أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف العاني - عبدالجبار عباس ...غادرنا بهدوء كأنه الصمت














المزيد.....


عبدالجبار عباس ...غادرنا بهدوء كأنه الصمت


يوسف العاني

الحوار المتمدن-العدد: 4794 - 2015 / 5 / 2 - 18:41
المحور: الادب والفن
    


قبل تأسيس فرقة المسرح الفني الحديث عام 1957م أحسسنا انه واحد منا ... يسير معنا بعيون مفتوحة وتواضع جم وذهن متقد من أجل ان يتعلم كل شيء ويرمي بتراكمات سابقة لا قيمة لها كان قد تعرف عليها واقترب منها بعفوية وبساطة .. ولم تكن تعني شيئا في مفهوم القيم الحقيقية لبناء الانسان .. ( ليس السطح اللامع هو الطموح ولا الصعود السهل هو الارتقاء الحقيقي) .. تعرف على هذه الحقائق بسرعة بنهم كبير اليها .. لم يكن يتردد في ان يعمل كل شيء من اجل ان يخطو الخطوات الاولى في درب المسرح الحقيقي والخطوات الرصينة الاولى في السينما .. وراح – نحن نشجعه – راح يقرأ ويستمع الى لقاءاتنا بانتباه وحماسة فذة .. فمن سطور قليلة كان يكتبها معبرا عن بعض آرائه .. راح يخوض مناقشات بتردد اولا ثم من دون تردد ليعبر عن موقفه ووجهة نظره بشجاعة .
خطواته كانت هادئة لكنها تعمقت شيئا فشيئا وراح هو في الوقت ذاته يتحمل مسؤولياته في المسرح وجدارة .. ثم راح يدعو الى تعميق كل خطوة ويحلم احلاما كبارا وصار جزءا مهما من مسيرة فرقة المسرح الحديث .. ليعلو اسمه وتتركز ومكانته في مسرحيات كثيرة مازال بعض منها في ذاكرة الناس .
فدوره الحميم والممتع والذي يضحك ويبكي .. (مرهون ابو قنبورة) في " النخلة والجيران " .. مازال انموذجا في عفوية الاداء وصدقه وعمق تأثيره في الناس حسرات وآهات وضحكات من القلب في آن واحد .
هكذا ترتسم صورة .. ( عبدالجبار عباس) امامي وانا أقرأ خبر وفاته للمرة الثانية .. بعد ان وصلنا نبأ موته قبل زمن بعيد ليكتب عنه من كثب ويخصص له حقل وفاء في برنامج سهرة الخميس .. وهو حي يرزق .. وكانت تلك مصادفة مرحة بالنسبة له .. فقد كان يجيد حبك مصادفات مضحكة في مناسبات عدة يضحك من معه ويؤنسهم بها .
عبدالجبار عباس كان ممثلا يدخل في القلب قبل ان يقف على المسرح .. يسهل كل الامور ولا يعقدها .. حتى ملابسه يوفرها ويختارها من بين الملابس المتكدسة في مخزن الفرقة .. حتى انه يرتديها ويقف امام المخرج ونحن بعد في مرحلة قراءة النص . ينتبه لكل الملاحظات وان لم تكن تعنيه في شيء .. منضبط مواظب وفي الى حد التضحية يتساءل عما لا يعرفه فان لم يستوعب اعاد ثانية وثالثة .. ولكن بأدب طريف !
كان عبدالجبار عباس انموذجا لكل عضو جديد يدخل فرقتنا المسرحية يحاول هو اولا ان يعلمه على الصح من دون استعلاء ومن دون ان يشعره بأنه يعلمه .. بل يأتي المعلومة منسابة من خلال أكثر من مناسبة .
عبدالجبار عباس جاع ولم يحن رأسا .. ولم يستجد من أحد .. بل راح يكدح بشرف وبسالة عاملا بسيطا ومستخدما في اكثر من مكان من دون أن يكون بموقع (المذلة) الفنية ان جاز لي هذا التعبير .
فمنذ ان وعى ومارس درب الفن الحقيقي النظيف .. تعالى مع نفسه فصار مطلوبا ومرغوبا في أكثر من مكان وحالة .. المسرح ، السينما ، الاذاعة ، التلفزيون .. فبعد ان بدأ بدور ( ام علي) حين عزت الادوار النسائية صار مخرجا اذاعيا تشفع له كفاءته وتجربته .. وممثلا يسأل عنه الناس ان غاب عنهم وسار الزمن بتناقضاته .. والانسان ابن زمنه .. فاقعده المرض .. مرض جاءه على عجل حين رافق اصدقاء السوء .. ولم يحظوا له حرمة بل استغلوا طيبته ووفاءه .. ولم يكن يدري ان الدنيا – احيانا – غادرة ان لم تنتبه لمن ولما يحيطنا منها .. وكاد ان يفقد الحياة اكثر من مرة .. لكن عائلته الكريمة الطيبة احاطته ، وراحت تكدح كما كدح وتبذل الجهد كي تحافظ عليه .. فأكسبته سنوات عمر جديدة .. ولكن ، لن يطول العمر وقسوة الحياة اعتى من ان تتكسر .. فتوقف القلب الطيب ليغادرنا بهدوء كانه الصمت .. مثلما جاءنا ذات يوم صامتا ليقول : " أريد ان اعمل معكم .. لأتعلم " .. فتعلم وعلم .. ثم عاد ليصمت الى الأبد ..
رحمك الله يا عبدالجبار !



#يوسف_العاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خليل شوقي.. والتلفزيون
- الواقع والحداثة في مسرح الخمسينات
- تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب...(الملا عبود الكرخي)
- عوني كرومي ...... رحلة مسرحية مبدعة لم تنته بعد
- يحيا العراق ومسرح العراق
- إلى من يهمهم الأمر.. تذكروا فنان المسرح فاضل جاسم..!
- تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب...
- زينب..!
- قبل رفع الستار ..... مع النخلة والجيران
- السيرة الذاتية للفنانة القديرة خيرية المنصور
- مخرجون عملت معهم في المسرح ....... سامي عبد الحميد
- مخرجون عملت معهم في المسرح ....... جاسم العبودي
- مخرجون عملت معهم (التلفزيون) خليل شوقي
- مخرجون عملت معهم في المسرح ..... غانم حميد
- مخرجون عملت معهم (التلفزيون) يوسف جرجيس
- سنوات لا تنسى مع قاسم محمد
- مخرجون عملت معهم المسرح ...... ابراهيم جلال
- مخرجون عملت معهم في المسرح ..... عوني كرومي
- استاذنا الرائد والرمز: (حقي الشبلي)
- صفحات من سيرة فنان رائد ...... جعفر السعدي


المزيد.....




- الثقافة السورية توافق على تعيين لجنة تسيير أعمال نقابة الفنا ...
- طيران الاحتلال الاسرائيلي يقصف دوار السينما في مدينة جنين با ...
- الاحتلال يقصف محيط دوار السينما في جنين
- فيلم وثائقي جديد يثير هوية المُلتقط الفعلي لصورة -فتاة الناب ...
- افتتاح فعاليات مهرجان السنة الصينية الجديدة في موسكو ـ فيديو ...
- ماكرون يعلن عن عملية تجديد تستغرق عدة سنوات لتحديث متحف اللو ...
- محمد الأثري.. فارس اللغة
- الممثلان التركيان خالد أرغنتش ورضا كوجا أوغلو يواجهان تهمة - ...
- فنانو وكتاب سوريا يتوافدون على وطنهم.. الناطور ورضوان معا في ...
- ” إنقاذ غازي ” عرض مسلسل عثمان الحلقة 178 كاملة ومترجمة بالع ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف العاني - عبدالجبار عباس ...غادرنا بهدوء كأنه الصمت