أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم عرفة - الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [15]















المزيد.....



الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [15]


محمد عبد المنعم عرفة

الحوار المتمدن-العدد: 4780 - 2015 / 4 / 17 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


جهاد الإمام ضد حملات التبشير والتنصير

قام الاستعمار بتدريب دعاة التبشير والاستشراق ووجههم نحو العالم الإسلامي وقسمهم إلى مجموعتين:
أولا: مجموعة المباحث الفكرية:
وتعتبر من أقوى وسائل الاستشراق، ونظرا لأهميتها، فقد اعتمد عليها المستشرقون. ولها أوجه متعددة:
1- الأبحاث التي تشوه حقيقة الإسلام في صورة تأليف كتب أو إلقاء محاضرات ودروس
2- تحريفهم معاني ألفاظ القرآن لإنكار المقومات التاريخية والثقافية والروحية لماضي الأمة الإسلامية والاذدراء بهذه الشعوب في المجالات الدولية العالمية.
3- التعليم الإرسالي. لبيان أن اللغة العربية الفصحى لم تعد صالحة، واستبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية، والإعلام عن طريق الصحافة ودور النشر لمقاومة الأزهر الشريف وإضعاف تأثيره، وإذاعة الدعوات المشبوهة كالتسامح، والدعوة إلى الحوار والجدل.
4- إحياء القوميات التي أزالها الإسلام، كالفرعونية في مصر، والأشورية في العراق، والبربرية في شمال إفريقيا والأندلس، والفينيقية على ساحل فلسطين ولبنان والفارسية في إيران.. وذلك لتخريب العالم الإسلامي وتقطيع أوصاله بغية تمزيق الوحدة الإسلامية التي كان من آثارها إلغاء الخلافة الإسلامية في الدولة العثمانية وإثارة الفتن الداخلية في الأمة العربية.

ثانيا: مجموعة العمل الخيري:
وهي من أخطر وسائل التبشير. ونظرا لأهميتها وخطورتها فقد اعتمد عليها المبشرون في أساليبهم التي منها.
(1) العلاج الطبي في المستوصفات والمستشفيات، فالطبيب في هذه الإرساليات هو مبشر أولا ثم طبيب ثانيا.
(2) الملاجئ التي تضم الأطفال، والجمعيات والنوادي والمعونات لاستغلال حالات الفقر والحاجة.
وقد حاول التبشير والاستشراق أن يحقق أهدافه بكل هذه الوسائل، وسلكوا كل مسلك ظنوه محققا لأهدافهم، غير أن علماء المسلمين كانوا يعتبرون وسائل المستشرقين هذه فقاقيع لا تلبث أن تتلاشى أو كلاما فارغا تصده العقيدة الإسلامية الموروثة وحدها.
ولكن الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبا العزائم لا يهون من شأن وسائل المستشرقين، فلا يقول كما قال علماء المسلمين (إن كتب المستشرقين كلام فارغ)، ولم يلق هذه الكتب بعيدا مرددا ما قاله هؤلاء العلماء (إن ما بها كذب وتضليل وحقد عميق)، بل شمر عن ساعده وكتب مجادلا هؤلاء المستشرقين بالتي هي أحسن، ودفع المطاعن التي وجهت للإسلام والمسلمين، من واقع مسئوليته كإمام مجدد لهذا القرآن الذي نعيش فيه.

ويعتمد ما أثاره المستشرقون في كتبهم قديما وحديثا على مصدرين أساسيين يردد فحواهما كل جيل من هؤلاء المستشرقين:
المصدر الأول: كتاب "ميزان الحق" للمستشرق د. فندر
المصدر الثاني : كتاب "تذييل مقال في الإسلام" للمستشرق هاشما العربي.
وقد تعرض للرد على كتاب "ميزان الحق" المرحوم الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه "إظهار الحق؟ ولكن المستشرق د. تسدل حاول جاهدا أن يرد على الشيخ رحمة الله الهندي.

فمن أجل ذلك كله، رأى الإمام المجدد أن يتضمن كتابه (وسائل إظهار الحق) الرد على المستشرق د. فندر والمستشرق هاشما العربي والمستشرق د. تسدل. والقارئ لهذا الكتاب يعجب كل العجب من آراء هؤلاء المستشرقين الذين تدفعهم دراساتهم التي تمليها عليهم العصبية الحمقاء ومظاهر الحياة الدنيا ومتاعها، أن يحاولوا الكتابة بالباطل وهم يعلمون أنها باطل. كما سيجد الإمام رضوان الله عليه ليبين الصحيح من الفاسد. ولعل هذا هو الكتاب الوحيد الذي قام بالرد على دعاة التبشير والاستشراق في ذلك الوقت، والذي كان الاستعمار للشعوب الإسلامية هو البوابة التي دخل منها التبشير بحرية كاملة داخل هذه البلاد، ولذلك كان هذا الكتاب عرضة لأن يمنع تداوله من السلطات البريطانية في مصر أكثر من مرة.

وقد أخذت أساليب التنصير والتبشير أسلوبا إضافيا حديثا لـه تأثير عميق وسريع الانتشار وهو إقامة محطات تغطي جميع أنحاء العالم سواء للبث المسموع أو المقروء والمرئي متخصصة في التبشير للدين المسيحي ومحاولات التنصير وهي تعتمد على نوعين من الدعوة:
1- تقوية وتعميق المستوى الديني عند المستمعين والمشاهدين المسيحيين.
2- توجيه هذه البرامج المسموعة والمرئية إلى كل بلاد المسلمين في العالم في محاولات للتبشير والتنصير.
3- تصدير كم هائل من المعلومات والمقالات وكل ما يعتقدون أن لـه تأثير في هدم الدين الإسلامي على شبكات الإنترنت Internet المتاحة لكل من يمتلك جهاز الكمبيوتر وطبعها على الورق وتوزيعها على ضعاف النفوس، حيث أن حرية بث المعلومات على هذه الشبكة مكفولة للجميع.

من مواقف الإمام للرد على النصارى والمستشرقين:
(1) أخبر الإمام أبو العزائم في كتاب "أسرار القرآن": سألني رجل من كبار علماء النصارى أمريكي الأصل وأنا بالخرطوم فقال: إنكم تتهمون ربنا بالظلم في العقاب يوم القيامة، يعيش الرجل منكم سبعين سنة فيعصي الله ويتوب فيدخله الجنة أبديا، وكان العدل أن يدخله الجنة سبعين سنة، ويعيش الرجل النصراني أو اليهودي أو المجوسي سبعين سنة فيدخله النار أبديا، وكان العدل أن يقيم في النار سبعين سنة مدة كفره بالله ومعصيته.
وكنت في مجتمع من أهل السودان والهند واليمن، فخشيت أن تقوى هذه الشبهة في نفوسهم فقلت: يا أخي، إن الخلاق العظيم خلق حقائق الأناسي من جواهر معلومة لديه، فمنها جواهر نورانية، وجواهر نورانية وظلمانية، ثم جواهر ظلمانية من أسفل سافلين. ولو أنه ترك من نفوسهم من النور مخلدين في الدنيا لداموا على عبادته وطاعته أبدا، ولو ترك النفوس المخلوقة من سجين لداموا على كفره وعصيانه أبدا، فهو ينظر إلى ما قدره على تلك النفوس أزلا ويعاملهم بما يعلم فيهم.
وقد سألني سؤالا آخر فقال: إن القس والرهبان والأحبار يمضون عشرات السنين في عبادة وتسبيح وترتيل وأنتم تقولون إنهم مخلدون في جهنم، وأنتم المسلمون أكثركم عصاه تخالفون الله وتعصون أحكامه وتدخلون الجنة.
فأجبته على الفور بعد أن ظهر لي أنه مبشر يريد إحداث الفتنة في الدين: إنا كما تقول، جوارحنا تعصى الله، فإذا تكاثفت الظلمات عليها، ظهر نور توحيد الله وتفريده بالألوهية الذي انعقدت عليه قلوبنا فطهر تلك الجوارح، وأنتم تعبدون الله ليلا ونهارا فإذا أنزلت أنوار الرحمة عليكم من السماء ظهرت ظلمات الشرك واعتقاد أن لله ولدا فمحت تلك الأنوار، فكبر المسلمون، وما كنت مستعدا أن أجيبه على هذه الأسئلة.
وسألني أحد المستشرقين كيف يعذب إبليس بالنار وقد خلق منها؟ وكيف يكون بالقبر رجلان أحدهما يعذب والآخر في نعيم ولا يشعر أحدهما بالآخر؟
فأخذت حفنة تراب وقذفتها في عينه فصرخ، ثم احتضنته.. وقلت له: إن الذي عذبك بالتراب وقد خلقك منه قادر أن يعذب إبليس بالنار وقد خلق منها، وها أنا احتضنتك وأنت تعذب وأنا في نعيم ولا أشر بعذابك ولا تشعر بنعيمي.

(2) كان ثلاثة من المستشرقين البلجيك يبحثون في شيء يطعنون به الإسلام، وأثناء بحثهم في الحديث النبوي الشريف وجدوا بغيتهم في قول النبي صلى الله عليه وسلم "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل"، وتوصلوا إلى أن أنبياء إسرائيل كانت لهم تنبؤات بالغيب، فإذا كان علماء الأمة المحمدية كأنبياء بني إسرائيل فليأتونا بعالم ينبئنا عن الغيب. نزلوا إلى مصر ودارت المناظرات ولم يصلوا إلى حل، وأسلوب التعجيز هذا هو ما يريدون الوصول إليه، وكان قد مر عليهم في نهاية الوقت مدرس بالأزهر اسمه الشيخ محمد المدني، وأخبرهم أن العلماء الذين ناظرهم لا يتكلمون إلا في حدود اختصاصاتهم في الفقه والفتوى وما إلى ذلك، ولكن هناك علماء ليس علماء قاصرا على علم الدراسة وإنما منحهم الله بعد علم الدراسة علم الفراسة، وهم العلماء الربانيون الذين قال فيهم الحق سبحانه وتعالى ) كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ)(آل عمران: من الآية79) وقال فيم رسول الله صلى الله عليه وسلم "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله"، ومن هؤلاء العلماء الإمام السيد محمد ماضي أبو العزائم.
ولما اصطحب الشيخ محمد المدني هؤلاء المستشرقين إلى منزل الإمام وجده في زيارة لخشبة باشا في أسيوط، فاصطحبهم إليها. ولما دخلوا على الإمام خلعوا قبعاتهم تحية للإمام، فما كان منه إلا أن ضرب كل واحد على خده، فتعجب الشيخ محمد المدني من أن يكون رد تحيتهم لـه قلم على الخد، هذا مع ثقته البالغة بفعل الإمام.
ثم أخبرهم الإمام عما أسروه في صدورهم ولم يطلعوا عليه أحدا فقال: لقد اجتمعتم في بلجيكا وأردتم أن تطعنوا الإسلام ، فبحثتم عن آية في كتاب الله فلم تجدوا، فبحثتم في الحديث فوقع نظركم على حديث (علماء أمتي كأنبياء إسرائيل) ، ونزلتم إلى الجامع الأزهر وأردتم أن تقيموا علينا حجة، وناظرتم العلماء، ولكن قوما اختبرناهم في دينهم فسقطوا (من ضربك على خدك الأيمن فأدر لـه الأيسر) لا ينبغي أن يختبرونا في ديننا. وهنا علم المستشرقون أن هناك من الأمة المحمدية من كاشفهم الله بالغيب، فقاموا واغتسلوا وتابوا وبايعوا الإمام على الإسلام.

(3) سأل أحد المستشرقين الإمام رضوان الله عليه فقال: الحي أفضل أم الميت؟‍! فأجابه الإمام بسؤال: مريم أفضل أم إبليس؟؟ فبهت هذا المستشرق الخبيث وانصرف فورا. وتعجب تلاميذ الإمام لما حدث فقال لهم: إن السائل كان يود أن أجيبه بأن الحي أفضل من الميت، فيصل إلى عيسى وهو في نظرنا حي.. أفضل من سيدنا محمد، فأجبته بأن إبليس حي ومريم قد ماتت.

(4) ولما تكلم الإمام وأملى كثيرا عما يزعمون أنه نظرية "النشوء والارتقاء" وفند أيضا مزاعم "دارون" في أن الإنسان أصله خلية تطورات حتى وصلت إلى قرد ثم تطور القرد إلى إنسان، جاء إلى الإمام وفد من أوروبا، إلا أن الإمام كلف أحد تلاميذه في مناقشة الوفد وهو مطرق يستمع ولا يتكلم. ولما وصل الحديث بين الطرفين إلى طريق مسدود، رفع الإمام رأسه وقال الكبير الوفد: أريد أن أسألك سؤالا: هل الفرع أحسن أم الأصل؟. وقع هذا السؤال عليهم وقع الصاعقة، وأخبر من شاهد هذه الواقعة أن وجوههم قد تغير لونها وغادروا المكان فجأة عندما سمعوا هذا السؤال.
وقد شرح الإمام بالتفصيل أصل الإنسان كما جاء في القرآن الكريم بأسلوب واضح ودقيق مع الإشارة إلى الأدلة النقلية والعقلية، وأجلى الرد بالأدلة العلمية القاطعة التي قوضت دعائم نظرية دارون في النشوء والارتقاء في كتابه : "إنسان المؤمنين وإنسان الملحدين".

(5) يرد الإمام على شبهات منكري البعث ويفند مزاعم أعداء الدين، ولا يتكلم عن منكري البعث إذ أنهم ليسوا أهلا لأن يخاطبهم ولكنه يقول: "ولكن نخاطب من أثبت بعث الأرواح دون الأجساد، ونعلم أن الذي حدا بهم إلى هذا الحكم وقوفهم عند الحواس، ولأنهم يقولون إذا أكل إنسان إنسانا بحيث صار المأكول جزءا من الآكل فإذا أعاد الله تعالى هذين الإنسانيين بعينهما فتلك الأجزاء التي كانت للمأكول ثم صارت للآكل إما أن تعاد في كل واحد منهما وهو محال لاستحالة أن يكون جزء واحد بعينه في آن في شخصين متباينين، أو يعاد في أحدهما وحده فلا يكون الآخر معادا بعينه والمقرر خلافه وهذا في مذهب الفلاسفة.
وقد تسرب هذا المذهب إلى بعض من لم تزك نفوسهم تزكية تجعل النفس تسوح سياحة ملكوتية فتقتبس من مجانسة عالم الطهر أسرار الجنة وما فيها من نعيم الجسم ومسراته، وبهجة النفوس وملاذها وما في النار من عذاب يذيب الأشباح وحجاب يحزن الأرواح، حتى ترجع إلى هذا الجسم فتمثل لـه ما هناك تمثيلا يجعله يطيعها فيما تطلبه منه.
والحقيقة أن الجسم يعاد كما كان في تلك الدار الدنيا، والى العقل بيان كل نوع من الأنواع تتسلط عليه المؤثرات الكونية كالذهب بالنسبة للمعادن فإن النار وغيرها من المؤثرات لا تنقصه شيئا ولا تغيره عن كماله الذي بلغه، فلو ألقى في الأرض السبخة أعواما ما تغير، بخلاف بقية المعادن فإنها تتنوع إلى غيرها فتكون شرابا أو ينقلب النحاس إلى توتيا خضراء، فكذلك ا لإنسان هو أكمل الأنواع الموجودة ولكماله النوعي لا تؤثر عليه المؤثرات الكونية، فلا يتغذى النبات بشيء من حقائق الأصلية ولا تهضمه تلك الحقائق في معدة حيوان، فلو اندثرت المقابر وصارت أرضها مزرعة تتغذى النباتات بالفضلات الزائدة على الحقائق، وتحفظ أجواء الحقائق في الأرض كما تحفظ أجزاء الذهب.
وإذا أكل الإنسان أو الحيوان إنسانا فأن الذي يتغذى به هو المواد الغريبة والفضلات الزائدة على الحقائق، وتلك المواد الغريبة والفضلات الزائدة ليست هي الإنسان، وإنما هي لتعويض ما فقد منها بالعمل حفظا للحقيقة الإنسانية.
إذن فكل الحقائق التي هي العظام والأوردة والشرايين والأعضاء الرئيسية كالقلب والرئتين والكبد والطحال والكليتين والمعدة والمعي وحقيقة العينين والأذنين واللسان وغيرهما مما يكون به الهيكل الإنساني هيكلا مجردا عن الحياة لا سلطان عليه للأرض ولا لما عليها.
إذا تقرر ذلك فالجسم يعاد يوم القيامة كما كان في الدنيا مع روحه، والقول بأن الروح هي التي تعاد باطل، وإن فهم ذلك بعض من لم يعقل عن الله ولا عن رسوله من النصارى الذين يظنون أن سيدنا عيسى يقول بإعادة الأرواح، فإن هؤلاء القوم فافهموا شيئا من كلام سيدنا عيسى عليه السلام، ومن أنكر البعث وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة ارتد عن الإسلام ومن أنكر بعث الأشباح جهل صريح الدين.

(6) شبهة أفضلية الغرب على الشرق: وقد ردد المستشرقون- وتابعهم فيها المستغربون- أكذوبة حيث قالوا: إن الغرب أفضل من الشرق وأنه مهد الحضارة والتقدم، وأن الشرق مهبط الظلم والجهالة والتخلف.. لكن الإمام المجدد رد عليهم مدافعا عن الشرق بمقولته الحاسمة والخالدة التي قال فيها (كفى الشرق فخرا أنه أولد مولودا صار للغرب معبودا).. فأوروبا التي تستعلي على الشرق تعبد المسيح الذي هو ابن الشرق ‍!! ثم يزيد الإمام المجدد الأمر بيانا في كتابه "وسائل نيل المجد الإسلامي" قائلا: (إن الغرب عبارة عن أوروبا وأمريكا وهما القارتان اللتان لم ينظر الله اليهما نظرة إحسان وحب فيبعث فيهما رسولا أو يجعل لهما نورا في قلوبهم تتضح به أنوار التوحيد).

ويتساءل الإمام في عجب ؟!!
يتساءل الإمام رضوان الله عليه في كتاب (وسائل إظهار الحق) فيقول:
• ما الذي يرمون به الإسلام؟ أأوردوا برهانا على فساد عقيدته؟ لا والله، وإنهم ليعتقدون أنها العقيدة الحقة مع أنهم أعداء.
• أم ظهر لهم فساد في أحكامه؟ لا والله، وأنهم ليعمون بأحكامه ويسيرون على سيرة الأئمة الفاتحين من المسلمين.
• أو أقاموا الدليل على أن الإسلام لم يأت بالأخلاق الفاضلة؟ لا ، ولم يعتنق الدين الإسلامي جميع من اعتنقه إلا حبا في فضائل الأخلاق التي يأمر بها وتصديقا للعقيدة الحقة التي يدين بها.

فما الذي ينكرونه عليه إذا كانوا لم ينكروا على عقيدة الإسلام؟ وكل عقيدة غير عقيدة الإسلام منكرة عقلا وحسا لا يقبلها عقل عاقل ولو كان طفلا.

ونورد هنا بعض الموضوعات التي رد بها الإمام على بعض مطاعنهم حيث يقول :

1- أسرار النواميس الإلهية عند الجاهل أعمال صنمية:
ما هو التابوت الذي كان يحمله موسى عند الجهاد وعند الشدائد وعند الاستغاثة والنجدة؟ وذاك موسى كليم الله! لم يكن التابوت إلا صندوقا من الخشب فيه قطع بالية من سفينة نوح عليه الصلاة والسلام، وماذا قال اليهود فيه وقد أمر الرب كليمه أن يحمله أمامهم وهو كليم الله؟ ويستنصر به ويستسقي به ويستفتح به، قالوا: إنه أنزل مع آدم من الجنة. أنا لا أنكر عليهم قولهم ولا أسلمه لهم، فإن الرب الذي أنزل الناموس بمشيئته يقدس ما ينزله من الجنة، وبمشيئته يقدس ما شاء من الأرض من طين أو ماء أو شجر أو مدر.
فحمل التابوت هذا عند من لا يعقل أسرار النواميس عمل صنمي، وعند من يعقل النواميس يقول: الرب يحكم على خلقه بما شاء ويأمرهم بما شاء ويختبرهم بما شاء. هذا التابوت بعد موسى رفع إلى السماء كما بين في التوراة. خصوصا عندما فشي الزنا والفسوق في بني إسرائيل. ولما قام العمالقة لهلاك شعب إسرائيل، بشرهم الرب في التوراة أن التابوت ينزل مع الملائكة. هذه أسرار الناموس وغرائب آياته تحجب العقل المكسوف نوره عن أن يدرك حقائق الحكمة وغرائب الآيات.
نزل التابوت تحمله الملائكة. ما الذي كان فيه؟ كان فيه : نعلا موسى وثيابه وعمامة هارون وعصى موسى.. سبحان الله!َ! نعلان لرسول من رسل الله يبلغ بهما التعظيم إلى درجة أن يكونا في التابوت؟؟ ويكون هذا التابوت به النصرة وبه الفتح وعود المجد لشعب إسرائيل؟! وتنزل به الملائكة؟! تلك مرموزات الناموس لا تكشف إلا لمن جاهد نفسه مجاهدة يطهر بها من خبث الضلالة وظلمة الجهالة ودخان العناد ونار العصبية للآباء ويخرجها من هوة الطمع فيما يفنى.

انتقل بنا إلى عصا موسى عليه السلام ما هي عصا موسى؟ غصن من شجرة ربما زرعها كافر، وسقاها كافر، وقطعها من الشجرة كافر. وإذا أراد أن يظهر الآية يظهرها كيف شاء وبما شاء وفيما شاء. كانت العصا عند شعيب عليه الصلاة والسلام ثم أعطيت لموسى ، فقدسها الله وبارك فيها حتى صارت كأنها كلمة الله، وصار موسى – كليم الله- بدونها إنسانا لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا. فالقادر على أن يجعل العصا كلمة كن في يد موسى قادر أن يجعل هذا كله بكلمة من موسى وبحركة يده وبأي عصا من العصى، ولكنه سبحانه يقدس ما شاء ويظهر ما شاء ويضع سره فيما شاء وفيمن شاء، وهذا أيضا رمز من مرموزات الناموس الأعظم.

بيان الإمام حول الحج والكعبة المشرفة
انتقل بنا إلى الخليل أصل الرسل عليهم الصلاة والسلام ووالدهم الأوسط ومبدأ الفيض الأقدس. ثبت بالتواتر والأثر أنه عليه الصلاة والسلام هو وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام رفعا قواعد البيت ووضعا الحجر الأسود بيديهما عليهما السلام وأخبرا أنه كان مع أبيهما آدم أنزله معه من الجنة.. فما للإنسان ينحني رأسه إذا ذكر التابوت ويصدق أن صندوقا من الخشب نزل من الجنة ولا ينكر على موسى الكليم أن يحمله عند الشدائد، ثم إذا سمع أن التابوت نزلت به الملائكة تحمله إلى طالوت عند قتال العمالقة وأن التابوت كان فيه نعلا موسى عليه السلام.. ينحني تعظيما للتابوت وما فيه ويعترف أن التابوت باركه الله وجعل فيه سر الفتح والنصر !! ولا يحظر على قلبه أنه كالصنم لبني إسرائيل، ومن موسى عليه السلام في جانب الخليل عليه الصلاة والسلام في جانب آثاره العلية وآياته الجلية، وهو عليه السلام عند خروجه من مصر لبني إسرائيل أمسك عليه مسالك الخروج حتى حمل معه الصندوق الذي به جثة يوسف الصديق بن يعقوب عليهما السلام، فهل كانت تلك الجثة صنما لموسى عليه السلام ؟ وما للإنسان ينسى عيوبه وينظر الحسن في أخيه قبيحا؟
كان التابوت صندوقا من الخشب فيه رضاض من سفينة نوح عليه السلام باركه الرب حتى أمر كليمه أن يحمله وجعله وجهة للأجسام حتى لا تقع الأعين عليه إلا اطمأنت ولا تمسه الأدي إلا سرت في القلوب روح يقين وإقدام، ولا يفتح إلا حصل النصر وانشرحت الصدر. سبحان الله. ألأنه صندوق خشب داخله نعلان؟.. لا ولكن الرب يبارك فيما شاء ويبارك فيمن يشاء.
فكذلك الكعبة التي هي حجرة بناها الخليل إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام، وهذا الحجر الأسود هو الحجر الذي وضعه إبراهيم واسماعيل عليهما الصلاة والسلام، ورفعا هذا البيت بأمر الرب جلت قدرته وبشرهم الرب بأن هذا البيت مبارك، وبشر إبراهيم بأنه سيكون من ولد إسماعيل أمة مباركة يظهر فيها خير رسول.
فكان هذا البيت هو الذي بناه الخليل وابنه وباركه الرب كما بارك في التابوت، وبارك في عصى موسى، وبارك في الحجر الذي كانت تتفجر منه الأنهار، وبارك في الطينة التي خلق منها آدم وأسجد لـه الملائكة بنص التوراة، وهذا الحجر هو الحجر الذي لمسته يد الخليل ويد أبنه وأخبر أنه نزل مع آدم عليه الصلاة والسلام، وأني لمصدق أن الرب باركه ولو لم يكن من الجنة، فإن الرب كما تقدم يبارك فيما شاء وفيمن شاء، والعرش والأرض سواء في نظر الرب لا فرق بين الأرض السفلي والعرش الأعلى بالنسبة للرب، ولكنه سبحانه يرفع ما شاء على ما شاء.
والرب علي عظيم عن القرب المكاني من العرش والأرض، والعرش والأرض في قبضته سبحانه، وفي حيطة علمه وفي تدبير قدرته ومشيئته، ولو شاء أن يجعل قطعة من طين الأرض ترتفع حتى تكون فوق العرش لفعل سبحانه، وقد فعل.. فإن الإنسان من طين، وبعض أفراده من الرسل الكرام والصديقين والشهداء يكونون في جوار الرب يوم القيامة فوق عرشه، فمنزل الناموس سبحانه وتعالى وبارك في هذا البيت وبارك في هذا الحجر وجعله رمزا من مرموزات الناموس.

لا يسعني أن أكشف تلك الأسرار العلية الغامضة عن العقول المحجوبة بالحظ والهوى في مقام أدعو فيه أخي في النوع إلى نجاته من هاوية العذاب إلا بقدر معلوم.. إن المسلم يقبل الحجر مستحضرا اليد التي وضعته، وكأنه يبايع تلك اليد على أتباع الإسلام الذي هو ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، لأن الله تعالى أكرم خليله عليه الصلاة والسلام وجعل من ولده إسحاق أمة إسرائيل وأكرمها بالرسل والأنبياء حتى أنجز ما قدر سبحانه وأراده، وأكرمه عليه الصلاة والسلام فجعل من ولده إسماعيل عليه السلام الأمة العربية، وأكمل نعمة على جميع خلقه وأتم فضله عليهم بأن جعل من الأمة العربية خاتم رسله الذي بعثه لكافة الناس بشيرا ونذيرا واستجاب لخليله دعوته التي دعاها لإسماعيل وبنيه بأن يجعل منه أمة عظيمة بقوله (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ )(البقرة: من الآية129) إلى آخر الدعاء الذي دعاه وهو معنى قول موسى عليه السلام: يكون من بني عمنا.. إلى آخر البشرى. وبنو عمهم بنو إسماعيل، فكان الإسلام هو ملة إبراهيم الحقيقة التي كان عليها وهو وأولاده عليهم السلام، وبرهان ذلك: جعل بيته كعبة المسلمين.

إن الله فرض حجة على المسلمين بشروطه المخصوصة، ولم يكن عملا ضمنيا وإنما هو عمل للتقرب إلى الله تعالى وللقيام بحقوق عباد الله ولإطاعة أمر الله والاقتداء بسنن رسل الله. وكأن المسلم بلمس الحجر الأسود وأداء فريضة الحج:
1- عاهد الخليل عليه السلام على العمل بإخلاص، معتقدا أنه نفد أمر الله تعالى وقلد رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم.
2- تقرب إلى الله تعالى بأكمل العبادات التي بذل فيها ماله، فوسع على خلق الله في السفر إلى مكة.
3- بذل فيها نفسه بمفارقة الأهل والمال والوطن.
4- شهد من عجائب قدرة الله وغرائب حكمته سبحانه وآثار رحمته ما جعل قلبه يطمئن بالقدرة وصدره ينشرح بالحكمة.
5- جعل الإيمان ينمو في قلبه حتى يبلغ درجة اليقين.
6- قابل إخوته المؤمنين فانتفع بعلم العالم وحكمة الحكيم وحلم الحليم وأخلاق الكريم وعمل الموفقين.
7- شهد من أنواع العادات واختلاف الألوان والأشكال واللغات ما جعله يحب الله سبحانه وتعالى ويعظم جنابه العلي.
8- تتجدد العافية بالحج بعد فقدها والصحة بعد زوالها، ويتعلم التدبير والحكمة والمداراة والترتيب، وينشط بعد الكسل ويشجع بعد الجبن ويسخو بعد البخل.
9- يمكنه أن يجمع بين الحج والتجارة فيتجر تجارتين للدين والدنيا، فيأخذ ما يحتاج إليه أهل الحجاز ويجلب ما يحتاج إليه أهل مصره.

حكمة لا تنكشف إلا لمن فهم أسرار الكتب السماوية وذاق حلاوة الإيمان بها والتسليم لها.
أسألك أيها المنكر حكمة الحج وأسراره على جهل منك بفوائدها الجلية وخيراته المحسوسة: ما هو هيكل الرب؟ وما هو المذبح الذي كانت تذبح عليه الأنفس أمام هيكل الرب؟ وما هو القربان الذي كانت تأكله النار؟ أكوشفت باسراره أم ظهر لقلبك خفيه؟ مالك والإنكار على الحج ونوره ساطع وسره باهر وخيره وافر وبركاته مفاضة؟ وما هو الدهن المقدس الذي كان لا يدهن به إلا نبي؟ أمن الجنة نزل؟ أم ذلك دهن لبن النعجة التي كانت نعجة الخروف المذكور في رؤيا يوحنا الذي لـه قرون من ذهب ونعال من ذهب وأنه هو الرب وأنه ذبح؟ أنا معتقد أن يوحنا نفسه لو سمع أنه نسب إليه هذا لصعق فضلا عن أن يقوله بنفسه. وليس جعل خروف لـه قرون من ذهب ونعال من ذهب إلها يتنزل به الناموس. فإن كل مرموزات الناموس نزهت الجناب العلي عن التشبيه والتحديد وعن المثيل والنظير والولد والوالدة، وكل مرموزات الكتب السماوية لإظهار آيات دالة على أنه واحد مريد فاعل لما يشاء يأمر بما شاء وينهي عما شاء، لـه الخلق والأمر وهو على كل شيء قدير.

فالتابوت ، وعصا موسى ، وحجره الذي تفجرت منه ينابيع الماء، وصنع السفينة قبل الطوفان، وناقة صالح عليه السلام، وحمل سارة بإسحاق بعد اليأس، وبناء بيت للرب، وعمل مذبح يذبح عليه إمام الرب، وماء المعمودية.. كل تلك الإشارات من إشارات الكتب السماوية تنكشف غوامضها للمقربين المحبوبين، وكذلك الأرض المقدسة والصخرة المقدسة. فالله سبحانه وتعالى بارك في النار التي ألقى فيها سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأبقى فيها الإشراق وأبطل منها الإحراق، وبارك في ناقة صالح فكانت وجهة أمته، وبارك في حمار العزير فكان آية كبرى، وبارك في كلب أهل الكهف فكان عجيبة للعقول ، وبارك في عصا موسى عليه الصلاة والسلام فكانت ككلمة كن.
وكم بارك لأنبيائه ورسله: فمنهم من جعله يقبض الحديد محميا بيده، ومنهم من جعل لـه بساطه يحمله ويمشي به في الهواء، ومنهم من بارك في يده فكان لا يمس بها ميتا إلى أحياه الله ولا مريضا إلا شفاه الله، وكل تلك آثار رسله عليهم الصلاة والسلام.

ذلك الإنكار إنما جاء من دين أسس على أن رجلا حل فيه الرب، أو أن الرب حل في فرج امرأة وتجسم إنسانا، أو أن الرب مجهول في ثلاث، ثم أسسوا دينهم بعد ذلك على أن الذي يترك أكل اللحم والسمن ويترك الزواج يحل فيه الرب!! والحقيقة أن الذي يترك أكل اللحم والسمن يكون حمارا يأكل النباتات أو فرسا أو جملا، والذي يترك الزواج يكون نباتا يتغذى وينمو، والحقيقة أن النباتات لـه عضو ذكورة وأنوثة، فإذا كان الإنسان ينحط عن رتبة الإنسانية إلى رتبة البهيمية إلى الرتبة النباتية يحل فيه الرب ويكون منزها مقدسا يخلو بالنساء الجميلات ويغفر السيئات ويعفو عن الخطايا ويبيع الملكوت ويحل ويحرم.. من كانت هذه عقيدته لا شك أن أعماله جميعها تكون صنمية.

والرسول الذي بعثه الله بالتوحيد للناس جاء بالمعجزات التي سجدت العقول لها وعجز الخيال عن تمثيل كمالاتها: كشف للعقل الحجاب حتى أشهده انه عبد الله ورسوله، وأنه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا إلا أن يشاء الله، وأنه لا يعلم الغيب، وأنه إنما هو بشر مثلنا أوحى الله إليه أنه لا إله إلا الله، وأنزل عليه الوصايا والتعاليم التي استقبلها العقل بتسليم وإخلاص وتصديق.. لا شك أن أعماله تكون مؤسسة على تنزيه الحق جلت قدرته عن النظير والضد والمثيل.. كل أعماله تكون موجهة للواحد الأحد المنزه عن أن يكون محلا للأشياء وعن أن تكون الأشياء محلا لـه، سبحانه هو المنفرد بنفسه المتوحد بأوصافه، لا يمتزج ولا يزدوج إلى شيء، بائن من جميع خلقه، لا يحل بالأجسام ولا تحله الأعراض، ليس في ذاته سواه، ولا في سواه من ذاته شيء، ليس في الخلق إلا الخلق ولا في ذات الله إلا الخالق.. فتبارك الله أحسن الخالقين.. لم يلد ولم يولد ولم يكن لـه كفوا أحد.

هذه العقيدة التي يجب أن يعقد عليها قلبه الصبي المسلم من فطامه وتنمو معه في كل يوم جديد عندما يبتدئ في حفظ كلام الله القديم، وعندما يسمع قوله سبحانه وتعالى لنبيه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُم)(الكهف: من الآية110)وقوله سبحانه وتعالى (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً )(لأعراف: من الآية188)، وقوله تعالى (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) (البقرة:163) وقوله تعالى )لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا )(الانبياء: من الآية22)، فلا يحفظ آية من القرآن المجيد إلا وتنمو العزة في نفسه وتعظيم الله وحده في قلبه، أفمن كان هذا أصل أصول دينه يقال إنه يعمل عملا صنميا؟ إنما الذي يعمل عملا صنميا من اتخذ إنسانا يأكل ويشرب ويبول ويتغوط وينام ويجوع ويمرض ويفرح ويحزن ويخاف من الهوام ومن الوحوش ومن إنسان يعاديه، وبعد ذلك النقائص التي يتنزه عنها الرب- وينزه جنابه العلي عنها عقل الأطفال- إذا نظر ما حوله من الآيات وما فوقه ثم يقول بعد تلك الخسة والنقائص هو الله الذي خلق السموات والأرض.

والله لو أن إنسانا وقف أمامي فقال لتكن السماء أرضا والأرض سماء فكانا كما يقول وشهدت ذلك بالحس وقال إني لست إنسانا ولكني ملك من السماء لكذبته في دعواه أنه من الملائكة وحكمت أنه إنسان لـه تأثير نفساني على الخيال الإنساني، فكيف بإنسان أتى بمعجزة لم تخرج عن القدر الذي أهل الله الإنسان لنيله من الطب، فإن كثيرا من الأطباء برعوا في علم الرمد حتى يمكنهم أن يزيلوا ما على العين من الغشاوة والماء الذي حجب نورها، ومن الحكماء من يعلم أن يعالج من حصلت لـه السكتة بطريق التنفس الصناعي، ويعالج من أصابته النقطة بالاستفراغات والدلك. تلك الأمور التي في العالم الطبيعي لها نظائر تجعل أهل العقول السخيفة يجعلون من اتصف بها إلها يعبد من دون الله أو ابن الله أو حل فيه الإله. وتنسى تلك الأعمال الموجبة للفضائح أمام العقول وتنكر الحق الصريح أو حل فيه الإله. وتنسى تلك الأعمال الموجبة للفضائح أمام العقول وتنكر الحق الصريح البين على أهله، ما لك وللجولان في ميدان العقل دونه خاشعا؟؟.

الشمس مشرقة أيها الحيوانات الليلية ، لم يخل الأفق من الشمس العلية. وأني اسأل الله أن يحفظ بني الإنسان من شر أكابر المجرمين الذين أفسدت عليهم السيادة والرياسة الدين والدنيا وأنستهم يوم الحساب وشديد عذاب الهاوية، وأن يمن على وعليهم بنور يبين لنا الحق والباطل، فنتبع الحق ولو لم يكن عليه آباؤنا، ونتجنب الباطل ولو كان عليه آباؤنا، ويمنحنا السعادة الحقيقية والخير أنه مجيب الدعاء، ويعيذنا من الضلال والضلال لنعمل بالكتاب والسنة، وأن يحفظني بحفظه من الشر وأهله، ويكرمني وأهلي وأولادي وإخواني والمسلمين.

الحج من مرموزات الكتب السماوية، وقد بينت لك ما ظهر لأصغر مسلم يعتقد أن الله فرض عليه الحج. ولو أنك أسلمت لله رب العالمين وتوجهت إلى الحج تأدية لما أوجبه الله عليك.. لانكشفت لك أسرار تلك المرموزات بما يجعل عقلك بعقلها عن قلبك الذي جعل الله لـه نورا يفقه به أحكامه ويقوي به يقينك.

يتبع



#محمد_عبد_المنعم_عرفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [14]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [13]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [12]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [11]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [10]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [9]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [8]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [7]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [6]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [5]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [4]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [3]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [2]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [1]
- فن الإستمتاع بالحياة [2]
- فن الإستمتاع بالحياة [1]
- النقاب عادة لا عبادة وليس من الإسلام [2]
- النقاب عادة لا عبادة وليس من الإسلام [1]
- إضاءات ورؤوس أقلام حول مسألة (الشيعة والسنة) [1]
- حوار مع القاضي المستشار عبد الجواد ياسين صاحب كتاب (السلطة ف ...


المزيد.....




- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم عرفة - الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [15]