|
سر استعصاء العرب على الانخراط في مسيرة الحضارة وفقر اسهامهم بها ؟
مسَلم الكساسبة
الحوار المتمدن-العدد: 4788 - 2015 / 4 / 26 - 20:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يكن للعرب حقيقة حضارة حقيقية ابدعتها عقولهم وهي خاصة بهم ، فهم اعراب خشنوا الطبع مجافون للعمران والمدنية وطبيعة حياتهم مخالفة للتوطن والتحضر.
وعلى الارض تجد اوابد بيزنطية او رومانية او فرعونية وبالكاد تجد دورا بائسة وخرائب من جص وطين من مخلفاتهم ..أما القلاع والحصون والمدرجات التي عرفت المسرح ونظام هندسة وتوزيع الصوت وقنوات الري والأعمدة المنحوتة بإتقان والتمائيل الجميلة والفن الراقي فهي صنع أمم اخرى سبقت حضارتهم المزعومة وواكبتها واستمرت معها وبعدها ، بينما توقفت تلك الحضارة المدعاة ليعود القوم للسبي والسلب وتقطيع الرقاب كما هو شأنهم دوما بعد ان لم يعد بمقدروهم غزو أمم خرى ونهب حضاراتها وادعائها لأنفسهم . في حين استهلكوا ما نهبوه في غزواتهم السابقة ولم يعد بمقدورهم البناء عليه ..
وهي الحقيقة التي يتحاشاها المتعصبون العرب ، حقيقة أن كل ما في الامر ان القوم نهبوا حضارات الاخرين بالغزو وادعوها لأنفسهم ، اي اقاموا حضارة ادعوها وهي على انقاض غيرهم .
الغزو والنهب هو ما يتقنه العربي لاغير.
تجاهل ثم افتر ثم اغز ثم اسلب ثم ادعيه لنفسك ..
قال المتنبي شاعر العرب الأكبر في وصف ممدوحه :
عش ابقَ اسمُ سُدْ قُـدْ جُـدْ ... مُر انهَ اسرُ فُـه تـُسَـلْ غض ارمِ صب احـمِ اغـ ــزُ اسبِ رُعْ زَعْ دِ لِ اثنِ نَلْ
وهو هنا لا يصدر من فراغ ، بل يعبر فعلا عن قيمة الغزو في تلك الثقافة ومدى علو كعب ومكانة الغزاة فيها .
زبطت معهم في العصور الغابرة لكنهم لم يدركوا أن الزمن قد تغير وظنوا ان هذا الاسلوب ممكن في كل حين وآن .. واليوم لم يجدوا امامام كفشة غل الا لعن الأمم التي لم يعد بامكانهم عزوها ونهب حضارتها وادعائها لأنفسهم .
فقصة العرب يمكن تلخيصها ببضعة كلمات كما سبق هنا : تجاهل ثم افتر ثم اغز ثم اسلب ثم ادعيه لنفسك .. طبعا ثم العن وشوه من عزوته وسلبته حضارته كي تكتمل الصورة ويغدو السياق محبوكا جيدا .
زمان اقام العرب حضارة مدعاة بنفس الطريقة بالتجاهل وغزو حضارات الامم الاخرى وهدمها والبناء من حجارة انقاضها وادعائه لأنفسهم .. وهم مستمرون بنفس الطريقة دون ان ينتبهوا ان هذا غير ممكن اليوم اذا كان ممكنا بالأمس ..انت اليوم امام امم تمكنت وامتلكت القوة والعلم والتقدم والتقنية التي صنعتها بايديها .. ولن استمع لوعظك او تنتظر منك ان تبيعها سلعة الهداية لأنها تراك انت نفسك غير مستفيد منها بما انت فيه من تخلف وجهل وتوحش..
وقد بقيت آثار هذه العقلية كامنة فيهم لليوم لكن لأنها مش زابطة معهم زي زمان وقعوا في ازمة وارتد غزوهم ولعنهم وتكفيرهم على انفسهم .. وارتدت حرابهم على رقابهم .. فاليوم هو عصر التنوير والانكشاف ولا تمشي به الدهلزة والكذب وكتابة التاريخ على هوى الغازي المنتصر .
لذلك تجدهم اليوم لا حيلة لهم إلا بالأدعية او اللعن والتحريض على الامم الأخرى لأنه لا قبل لهم كايام زمان بغزو تلك الامم وكسب مصانعهم ومنتجاتهم وادعائها لأنفسهم كما فعلوا في ماضيهم الغابر ..
وإذا استمعت لوعاظهم ستتأكد من ذلك ، فلا فحوى لديهم غير الدعوة لهدم بنيان الامم الاخرى وغزوها ونهبها حتى لو بالأدوات والتقنية التي تنتجها تلك الامم ذاتها . وهو نوع من الغرور والجنون .. انه ليس فقط يتجاهل ان يعترف انه جاهل ومتخلف ويتجاهل تلك التقنيات التي يستخدمها ويعتمد عليها ليل نهار والعقول التي ابدعتها بل يتعدى ذلك لمحاولة محاربة تلك الامم بها نفسها والتي ينتجوها ويقدموها له ليستفيد منها ويحسن نوع حياته البائسة.. جنون مطبق فعلا.
حتى اليوم حينما يستولي هؤلاء الاعراب على رقعة اول ما يفعلون هو تدمير اوابد التاريخ وآثاره وإخفاء معالم الارض او بالكثير نقش حجر ولصقه على المعلم الاثري باسم سلطانهم ..ورأينا ماذا فعل جند الخلافة المسخرة بأوابد التاريخ في المناطق التي استولوا عليها .
ولا أدل على ذلك انه لا توجد معالم حضارية اثرية للعرب في موطنهم الاصلي في الجزيرة العربية مهد وانطلاق دعوتهم ..
بينما توجد في الأندلس مثلا ..لان المعماري الاسباني والفنان الاسباني هو الذي بنى ونحت هناك وليس هؤلاء الاعراب خشنوا الطبع ..
زمان كانوا يغزون وينهبون حضارات الأمم ..اليوم يحاولون هذا فلا يفلحون فلم يجدوا امامهم إلا ان يحرضوا على تلك الأمم ويكفرونها ويلعنونها وينادون لغزوها لو استطاعوا ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ان يشتروا بالمال تلك المنتجات التي لا قبل لهم بغزو اهلها ونهبها منهم وادعائها لأنفسهم ، وفي نفس الوقت لاغنى لهم عن استخدامها وإلا رجعوا للبغال والحمير .
واكبر دليل على كلامي اذا نظرت للمدينة العربية فهي نسخة مسخ من المدينة الاوروبية فعمارتهم وناطحات سحابهم وشوارعهم وسياراتهم وكل شيء فيهم كله على نمط حضارات الامم الاخرى وليست من ابداعهم .. الفرق انهم هذه المرة لم يستطيعوا ان ينهبوها ببلاش في بلدان اهلها فاضطروا ونقلوها بالثمن الباهظ لبلدانهم هات لي مدينة عربية واحدة مبنية بنمط عمراني او تخطيط مستوحي من حضارة عربية ما لأنها غير موجودة أصلا .
انهم يدفعون اليوم ما سبق واخذوه جزية من الامم ، وما نهبوه في غابر ازمانهم يردونه على شكل مال لشراء منتجات تلك الأمم التي قصرت عقولهم عن انتاج مثلها وليس لهم غنى عنها الا اذا رجعوا للبغال والحمير لتقلهم الى بلد ما كانوا بالغيه الا بشق الانفس .. وذلك ببساطة لأنه لم يعد بإمكانهم ان يغزون تلك الامم وينهبون نتاجهم كما كان ..
هذه القدرة العجيبة على الانفصال عن الواقع والافتراء عليه بانكاره وتجاهله وتجاهل ما ابدعت الامم الاخرى وتبخيسه ، بل ولعنها وتسفيهها لأننا غير قادرين على عزوها ونهب ما انتجت ، في نفس الوقت الذي نشتري به إبداعها ونستهلكه بنهم من جهة ، وبنفس الوقت القدرة على انكار التخلف والجهل والغباء المطبق الذي نحن فيه وغمط الاخرين حقوقهم هي التي تحرمنا التعلم منهم والانخراط في الحضارة البشرية والإسهام بها ..ظاهرة عربية عجيبة لا يبارينا بها احد ..
(2)
الحضارة عمل تراكمي وليست طفرات في الفراغ .. والأمم التي وصلت اليوم لأن تغزو الفضاء خارج كوكب الأرض وأن تبدع كل هذه التقنيات والنظم الذكية في مختلف الميادين يما فيها نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، لم تكن يوما ما تعيش في ظلام دامس كما يتشدق العرب ..لكن سياسة التجاهل والإنكار هي دأب امة العرب ، بل ورمي الآخرين بأدوائهم وعقدهم ..
لان الحقيقة هي العرب انفسهم هم الذين لم تكن لهم يوما ما حضارة او مدنية وكانوا على الدوام في ظلام دامس من جهلهم وتخلفهم ، والحرفة الوحيدة التي اتقنوها وفلحوا بها هي الغزو ونهب حضارات الأمم والتطفل عليها وادعائها لانفسهم من جهة ، وانكار جهد أهلها وتجاهله من جهة اخرى ، بل وذمهم ولعنهم والادعاء انهه هم من اخرحوهم من الجهل للضياء وهكذا عاشوا : - إما غزاة ناهبين لخضارة الامم ،
-أو حينما يعجزون عن الغزو لنهب الحضارة وادعائها فمستهلكين لها عالة عليها ناكرين لفضل الناس عليهم لانهم بزعمهم كفار وهم مسلمون مؤمنون.
وبهذه الطباع الوحشية ، طباع تجاهل وانكار الآخر وقضله بل والانفصال عن الواقع ، عجز العرب عن الانخراط في الحضارة او التعلم من الأمم الاخرى . فهم يريدون شيئا جاهزا اما ينهبوه ولأنفسهم يدعوه ، فإن لم يستطيعوا فيشتروه ويستهلكوه ..
هذا جزء من الاجابة عن لماذا لم يتعلم العرب من الأمم الاخرى ولم ينخرطوا في الحضارة البشرية وعاشوا دوما على هوامشها إما غزاة ناهبين لها أو مشترين مستهلكين لها ايضا.
#مسَلم_الكساسبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مأزق الفكر الديني .. ومأزق الناس بسببه .
-
مازق الفكر الديني ومازق الناس بسببه
-
نموذج اخر من التفكير -التكفيري-
-
رسالة الى همج العصر :
-
الوَلي والعاصية .. كيف آمن اليتيم بالإقطاعي وكفر بأمه وإخوته
...
-
كيف آمن اليتيم بالإقطاعي وكفر بأمه وإخوته ..
-
شطرنج اون لاين ..؟!
-
الأمة ، من ربيع ضد الاستبداد والفساد.. الى ؟؟؟؟؟ ...... متى
...
-
قرون وأحلاف ..
-
الربيع العربي إلى أين ..عَود على بدء..
-
عبرة من التاريخ ، عين على الحاضر .
-
أزمة وجودية ومنعطف خطير ..!
-
مقاربة أخرى نحو دولة الحداثة والإصلاح ..
-
فنتازيا على الأرض أغرب من الفنتازيا ..
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(12-3 )
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(12-2 )
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(12-1)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(11)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(10)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(9)
المزيد.....
-
نجاة طيار بعد تحطم طائرته المقاتلة إف-35 في ألاسكا.. وقائده:
...
-
مسؤول أمريكي يجري أول زيارة إلى غزة منذ 15 عامًا
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا للجمهورية العربية السورية بش
...
-
الجزائر.. تبون يلتقي باتروشيف
-
إسرائيل تستعد للإفراج عن 110 أسرى فلسطينيين مقابل ثلاثة محتج
...
-
كوريا الجنوبية: حريق في طائرة إيرباص قبل الإقلاع ونجاة الركا
...
-
ماذا حدث في مهرجان -كومبه ميلا- الديني الهندوسي في الهند؟
-
هل تهدد خطط ترامب حول قطاع غزة استقرار دول الجوار؟
-
الشرع يلقي خطابا هاما ينتظره ملايين السوريين
-
غرينلاد.. توجس أوروبي من نوايا واشنطن
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|