علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 4790 - 2015 / 4 / 28 - 13:55
المحور:
الادب والفن
في معهد تعلم اللغة الألمانية "إنترداف" في مدينة "لايبتزغ" .. وبعد حوالي ثلاثة أسابيع من بدء دورة تعلم اللغة .. جاء بعض العاملين في فريق إنتاج أحد المسلسلات التلفزيونية إلى المعهد وشرحوا لنا بهدوء بالإشارة وبمفردات بسيطة وبمساعدة تلك المعلمة الفاتنة السيدة "لودفيج" .. بأنهم يرغبون بإنتاج ثلاثة لقطات تمثيلية .. مدة اللقطة الأطول لا تتجاوز الدقائق الخمسة .. أما تمثيل اللقطات فسوف يتم في أحد المقاهي المعروفة في المدينة .. وبأنهم يبحثون عمَّن يرغب في العمل بصفة "ضيف" أو "كومبارس" في المقهى للمساعدة على خلق المناخ الطبيعي متعدد الجنسيات للحالة المراد أداءها .. حيث ينبغي عليه الجلوس وتناول كأساً من العصير والتحدث إلى زملائه وزميلاته أو النظر إليهم وكأنه يصغي .. أما شرطهم الوحيد فقد انحصر في رجاءهم للراغبين وللراغبات بالمشاركة أن يحضروا معهم جاكيت طقم "ساكو" رسمية بعض الشيء لضرورة اللقطة التمثيلية ..
فرح البعض للعرض المقدم وأنا من بينهم .. قمنا بتسجيل أسماءنا على أن نذهب في اليوم التالي الساعة الثامنة صباحاً إلى المكان المحدد .. لم بخطر لنا أن نسأل عن الزمن الذي يجب أن نقضيه هناك .. ولم بخطر لنا أيضاً أن نسأل فيما إذا كانت مشاركتنا مدفوعة الأجر أما لا .. كان همنا الوحيد هو المشاركة والاندماج مع الآخر وتعلم بعض المفردات اللغوية الجديدة ..
وصلنا في اليوم التالي إلى نقطة اللقاء المتفق عليها .. وبدأ العمل .. اجلسْ/انهضْ/حدقْ/ابتسمْ/اشربْ/صفقْ/قلْ شيئاً/كنْ طبيعياً .. في الساعة الثانية عشر والنصف حصلنا على استراحة الطعام لمدة نصف ساعة .. ثم عدنا إلى العمل .. آخيراً كان المخرج راضياً عن تصوير اللقطات .. في الرابعة والنصف ظهراً انتهى العمل ..
طلبوا من المشاركين والمشاركات الانتظار .. كنا حوالي خمسين شخصاً .. تقدم أحدهم إلينا وبدأ بتوزيع الأجور على الطلاب بالأحرى تلاميذ اللغة .. حصل كل منا على أجره بعد قيامه بالتوقيع على ورقة لتأكيد عملية الصرف .. كانت ابتسامات الرضا ونظرات الشكر قد ارتسمت على وجوهنا .. فقد حصل كل مشارك ومشاركة على مبلغ وقدره 150 مارك ألماني ..
كان المبلغ المدفوع لنا في عام 1998 لقاء المشاركة يكفي لشراء الطعام الجيد لتلميذ/ة في معهد اللغة لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل .. في الوقت الذي كان فيه راتب التعيين الشهري المقطوع للمهندس/ة السوري/ة لا يتجاوز مبلغ 5000 ليرة سورية .. في كل الحالات وبغض النظر عن الدقة في الرقم كان الراتب الشهري أقل من مبلغ 150 مارك ألماني في ذاك الوقت ..
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟