أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - في التشكيل ، - أب سفة - حين يستنهض الألوان !















المزيد.....

في التشكيل ، - أب سفة - حين يستنهض الألوان !


جابر حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4802 - 2015 / 5 / 10 - 21:19
المحور: الادب والفن
    


في وجهة إبداع السادس ...
في التشكيل ، " أب " سفة حين يستنهض الألوان!
------------
ضوء :
التشكيل ، ذلك الحلم في ضجيجه وتحليقه اليومي ، يظل – بجماله وسحره وغموضه وأوجاعه – هو " مخاض " الفنان طوال دورات حياته ، أبدا لا يكف لحظة عنه ذلك الحلم الوفي ، ولا يستطيع الفنان ، بالمقابل ، أن يفارقه لحظة واحدة ، فلا يكاد يفارقه أيا ما كان حاله وبيئته . ذلك التوهج اللوني ، في لمعانه وسطوعه ، في خفوته وعتماته المفاجئة ، هو ، وحده ، قدر التشكيلي وجوهر كينوته ومعني حياته وجدواها ، هو ضوءه يصاحبه كل أطوار حياته . هنا ، في هذه البرهة شديدة الذكاء والبصيرة ، تكون " الملاحظة " هي السيدة ، ثمرة المعايشة الحميمة لليومي في حياة المجتمع ، حياة كل الناس ، الذين يعيشون ، الآن ، تحت وطأة الديكتاتورية وصلفها وقسوتها و ... قبحها . تنهض العين الذكية للتشكيلي فتؤازر الوعي فيه والقلب منه . فتنثر ، كما رذاذ المطر ، الأسئلة في جميع الجهات ، وفي تطورات نمو الوعي وتكريسه ليصير جمالا يتبدي ، عبر اللون ومن خلال أختلاطاته ، في بيئة ونتاج التشكيلي . خطاب التشكيلي ، الآن وفي كل المراحل ، هو خطاب الملاحظة الدقيقة والأسئلة التي لا تكف عن أن تقلقنا ، ترينا ما ينبغي أن يري و تحرضنا علي أن نكون في فعل التغيير والثورة .
هنا ، هنا بالذات ، يضع التشكيلي فيوضات رؤاه ، بعضها أو كلها ، يموضعها لتضئ في اللوحة ، وهي ، نفسها ، التي ستغدو مفصحة وناطقة . حتي وهي في خبائها ، ستقول الألوان قولها ، فألوانها هي ألوان الناس وملامحهم ، ناطقة براهن حالهم و بغدهم ، بالمرئي وبذلك الذي في الخفاء ، الجميل الذي يبدو فيجعلنا في الفرح وأناشيد الحياة ، و القبيح أيضا الذي يقسو علينا فيجعلنا في فعل السخط والثورة . إنها تكون أكثر أوقاتها في الفرح والبشارة ، لكنها أيضا ، أحيانا تكون في الحزن ، وفي الإحباط واليأس وفي المسكوت عنه ، في المخبأ الذي تريده الديكتاتورية أن يظل محجوبا غير مرئي بعيدا عن الحواس . التشكيلي يضع كل هذه العناصر أو بعضها في اللوحة ، ولست أدري ، بعد ، كيف لبعضهم أن يجعلوا ألوان الفرح الراقصة بنشوة وجمال الحياة في ذات اللوحة التي تشي بكل تلك الكآبة والظلمة والقبح ! التشكيل ، إذن ، كما كل سائر الفنون ، معنيا حد الشغف والملازمة الرحيمة لكل أوجه حياتنا ونضالات شعبنا في مساراتها كثيرة التنوع والتعقيد ، راصدا حقيقيا لها بتفاصيلها كلها ، يكسبها جمالا هو ، أصلا ، في جواهرها ، فالبثور والقشور هنا ما هي إلا تلك البرهات المحبطة الخاطفة تجئ تطل أحيانا ، هنا أو هناك ، في ذلك العمل أو في ما عداه ، لكن سرعان ما يطغي " الضوء " عليها ، يزيحها فيكسبها أشعة الأمل ويلبسها أردية الغد الآتي ، يجعلها في الآتي الجميل الذي يراه فيرينا إياه بأبهي وأجمل ما يكون .

" الرسم علي الهامش " ، أسئلة الراهن أيضا ...

" أب سفة " ، أيها الرائي :
لقد أحصيت الألم كله
أحصيت ، أيضا ، حلم العطش ...
حتي نزيف الدم إذ يملأ علينا النهار
ويدلق فينا ضوءا وسحرا
و...عبق البهار .
وبكامل الرؤيا ،
الرؤية البصيرة للتشكيلي ،
يختلط بالضوء وبالظلال و...الألوان
بلا مواعيد تؤجل المشهد غير المألوف
للوحة :
" طقوس العطش " .
لهذه البلاد التي بهيام وعشق كاملين
تصعد ،
تصعد إلي العلا
حتي الصراخ ...
للسماوات العطاش نفسها
التي قال بها صاحبك إيريك فروم ،
تصعد إلينا و ... إليه :
الحب !
لقد منحتنا رحيق اللوحة
فأحببناهما معا :
التشكيل و ... كتابتك .
... ... ...

باقة ورد إليك ،
أيها التشكيلي / الروائي الجميل !

الفنان التشكيلي السوداني الكبير عبد الله محمد الطيب ، الذي أشتهر في الناس ب : " أب سفة " ، أصدر مؤخرا كتابا جميلا في التشكيل : ( الرسم علي الهامش ).
الكتاب من 144 صفحة من القطع المتوسط ، صدر عن دار " سيبوية للنشر والتوزيع " ببيرمنغهام في بريطانيا ، وإحتوي علي 45 لوحة لأب سفة ولوحة
" خلق آدم " الخالدة لمايكل أنجلو . ولتلك اللوحة قصة مع أب سفة ، فقد أراد – وهو المكافح بفنه العظيم ضد الديكتاتورية والطغيان – أن يدين قطع اليد للسارق التي تفشت عقب قوانين سبتمبر وتنصيب السفاح نميري نفسه أماما بمبايعة ومباركة " الأخوان المسلمين " ، يقول : " ... كنت قد أنجزت في معرض ذكري محمود بوستر حول هذا الأمر ، بتر اليد تحديدا ، إستخدمت فيه عمل مايكل أنجلو الشهير " خلق آدم " . آدم مستلق علي الأرض يمد يده بهدوء نحو الطاقة الإلهية المتسربة إليه ، كشحنة كهربائية ، عبر يد الله . دقة التشريح في رسم مايكل أنجلو للأيدي ، تسرب أيضا الإحساس بقداستها ، كونها الوسيط لتلقي القوة والحياة . قمت بواسطة عملية مونتاج علي نسخ مصورة بالفوتو كوبي ، ببتر يد آدم كما يفعلون . اليد المقدسة خالقة الإنسان فعلا كما يري فردريك إنجلز ، يتم بترها هكذا ببساطة دون أن يطرف لهم جفن هؤلاء الأطباء المزعومون ! "ص
(65 ). في صدر الكتاب يقول أب سفة : " ليست هذه سيرة ذاتية ، لا طاقة لي ولا رغبة في ذلك ، إنها محاولة لتسليط بعض الضوء علي العتمة التي يعمل فيها التشكيلي في السودان ، كما أنها بعض تأملات في الواقع الثقافي عموما أواخر السبعينيات والثمانينيات في تقاطعاته مع السياسي واليومي في حدود ما لامسته وعايشته ."ص ( 5 ). حقا ، فقد تجاوزت الكتابة وجهة السيرة لتكون في الواقع التشكيلي وتأملات عميقة في واقع الثقافة والفنون جميعها ، تأملات وتفكرات لكنها تتم من خلال عين التشكيلي ، خلال وعيه وقلبه ، والسياسي / الإجتماعي حاضر هنا يؤازر الفني ويضيئه أينما حل . مشاهد ورؤي و العديد العديد من الأسئلة ، فما من حدث ، أيا ما كان ، مرت به بلادنا تلك الحقبة إلا ونظرت إليه ، عميقا ، عين التشكيلي و وعيه . تناولت الكتابة التشوهات والجروح و القبح الذي جعلته الديكتاتورية في وجه الوطن وفي ملامح الفنون والأدب جميعها . أما الأسلوب ، ساحرنا الذي يجعلنا في دهشة المعني وفي متعة القراءة فهو ما تجده في سمت جمالياته الأنيقة لدي أب سفة . أمتعني جدا اسلوبه وطرائقه في الكتابة حد أن رأيت فيه ملامح الرواية ووجهها . سعدت جدا عندما شاركني ديشاب الرأي حين قال : ( لازم ... لازم أب سفة يكتب الرواية " ، وقد قلتها إليه أيضا ، فالأسلوب يجعل الأشياء الأكثر تفاهة فريدة ، علي قول فولتير . المشاهد والرؤي ، الأحداث والوقائع ، الأشخاص ومصائرهم ، لحظات الفرح والأمل تتغلغل في بيئات الكآبة والأوجاع والقبح لتطلع منها البشارات ، حقا ، أن الأسلوب ، هنا ، هو المبدع . فأكتبها إذن يا أب سفة ، أكتبها الرواية !

دعوة علي شرف السادس ...
كما هو معلوم أن صالات العرض تتيح أوسع البراحات أمام التشكيليين أن يقيموا المعارض الفردية أو الجماعية ، فتكون متاحة للجماهير التي ، أساسا ، يتوجه إليها ، ويستهدفها العمل التشكيلي في تنوعه المثير وفي خطابه التقدمي الذي يؤشر للدروب التي تقود إلي التغيير والثورة ، إلي الديمقراطية والحريات والسلام الذي ينمو ويزدهر في رحابه . لكن بلادنا تفتقر إليها ، المتاح منها فقير جدا ولا يفي بالغرض ، وهنالك المحتكر من صفوة لا يعنيها فعل الثورة ولا وعي الجماهير ، بعيدون عن هموم الشعب وقضايا الوطن الملحة في راهننا . يقول أب سفة :
" صالات خاصة بمواصفات سيئة ، أشبه بالبقالات يديرها بعض المتنطعين لا داعي للخوض فيها ! " ص ( 37 ) . ثم يمضي فيقول : " جهاز الدولة – وقد تمت خصخصته لصالح جماعات بعينها – أصبح لا يعنيه مطلقا أمر رعاية الثقافة ، ولا طاقة لنا ولا قدرة علي السير في الدروب الملتوية لكسب ود مراكز الثقافة الأجنبية . لماذا لا نؤسس لقاعة للعرض التشكيلي تعفينا وتعفي المهمومين حقيقة بالفعل التشكيلي من الوقوف بأبواب السلاطين ؟! ( وكمان أجانب !! ) ص
( 38 ) . لقد بدأت الخطوة بالفعل ، خطوة صغيرة لربما ، لكنها أول الموصلات إلي الهدف ، فذلك هو سبيل النضال علي أية حال ، " ... المشروع يتجاوز كثيرا قدراتنا المادية ، ولكنه لا يبدو مستحيلا . أنضم إلينا التشكيليون : محمودعمر ، بابكر كنديو ، عبد الحليم كابو ، صلاح سيد أحمد ... ، ناقشنا الفكرة مع الفنانة كمالا إبراهيم إسحق ، ضممناها إلي جماعتنا بوضع اليد ، وستمتد يدنا إلي آخرين . نقاش الأمر مع المهتمين – حقيقة – داخل وخارج البلاد سيفتح آفاقا أوسع ، ولكن يجب في البداية تسجيل جماعتنا لدي المسجل بوزارة الثقافة لتأخذ شخصيتها الإعتبارية والقانونية ، هذا ما نعكف عليه الآن . " ص ( 39 ) .
دعوتنا للجنة التشكيلية لإبداع السادس ، أن تأخذ هذه اليد الممدودة إلي الضمير الثقافي ، فتجعلها في أولويات فعلها علي شرف السادس الذي يقترب موعده رويدا رويدا، فتحمل الأمر علي محمل المسئولية الشيوعية حين تنهض في أمور الثقافة والفنون والإبداع ، وأن تنضم ، بكيانها وقدراتها ورؤاها ، إلي هذه المجموعة وتشرع معها ، وسيدعمهم شعبنا لا شك ، في الإجراءات صوب تأسيس هذا الصرح . الأمر يبدو ممكنا ، ليس مستحيلا كما رأه أب سفة . لتكن تلك هدية السادس للتشكيليين السودانيين وللشعب السوداني المحب ، بذائقته العالية ، للثقافة والفنون ، فالإرادة الإنسانية ، دائما ، قادرة أن تجعل الأهداف ممكنة ومتاحة .
-------------------------------------------------------------
* " السادس " ، نعني به المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني الذي قررت اللجنة المركزية أن ينعقد في ديسمبر القادم .



#جابر_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة بدر إلي جابر ...
- وداعا يعقوب زيادين !
- في مدني ، وأسيني الأعرج يتجلي فيمتدح الأمير !
- ود المكي وكت نزل مدني ...
- القدل الآن في تأمل حال البلد ...
- سكينة عالم ، شعاع الضوء في النفق ، والراية في الوطن !
- عن مرض كجراي الذي رحل فيه !
- حين دخلت الكنيسة !
- في الليل أيضا ، و ... في عشقها !
- لشعرها ، جمالا في الجسد !
- آخيرا ، آخيرا يا وردي تحققت أمنيتك !
- كلمات لأقولها لسميح القاسم !
- أصوات في غرفة سميح القاسم في المشفي !
- لا عيد إلا أغنية للنصر ...
- محجوب شريف نزل مدني بالحزب الشيوعي !
- جنون امرأة عاشقة ...
- الوليد مادبو ، حفريات في اللغة و ... تأملات في حال البلد !
- أبو ألق ، عاشق الأطفال والحياة !
- تأملات في أحدوثة تاجوج ، في المرأة و ... في الجسد !
- محجوب شريف مات مقتولا !


المزيد.....




- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - في التشكيل ، - أب سفة - حين يستنهض الألوان !