محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1332 - 2005 / 9 / 29 - 11:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
2) فلماذا أثار هذا الدستور العراقي الطائفي الديني العرقي كل هذه الضجة على مستوى الإعلام الرسمي و غير الرسمي ؟
إننا في الواقع أمام أمرين أساسيين حاصلين في العراق الآن :
الأمر الأول : التسلط الأمريكي الرأسمالي العالمي في احتلال العراق الذي كلف الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاءها، و يكلفها يوميا، و سيكلفها في مقتبل العمر الاستعماري في العراق الكثير على مستوى الخسائر المادية، و على مستوى الخسائر في الأرواح إلى درجة أن الولايات المتحدة راعية "الديمقراطية" و "حقوق الإنسان" في العالم لم تعد تبالي بما يتم إعداده في العراق. و بأن ما يتم إعداده يسيء إليها. فما يهمها هو أن يقوم هكذا نظام في العراق، حتى تجد مبررا للخروج منه، حتى تعتبر تدخلها شرعيا، و خروجها من العراق أيضا شرعيا.
و الأمر الثاني : أن عملاء أمريكا الذين تحملوا مسؤولية الحكم بعد برايمر يدركون جيدا أن أمريكا متورطة، و أنها لا تستطيع أن تدخل معهم في صراع من أجل وضع دستور ديمقراطي حقيقي، لأن ذلك قد يجر إلى صراعات بين عملاء أمريكا الذين لا يفهمون إلا منطق المحاصصة. و ما داموا قد دخلوا إلى العراق على ظهور الدبابات الأمريكية، فإن الذي يهمهم هو كم يأخذ كل واحد منهم من العراق، ليصير العراق موزعا بين عملاء أمريكا الذين ليسوا إلا مجموعة من الطوائف الدينية و العرقية و اللغوية. و لذلك كانت أمريكا و لازالت تغض الطرف، و لا تفعل شيئا، حتى تستمر في كسب ود هؤلاء العملاء، و كل ما تفعله هو تجنيد آلاف الجنود لهتك حرمات الأسر، و لتقتيل العراقيين بدعوى البحث عن الإرهابيين.
و هذان الأمران يدفعان إلى العمل على فهم من يحكم العراق الآن ؟ و من يسعى إلى جعل العراق للعراقيين ؟
فالدستور الطائفي في العراق إذن هو دستور تحضر في وضعه خلصية الاحتلال الأمريكي، و تورط الولايات المتحدة في ذلك الاحتلال، و سعيها إلى استيلاء أمريكا على نفط العراق و على اقتصاده بواسطة شركاتها العابرة للقارات. كما يحضر في خلفيته إرضاء العملاء الذين لا شرعية لهم إلا شرعية الولاء المطلق لأمريكا، و شرعية الانتماء إلى الطوائف الدينية و العرقية. و هذه الخلفية هي التي تعمل على التسريع بإخراج الدستور العراقي على مقاس التصور الأمريكي الطائفي حتى يتم بناء نظام عراقي طائفي موال ولاء مطلق للنظام الرأسمالي العالمي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟