|
العلمانية وصراع الأديان ومصر نموذجا
لؤي ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 4796 - 2015 / 5 / 4 - 16:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العلمانية مشتقة كمصطلح من العلم ؛ وهي تعني تقديم العلم على ما سواه من صور الجهل والتخلف دينية كانت أم أيديولوجيات سياسية ترسخ لفساد وطغيان واستبداد فئة قليلة على مجتمع بأكمله ؛ وأيا كانت هذه الفئة ؛ أسرة حاكمة تعاقبت الحكم ؛ أو حزبا متخلفا ورجعيا ؛ أو جنرالات جيش وعسكر ؛ العلمانية تقدس شيئان لا ثالث لهما ؛ الإنسان والعلم ؛ العلمانية كانت ولازالت عنوان قيمة الإنسان ووسيلة علمه ومعرفته وتعلمه وتحضره وتقدمه وخلاصه من براثن الجهل والعبودية والاستعباد باسم الأديان أو حتى بشعارات كاذبة وطنية في حقيقة أمرها انتقلت من تقديس الأديان إلى تقديس الأشخاص من حكام أو رجال دين ؛ والعلمانية وإن كان قدس أقداسها وثالوثها المقدس الحرية للفرد والمجتمع ؛ إلا أن عماد توحيدها وركنها الأعظم العدل فالمساواة ؛ العلمانية قيمتها في مبادئها ؛ وللأسف في الشرق شوهت العلمانية أو استغلت بطرق شتى ؛ فأخذ كثير من الناس عنها صورة غير صحيحة عن حقيقة واقع وجوهر العلمانية ؛ ولأن مجتمعاتنا الشرقية توارثت أديانا متعاقبة عبر تأريخ الشرق فقد سادت ثقافة تكاد تكون من القواسم المشتركة عند شعوب المنطقة وبمختلف قومياتهم وأديانهم ؛ النفاق الديني واستغلال الدين ؛ وكنتيجة لهذا تغلغلت في النفوس وتوارثت الأجيال جيلا عقب جيل الأنانية وحب الذات ونزعة بشعة بصورة أبشع نحو الاستغلال والتفنن في وسائله وطرقه وبمختلف الشعارات وتحت عناوين شتى ؛ وهنا مكمن مشكلتنا نحن الشرقيين الحقيقية ؛ فليست الأديان بواقع الحال هي مكمن وأساس المشكلة كما يتوهم الكثيرون !! ؛ بل مشكلتنا مع عقلية واحدة مشتركة التخلف وتوارثت ثقافة الاستغلال ؛ وبالتالي المتاجرة بأي شئ من أجل تحقيق المنافع والأهداف والمصالح ؛ فرادى وجماعات ؛ بل ومجتمعات وحتى سلطات حاكمة أو دينية !! إسلامية أم مسيحية ؛ الكل سواء ؛ ومن يقرأ ويدرس ويطالع واقع الحال يجد مصداقا لقولنا السابق ظاهرا للعيان بأمثلة لا حصر لها في مجتمعاتنا وبشكل واضح وسافر ؛ فالجميع يدندن ويغني على ليلاه ؛ ومن منظوره هو تبعا لمصلحته وتفننه في الاستغلال ودون إيمان أو إقتناع بالمثل والقيم الإنسانية التي يرفعها ويتاجر بها واستغلال الشعارات إياها !! دينية أم سياسية أم علمانية ؛ ولهذا لم يكن مستغربا استغلال المثل والقيم الإنسانية السامية التي هي من صميم ركائز العلمانية في مجتمعاتنا أسوة بالأديان !! فاستغلت تماما كالأديان وعلى نطاق واسع من أنظمة ونظم مجرمة حاكمة ؛ ومن أحزاب وضيعة ؛ ومن أشخاص وضعاء هم في قرارة أنفسهم وسلوكهم واستغلالهم ومشاعرهم !! رجال دين كهنة أو شيوخ مسلمين !! لكن بواجهة تقدمية وشعارات علمانية !!! فأخذت أجيال شابة كثيرة في مجتمعاتنا انطباعا سيئا عن العلمانية وبصورة أبشع مما توارثته في الأذهان عن رجال الدين مسلمين أومسيحيين على حد سواء ؛ فآثرت أجيالنا تطبيق المثل الشعبي " أرض بقردك ليجيك أقرد منه " ؛ ولهذا عوضا عن معرفة حقيقة العلمانية نصبوا لها العداء بناءا على ما رأيناه من ممارسات بشعة مارسها أشخاص وضعاء استغلالا لها أسوة باستغلال رجال الدين للجامع أو الكنيسة ؛ وليت الأمر اقتصر على ذلك ؛ بل امتد لجهات وتوسع أكثر وباسم العلمانية والمدنية !! فمثلا بمصر الكنيسة الأرثوذكسية تدعو للعلمانية في المجتمع المصري وهي دعوة نؤيدها لو لم تكن بمثابة قميص عثمان !! فصراعها مع الإسلاميين والمتأسلمين جعلها ترفع شعار العلمانية وهي في الواقع أسوأ من يمارس الاستغلال والاستعباد والتسلط على شعبها الكنسي ورعاياها !! ففي الوقت الذي تدعو فيه للحريات تقمع شعبها بسلطان الكهنوت والكاهن وبقية أسرار الكنيسة !! خاصة بما هو متعلق بالزواج والطلاق !! ؛ بل إن موضوع الحرية الدينية عندها يظهر بأبشع صورة تجاه رعاياها الأرثوذكس !! والعجيب أنها تستغل العلمانية للتنصير !! ورعاياها ابتداءا مقموعون ! كحال شيوخ الإسلام مع السذج من المسلمين تماما !! والمضحك أن الطرفين يحاولان استغلال العلمانية للتنصير أو الأسلمة !! وليت الأمر اقتصر على رجال الدين فحسب ! بل بعض المنحلين أخلاقيا والمعدومي الضمير والأخلاق يحاولون استغلال العلمانية بمطالبتهم تقنين الدعارة والمخدرات !! وكأن العلمانية تدعو للجنس والرذيلة وكبائر الموبقات وصغائرها !! والمضحك بالفعل مع الاستغلال والتوظيف والمتاجرة بها لم يكتفوا بتشويه العلمانية عبر سلوكياتهم وممارساتهم وأفعالهم ! بل يهاجمون العلمانية تارة !! وتارة يهاجمون الغرب لعلمانيته !! فعلا نحن شعوب توارثت مخزيات لا مبدل لها !!!!
#لؤي_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
واشنطن الإرهابية تعالج التطرف الإسلامي !!
-
النظام الأردني نكث عهده بتعليق الإعدامات
-
واشنطن وضرورة محاورة الإخوان الآن .
-
متى تعاد كرامة المرأة المسيحية الأرثوذكسية ؟
-
المرأة ليست نصف المجتمع
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|