|
مختصر المقال في المافيا السياسيّة أو في مافيا الامبراطوريّة
سلام زويدي
الحوار المتمدن-العدد: 4791 - 2015 / 4 / 29 - 17:17
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
"مختصر المقال في المافيا السياسية." أو في مافيا الامبراطورية السؤال المستعصي والمبهم والغائر الجائع معا هو سؤال أرخي وجينيالوجيا المافيا ،أي أصل المافيا وفصلها من أجل استقصاء وتتبع رحلة المفهوم من النظري إلى العملي والدوران معه في دهاليزه المظلمة وتعرجاته الضيقة. هنا تتوجه بصيرة الفكر صوب هذا الجهاز من أجل العمل داخله بل للحفر بين ثنياه بغية الكشف عن التفرعات الصادرة عنه والمتمركزة داخل بنيانه. من هي المافيا ؟ وماهي شعاراتها ؟وكيف تشتغل؟ وماهي الظّروف التي أنجبتها؟ في الهنا والآن والتو المافيا السياسية هي الرأسمالية العالمية ودرجتها هي الامبراطوريّة المعولمة المعممة التي طالت كل الأشياء . مافيا رأس المال : العائم أو السابح بأجهزته : منظمة التجارة العالمية ،صندوق النقد الدولي ، مجلس الأمن ، منظمة الأمم المتحدة :يبرم المعاهدات والاتفاقيات والأجندات الاستعمارية لنهب ثروات البلدان . إن السؤال الذي يعنينا هو التالي: كيف أمست الرأسمالية مافيا عالمية؟ لأن جوهرها متقوم علي الربح المسعور بأي طريقة كانت وانشاء عالم على صورتها كما يقول ماركس ، ههنا تتجمع المافيا العالمية في شكل شركات متعددة الجنسية أو ما يعرف بالشركات العابرة للقارات بحثا عن المواد الأولية واليد العاملة الرخيصة وقواعد إستهلاكية لترويج عالم بضاعتهم. وتعتمد هذه المافيا لضمان إستمراريتها علي مجلس الأمن من ناحية وعلي الكوليانية العولمية التي أنسنت الاستعمار تحت شعارات "فرض الديمقراطية " و "محاربة الإرهاب"وما حدث في أفغانستان والعراق وليبيا والتدخل في السودان وما يحاك الآن ضد سوريا :يكشف الإستراتيجية التي تعتمدها المافيا السياسية الغربية التي تمتلك في جعبتها القدرة الكفيلة لصناعة الحروب والثورات والنعرات والكوارث والمجاعات والتخلف والفقر من أجل ضمان تأبيد سيطرتها علي العالم واستمرارية عملية نهب ثروات بلدان التخوم وامتصاص العملة من جماجم ضحاياها. مافيا العولمة تترجم السباق المسعور للغرب الاستعماري لإعادة إفتسام العالم بعد التحكم في الربيع العربي وتحويله إلي خريف سايكس بيكو معولم لضرب مسار الثورات من أجل معاودة إقتسامها والأنكى من كل ذلك هو طبيعة المافيا التي تتحكم في العالم فوجودها مرتهن بسياستها الخارجية وبالإتفاقيات الإستعمارية المبرمة مع بلدان الأطراف وما يحدث اليوم في المنطقة العربية بعد قضائها علي دكاكرتها ليس إلا تحالف شياطين أبرم بين مافيا السياسة ومافيا الأديان . هكذا ولدت مافيا رأس المال الفوضي في ليبيا، تناحر الطوائف الدينيّة في العراق واليمن لذلك فإن الطريق نحو اعادة تدبير العالم يمرّ حتما ووجوبا عبر تدمير المنظومة الرأسماليّة وبتفكيك أجهزتها ومن ثمّة المرور الى تشكيلة اجتماعيّة واقتصاديّة جديدة تكون ضامنة ومعبّرة عن هموم الهامش الذي داسته المراكز وحاملة لاتيقا التحرر والانعتاق من جميع أشكال الاجحاف والتفقير والاستعمار الناعم الذي يكبّل مقدرة الهامش على التطوّر من ثمّة فإنّ تحقيق مثل هذا التدبير الديمقراطي الذي يكون حاملا للعالميّة والكونيّة والمؤسس لاتيقا العيش معا داخل عالم يجمع الجميع لا يكون ممكنا إلاّ عن طريق استئناف ماركس على ضوء الأزمة التي تنخر الامبراطوريّة المعولمة ومن ثمّة فإنّ الفلسفة في الراهن مطالبة بالانخراط في الواقع بأكثر حدّة وصلابة لأنّ الانسانيّة لا يمكن لها أن تتجاوز شرور اللحظة والدرجة الصفر من التدبير السياسي إلاّ عن طريق تفجير وتدمير المنطق الذي تشتغل به الامبراطوريّة المعولمة فعمليّة تحرير الإنسانيّة من بطش المنظومة الرأسماليّة لا يمرّ عبر إصلاحها أو الحد من تغوُّلها وطغيانها أو تقويم اعوجاجها حتى تعود الى طورها بل إنّ هكذا أمر لا يكون ممكنا إلاّ من خلال تفجيرها وتدميرها ومن ثمّة مجاوزتها فما فعلته عبر مسارها التطوّري ليس سوي جر الإنسانيّة من قلب العالم الى أطرافه الى التوحش والبربريّة لذلك فإنّ شفاء الإنسان من شقائها مرتهن بالنضال ضدّ الرأسماليّة المتوحّشة من أجل تدميرها يعني ذلك أنه " من واجب أيّ نضال ضدّ الامبرياليّة ( وما يترتب عنها من حروب وبؤس وفقر وحرمان واستعباد) أن يكون أيضا منطقيا نضالا مباشرا ضدّ الرأسماليّة. وأي أية إستراتيجيّة سياسية هادفة الى إصلاح التشكيل المعاصر للنظام الرأسمالي بغية شقائه من علّة الإمبرياليّة غير ذي جدوى... لا يمكن التصدّي لشرور الإمبرياليّة إلاّ عبر تدمير النظام الرأسمالي نفسه فالعودة إلى الى مافيا رأس المال تكون ترجمة على التطوّرات و التسارع في صلب حركة التاريخ و الذي من خلاله منح للتاريخ معنا نتيجة تخمة الأحداث، فكان بدءها الإنهيار السوفياتيّ و سقوط جدار برلين مع دخول الرأسمالية طورا جديدا أتسم بالتوحّش و غياب التحضّر بالمفهوم البدائي للكلمة تكون نهايته أحداث11 من سبتمبر وبمعيته دخل حلف الشمال الأطلسي في سياسات القتل و العزل السياسي للبلدان المعروفة ب" محور الشرّ" فكان التدخل في العراق و السودان ، توقفا في التدخل القصري و الإجباري في سياسات الدوّل ، وها نحن اليوم نعيش على حطام الخيارات السياسية المريضة والفاشلة التي إنتهجها دكاكرة العرب المسقطين في: تونس و ليبيا ، كما في اليمن و مصر و بقاء نظام الأسد على مسرح الأحداث متوقف على المصالح الإقتصاديّة مع ممثلي القرار في النظام الصيني و الروسي .لذلك يكون الفلسفة مطالبة في الهنا بالتفكير مع ماركس في ما ابعد من ماركس من اجل المرور من فلسفة الثورة الي فلسفة المقاومة كمقدمة ممكنة لكل عملية تحرر ممكنة من غطرسة الامبراطوريّة الرأسمالية المعولمة. إن عودتنا إلى مافيا راس المال داخل نظام الامبراطورية المعولمة أملته كل هذه الأحداث التي تصيّر إليها العالم ليدخل في هوة لا مخرج من بعدها ، فلئن سعى ماركس الى فضح الطابع الكارثي لحركة رأس المال الذي ينتج الثروة لنفسه والفقر لغيره فإن المطلوب اليوم هو فضح الخلفيّة الاستبداديّة للأنظمة العربيّة المعاصرة و ذلك لبيان الفهم المثالي للمشاكل الشعبيّة و رؤيتها المعكوسة لحركة التاريخ ، أمّا على مستوى الخارج فالمطلوب هو فضح الطابع الرجعي لأعتى البلدان الغربيّة ديموقراطيّة و تقدما و بيان روح التوحش و العنهجية و الكوليانيّة في الخطابات السياسية الغربيّة . يعني ذلك أن المطلوب و الأكثر من مطلوب هو فضح سياسات العولمة ومن ورائها تعرية الأقنعة التى يتستّر خلفها السياسيون في الغرب لكشف رؤيتهم الساسية الرجعيّة الساعية إلى عرقلة مسار التاريخ و تقدم الحضارات و ذلك بتأبيد تخلف الأطراف" العالم الثالث " : تأبيد جهلهم لأنفسهم و العالم بإستراتيجيات صناعة الحروب و الفقر و التوترات والنعرات الدينيّة كما الحروب الأهليّة كل هذه المساوئ ماهي إلا ترجمة على التوحّش الذى تصيّر إليه العالم الذى لا نملك من أجله إلا هذه اللغة الفارغة والعارية، التي تحاكي في عمقها العراء الذي حلّ كافاجعة بالإنسان و بالقيم: سياسة و أخلاقا ، إيتيقا و إستيتيقا ، فلماذا الحاجة بنا إلى ماركس و هل ينفع ماركس بعد الآن ؟ إن الحاجة بنا إلى ماركس لا تزال راهينية لأن ما أتاه و ما كتبه لا يزال يحتفظ براهنيته لأن الرأسمالية التي حلّلها ماركس : هي الآن العولمة المتوحّشة فلما لا تفعيلها لتكون النصف الآخر من تقدم الإنسان أينما كان بغضّ النظر عن إنتماءاته السياسيّة و العرقيّة و الهوويّة؟.
#سلام_زويدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النقد الماركسي للديمقراطيّة
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|