أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار بدران - دولة المواطنة /حلم اليقظة وكابوس الطائفية














المزيد.....

دولة المواطنة /حلم اليقظة وكابوس الطائفية


نزار بدران

الحوار المتمدن-العدد: 4802 - 2015 / 5 / 10 - 16:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دولة المواطنة
حُلم اليقظة وكابوس الطائفية
نزار بدران
غطت زُرقة السماء العربي كتل وطبقات الدخان المُتصاعد من محارق الطائفية والاستبداد. فما هو سببها وكيف نعمل على إطفائها، ونتخلص من الطائفية البغيضة. حيث يشكل الانتماء للقبيلة أو الطائفة، على حساب الانتماء للدولة أو الأمة السبب الرئيس لانهيار الكثير من الدول والأمم. فالطائفية لم تحم في يوم من الأيام أحداً؛ لا أقلية ولا أغلبية، والأمثلة الحالية في العراق وسوريا واليمن تُثبت أن من يزعم إنه يدافع عن مصالح طائفته، إنما هو في الحقيقة من يحفر قبرها، ويُيتم أطفالها ويُدمر مدنها. وما نموذج الحكم الأمني السوري، ومئات آلاف القتلى من أبناء الطائفة المحظية، ومن يواليها من أبناء الطوائف الأخرى، وانسداد أُفق إمكانية تواجدهم في سوريا موحدة، أو مثال الحوثيين في اليمن، وما آلت إليه أحوال طائفتهم إلا دليلاً على ذلك.
الحكم الاستبدادي هو سبب تغول الطائفية والمذهبية المقيتة، حين يُحول تناقضه مع مجتمعه إلى تناقض المجتمع مع نفسه، مما يعطيه شرعية البقاء بدعوى حماية الناس من بعضهم البعض، وخصوصاً عندما يستشعر توحد المجتمع ضده، أو بدء حراك ثوري للتخلص منه. هذا ما كان يحدث أيضاً في الدول المُستعمرة سابقاً مثل المغرب، عندما وضع الفرنسيون قوانين خاصة بالبربر (الظهير البربري 1930)، والذي يميز بالحقوق بين أبناء الوطن الواحد، كذلك في الجزائر، حين جرى سن قوانين خاصة بفئة من الشعب الجزائري.
فئات الشعب المختلفة وطوائفه العديدة، لم تكن في أي دولة مصدراً للحروب، وإنما اُستعملت دائماً من السلطات المستبدة أو المُستعمرة لهذا الهدف. فقد تعايش العرب والأكراد على مدى قرون، ولا ننسى صلاح الدين الأيوبي الذي حرر فلسطين. وتعايش وتصاهر الشيعة مع السنة في العراق على مدى عشرات السنين.
لذا فإن الحفاظ على مصالح الطائفة، لا يتم حقيقة إلا بالدفاع عن مفهوم المواطنة، والانتماء إلى شعب واحد متنوع بطوائفه. لكن بنيانه السياسي مُقام على أساس الفرد المواطن وحقوقه. هذا لا يعني إنهاء التنوع العرقي واللغوي والديني في المجتمع، بل على العكس هذا التنوع هو أحد أسباب غناه. أنك أمام القانون كغيرك لا أفضلية لك لانتمائك لطائفة ما، ولا حقوق خاصة لك لهذا السبب.
الدولة الديمقراطية الحديثة، تُعامل سكانها على أساس مواطنتهم، فهم سواسية كأسنان المشط، لا فرق في الحقوق السياسية والاجتماعية بين مسيحي ومسلم أو علوي وسني أو عربي وكردي، هم في نفس الوقت المسيحي والمسلم والعلوي والسني والعربي والكردي، يشكلون ما يشبه قوس قُزح يزيد المجتمع تألقاً وجمالاً، ويُثري الثقافة المشتركة.
أن نكون مواطنون في دولنا، هذا لا يمنعنا من أن نمارس شعائرنا الدينية، ونتكلم لغاتنا الخاصة، ونتعلمها ونُعلمها ونحتفل بأعيادنا. ولكننا في نفس الوقت لنا نفس الواجبات والحقوق أمام العقد الاجتماعي الذي يجمعنا؛ الحق بالعمل والتعلم، والحق بالمشاركة بكافة مؤسسات الدولة؛ بما فيها الجيش والشرطة، الحق بالترشح والترشيح في أي منصب في الدولة، بما فيه منصب الرئيس، الحق بالانتماء لأي حزب سياسي، لأن الأحزاب في دولة المواطنة، لا توجد إلا للدفاع عن الأمة كاملة، وليس عن فئة منها.
لذلك لا تسمح دولة المواطنة لفئة طائفية ترفع شعارات طائفية بالعمل السياسي باسم الأمة جمعاء، كما يحصل حالياً في بلادنا من سوريا ولبنان إلى اليمن والعراق. دولة المواطنة تُعامل كل الطوائف على قدم المساواة وتعترف بكل خصوصياتهم وتحترمها.
هذه الدولة لا تستطيع أن توجد إلا في إطار ديمقراطي، حيث الأطر الديمقراطية وحدها التي تستطيع أن تبعد شبح تسلط فئة، أو طائفة واحدة، على سُدة الحكم والتحكم برقاب الشعب، كما نراه في كل الدول الديكتاتورية، والأمثلة في دولنا العربية عديدة.
هذه الدولة لا توجد إلا باحترامها لمعايير الحضارة الحديثة؛ من احترام حقوق الإنسان وحقوق ألأقليات والمساواة بين المواطنين، مهما كان جنسهم، وحماية الضعفاء واحترام حقوق اللاجئين والمُهجرين، والتوزيع العادل للثروة الوطنية، وإتاحة فرص العمل والتعلم بالتساوي للجميع، بناءاً على مفهوم الكفاءة والمقدرة، وليس بالمحسوبية والانتماء العرقي أو الطبقي.
دولة المواطنة تعتبر المواطن، مهما كان انتماؤه الديني أو العرقي مصدراً للسلطة فيها وهو حاميها، فهي دولة ينيط بها مواطنوها، وكذا تنيط بنفسها؛ مهام بناء مؤسسات قوية وتحترم استقلال الصحافة، وتفصل بين القضاء والسياسة، وتحترم التبادل السلمي للسلطة. القاضي فيها يحكم بقانون عادل صوت عليه الشعب عن طريق انتخاب مجالسه التشريعية. هذا القانون المُقر من الشعب، بعد نقاش وأخذ ورد، مُحترم من قبل الجميع، ومن يخرج عنه يخرج عن الإجماع والعقد الاجتماعي.
هذا كله أحلام يقظة، وستُعيدني نشرة الأخبار بعد قليل إلى واقع آخر، ولكن في نفس الوقت لن نغير الواقع إلا بالعودة للأحلام والمثاليات. مارتن لوثر كنغ قُتل من أجل تحقيق حُلمه بمساواة البيض والسود، ونلسون مانديلا أمضى سبع وعشرون عاماُ بالسجن، لتحقيق حُلم إزالة الفصل العنصري بأفريقيا الجنوبية. وليس بعيداً عنا مثال عبد الكريم الخطابي من منفاه، وعمر المختار أسد الصحراء مُقيداً بالسلاسل، والأمير عبد القادر الجزائري، اللذين حلموا بطرد المستعمرين من بلادهم، وهو أيضاً حُلم السيد المسيح يُبشر بالمحبة بين الناس، وهو يسير حاملاً صليبه على ظهره في درب الآلام، وحلم الرسول الكريم هو وصديقه بالغار بإقامة دولة العدل والحضارة.
صفحات التواصل الاجتماعي الحديثة، تستطيع أن تنقل أحلام ملايين الناس وتوصلها لبعضهم البعض وتشد في عضدهم، وقد تكون أقوى وأكثر فعالية من نشرة الأخبار المُحبطة.
طبيب عربي مُقيم في فرنسا



#نزار_بدران (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مدرسة تأوي نازحين تتحول إلى ركام بسبب غارة إسرائيلية على جبا ...
- اتفاق السلام في أوكرانيا.. ما سر غموض تصريحات ترامب؟
- الولايات المتحدة.. إصابة شرطيين في تبادل لإطلاق نار (فيديو) ...
- الجيش الأمريكي يشن سلسلة من الغارات على مواقع مختلفة في اليم ...
- السعودية تحذر من الحج بلا تصريح وتحدد طريقة الحصول عليه
- موقع عبري يتحدث عن أسوأ كابوس لإسرائيل قد يتحقق على يد بن سل ...
- الخارجية الروسية تعلق على تصريحات ألمانيا بشأن نقل صواريخ -ت ...
- كارثة.. ارتفاع حصيلة ضحايا حادث تحطم قارب في الكونغو والمفقو ...
- بودابست: انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي سيفتح الطريق أمام ...
- محللون: ضربات واشنطن باليمن حرب بلا إستراتيجية والعمل البري ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار بدران - دولة المواطنة /حلم اليقظة وكابوس الطائفية