أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عثمان - في السودان (إنتخابات الإستمرارية لا إنتخابات الشرعية الديمقراطية)















المزيد.....

في السودان (إنتخابات الإستمرارية لا إنتخابات الشرعية الديمقراطية)


أحمد عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 4780 - 2015 / 4 / 17 - 14:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(1)
يستغرب الكثير من السياسيين و المحللين من إصرار النظام السوداني على إقامة إنتخابات يعلم جيداً أنها فاشلة وشكلية وأنه سوف ينافس فيها نفسه بعد مقاطعة قوى المعارضة الرئيسية لها. ولكن المدرك لطبيعة النظام يفهم سريعاً السر شبه المعلن وراء إجراء مثل هذه الإنتخابات. فالنظام لا يتعامل مع الإنتخابات بالإساس كوسيلة ديمقراطية لتداول السلطة و إعادة إستدخال مؤسسة الدولة إلى المجتمع بخلق الرابطة الآلية بين المواطن والمؤسسة، ولكنه يتعامل معها كوسيلة لضمان إستمراريته في السلطة و لتبرير هذه الإستمرارية لا أكثر و لا أقل. فالنظام يعلم أكثر من غيره أن الإنتخابات ليست هي الديمقراطية كما يتوهم الكثيرون، بل هي مجرد وسيلة من الممكن أن تتجمل بها أقبح الديكتاتوريات بأخذ الآلية الديمقراطية في سياق غير ديمقراطي, وهو يعلم أنه في ظل الدستور الحالي الذي بح صوتنا ونحن نقول أنه ليس دستور ديمقراطي، لا يمكن بل يستحيل أن تكون الإنتخابات ديمقراطية. لأن الإنتخابات الديمقراطية تقوم في دولة سيادة حكم القانون الديمقراطية و تستمد ديمقراطيتها من الدستور الديمقراطي لا من دستور تكرس مادته الخامسة الدولة الدينية علناً وعلى رؤوس الأشهاد في شمال السودان سابقاً والسودان حالياً.
(2)
إدراك النظام – على عكس معارضته التي توهمت أن الدستور الحالي من الممكن أن يقود لإنتخابات ديمقراطية في الإنتخابات السابقة- يجعله متقدماً على معارضته بخطوة في التفكير حول الغرض من الإنتخابات وكيفية توظيفها. و ينبني على ذلك قدرة النظام على تحديد الهدف من الإنتخابات وحياكتها لتتناسب مع طول وعرض ذلك الهدف. و بما أن الهدف من الإنتخابات الحالية هو إستمرار النظام في السلطة، فبالنسبة للنظام تبرير إستمراره حقوقياً ودستورياً عبر هذه الإنتخابات، أهم من شكل الإنتخابات و محتواها معاً. ومن هنا يأتي رده على مقاطعة المعارضة للإنتخابات المتمثل في منعها من تفعيل المقاطعة لنشاط سياسي فاعل يقود إلى إسقاطه، مع الإستمرار في إنجاز الإنتخابات بمن حضر. فالنظام مضى في تنفيذ إنتخاباته لا ليصبح نظاماً ديمقراطياً ، بل ليستمر كنظام دستوري وفقاً لدستور نيفاشا الذي يحكم البلاد. و حجته حول مشروعية إستمراره هي أنه قد أقام الإنتخابات في مواعيدها الدستورية و أن من قاطعها قد مارس حقه في المقاطعة، لكن المقاطعة لا تسقط عن الإنتخابات دستوريتها خصوصاً و أن الدستور لا ينص على نصاب معين لشرعية الإنتخابات. وبما أن القوى المقاطعة قد إرتضت دستور نيفاشا و طبلت له كدستور تحول ديمقراطي، فإن إنتخاباته شرعية ودستورية وتؤكد شرعية إستمراريته في السلطة. و بلا شك سوف يزيد النظام على ذلك بعداً سياسياً للإنتخابات يدعي نزاهتها وشفافيتها بل يؤكد أنها كانت حرة أيضاً. هذا النوع من الدعاية، سوف يسمعه العالم والسودانيون قريباً برغم الفشل الجماهيري الذريع والعزلة المستحكمة التي أكدتها هذه الإنتخابات للنظام بصورة فاقت تصوره و إدراكه.
(3)
فالنظام يدرك بلاشك أنه معزول ومحاصر، ولكن هاله و أدهشه مدى هذه العزلة كما أدهشه عمق الرفض بل والتمرد عليه حتى داخل الحركة الإسلامية التابعة لحكومته، التي اضطرت إصدار نداء لعضويتها و مواليهم للحاق بصناديق الإنتخابات. ولكن رد فعله على هذه العزلة لن يكن الإعتراف بخطئه و تقديم تنازلات لمعالجة الأزمة، بل سوف يستخدم الإنتخابات للحديث عن شرعيته الدستورية الحقوقية، ويناور لكسر طوق العزلة ، دون مخاطبة المشاكل الرئيسية أو محاولة تفكيك الأزمة و إيجاد حلول حقيقية لها بمخاطبة أسبابها. وذلك لأنه يعلم أن سببها الرئيس هو النظام نفسه وأن معالجتها تستدعي تفكيكه و محاسبة مجرميه كمدخل صحيح لبناء دولة المواطنة وسيادة حكم القانون ، التي يجب أن تكون دولة كل مواطنيها. وهذا بالطبع يستدعي توقع أن يتم تسويق سلطة الأمر الواقع التي تنتج عن الإنتخابات كسلطة دستورية أتت في السياق الدستوري لتمنع أي فراغ دستوري ينتج عن تأجيل الإنتخابات، ولتمنع أي إدعاء بعدم شرعية السلطة القديمة في حال التأجيل الذي رفضه النظام. كذلك يستدعي توقع إستمرار السلطة في التضييق على المعارضة المقاطعة للحوار الوطني المزعوم والمناورة مع المعارضة المنخرطة في الحوار و إستخدامها لتنفيس الإحتقان و مخاطبة المجتمع الدولي تكتيكياً بالرغبة في الحوار وجدية مساعيه. و بالطبع لن ينتج عن مثل هكذا حوار سوى معالجات تجميلية تضع بعض المساحيق على وجه النظام الكالح، ولكنها لن تحل أي مشكلة من المشاكل الراهنة، ولن تقدم للمواطن السوداني أي شئ يذكر.
(4)
في مواجهة خطة النظام الواضحة والجلية التي أقام على أساسها إنتخاباته المثيرة للسخرية، المطلوب هو أن تضع المعارضة الحقيقية للنظام تصوراً واضحاً لمرحلة ما بعد الإنتخابات و لا تكتفي بمقاطعتها. فعلى المعارضة ألا تعترف بالسلطة التي تنتج عن الإنتخابات و أن تتعامل معها كسلطة أمر واقع بإعتبار أنها نتجت عن دستور إنتهت صلاحيته بإنفصال الجنوب و كان يجب أن يتم إستبداله بدستور يجمع عليه أهل السودان الحالي ، لا أن تقوم السلطة بترقيعه و إستخدامه في مواجهة شعبها. و عليها أن تمتلك الشجاعة لتقول بأن هذا الدستور دستور غير ديمقراطي وأن أية إنتخابات تمت أو تتم بموجبه ليست ديمقراطية و أن السلطة التي تنشأ عنها يستحيل أن تكون سلطة ديمقراطية، و أنه بدون قيام مؤتمر دستوري يضع دستوراً ديمقراطياً حقيقياً، لا شرعية لأي سلطة وإن جاءت إنتخاباتها مبرأة من كل عيب . فالإنتخابات التي أتت بالسلطة الحالية و الإنتخابات الماثلة التي ستأتي بها أيضاً، كلتاهما إنتخابات غير ديمقراطية بحكم أساسهما الدستوري غير الديمقراطي، وبحكم أنهما تمتا في ظل نظام دولة دينية إستبدادي، وبحكم أنهما أتيتا في ظل حرب مستمرة و ظالمة ، وبحكم أنهما أتيتا في ظل غياب الحريات و القوانين المقيدة للحريات، وبحكم أنهما أتيتا في ظل إستغلال حزب الحكومة لمقدرات الدولة وللأجهزة الأمنية لمصلحته وضرب خصومه، و بحكم إحتكار السلطة والثروة لفئة طفيلية حاكمة تستخدم المال الحرام للتأثير عليهما ، و بحكم عدم أهلية رأس النظام بوصفه مجرماً هارباً من العدالة الدولية ، و بحكم أنهما تمتا في غياب شروط الإنتخابات العادلة والحرة والنزيهة التي تتيح التنافس و تداول السلطة لا تكريس إستمراريتها.
(5)
و رفض نتيجة الإنتخابات و السلطة التي ترتبت عليها، يجب أن يصاحبه إستمرارية فاعلة لبرامج التعبئة السياسية الرامية لإسقاط النظام وعدم القبول بالفتات الذي يعرضه. فالمطلوب هو إستمرار التعبئة ضد الحوار الوهمي الذي تنادي به السلطة لذر الرماد في العيون وتمرير مخططاتها. فمعركة مقاطعة الحوار لم تنته، إذ أنها مرشحة للتصاعد لأن الحوار هو الوسيلة التي ستستخدمها السلطة بعد الإنتخابات لدعم إستمراريتها بجر المعارضة لحوار غير منتج يبرر وجوده إدعاءاتها بالجدية في مخاطبة مشاكل الوطن، وينهك معارضتها ويسمح بتقسيمها ودق الأسافين بينها. لذلك لابد من وضع برنامج عملي ومنظم لفضح مثل هكذا حوار مع سلطة لا شرعية و لا شرف خصومة لها. كذلك يجب تطوير الموقف الشعبي العام الرافض للسلطة والذي تجلى في هذه الوقفة الملهمة لشعبنا العظيم الذي قاطع إنتخابات الزيف بوعيه الخلاق، برغم نجاح السلطة لحد كبير في إضعاف حملة "إرحل" التي إجترحتها المعارضة، مما يؤكد أن الرفض الشعبي للسلطة أمر متجذر ليس مطلوباً من المعارضة إجتراحه أو التأسيس له بمبادرة منها. المطلوب من المعارضة هو أن تجد التكتيكات والسبل لكسر القيد والحواجز التي تضعها السلطة بينها وبين شعبها، حتى تتمكن من الإلتصاق بشعبها و تحويل رفضه لفعل إيجابي يسقط السلطة، عبر تقديم البرنامج البديل المبسط، وتقديم القيادة الملهمة، لتكفل شعبنا العملاق بإسقاط طغمة الإنقاذ و إرسالها إلى مزبلة التاريخ.
(6)
بقى أن نشكر شعبنا المعلم، الذي كرس عزلة صارمة ضربها حول النظام، بمقاطعته لإنتخابات الزيف مقاطعة مشرفة وشبه شاملة رغم ضعف معارضته المنظمة، والذي هزم النظام سياسياً بموقفه السالب و نقص له فرحته بالإستمرارية الحقوقية الدستورية، وعلمه بأن الفصل بين الحقوقي الدستوري والسياسي مستحيل، وأن مناورته التي يقوم بها من أجل تقنين إستمراريته سقطت سياسياً و جماهيرياً بإستفتاء علني أكدته المقاطعة، و أن محاولة إستمداد شرعية من دستور لا يتوافق مع إرادة الشعب الذي يحكمه محاولة مكشوفه مصيرها الفشل و السقوط . التحية و التجلة لشعبنا و لمناضلاته و مناضليه و لكل من شارك في فضح هذه الإنتخابات و هزيمتها سياسياً بتصرف حضاري و ديمقراطي هو المقاطعة، وهو تصرف يؤكد أن وسائل الإحتجاج والرفض السلمي للنظم الشمولية لا محدودة، وعلى شعبنا الإستفادة منها.
وقوموا لإنتفاضتكم يرحمكم الله،،،،،



#أحمد_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام السوداني ( تحول إستراتيجي أم تموضع تكتيكي؟)
- لماذا انتشر الإسلام السياسي؟
- دلالات إيجابية في السياسة السودانية!!
- الحوار تحت أسنة رماح الجنجويد !
- عقبات في سبيل تأسيس أحزاب سياسية سودانية جديدة
- جنوب السودان - مضمون النزاع وآفاق الحلول
- الأخوان المسلمون والفشل الإستراتيجي
- سيناريو الخراب المحتمل -إتهام جديد لحزب الله!-
- ما لاتريد الحركة الشعبية أن تراه!
- ماذا لو
- نورونا ياهداكم الله ! أو في الإستفتاء و دعوى الكونفيدرالية ! ...
- الى الصحفي سردش
- إتفاق الدوحة الإطاري (مزالق وسقوف)
- السودان ونذر التفكك (مخاطر الإنفصال على دولتي الجنوب والشمال ...
- إستفتاء سويسرا (أفول المآذن أم سقوط حرية المعتقد؟)
- نرجوكم…….. قاطعوها يرحمكم الله
- المعارضة السودانية (إرتباك الأداء وإضعاف الحجج)
- خطوات محسوبة ضمن تداعيات مذكرة توقيف البشير
- تأجيل الإنتخابات أولى تداعيات مذكرة توقيف البشير
- أمر توقيف البشير- لم يحن أوان التنفيذ بعد!


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عثمان - في السودان (إنتخابات الإستمرارية لا إنتخابات الشرعية الديمقراطية)