عن معادلته ويطرح سؤال تعجيزي ظاهريا ويقول: هل حقا هناك صداقة صادقة؟ وحتى إن كانت كيف ستعرفها ؟؟ّ نعم فهو يبدوا معقد ومنطقي في ظل المجتمع الذي تربى فيه الإنسان العربي، لكن هنا سنستحضر مقولة ل أحلام مستغانمي [لا تقدم أبدا شروحا لأحد...أصدقائك الحقيقيون ليسوا في حاجة إليها وأعدائك لن يصدقوها ]. وهنا سنكون أجبنا أصدقائنا الدوغمائيين والمتعصبين لرأيهم.
وفي تسلسل للأفكار وتعمقنا قليلا في الصداقة سنجد فكرة رائجة ومصدقة من غالبية الناس والقائلة: [الصديق وقت الضيق] لكن إن تمعنا قليلا ووضعنا سؤالا، أي ضيق تحتاج فيه الصديق؟؟ نعم سؤال غامض و سيبقى جوابه مفتوحا على كل قرأ الموضوع من وجهة نظره الخاصة، لكن لا تنسوا استعمال العقل ليكون الجواب علميا وصالحا للكل، وبالتالي المساهمة في ترقية الوعي الأخلاقي والاجتماعي عند أصحاب العقول النيرة.
#يوسف_قرواش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟