|
نجمة سابعة أعلقها في سماء الفقد ...!!
- سفانة بنت ابن الشاطئ -
الحوار المتمدن-العدد: 4803 - 2015 / 5 / 11 - 12:23
المحور:
الادب والفن
ها نحن اقتربنا أكثر و أكثر من الذكرى السابعة لرحيل الشاعر الكبير اسماعيل ابراهيم شتات " ابن الشاطئ " لــ نعيد تقليم الكلمات فــ تبدو نابضة بالصدق في ثوب شفاف لكنه قاتم و أنيق .. و بعيدا عن ينابيع الصمت التي أغرقتنا بالذهول منذ عام مضى طوى معه ذكرى سادسة و رحل .. نعم عام سابع يُطأطئ رأسه في انحناء و تبجيل لذكرى شاعر عظيم ..يمد يده اليمنى يطرق أبواب الأبجدية لتنطلق الكلمات فُرادا و جماعات تصفّ السطور إيذانا بوصف غير إعتيادي لشخصية غير إعتيادية .. أمامها تعجز حتى المشاعر في ترجمة خلجاتها لصور و معان .. فقلبي الذي عشقك منذ النبضة الأولى للحياة لم يعتد بعد على غيابك و لا على الحديث عنك و عن أتون هذا الغياب ..
فابن الشاطئ الوالد الإنسان .. الشاعر الأستاذ .. المعلم الفاضل و الأب الحنون .. الموجه و القدوة ليس لي فحسب كإبنة تربت و ترعرعت في كنفه بل لمئات الطلاب و الطالبات .. و الشعراء و الشواعر و الأدباء و الأديبات .. من أين أبدأ ...؟؟ أأتحدث عن لطفه و لباقته و قلبه الكبير الذي يتسع لكل الناس و الذي تحمل قسوة الزمن و قسوة البعض و ممن أحبهم ..أم أتحدث عن هذا العبقري في زمن قلّ أمثاله .. فـــ عبقرية هذا المبدع في التعامل مع لغة الضاد يشهد لها كل من عرفه أو تتبّع مسار إبداعه .. كيف لا وهو من قرر السفر فجأة لجزائر الثورة حرصا منه على مستقبل أجيالها و التي رفعت جبين كل عربي عاليا .. و أصرّ على النضال مع كوكبة من المثقفين المشرقيين على عودة الهوية العربية لهذا البلد العظيم .. و الذي انتُزعت منه لعقود متتالية ..فخاض حربا ضروسا مع تبعات الإستعمار و أذنابه .. فعمل في الصحافة .. وكان مدققا لغويا لكل ما ينشر فيها ناهيك على استلامه لصفحات أدبية عديدة في أهم الصحف الجزائرية .. وعمل في نطاق التعليم ليكون تواصله مع الأجيال مباشرا و فعالا .. فــ تنقل بين الثانويات و المعاهد التكنولوجية و الجامعات .. و ساهم في بذر حب اللغة العربية من خلال أسلوبه المبهر و قدراته البارعة و قد رافق وفود التفتيش لمادة اللغة العربية بصفة شرفية اعترافا منها بأهمية تواجده و رأيه في تقيم الطاقم التعليمي .. وقد كانت تتغير إلا أنه كان ثابتا لا يتغير ....
أتذكره جليا وهو في غرفة الضيوف جالسا قرب النافذة المطلة على سهل أخضر أو نافذة مطلة على البحر .. أمامه فنجانا من القهوة و علبة السجائر و دفاترا و أقلاما لا أتذكر عددها..ننام و هو ويناكف النعاس ليال طويلة يقضيها وهو يدقق و ينقح و يعالج كتابات ليس لها صفة أو هوية .. و يشير بالنصائح سلاحه الأمل ليدفع الهواة باتجاه الكتابة ومن ثم الإبداع .. هذا بعض ما قدمه ابن الشاطئ لــ أمته العربية حيث كان على الدوام عروبيا يحمل في قلبه كل جوازات السفر ل 22 دولة عربية حتى يكاد من يعرفه أو يتعرف عليه ينسى موطنه الأصلي ..
لذا لم يكن غريبا أبدا عن ابن الشاطئ رفعه سلاح الرفض و مقاومته الشديدة لــ أي غزو ثقافي أو أي بدعة متسترة بغطاء الحداثة .. أو أي تداخل في المفاهيم تعيق من مسيرة لغة الضاد باتجاه العالمية .. فهي التي برأيه و قناعاته التامة من تستحق أن تكون في القمة
أم أحدثكم يا سادة عن صفة تكاد تكون حاليا عدوة لأغلب المبدعين أو من يسيرون على طريق الإبداع أو حتى من لا يمكن أن نصفهم إلا بأصحاب الأقلام معتلّة .. قيحها "خربشات " و لكنهم ممن حالفتهم المصالح أو المعارف أو الظروف أو ربما الحظ في الإنتشار ".. أو مُنحوا " صدفة " صفة أدبية ما ..
هي صفة يكاد لا يعرفها الكثيرين في زمننا وهي " التواضع " نعم لقد كانت هذه الصفة الوجه الحقيقي لشخصية ابن الشاطئ الإنسان بل منصهرة في تفكيره و قناعاته.. و لهذا حدثتكم عنها لأنها ميزة مهمة ومن أهم ميزاته..فكلما كان يعلو نجمه يفاجئك بتواضعه .. ولم يُلحظ يوما أن تغيرت تعاملاته أوعلاقاته و لا تواصله مع الصغير قبل الكبير .. و لهذا تجد محبيه من كل الأعمار و من مختلف الثقافات .. و من كل المستويات ..فمن تدرج على سلم الحياة و عاش مراحلا كثيرة و مستويات مختلفة لا يمكن أن يغيره أي طارئ و لأن " الأصيل لا بد أن تكون شخصيته موشومة بالأصالة "
ولهذا هو غير قابل للتجديد و لا التحول و لا التغير في أي من مبادئه .. و لا يقبل المساومة على أي منها حتى لو كلفه ذلك حياته.. أو خسر شهرته و ما قدمه لسنوات .. عاش رحمه الله بقلب خفاق نقي السريرة هادئ الطباع و المزاج لكنه سريع العنفوان ..متدفق الإلهام أمام كل ما يخص وطنه العربي بدأ من فلسطين أو الجزائر او الشآم أو العراق ..إلخ لهذا كان مداد قلمه " نبض مشاعر" و لهذا كان إنتاجه الشعري و الأدبي غزيرا .. و قد تركه لنا ترك رحمه الله لـــ نفتخر به كما يفتخر به كل من عرفه و قرأ له و تعرف على شخصيته و مسيرته و فكره الثر أو من خلال القراءات و الدراسات و الإستضافات ..
عاش هذا الرجل العظيم و الشاعر الكبير و رحل عن عالمنا وهو مرفوع الرأس لم يطأطئه يوما لا لمسؤول و لا لحقائب المال و لا أمام إغراءات السلطة و المناصب ..فقد كانت الكرامة هويته و قد ورّثنا إياها بل أرضعنا حليبها الشامخ منذ الصرخة الأولى .. رحم الله شاعر فلسطين و العروبة اسماعيل ابراهيم شتات " ابن الشاطئ " فهو خالد في قلوبنا ..ساكن في ثنايا الروح .. تشهد له سيرته العطرة و حروفه قبل أن نقدم نحن أي اسهام في حقه ..
هي الذكرى إذا ... لا بد أن تعود ليتجدد معها الحزن الذي ارتضى أن ينزوي بين دفقات النبض.. يستدرج العبرات في كل حين لكنه يوم الرحيل يميد على إيقاع الذكريات الشجي و يهذي أمام هطول متسارع للصور .. ودون أن أدري أشعر أنني خارج التقويم أقرفص بين الحنين و الشوق .. لأصحوا على حقيقة لم أنسى طعم مرارتها بعد .. و ككل ذكرى أصنع من القلوب التي أحبته نجمة .. لــ أعلقها في سماء الأدب و الإباء ...
واليوم أصبح عدد النجمات سبعة ..آآآه يا والدي الحبيب كم أشتاقك ..
#-_سفانة_بنت_ابن_الشاطئ_- (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد الحادثة المروعة في مباراة غينيا ومقتل 135 شخصا.. جماعات
...
-
-عاوزه.. خلوه يتواصل معي-.. آل الشيخ يعلن عزمه دعم موهبة مصر
...
-
هل تعلمين كم مرة استعارَت أمي كتبي دون علمي؟!
-
رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية تركي آل الشيخ يبحث عن
...
-
رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري
-
على طريقة الأفلام.. فرار 8 أشخاص ينحدرون من الجزائر وليبيا و
...
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|