داود روفائيل خشبة
الحوار المتمدن-العدد: 4790 - 2015 / 4 / 28 - 15:10
المحور:
الادب والفن
أبشروا بنهاية قريبة يا أيها البشر
داود روفائيل خشبة
ظلت الطبيعة على مدى ملايين السنين تعمل على تطوير أشكال الحياة على الأرض.
أنتجت الرهور البديعة، أنتجت الفراشات الجميلة، أنتجت الطيور الحرّة، أنتجت البهائم التى تعيش اللحظة الهانئة القانعة.
وفى خلال ذلك كانت تأتى بنتائج فاشلة لا تلبث أة تفنى.
لكن واحدة من تلك التجارب الفاشلة – تجربة الجنس البشرى – كانت تتمتع بالوعى، وأنشأ الوعى مفهوم الزمن، فلم يعد إدراك البشر يقتصر على اللحظة الراهنة والتجربة الحاضرة، بل أصبح يمتد إلى ما هو غير موجود. أوجد البشر الماضى وأوجدوا المستقبل، أوجدوهما وكلاهما عدم غير موجود. وأوجدوا أطماعا وأحلاما ونوازع لا وجود لها إلا فى فكر البشر. وأعطتهم قدرتهم على إيجاد ما هو غير موجود أعطتهم قدرة على السيطرة على بقية الكائنات الحية وأعطتهم قدرة على التحكم المحدود فى مسارات الطبيعة.
بهذا استطاع البشر البقاء رغم أنهم لا هم أقوى الكائنات الحية ولا هم أذكى الكائنات الحية. ما قوة الواحد من البشر أمام قوة النمر؟ ما ذكاء البشر أمام ذكاء النمل أو النحل أو السنجاب أو حتى العنكبوت؟
ذكاء البشر الذى يتباهون به هو لعب بمجرّدات هى فى حقيقتها عدم فى عدم.
ماذا كانت نتيجة هذا الذكاء الكاذب؟ أبرز نتائجه دمار وخراب. خرّب البشر الطبيعة التى هى أساس وجودهم وسلامتها شرط بقائهم. ودمروا وأفنوا بعضهم بعضا ولا يزالون يدمرون ويفنون بعضهم بعضا. ما أحسبنى بحاجة لأن أقدم الشواهد والأدلة.
فأبشروا بقرب نهاية يا أيا البشر، حيث تستريح الأرض من وزركم وتعود الطبيعة تعمل وقد خلصت من فسادكم وإفسادكم، وتعود تعمل على إبداغ أنواع من الأحياء تحترم الحياة فتكون بذلك جديرة بالحياة.
هذه كلمات فيها جنون وفيها عقل. ما فيها من جنون هو انعكاس لما فى حياة البشر من جنون وما فيها من عقل هو غضبة على هذا الجنون.
القاهرة، 28 أبريل 2015
حاشية: أتحدث عما فى الأرض من جنون البشر. ما فى عالمنا العربى قد يكون تجاوز حد الجنون لكنه فى منتهى الأمر ليس إلا نموذجا صارخا لعلة تتفشى فى الجنس البشرى كله.
#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟