عماد ابو حطب
الحوار المتمدن-العدد: 4802 - 2015 / 5 / 10 - 19:22
المحور:
الادب والفن
خلود
هو صانع التوابيت الوحيد في المدينة . جميع أولاده رفضوا تشرب الصنعة منه وهاجروا بعيدا عن شؤم الموتى وأكفانهم.بات يدب على الأرض لكبر سنه،ورغم هذا فقد كان ينجز توابيته في موعدها المحدد.منذ أشهر باتت الطلبات تتزايد والأحياء يصطفون أمام بابه منتظرين .استغرب الحاكم الخبر حينما وصله خاصة أن جهاز الأمن لديه ذيل التقرير بعبارة:المعلومات تفيد بنجاح الرجل في درء الموت عن بعضهم بعد وضعهم في التابوت لفترة من الوقت . طلب إحضار صانع التوابيت لمعرفة سره.أوجز المسن بالقول:صنعت تابوتا قاعدته من شجرة مباركة من ينام فيه ليلة ينال الخلود.وهؤلاء يتدافعون لنيل الخلود.لكن المشكلة أن التابوت يجب أن يحكم إغلاقه ولا يفتح إلا في صباح اليوم التالي.البعض ينال الخلود والبعض يرحل عنا الى الأبد، الخشب وحده من يقرر ذلك.سال لعاب الحاكم أمام إغراء الخلود وحكم العباد الى الأبد.أحضر التابوت ،بطن بالدانتيل وفرش بوسائد الحرير،استلقى الحاكم داخله مبتسما.مسمر صانع التوابيت أطراف التابوت جيدا ثم أحاطه بالسلاسل والأقفال التي خبئ مفاتيحها في قفطانه الطويل . انفض الجميع عنه إلا حراس الحاكم المقربين.مع شروق الشمس تراكض القوم لمعرفة ما حل بالحاكم إلا صانع التوابيت لم يجدوا له أثرا.تجادل القوم هل يكسرون التابوت ويخرجون حاكمهم لكنهم خافوا إن فعلوا ذلك أن تصيبه لعنة الموت بدلا من الخلود.مازال صانع التوابيت مختفيا والقوم مازالوا يتجادلون.
#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟