|
قراءة لقرار مجلس الامن 2218 حول نزاع الصحراء
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 4791 - 2015 / 4 / 29 - 21:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل جاء القرار الاخير 2218 لمجلس الامن بجديد لنزاع الصحراء بين المغرب وبين الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ؟ من خلال تحليل القرار يتبين انه نسخة طبق الاصل لجميع القرارات التي اتخذها مجلس الامن بخصوص نزاع الصحراء ، خاصة القرار 2152 ( 2014 ) . فما يُستنتج من القرار الصادر يومه الثلاثاء ( 2015 ) هو الستاتيكو . وبالرجوع الى تفاعل اطراف النزاع قبل صدور القرار ، فان التساؤل الذي كان مطروحا ، هو حول مدى موافقة مجلس الامن على توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان بالأقاليم الجنوبية الخاضعة للسيطرة المغربية ، وبتندوف حيث سيطرة الجبهة سياسيا وعسكريا . كما كانت التساؤلات منصبة حول قدوم مجلس الامن بالتنصيص على تكوين هيئة تُكلف بمراقبة استغلال ثروات المنطقة ، باعتبار ان الامم المتحدة تعتبر الاقاليم الجنوبية المتنازع عليها داخلة في مناطق تصفية الاستعمار التي حلها لن يكون إلاّ بإشراف الامم المتحدة ، وبواسطة الاستفتاء وتقرير المصير . المغرب كان متخوفا من هذه الصلاحيات التي ستمس سيادته حيث ستصبح الامم المتحدة من خلال المينورسو بمثابة مقيم عام يتصرف خارج الضوابط القانونية للدولة المغربية ، في حين ان الجبهة كانت ترغب في تمكين مجلس الامن للهيئات المنتدبة بالصحراء ( المينورسو ) من هذه السلطات التي ستفرمل السلطات المغربية ، وتشكل تأكيدا ، وبالمباشر على رفض المجتمع الدولي للأطروحة المخزنية حول الحكم الذاتي ، فأحرى المغربية للصحراء . ان الاستنتاج الاولي الذي يستنتج من القرار 2218 ، انه لا يختلف عن جميع القرارات التي خرج بها مجلس الامن بشأن نزاع الصحراء منذ 1975 . ان قرارات مجلس الامن تدعو دائما الى المفاوضات الناجعة بين اطراف النزاع من اجل ايجاد حل سياسي متوافق عليه ، يؤدي الى تقرير مصير الشعب الصحراوي . لذا فالقرار لم ينتصر للجبهة ، لأنه لم ينصص على توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل حقوق الانسان ، كما لم يكلف اية هيئة اممية بالإشراف على مراقبة استغلال الموارد الطبيعية . ومن جهة وبشكل ماكر ، يحث القرار اطراف النزاع للوصول الى حل سياسي متفق عليه ( هنا الاشكالية ) يؤدي الى تقرير مصير الشعب الصحراوي . ان المتمعن في القرار سيكتشف ان حل تقرير المصير ومسطرة اجراءه لن يحصل إلاّ بحصول شرط واقف ، وهو قبول اطراف النزاع لهذا الحل . وفي معارضة احد اطراف النزاع له ، يعني ان حل الاستفتاء لن يحصل ابدا ، والمشكل سيستمر هكذا طالما انه منصوص عليه بمقتضى قرارات مجلس الامن . إذن . ان صيغة تحرير نص القرار خدمت الموقف المغربي المعني بقبول الحل السياسي ، فإذا لم يقبله ، فانه سيصبح متحللا من اي حل لا يعكس مصالحه ، وهذا منصوص عليه في قرار مجلس الامن ( حل سياسي متوافق عليه ) . لكن رغم ان صيغة النص تخدم الموقف والحق المغربي ، فان قرار مجلس الامن الذي تتحكم فيه القوى العظمى ، خاصة الولايات المتحدة الامريكية ، وفرنسا ، وبريطانيا ، ترك مجالا مفتوحا للتأويل المفرط من قبل كل من يعتقد انه متضرر من نص القرار . هكذا فبعد ان خدم نص القرار الحق المغربي من حيث ربطه الاستفتاء بالحل السياسي المتوافق عليه ، اي الشرط الواقف ( موافقة اطراف النزاع على صيغة وشكلية الحل وإذا لم يوافق احد الاطراف على هذا الحل فان الاستفتاء لن يقع ابدا ) ، فانه ترك للطرف الاخر ، الجبهة الانفصالية مساحة مهمة قصد تحويل الهزيمة الى نصر من الخلال التوسع في تفسير قرار مجلس الامن الذي استعمل مصطلح الصحراء الغربية ولم يستعمل الصحراء المغربية ، وهو ما يعطي للجبهة انطباعا بكون المجلس لا يعترف بمغربية الصحراء ، ومن كون القرار لم يشر لا من قريب او بعيد الى حل الحكم الذاتي الذي اقترحه المخزن ومات منذ ثانية النطق به ، وهو ما يفسر بكون الحل الاول والأخير المعتمد من قبل المجلس هو الاستفتاء وتقرير المصير . كذلك هنا سنجد ان قرار مجلس الامن ساوى بين المغرب الدولة ، وأعضاء مجلس الامن خاصة فرنسا واسبانيا يعرفون ان الصحراء مغربية ، وخضعت للاحتلال الاسباني في خضم الاستعمار الذي قسم المغرب ، الى منطقة شمالية والصحراء احتلتها اسبانيا ، وطنجة كانت محتلة دوليا ، والمناطق الداخلية ، وكانت تحتلها فرنسا ، وبين الجبهة التي تبقى منظمة انفصالية صنيعة الحرب الباردة . إذن ماذا يمكن استنتاجه من هذا التلاعب المقصود من قبل المقررين بمجلس الامن ؟ الاجابة هي ان حل قضية الصحراء ليست بيد المغرب ، ولا بيد الجزائر ، ولا بيد الجبهة التي تشكل طابورا شبه عسكري يتبع للجيش الجزائري . ان الحل هو بيد دول الاستعمار الامبريالي التي تُبْقي على النزاعات مفتوحة بالبلاد العربية والإسلامية ، الى ان يحل اجل حلها بما يُقسم المُقسم ، ويُجزئ المُجزئ ، ويضعف الضعيف . ان نزاع الصحراء الذي عمّر لأكثر من اربعين سنة ، هو الآن تكملة للمشروع الامبريالي الذي يُدمر دول وشعوب الشرق بيد امريكا وبريطانيا ، وتستعمل فيه بعض الادوات مثل السعودية ، والأردن ، وقطر ، والإمارات . وما دام ان الصراع يرتبط بأجندة استعمارية ، فهو سيستمر ، وقد يستمر اربعين سنة قادمة ، إذا لم يطرأ جديد يُحتّم التعجيل بفرض حل فوقي على الجميع . الآن نطرح السؤال : الم يحن الوقت كي تستفيق قيادة الجبهة كمنظمة انفصالية وعلى رأسها عبدالعزيز المراكشي الى المقالب التي نصبتها لهم الجزائر وليبيا معمر القدافي ، حيث تستعملهم كأدوات في خدمة مشاريع لا تخدم في شيء قضية الصحراويين التي يعيشون بتندوف في ظروف اكثر من صعبة منذ اربعين سنة ؟ هل قُدر على المواطنين الصحراويين ان يعيشوا ابد الدهر في تلك المخيمات وعسكر الجزائر يتاجر بالمساعدات التي تبعثها لهم المنظمات الدولية ؟ لقد فشلت قيادة الجبهة حين راهنت على حلول غير منطقية ، وباعتراف الهولندي بيترفالسوم المبعوث السابق للامين العام للأمم المتحدة بان عملية الاستفتاء مستحيلة التطبيق في الصحراء . فأمام هذا الاعتراف الأممي لم يبق امام قيادة الجبهة برئاسة عبدالعزيز المراكشي غير حل واحد . إمّا الهروب والدخول الى المغرب كمواطنين عاديين ، ودون الحلم حتى بالحكم الذاتي ، لأنه اضحى متجاوزا ، وإما الاقرار بالفشل والهزيمة ، وهنا على القيادة الستالينية ان تقدم استقالتها ، وتترك المجال والفرصة للشباب الصحراوي في ان يقرر مصيره بنفسه ، ودون وصاية من الصقور او من الجزائر . وإمّا العودة الى لغة السلاح ، وهنا تكونون قد انتحرتم عن طيب خاطر ، لأن تلك الدبابات التي استعرضتم مؤخرا ، ستكون حطبا لطائرات ف 16 ، وللدبابات المغربية الاكثر تطورا . ان الجيش المغربي اليوم ، ليس هو جيش السبعينات . لقد استفاد كثيرا من خطأ استراتيجي ارتكبتموه عند توقيعكم على اتفاق وقف اطلاق النار في 1991 ، عدة وعددا . وإذا كان الجيش في سبعينات القرن الماضي يتقبل الضربات في الخنادق ، ففي هذه المرة ستكون الحرب مفتوحة الى قلب تندوف ، والبادئ فيها سيكون اظلم . ان اي خرق لاتفاق وقف اطلاق النار سيتحمل مسؤوليته خارقه . العين بالعين والسن بالسن والبادئ اظلم . وختاما ادعوكم الى التبصر وتحليل ما حصل للحوتيين ، وللانفصاليين الباسك والكرسيكيين ، والجيش الجمهوري الايرلندي ، لحزب العمال الكردي( ب ك ك ) ... لخ .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- ملف حقوق المرأة في العالم العربي -
-
انصار واعداء الرسل : المجتمع الاشتراكي مجتمع الكفاية والعدل
-
رد على مقال الاستاذ سعيد الفطواكي . ملكية برلمانية ام جمهوري
...
-
هل تنفع المخزن سياسة الهروب الى الامام للإلتفاف على ازمته ال
...
-
قوى المعارضة السرية في الاسلام
-
السلف الصالح
-
بحلول 23 مارس 2015 تكون قد مرت خمسة واربعين سنة على تأسيس او
...
-
من افشل حركة 20 فبراير ؟
-
بيان الى الرأي العام الحقوقي
-
المكيافيلية والسكيزوفرانية الفرنسية : هل فرنسا مع الحكم الذا
...
-
بلاد دنيال كالفان . بلاد الظلم والذل والعهر والعار . بلاد هك
...
-
انزلاق المغرب من دولة علم ثالثية متخلفة الى دول ربع العالم ا
...
-
حين تصبح الدواعيش التكفيرية اوصياء على الاسلام
-
إلغاء ام تأجيل لوقفة الائتلاف من اجل التنديد بالدكتاتورية ام
...
-
على هامش الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الائتلاف من اجل التندي
...
-
الازمة العامة الحليف الاستراتيجي للمعارضة الحقيقية -- انتفاض
...
-
البوليساريو يقبل بالحكم الذاتي بشروط
-
هل يحيل الامير هشام العلوي نزاع الصحراء الى اتفاق الاطار؟
-
حين يتم جعل السلطة الشخصية المسيطرة سلطة مقدسة -- وظيفة العن
...
-
فرنسا هي كريس كولمان
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|