|
عالم واقعي، عالم افتراضي
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4780 - 2015 / 4 / 17 - 14:38
المحور:
الادب والفن
1 في مثل هذه الأيام، قبل تسع سنين، ركبت الطائرة المتجهة إلى اقليم كردستان العراق. الطائرة، كانت اردنية؛ يعني المضيفات كن من ذوات الحسن والذوق. احم. المهم، ما أن حلقت الطائرة فوق سماء هولير، عاصمة الاقليم، حتى بدأ قلبي يخفق لقرب ملاقاة " موطن الأبطال "؛ بحسب تعبير شاعر العراق الجواهري. الحق، أن بعض القلق كان يساورني أيضاً، بخصوص زيارة منطقة كانت آنذاك ما زالت تحت خطر الارهاب الأصولي....! عندما نزلت الطائرة على المدرج حصل شيء خارق، فعلاً، ولكن لا علاقة له بالارهاب ولا بأهله. إذ في اللحظة التي كانت فيها عجلات الطائرة تصطدم بالأرض، هبّ معظم الركاب من مقاعدهم وكأنما أصابهم مسّ، ثم بدأوا يفتحون صناديق الرفوف لكي يخرجوا حقائبهم. فما كان من المضيفات سوى الصراخ على أولئك الوحوش الكاسرة، حتى يعودوا إلى أماكنهم ويعيدوا أحزمة الأمان. إنما الوقت كان قد فات.
2 في مدينة اوبسالا السويدية، وقبل عقدين من الأعوام، تسجلت بدورة لقواعد اللغة الكردية باشراف الاستاذ رشو زيلان ( من عباقرة كورت توركية ). كان المفترض أن تستمر الدورة لثلاثة اشهر، ولكنني لم أبق فيها أكثر من ثلاثة أيام. فمعلمنا العتيد، حينما كان يكتب جملة على السبورة، فإنه اعتاد أن يعيد صياغتها بحسب لهجات الأخوة الحاضرين؛ فأهل serhede يلفظونها كذا، وأهل merce كذا، وأهل mardin الخ. عند ذلك، قمت وخاطبت الاستاذ بانزعاج: " وماذا عن قواعد اللغة الكردية، التي وضعها جلادت بدرخان؟ ". فأجابني مستخفاً: " رحمتي جلادت، وضع اللغة الكردية بحسب لفظ مدينة بوطان؛ لأنه من أهلها!! ".
3 كان ذلك في مبنى صغير، تابع لكنيسة محلية في حيّ الأجانب، وكان العشاء مترافقاً مع الموسيقى والغناء. عندما انتهيت من الطعام، توجهت لملأ قدح قهوة، فرأيت هناك صندوق تبرعات لأطفال أفريقية. أثناء ذلك، حينما كانوا يسألونني عن بلدي الأصل، فلم يكن يستوقفهم اسم " سورية "....! ولكن، عندما هممنا بالخروج من باب المبنى، إذا بامرأة سويدية تتكلم معنا بالعربي وبلهجة شامية نقية. هكذا تعرفنا على " هيلينا " الجميلة، التي درست اللغة العربية في دمشق في مستهل هذا القرن، حيث بقيت هناك بضع سنوات. وقد تناقشنا حول أوضاع سورية أيضاً، وبيّنا أن ما يجري فيها ليس حرباً أهلية، بل ابادة شعب يطالب بالحرية. ويبدو أن هذه المرأة قد التبس عليها اسم " اوباما "، خلال حديثي، واعتقدت أنني أقصد " بن لادن ". فقلت لها: نعم، ان المسؤول عن مأساة سورية هو " بن اوباما!! ".
4 ذات مساء كنت عند صديق، فتناقشت مع ضيف ينتمي لحزب كردي سوري. هذا الشخص، كان يدافع عن ب ك ك ( الجناح السوري ) ويبرر كل تصرفاته وتشبيحه. حينما أحرجت الأخ ووضعته في زاوية ضيقة، إذا به يقول لي متسائلاً: " أنت من دمشق، فما هي مصلحتك بحصولنا على حقوقنا القومية؟ ". فأجبته بالقول: " وهل جزيرة ايمرالي ( مكان اعتقال اوجلان ) هي أقرب مسافة للقامشلي من دمشق؟ ".
5 أشقاؤنا من كرد تركية، الذين عرفتهم في الغربة، كل واحد منهم معلّم لغة كردية وخبير كباب. سنغض النظر عن حقيقة، أن أغلبيتهم يتكلمون التركية ببيوتهم في أوروبة، ولنوضح هذه المفارقة عن كيفية جمعهم بين المتناقضات والأضداد. فقبل عقدين من الأعوام، لاحظ هؤلاء أن الانتساب لاتحاد الكتّاب السويديين يعطي المرء عدة امتيازات؛ كالسفر مع الاوتيل مجاناً إلى إحدى الجزر اليونانية بحجة أن هواءها يجلب الالهام الأدبي أو خصم 25 % من ثمن الكومبيوتر أو منحة مالية للتفرغ الأدبي لمدة سنتين إلى خمس سنوات الخ. فما أن علم أصحابنا الكبابجية، أن الموضوع لا يحتاج سوى لتقديم طلب انتساب لاتحاد الكتّاب مرفقاً بكتابين من تأليفك. حتى تهاتفتوا كلهم إلى أمرٍ سواءُ؛ وهو جمع كتاب يحتوي على أسماء كردية + كتاب يتضمن ما بوسعه من الأغاني والأمثال والحكم الخ.. اليوم، فإن عدد الكرد في اتحاد الكتّاب السويديين هو أكثر من زملائهم أصحاب البلد المنكوب، المنحدرين من أسلاف الفايكنغ..
6 الكثير من الكتّاب الكرد يشبهون غسالة الثياب، القديمة: فمها كبير وضجتها مزعجة. تشتغل بشكل اوتوماتيكي على أيدي الآخرين. تغسل أحياناً؛ لكن داخلها وسخ دوماً.
7 قبل حوالي عقدين من الأعوام، تابعت في نادي الجمعية الكردية جدلاً بين بعض الحاضرين. كانوا من كرد تركية، يتناقشون حول كلمة xof ( التي يستعملونها بلهجتهم بنفس المعنى العربي ) وما إذا كانت أصيلة أم دخيلة. ثم أشار أحدهم نحوي: " ها هو من يعرف الكردية والعربية!.. ". وسألني بعدئذٍ: " ماذا يقولون لكلمة خوف باللغة العريية؟ " فأجبته دونما تردد: " tirs "..! * tirs تعني الخوف والذعر باللغة الكردية.
8 عصفور ميّت باليد ولا عشرة يزقزقوا على الشجرة: جيراني من كرد تركية ( ظاظا علويون )، لديهم محل بيتزا وكباب. أحياناً، أدردش معهم في السياسة. هم متحمّسون لإصلاحات من يسمونه بلهجتهم بشار الأسعد ( الأسد! )، ولكنهم غير راضين عن اصلاحات أردوغان.... سألتهم مرة " ألا يعمل أردوغان على حلّ القضية الكردية في تركية؟ "، فأجابوني: " نعم، ولكن لو كان الرئيس تورغوت اوزال ما زال حياً ( توفي عام 1992 ) لكانت القضية محلولة من زمان!! ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملك الأسير
-
كنت معهم؟
-
صاحب الزمان
-
داليدا
-
الحسن باكور
-
بائعة الورد
-
الكنز
-
الفونسو
-
سيرَة حارَة 53
-
سيرَة حارَة 52
-
سيرَة حارَة 51
-
سيرَة حارَة 50
-
سيرَة حارَة 49
-
أربع حكايات
-
سيرَة حارَة 48
-
سيرَة حارَة 47
-
سيرَة حارَة 46
-
سيرَة حارَة 45
-
سيرَة حارَة 44
-
سيرَة حارَة 43
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|