أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى وفيق - يموتون تباعا..و كل موت و أنت حي يا ابي!














المزيد.....


يموتون تباعا..و كل موت و أنت حي يا ابي!


منى وفيق

الحوار المتمدن-العدد: 1332 - 2005 / 9 / 29 - 11:25
المحور: الادب والفن
    


لي شهقتان ..و هي البومة لها صدى يسكنني بقرف طاغ..نشأتُ معتادة ألفتها الحميمة مع الموت..قالوا كبارا أن نعيقها يؤذن بقدومه مبشّرا..و لم يكن إلا محقّقا بشارتهم.. فهو الموت!
لي شهقتان..
شهقتان اثنان تبحثان عن ثالثة لا تجدهما..
شهقتان هما .. واحدة للحياة و أخرى له ..للموت!!
لكن ، وحده قادر على جعلي أشهق بذلك الشكل ..الموت!!
الموت ..أتاني مرارا ساخرا ، ملثّما بالحزن ، مخاطبا بياضي بكل عنفوان السواد!
غير قادر هو على الهمس من الخارج..و لشدّما هو بارع في الانسحاب عميقا نحو الداخل ليخرج إلى الخارج رنّانا ، راقِناً آلاما تهتز بين أضلعك بانسياب نزيف دام!
يلاعبنا الموت بلطف..غنيّ في تنوّعه و عبقريّ في اختيار توقيته..خير خالق للدهشة أبدا!

أيّنا يغيظ الآخر أكثر هو أم أنا..؟!
جولاته معي كثيرة و كثيرة ..ظفر فيها جميعها..قد كان يحسن ارتداء الحيوات داخلي ليقتلها..

بدءا ،اختار الأصدقاء .. ساومهم طويلا حين وجد حبي لهم كبيرا لا تحتمله قلوبهم المعتادة على العادي و الجاف و القليل ..عجزت عن تأبينهم بعدما ماتوا داخلي..و مضى هو ساخرا بفرح!

بعدها ، مات الحب الذي كان وجها لحبيب لم يكتمل.. ناداني قبل احتضاره "أخشى إن أطلقت سراحي أن أطير حرّا إلى لا شيء"..بيد أنّه طار فعلا إلى موت..إلى موت!

ثم مات الفرح متأثرّا بجراحه من معارك عدة مع خيانات ما فتأت تبحث عني و كنت أخلف مواعيدي معها ..غير أنّها كانت تجدهم في انتظارها عوضا عنّي.. قد تواطأ الحزن مع الموت ،و ذهب الفرح إلى غير ما فرحة!

وبين الزمنين ،بين القبل و البعد، أتاني الموت إلكترونيّا .. كان الكفن ميسنجرا والدّفن طقوس مختلفة لجماعة من إنترنيتيّّين ..بضعهم يرديك طريح المرض متعافيا بين حبلين حين يحظرك و البعض الآخر يكون رحيما فيغتالك حين يحذفك من قائمة ميسنجره!

دور أحبّ صديقاتي لم يتأخر البتة ، فقد ماتت داخلي أو جعلتني أختار لها في كلّ حين ميتة مختلفة.. ذاتي كانت صديقتي..و أصبحت صديقتي اليوم أقنعة كثيرة للموت!
في لحظة بين القلب و الروح ماتت دمعتان و ثلاثة و خمسة..ساوم الموت العين المريضة فظل العوسج يسكن العين دون أن تنزف دمعتان و ثلاثة و خمسة..!

أمس فقط ..مات الله مجددا ..رحت أتلمس نوره في العتمة ..العتمة شديدة ..شديدة و ضوءها يُضِلّ ُكلَّ نور..و العتمة تشتد و تشتد في حين أجدّ باحثة عن الله..و أجده ميّتا داخلي و لو لحـــــــــيــــــــــن!

هو أيضا مات..."بّا مكتار" .. هل يعرفه أحدكم غير الموت؟ كان جدّا لي تبنّيته عن حب و و استحقاق..حين مات أبي أنا من لا جدّ لها..اخترت "بّا مكتار" جدّا لي.. ماكانت ابنة الأربع عشرة ربيعا خريفيّا إلا لتجد كل الفرح و الحياة في قبول الدراهم من "بّا مكتار"..مات "با مكتار"..ليحيى اليتم عن سابق موت!

ماتوا ..و يموتون تباعا يا أبي الحبيب.. و لكنّك حيّ بعد كلّ موت ..تحيا مع كلّ موت يا أبتي..وحدك تمنع عنّي سخرية الموت!!

لك موتٌ يا موتُ يوما..و إلى حينه أقول لك ملئ الحياة ": تبّا لك ، تترك لنا مسافات نتوهّم أنّنا نتنفّس داخلها في حين لسنا إلاّ ممارسين طقوس الفجيعة ، منتظرين موتا آخر!



#منى_وفيق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوبوغرافيا الحزن
- لوليد بن طلال..تلك شذرات حلميّة
- قصص قصيرة
- مونيتا
- أسهم للبيع.. من يشتري مني كل هذا الحزن؟!
- سطر في الخواء!


المزيد.....




- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى وفيق - يموتون تباعا..و كل موت و أنت حي يا ابي!