خالد قنوت
الحوار المتمدن-العدد: 4783 - 2015 / 4 / 21 - 10:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مقابلة مع خالد أبو صلاح نشرت في حزيران 2014, لا ينافق الشيخ زهران علوش في طرح رؤيته لمستقبل الصراع في سورية و في مستقبل سورية التي ستتحطم فيها خطوط سايكس بيكو لقيام دولة اسلامية, حسب اجندته.
و بغض النظر عن البرمواغاندا البعثية التي يتمتع بها الشيخ زهران علوش مغلفة برداء الأصولية الدينية, لكن علينا أن نضع ظاهرة الشيخ زهران علوش تحت مجهر الدراسة و التحليل ليس من باب التناقض معها أو من باب التماهي و الايمان بها بل لكي نستفيد و نفيد ثورتنا التي خرجت من أجل الحرية و الكرامة و الدولة المدنية التعددية لكل ابنائها دون تمييز و من أجل مستقبل وطننا الذي يدفع الثمن الغالي من دماء ابنائه و بنيان مدنه و قراه, تاريخاً و حاضراً و مستقبلاً.
في البداية, و دون أي اعتبارات تحية لكل مقاتل و مناضل في جيش الاسلام و خاصة بعد انضمام الضباط المنشقين للمجلس العسكري لمدينة دمشق (رغم اشارات الاستفهام عن تولي رئاسة هذا المجلس لرجل غير عسكري هو الشيخ زهران علوش) و نشد على سواعد كل من حمل السلاح لغاية وطنية و دينية و اخلاقية, رداً لظلم النظام الغاشم و مرتزقته من العالم, و نقدر كل شهداء و جرحى جيش الاسلام لأنهم شهداء سورية, مقتنعين بالقتال تحت راية و فكر زهران علوش أو مرغمين بسبب الحاجة.
الشيخ زهران علوش, يمتلك من الصفات القيادية و الكاريزما الشخصية ما يجعله قائداً شعبياً و هذا ما تفتقر إليه معظم القيادات العسكرية و السياسية السورية رغم أن في سورية الكثير ممن يملكون هذه الصفات و لكنهم مبعدين أو معتقلين أو معزولين أو مغيبين عن العمل.
الشيخ زهران علوش, يمتلك القدرة على امتصاص غضب الآخرين إلى حد ما و يمتلك ميزة تدوير الزوايا عندما يحشر بسؤال مباشر حيث يمارس سياسة الهروب إلى الامام مستشهداً بالآيات القرآنية و بالأحاديث النبوية حتى يضع حداً لحرجه و لتواضع ادائه السياسي و العسكري الذي تكشفه لنا مسيرته القتالية بعد خروجه من المعتقل.
في نفس الوقت, الشيخ زهران علوش يقع بمطبات اجاباته و تملصه من الاجوبة الحقيقية التي قد لا يكون على علم بها مباشرةً, فمثلاً:
1- عن موضوع خروجه من المعتقل, يذكر أن سبب إطلاق سراحه من المعتقل بعد اربعة شهور من قيام الثورة هو الضغط الشعبي في دوما التي حملت لافتات باسمه تطالب بإخراجه من المعتقل و هذا ما لم يشاهده أحد في سورية و حتى في دوما التي تعتبر بشكل عام تحمل الفكر الناصري القومي المناهض للنظام الأسدي و ليس الفكر الديني السلفي, في حين أنه يقر بعد ذلك بأن النظام أطلق سراح المعتقلين الاسلاميين السلفيين بسبب رئيسي هو اسلمة الثورة ثم تطييفيها.
2- في موضوع العسكرة, لا ينكر الشيخ علوش أنه منذ أن خرج من صيدنايا عمل على العسكرة و لم يشارك بالمظاهرات العظيمة و الرائعة التي خرجت في مدينة دوما و التي شهد العالم لها بالوطنية و بالسلمية و بهتافات الحرية و الديمقراطية, بمعنى أنه خرج ليحقق هدف النظام الثالث بعد الاسلمة و التطييف و هو العسكرة, في حين ان السوريين كانوا يعرفون أن العسكرة بالمطلق في صالح النظام الذي كان يرمي متقصداً الاسلحة للمتظاهرين. طبعاً, العسكرة بالنهاية كانت نتيجة حتمية لعنف و همجية النظام و لكن كان خلق شروطها و انضباطها اساسياً لتكون العسكرة في صالح الثورة و ليس لصالح النظام.
3- من المستغرب القدرة الخطابية التي يتمتع بها الشيخ زهران علوش و التي لم تتأثر بسنوات اعتقاله كسجين سياسي اسلامي في معتقل صيدنايا و الجميع يعرف أن من يخرج من المعتقلات الأسدية الرهيبة يحتاج لفترة زمنية ليست بالقليلة لكي يعود المعتقل لتوازنه النفسي و العقلي حتى أن الكثير منهم يخرج بأمراض صحية اقرب للاحتضار أو بأمراض نفسية أقرب للشيزوفرانيا, فكيف يخرج معتقل لأكثر من عشر سنوات متماسك و قارد صحياً و نفسياً و خطابياً؟ و هذا امر متروك لأصحاب الاختصاص.
4- لا يستطيع الشيخ زهران علوش أن يتملص ببراعة من سؤال التمويل, حيث يقول أنه من أهل الاحسان و أن السلاح من غنائم المعارك مع قوات النظام في حين أن 60 ألف مقاتل يحتاجون لتمويل دول فكيف بالمدنيين في مناطق النفوذ و هو المطلق سراحه حديثاً؟؟
5- موضوع اختطاف الناشطين الثوريين من السيدة رزان زيتونة و رفاقها, يذكرنا باختطافات النظام الأسدي للسياسيين السوريين و نكران وجودهم في معتقلاته لسنين طويلة و هذا ما يظهر في كل كلمة يقولها الشيخ علوش. الموثق أن السيدة رزان زيتونة و رفاقها تلقوا تهديداً مباشراً من عناصر تابعة لزهران علوش قبل اختطافهم و أن كل المنطقة هي تحت سيطرة علوش بدون ادنى شك و هو من يتحمل المسؤولية عن هذا الاختطاف.
6- قد يكون من محاسن اعمال الشيخ زهران علوش هو قتاله و طرده عناصر داعش من الغوطة و لكن هذا صراع مناطقي و ليس صراع عقائدي لأنهم يلتقون جذرياً بالمنهج الفكري و العقائدي و عودة داعش للغوطة قائمة بسبب حاجة المدنيين للمال و الطعام و هذا ما يملكه تنظيم داعش أينما وجد.
7- الشيخ زهران علوش واضح و قاطع في ايمانه بفكره السلفي و بأنه الحل الوحيد للمنطقة و بأنه هو من يعرف بالسليقة أن كل أو مجمل السوريين يؤيدونه في ذلك و هو من سيقرر و يفرض ذلك على كل السوريين و قد وطئ هدف الثورة الاساسي في مبدأ دستوري او فوق دستوري و هو الديمقراطية.
8- يتحدث الشيخ زهران علوش عن انجازات عسكرية لكنها و كما يعرف الجميع و كما يصارحه بها خالد أبو صلاح هي اخفاقات و انكسارات كخسارة بلدات كثيرة في الغوطة و القلمون و خسارة طريق المطار الدولي و المليحة و تقصيره في نصرة ثوار القلمون و حمص و حتى جوبر و برزة, طبعاً المقابلة كانت قبل اطلاق صواريخه و قذائف الهاون على احياء دمشق بحجة أنه يصيب بها مراكز النظام الأمنية و العسكرية و ادت بالمقابل لمجازر في دوما قام بها طيران الأسد. الخطاب العلوشي التبريري البعثي هو انه يحارب دول و جيوش و لا يحارب النظام وحده!!.
قد نحلل مطولاً بمقابلة الشيخ زهران علوش و نستنتج منها الكثير و لكن أهم ما يمكن أن نستنتجه هو أن الشيخ علوش لا يؤمن بالثورة و إن ذكرها فهي بعقيدته السلفية تعني الكفر و معصية اولي الأمر, حيث هو من سيكون ولي الأمر.
الشيخ زهران علوش قد يقاتل النظام لكنه لا يختلف عن النظام الأسدي و لا عن تنظيم داعش من حيث فرض استبداده على السوريين وعلى مستقبل سورية و لكن بالنتيجة هو يحقق اموراً كثيرة لصالح النظام في رفع راية غير راية الثورة السورية و المجاهرة بأجندة غير وطنية تفرض قيام دولة دينية طائفية و قد تكون حنبلية, تكفر الآخرين أو على الأقل تعتبرهم مخطئين و هو من يملك الحقيقة و الحق و فريضة تصنيفهم و اصلاحهم.
إن نقدنا و وقوفنا كسوريين في وجه فكر و استبداد الشيخ زهران علوش و كل امراء الحرب و كل التنظيمات المعارضة العسكرية و السياسية التي تعتقد أنها تملك مستقبل سورية و السوريين هو ضرورة مكانية حيث عليهم أن يعرفوا حجومهم أمام إرادة الشعب السوري الغائب الحاضر في شلال الدم و الاعتقالات و النزوح و الهجرات و ليعرفوا أن السوريين لم يخرجوا من أجل ثورة دينية و ليس ضد نظام طائفي و إنما ثورة شعبية وطنية ضد نظام مستبد و خائن ليسقطه و يسقط أي استبداد جديد, فقد ينفع ذلك في اعادة حساباتهم و تصالحهم مع الحالة الوطنية السورية و أيضاً هو ضرورة زمانية لأن الاستبداد يبدأ بالقبول المبدأي الظرفي له لكنه يتحول مع الوقت للتوحش و التغول و اكبر دليل هو نظام البعث الأسدي نفسه, الذي ربما ندفع جميعاً ثمن خلعه عقود من مستقبل سورية.
https://www.youtube.com/watch?v=Upaj2Krtg6g
#خالد_قنوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟