الحارس الشخصي 1961:عن الفيلم الأكثر شهرة في تاريخ اليابان

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4778 - 2015 / 4 / 15 - 18:58
المحور: الادب والفن
    

الحارس الشخصي 1961:عن الفيلم الأكثر شهرة في تاريخ اليابان
في هذا العام 1961 يعمل سيد السينما أو الأمبراطور على اقتناص الصورة التي صنعت الفيلم الذي يعتبر الأكثر شهرة والأكثر مشاهدة في اليابان ...الحارس الشخصي هو الفيلم الأكثر شهرة على الاطلاق في تاريخ اليابان
فيلم خالص عن بطل غامض من فئة الساموراي زمنه عام 1860 وانبثاق الطبقة الوسطى التي اثمرت عن نهاية عشيرة (Tokugawa) الحاكمة الذين كرسهم الساموراي كأسياد لهم وعملو كمحاربين لخدمة الملكية،ولكنهم الآن بلا عمل ويجب عليهم أن يعيلوا أنفسهم بدون أي أدوات سوى سيفهم وذكائهم.
هي عظمة الصورة وعظمة الحبكة غير المألوفة عن البطل الغامض الساموراي القادم من زمن أصبح ماضيا الآن وهو يجر أقدامه باتزان ويحرك كتفيه في هزة غير مألوفة تزيد البطل غرابة غير متوقعة...
هذه الغرابة هي التي ستلهم رباعية سيرجيو ليوني (السباجيتي)،وبالأخص من أجل حفنة دولارات مع كلينت ايستوود،فكيراساو الذي استفاد من السينما الأمريكية هو الملهم لهذه السينما لتحقيق روائع ليس بعدها من روائع.
القدوم من مكان غامض،أو من اللامكان،ومن زمان غامض تختفي فيه مقاييس الأسماء الشكلية،وتبقى الحقيقة الأكبر والأبرز هي ان البطل بلا اسم لتنبثق من خلاله نوعية بطولية غير مألوفة...
سئل الساموراي(توشيرو ميفوني) عن اسمه لاحقا،فنظر من خلال النافذة فرأى حقلا من التوت،فأجاب:
(Kuwabatak Sqnjure) وهي تعني حقل توت عمره 30 سنة
هي طريقته في الاجابة عن اسمه،أو الأجابة عن أنه بلا اسم،ومن ثم علينا تكنية هذا الساموراي ب(Sanjure)،وهذه البدعة هي أحد البدع الحقيقية لرباعية السباغيتي(البطل بلا اسم مجهول مكان القدوم والماضي والهوية)
هو يدخل الى قرية ليصادف أو ما يصادف كلبا يحمل في فمه يدا مقطوعة...
قبيليتين من الجبناء على نزاع دائم بغاية السيطرة على المدينة،وفكرة الخير والشر هي فكرة معدومة لأن الشر يحارب بعضه الآن،وفي هذه الظروف على الساموراي الترويج لنفسه...
يقول لبائع التوابيت:عليك تجهيز تابوتين أو ثلاثة...
ويقوم بقتل اثنين من المجرمين التابعين لأحد القبائل وقطع يد شخص ثالث في اقل من دقيقة...
الفيلم فيه شيء من أصالة ومن تجريد سينمائي خالص،واللحظة الفيلمية هي الأهم بل هي المقدسة لأن كل شيء خارج هذه اللحظة من الماضي هو شيء غير ذات أهمية ومن الممكن اعتباره غير موجود،وبالتالي اللحظة هنا مستغرقة في المكان لأبعد حدود...
المكان فيه شيء من ويسترن امريكي،على ان البدعة الفيلمية ليست بالديكور بقدر ما هي عبقرية فكرية صاغت حبكة حلقت بالمكان لحظيا لخدمتها وليس لتكوينها ولتكون بدورها-أي الحبكة-شخصية بطل مركزي شاذة لاتحارب من أجل مبدأ ولاتبحث عن مبادئ سوى الاحتكام عرضيا...الاجبار العرضي على الأخلاقيات
هو اصبح متابعا للأحداث فقط وينسحب من كلا الطرفين ليشاهد قطيعا بشريا من الجبناء لايجرؤون على الاقتراب من بعضهم البعض..ولكن الأصالة التي في داخله تنم عن اخلاقيات رفيعة والموقف هو الذي يجبر الساموراي على التحرك بالشكل الصحيح من دون الخضوع للماديات...الاحتكام العرضي للأخلاقيات
مع تضحية بمبلغ من النقود والنفس على حساب موقف عرضي أخلاقي واحد،الأمر الذي يدفعنا الى القول أن هذا الرجل يمارس حقه كساموراي للمتعة فقط...
الاخلاقيات تحيل الى التضحيات غير العابئة بالمصير...
(أنا لم أمت بعد...ليس قبل ان اقتل بعض الرجال)
هو يقف...يركع ارضا ويناول عدوه مسدسه...هو يعرف في يقينه أنه يخدعه وأن الغدر من شيم رجل يقول له:
حقق لي رغبتي الأخيرة ودعني اعانق مسدسي
يعطيه المسدس..يجلس القرفصاء...العدو يطلق النار عليه ولكنه لم يتحرك...يؤمن بالمصير وبالقدر الذي جعل منه ساموراي في هذا المكان وفي هذا الزمان بالذات من دون أي خلفيات بنيوية ولاحتى تفكيكية لها علاقة باسباب الوجود أو التواجد...
هي بالتأكيد أفضل صورة حققها كيراساو خلال عمره السينمائي الغني والمديد والذي عمل على تصويرها (kazuo miyagawd) وهو نفس المصور الذي عمل على تصوير راشومون.
حنكة في التصوير وابداع في الحبكة وبدعة ليس من بعدها بدعة في اقتناص الشخصية تجعل منا نقول أن هذه الصورة الأكثر شهرة في اليابان السهلة الممتنعة تحصل على العلامة الكاملة بكل يسر وسهولة،ويبقى كيراساو هو الملهم وهو الذي قدم الكثير للغرب وليس العكس...
بالنسبة لسانجارو 1962 الذي حققه كيراساو مباشرة بعد هذا الفيلم تحت ضغط من المنتج الذي اصر على كيراساو على تحقيق جزء آخر من الحارس الشخصي،والنتيجة كانت تقرييا كوميديا ابداع الفنان فيها غائب الى درجة كبيرة.
كيراساو يعيد الحكاية ويكرر،ولكنه يبدو أقل اهتماما بعامل الشخصية بحيث بدت القصة ومعطياتها اهم من البناء الشخصي للبطل الساموراي(توشيرو ميفوني ايضا)،وبذلك بدا سانجارو اقل اهمية من الحارس الشخصي،واحيانا بدا سطجيا جدا مع كوميديا غير مصطنعة تخدم الموقف،ولكن هذا لاينفي أن هذا الفيلم هو من النوعية الممتازة ضمن هذه الشاكلة وحبكة الفيلم لاتروى بأكثر من المشاهدة.
بلال سمير الصدّر
9/1/2015

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات