|
محمد صالح المسفر والسقوط المدوي لعرب الخليج
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 19 - 23:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صالح المسفر والسقوط المدوي لعرب الخليج ********************************** لن أرد على الافتراءات والمزايدات التي يحفل بها مقال الكاتب محمد صالح المسفر المنشور في جريدة العربي الجديد والذي نقلته جريدة ألف بوسط للصحفي حسين مجدوبي ، ويكفي الاشارة ان أحدا لم يرصد ما رصده المسفر من مسيرات في المدن الأوروبية والآسيوية دعما لعاصفة الحقد، اللهم تلك المنظمات المتشددة الباكستانية التي زارها احد وزراء الحكومة السعودية وهو وزير الشؤون الدينية والتي اعترض عليها كثير من قادة الأحزاب والمنظمات المعتدلة . غير أن الكاتب كان صادقا فيما خص بيانات الحكام العرب في وقوفها الى جانب المملكة السعودية في عدوانها على اليمن الجريح . لكن دعونا نفكر بعقلانية ونتحاور بحنكة سياسية قليلا قبل أن أغير من منهجية النقاش . الجميع يعلم ان الجامعة العربية تفتقد الى بنية أو منظومة أمنية شاخصة ومادية تؤهلها للتدخل في مختلف النزاعات العربية ،سواء البينية او مع دول الجوار كالكيان الصهيوني أو جمهورية ايران الاسلامية ، أو المنظمات الارهابية التي صارت غولا يأكل جسد الأمة وروحها. وهي البنية التي يكون هدفها الأول هو معالجة الأزمات الطارئة ذات البعد الانقلابي او الهيمني . ويكون هدفها الثاني البحث عن شروط الاستقرار الموضوعية والبناءة في مجموع الدول العربية . فالمنطقة العربية تفتقد فعلا وعلى الأرض لكيانات ومؤسسات وهيآت وبنيات تشتغل على موضوعات مهمة كالأمن والاستقرار والحوار الذي أصبح لغة استراتيجية ذات وظائف حساسة . هذه الهيآت والمؤسسات تعمل على تحديد مصادر الاستقرار عملا بمبدأ الوقاية خير من العلاج ، وترسيخا لمفهوم قرآني هو الاستعداد للحرب كتدبير اعتمدته القوى العقلانية عبر كل العصور . فمعالجة مصادر عدم الاستقرار قبل وقوع الأزمات والحروب يمكن من اطفاء النار قبل اشتعالها ، أي في مهدها ويعمل على معالجة الأزمة من جذورها الأولى قبل أن تنمو وتتفرع . انها معالجة عملية واستباقية تتجاوز المستهلك من الخطابات والوعود واللغة الرومانسية التي تلعب على العواطف ، مع العلم أن العرب كشعوب بدأوا يفتقدون لهذه العواطف ، وهذا ما لن يعقله الخليجيون وحكام العرب . ان منطق القوة أو مبدأه جرت العادة أن لا يتم اللجوء اليه الا بعد استنفاذ جميع مراحل المعالجة والحوار . فهو لا يعتمد الا كورقة أخيرة وبعد استنفاذ جميع الحلول الممكنة . لكن ما حدث في اليمن ، وهذا ما لايمكن دحضه ، فاجأ الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الأكبر لدول الخليج ولمجموع الدول العربية . ولم تتم استشارة الأمم المتحدة الا بعد دخول العدوان الأسبوع الثالث ، واكتفت هذه الهيأة اللاأممية بمباركة العدوان والتفرج عليه من بعيد ، وسايرت ما حدث من منطلقات سياسية بحثة ومادية ، بل قل عنترية . لأنها منظمة لاتعترف الا بالأقوياء ولا شأن لها بالعدالة الانسانية أو الأممية . واذا كان الأمر قد خرج عن أي ضابط قانوني وأخلاقي وشرعي ، سواء على المستوى الدولي أو الاقليمي ، وانخرطت فيه بعض الدول العربية جهرة وبتهور ، تغلب عليه النزعة العصبية والمادية ، عوض النزعة الأخوية ، أو جاء كرد فعل عاطفي على النجاح الذي حققته ايران في مشروعها النووي مع الدول الست العظمى .كما لايغيب أنه في الخفاء كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على المساعدة اللوجيستية بتواطؤ مع اسرائيل ، ويبقى انقاذ الطيارين السعوديين في المياه الاقليمية اليمنية خير شاهد على التدخل الأمريكي في هذه الحرب القذرة . فهل تريد منا أستاذي المسفر ، وتريد من عقلاء الأمة العربية ان ينخرطوا كقطيع وراء تهور المملكة السعودية وبعض الدول الرخيصة في حرب ضد اخوان لنا ، دون مقدمات او تشاورت واستشارات أو ممهدات ، من أجل حفنة مال تذهب لجيوب الحكام العرب ؟ هل هذا منطق سياسي أم منطق استرزاقي ورشوي ؟ . وهل حياة الشعوب العربية رخيصة عندكم الى هذا الحد ، كي تدفعوا الملايير للحكام وأمراء الحروب يستمتعون بها ويستقوون بها على شعوبهم البئيسة والضعيفة ، بينما يحشر أبناء الشعب العربي في حروب أخوية لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، كي نزيد الشروخ شروخا والحدود بعدا ، سواء بين الشعوب العربية أو بين هذه الشعوب وأنظمتها . وقد كان حريا البحث عن حلول ترضي الجميع ، والعمل على بناء منظومة أمنية وقائية وردعية تعمل على مبدأ عدم استعمال القوة الا في حالة الضرورة القصوى ، وكأنها آخر الدواء ، والنظر الى القوة كصمام أمان وليس أداة سياسية . والتدرج في استعمالها ان اقتضى الحال عبر اجتماعات ولقاءات ورسائل تهديدية ، ثم حشد جميع وسائل الردع البحري والجوي والبري والاستخباري ، لثني جماعة الحوثي وحليفها المخلوع عن التمادي في تقويض ما تبقى من يمن أصبح نموذجا واضحا ومدرسيا للدولة الفاشلة . أما وأن يأتي كاتب كمحمد صالح المسفر ، والذي طالما أعجبت شخصيا بتحليلاته وسعة اطلاعه وذكائه ، فيعيرنا بعطايا دول الخليج للحكام ويمن علينا بمشاريع لا تغني ولا تشبع من جوع تصب في النهاية في أرباحهم وفي جيوب خدامه الأوفياء من حكام العرب ، فانه لعمري منطق رخيص يثير الشفقة أكثر مما يثير التحامل والرد . واسأله كمواطن عربي وليس فقط مغربي ، بالله عليك دلني على مشروع واحد خليجي في الدول العربية انعكس ايجابا على المواطن العربي ؟ . ثم ألم يكن علي عبد الله صالح حليف الظام الخليجي المفضل والمدلل الذي أفقر الشعب اليمني بنهبه لأكثر من 60 مليارا من ثروته ، ألم يبع ميناء عدن ليضع قيمته المالية في جيبه الشخصي ؟ وماهو ذنب العمال اليمنيين الذين طردتهم السعودية من اراضيها قبل سنة تقريبا ؟ هل هم جميعهم حوثيون او اتباع لصالح ؟ . ان ما صنعه صالح بالتحالف مع الحوثيين الذين يشكلون أقلية صغيرة في تركيبة المجتمع اليمني انما هو مظهر بسيط من مظاهر جنون السلطة والعظمة بعدما توافقتم معه على التخلي عن الحكم دون محاكمة أو متابعة ، رغم علمكم بجناياته الكبرى التي تصل تخوم الخيانة العظمى . نعم صدقت حين وصفت ما يحدث في المغرب من نقاشات حرة وديمقراطية بالجدل حامي الوطيس بين الأحرار الديمقراطيين ، وبين لاعقي الأحذية والمسترزقين بمصير الشعوب العربية ، وهو كما ذكرت نقاش في أحد اطرافه تمثله نخبة وفقهاء القانون الدستوري ، وليس نقاشا بين عبيد ومخصيين . نعم نحن مع العرب ، جميع العرب ، بل مع الانسانية ونحن نعيش عصرا انسانيا وكونيا ، لكن أي عرب نعني ونقصد ؟ . قصدي من العرب تلك الثلة العقلانية التي تشرئب الى امتلاك العلم العملي والنظري ، الى عرب يطمحون الى مجتمعات الرفاه والديمقراطية . الى عرب العمل والجهد والبذل والعطاء المستنير . وليس الى عرب يمنحون وآخرون يقبضون .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات في المغرب بين المشاركة والمقاطعة :نحو عقلية جديدة
...
-
هل تسطيع الشعوب العربية الاستفادة من منجزات ايران ؟
-
فخ ايران اليمني
-
العرب بين المعنى والتسعير
-
جنت براقش على نفسها
-
قصيدة الغد بين محمود درويش وشارل بودلير
-
الأمة العربية في رحلة الى الجحيم
-
الشعر نبض الحياة
-
لي أخ لا أعرفه
-
نحو بناء مثقف جديد-2-
-
من تداعيات جائزة الشعر لاتحاد كتاب المغرب
-
أهلا بالعرب يف امبراطورية ايران
-
نحو بناء مثقف جديد
-
اللعنة
-
الشعراء يُحزنون الحزن
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -15-
-
جريمة لايقترفها الا الجهلاء
-
كقبلة تدمي ....
-
حميد الحر شاعر القصيدة الساخرة بامتياز
-
دعوة الى لم الشتات
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|