أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - جدار الدكتاتورية و مستنقع الأخوان














المزيد.....

جدار الدكتاتورية و مستنقع الأخوان


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4778 - 2015 / 4 / 15 - 16:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حجب الدكتاتور الناس بعـضهم عن بعـض. شكل جـدارا فاصلا بين الـذوات انطلاقا من مناخ الارتهاب من السياسة و الـفكر. كان رعب البوليس حاضرا في كل حـوار و حتى في حوارات الإنسان في بيته مع زوجته أو أقـاربه، بل حتى في حوارات الإنسان مع نـفسه من اجل أن لا يوترها و يجعـلها منفصلة عن واقعها. فحين يستـثـني الإنسان كلاما معينا مع الناس فانه يحجب نـفـسه عـنهم و إن كانوا أصدقائه. حين يحـذر من القول أن للإنسان حرية اللباس مثلا فانه يخاف أن يفهم كلامه على انه احتجاج على الحملة البوليسية ضد الحجاب، أو التحدث في حرية تـشكيل الإنسان لوجهه فانه يخاف أن يفهم على انه احتجاج على قمع اللحية. حين يتحـدث في الأفكار فانه يخاف أن ينعت بالمثـقـف لارتباط هذه الصفة بالمعارض السياسي. حين يهتم بأي شأن يهم الحياة العامة مثل نظافة المدينة فانه يخاف أن ينعت بكونه ذو موقـف سياسي.. و هلم جرا.. الشك في الآخر و إن كان اقرب أقربائك في أن يكون "قوادا" للبوليس أو "الشعبة الدستورية" للحـزب الحاكم. الشائع بين الناس أن الدكتاتور أو نـظامه يحاسبك على السكر و الصلاة برغم عـدم دقـة هذا الوصف إلا أن شيوعه يعبر عن حجم الإحساس بالاختـناق و الخوف لكائن يدرك تمام الإدراك انه عـديم الحرية و الجـدوى الإنسانية.
جعـلت الثورة الناس يـرون بعـضهم بعضا و يتهافتون على بعـضهم بمحبة. الناس متسامحون مع بعـضهم باحترام و حب. بعـد هروب الدكتاتور وزعت عـديد المخابز الخبز مجانا و بعض بائعي الخضار و اللحم. اكتـشاف مذهل لما كان يعـتمل داخل الأنـفس من رغبة في التحرر من الضغط النفسي الهائل و الخانق الذي احكم نسجه النظام النوفمبري الحـقير بامتياز من حيث خنق الحرية.. كأن الناس يرون بعـضهم لأول مرة.. لجان حماية شعبية في كل ركن و زقاق دفاعا من القناصة الغـرباء المجهولين إلى اليوم.. انعـدمت حوادث الطرقات فالحياة أصبحت مرغـوبة. تحترم السيارات إشارات المرور دون وجود البوليس.. لا ترى شجارا بين الناس بل الكـلمات الطيـبة المتسامحة. لا ترى عراكا أو افـتكاكا لمكان احد من طرف احد ما.. فتية و فتيات تطوعوا لتـنـظيف شوارع المدينة من الأوساخ و الزبالة فالمدينة غـدت مدينـتهم.. غاب الدكتاتور الذي كان يفـصل الناس بعضهم عن بعض ليتهافت الناس على بعـضهم بعضا. غاب الدكتاتور الذي كاد أن يعـدم الوطن و يـقـتل إحساس امتلاك المواطن للبلاد و امتلاك البلاد لأهـلها.. ها هو الوطن يعود إلى أهله وسط أجواء الفرحة العامة بانـقـشاع كابوس القمع و الدكتاتورية، كابوس قتل الروح و تـشضي الذات عن نـفـسها و آخرها العائش معها..
أيام مثالية غـدت الآن كحلم تلاشى خاصة عندما هب شيوخ الـفتـنة و التـقـسيم للبلاد بين عـلمانيـين و مؤمنين، و انـتـشر النقاب ، و فوضى مرورية حتى بوجود البوليس.. رائحة كريهة تـنتـشر في كل مكان و أكوام الزبالة تـتـكـدس باستمرار في قـلب المدن و نواصيها و أزقـتها و شوارعها. تنـتـشر العفونة في الثورة المغـدورة من طرف الوافـدين الجدد من كهوف الظلمات و من طرف أصحاب النفوذ و الامتيازات للنظام السابق و من طرف كل من تـزعجه حريته و حرية الآخرين..
و أعادوا اليساري إلى مربع التـكـفير لأنه يفكر في أمر البلاد و العباد بجـدية الأنبياء و حواريـيهم على أساس المحبة و الحرية و المساواة. كذلك قالوا عن محمد رسول الله بكافر في قومه لأنه كفر بأصنامهم. كفروا ابن مريم كذلك لتهجمه على معبد التحنيط للروح الحرة في أصلها... كأن الثورة كفر و الحرية شر و رب الوجود دكتاتور..
و تم اغتيال "شكري بالعيد" ابرز قادة الجبهة الشعبية و أعتى صوت في محاربة الظلامية الإسلامية و أشرس طبع في الالتصاق بفكرة الحرية و المساواة و الانحياز لما كان يسميهم بالبؤساء.. ثم تم قـتل الحاج "محمد البراهمي" القيادي في الجبهة الشعبية بأربعة عشر رصاصة مشحـونة بالحقـد على الإسلام الصافي دون ادعاء أو متاجرة و الحقـد على الثورة المصرية ضد الإخوان المسلمين لأنه كان من أكثر الأصوات تهليلا بعودة مصر إلى أهلها و إلى عروبتها مثـلما كان يقـول.. الحاج المكفر، و المناضل الثوري المكفر، و المفكر المكـفر، و الحرية المكـفرة، و العـدالة الاجتماعية المكـفـرة.



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطرقة التعري على الرأس العربي المنافق
- الإرهاب و أزمة الانتماء
- دائرة الوهم في العالم العربي
- من انت؟
- الكائن و الإيروتيك
- عالم عربي يحتضر
- متى يخرج العربي من كهفه
- العالم مقذوف الى المستقبل
- ثقافة الجامع و ثقافة الكتاب
- الرأس العربي الأجوف
- المسلم الكافر
- معترك اسلامات
- النفس الواحدة القرآنية و الإسلام
- تهافت الإسلام التقليدي
- الفلسفة هي إكسير الحياة
- دائرة الإسلامي الجحيمية
- انك في عصر الإنسان العالمي
- ماذا يخفي العنوان الداعشي؟


المزيد.....




- حلبجة: ماذا نعرف عن المحافظة العراقية رقم 19؟
- كلمة الرفيق حسن أومريبط، في مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية ...
- ترامب لإيران.. صفقة سياسية أو ضربة عسكرية
- كيف نفهم ماكرون الحائر؟
- إسرائيل تعلن إحباط محاولة -تهريب- أسلحة من مصر
- مبعوث ترامب يضع -خيارا واحدا- أمام إيران.. ما هو؟
- أول رد فعل -ميداني- على احتجاجات جنود إسرائيليين لوقف الحرب ...
- مقاتلة إسرائيلية تسقط قنبلة قرب -كيبوتس- على حدود غزة.. والج ...
- باريس تُعلن طرد 12 موظفًا من الطاقم الدبلوماسي والقنصلي الجز ...
- عامان من الحرب في السودان... تقلبات كثيرة والثابت الوحيد هو ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - جدار الدكتاتورية و مستنقع الأخوان