|
فقه ال -أرأيتَ - والخيال المريض ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4777 - 2015 / 4 / 14 - 13:34
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فقه ال "أرأيتَ " والخيال المريض .. خيري شلبي الروائي المصري وصاحب رواية "وكالة عطية" ، والتي تأخذنا إلى قاع "المدينة "، لِيسرد الراوي على مسامعنا ما يجري هناك ، ويرسم بريشة فنان حكايات المُهمشين . أعتقد وهذا رأيي الخاص ، بأن خيري شلبي ، هو مكسيم غوركي في بعض رواياته .. ما علينا ، ورغم أن خيري شلبي لم يحظَ بالشهرة التي يستحقها ، فهو "مُحدثٌ" بارع . (توفي مؤخرا سنة 2011) . في روايته هذه يروي لنا حكاية إمرأة تملك قردا تُجبرُه على معاشرتها جنسيا ...!! حقيقة هناك لُبسٌ في تعريف "الزووفيليا " وهي : الإنحراف الجنسي المُتمثل بالحصول على النشوة الجنسية (الاورغازم ) عن طريق ممارسة الجنس مع الحيوان حصريا ..!! والمُصاب بالزووفيليا لا يحصل ولا يصل الى الاورغازم إلا مع حيوان وحيوان فقط . وأنا أميل إلى تصنيف الزووفيليا كإعتداء جنسي ايضا ، لأنه لم يتوفر الشرط الاساسي في ممارسة الجنس ، وهو إتفاق الطرفين وقبولهما بممارسة الجنس . وبما أنه لن تحصل موافقة في مثل هذه الحالة أبدا ، فعدا عن كون الإنسان الزووفيل مُنحرفٌ جنسيا ، فهو إلى جانب ذلك مُعتد جنسيا . مما يعني بأن كل علاقة جنسية مع حيوان هي إعتداء جنسي ، لكن ليس كل معتدٍ جنسياً هو منحرف بالضرورة ..(نوع من التعويض عن حرمان جنسي طويل ) . ومع ذلك فإنني أُصابُ بالغثيان من السماع عن حوادث اعتداء جنسي على الحيوان .. ويقول بعض الباحثين بأن الشراكة الجنسية بين الإنسان والحيوان ، لها جذور في الازمنة القديمة السحيقة ، عندما كانت الكهوف مأوىً مشتركاً للهومو سابينس والانسان القرد ..!! ليس هذا موضوعنا ، فقد سبق وأن كتبتُ مقالا عن الزووفيليا ، لكن يعود هذا الموضوع مجددا وكالعادة في سياق فقهي ، إذ ذكر الزميل عامر صالح في مقالته الموسومة ، ب "الانحرافات الجنسية بين - الأزهر الشريف - وعلم النفس !!!" ، أورد الزميل فيها ، نصوصا ما زال الأزهر يُدرسها لطلابه مثل : " ( ولو أولج حيوان قردا أو غيره في آدمي ولا حشفة له فهل يعتبر إيلاج كل ذكره؟ أو إيلاج قدر حشفة معتدلة؟ قال الإمام: فيه نظر موكول إلى رأي الفقيه). ليس لي إلا تعليق بسيط جدا وهو إذا كانت المعلومة بأن " اير القرد بلا حشفة" صحيحة ، فلله درهم رجال الأزهر ، الذين يعرفون في علوم التشريح (الأناتومي ) ، ولهم كل التقدير .. ورغم ان معارفي في مبنى جسم القرد محدودة ، لم يخطر لي ببال أن انظر الى القرد في حديقة الحيوان بتمعن كهذا ، لأكتشف بأنه بدون حشفة ...!! فكل الإحترام للأزهريين الذين يعرفون أدق التفاصيل عن القرد ، ولا يعلمون بأن كل المسلمين الذين مع حشفة يُعانون الفقر ، المرض والمهانة ، ناهيك عن الجوع الذي يفرضه اللصوص الذين سرقوا قوت الشعب ، وما زال الفقهاء يُطلقون عليهم لقب " ولي الأمر " واجب الطاعة !!! وفرضية القرد(الناكح ) وربما باقي الحيوانات سواء كانت ناكحة أو منكوحة ، هي نتاج مدرسة في الفقه ، إسمها "الأرأيتيون " ، من الفعل "أرأيتَ لو أن " ، أي بمعنى أنهم يفترضون فرضية (على الأغلب الأعم ) ، تكون غير محتملة الوقوع وغير واقعية ، كفرضية : " أرأيت لو أن قرداً ضاجع امرأة فحملت منه وولدت غلاماً، ثم مات الغلام، فهل يرثه القرد؟ " وقد حملت هذه المدرسة في ثناياها بذرة " ثورة فكرية " ، لأنها في جوهرها هي مدرسة "تعتمد على الخيال الجامح في فرضياتها " ، وكان بإمكان أحد الأرأيتيين أن يقول على سبيل المثال : أرأيتَ لو تم إلغاء كتب الأحاديث ، ماذا سيحصل ؟؟ أو "أرأيتَ لو أن القرآن المكي هو الناسخ والمدني هو المنسوخ ، كيف سيكون حالنا؟؟ ، أو" أرأيتَ لو أن توريث الحكم في الإسلام حرام ، أشدُّ من كل المُحرمات ويوازي الشرك " ، ولكم أن تتخيلوا فرضيات (غير محتملة ) ، وتناقشوا أثرها على الحياة العامة ، الخاصة ، الشريعة والفقه ... لذا نجد بأن أحد فقهاء مدرسة تفضيل النقل على العقل ،ألا وهو الشعبي ، نراه يقول : "ما كلمة أبغض إلى من أرَأيت ". وذلك لأنه إستشعر خطورة الفرضية العقلية الجامحة ، على "النقليين " من أمثاله . وهذا حسب رأيي وقرائتي لمقولة الشعبي والتي لا تُلزم أحدا . وقد كتبَ باحث فلسطيني هو حسام أبو حامد ، يقول عن الأرأيتيين في مقالة بعنوان : "إشكالية التأويل… والعلاقة بين المعرفي والأيديولوجي " ما يلي : ( قد تجلت حيوية فكر هذه المدرسة حين راحت تفترض حوادث لم تقع فعلياً وأرادت أن تبحث لها عن أحكام وتشريعات ) . إذن ، بحقِّ ما آمنت به العرب (كما كان يقول الزير سالم في المسلسل الشهير ) ، كيف إنحدرت هذه المدرسة من التحليق في سماء الفكر الحر ،كيف إنحدرت الى الدرك الاسفل ، إلى نكاح القرود ؟؟ ليس الأمر بجديد على العرب والمُسلمين ، وقياداتهم الدينية والسياسية ، التي تنجح دائما في تجيير كل عمل "ثوري " ، لخدمة أجنداتها . فهاهي ثورات الربيع العربي التي فجّرها شباب ثائر ، يبحث عن الحرية والكرامة ، يمتطيها الإنتهازيون من الجانبين ، المُتأسلمون من جهة ، والعسكر من جهة أُخرى ، ويفتحوا حروبا طائفية وفئوية ، تطحن برحاها أولا وقبل كل شيء ، الثوار الذين فجروها ..!! وهذا ما حدث في تصوري للمدرسة الأرأيتية ، فبعد أن حاربها الفقهاء أمثال الشعبي ، وحذروا منها ، جاء فقهاء التخلف ، ليفترضوا إفتراضات مريضة ، سقيمة ، عليلة ومقرفة ، على أنها تحليق في عالم الخيال . وفقط ، من يعتقد بأن الخيال ، هو الغوص في المُقرف ، فهو بحاجة إلى علاج إسمه "التخيل المُوجَّه " ، وذلك بأن يقوم اخصائي بتقديم هذا العلاج ، بحيثُ يُطلبُ من المُعالَج أن يغمض عينيه ويسترخي بواسطة تمارين إسترخاء ، ومن ثم يُوجهه المرشد لتخيل أشياء غير مقرفة ، من شاكلة مناكحة الحيوان ..
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تسور شيزاف على عتبة بيت -الشيطان- ..!!
-
العلامات واللايكات ..
-
فتاوى فتافيتية ..!!
-
بَوْحٌ على بَوْحٍ .. مهداة للزميل نضال الربضي
-
أسرار غياب نجم الروك -ألشريم - ..!
-
أليرموك : زاد في طنبور (ألموت)، نغما داعشيا .
-
رُخصة -للعُنف - .
-
جدلية القومية والمواطنة ..!!
-
عن العفيف : وفي الليلة الظلماء ..
-
مخازن الاطفال..
-
يوم الأرض .. ألفلسطينية ؟!
-
سبب إستغرابي وإندهاشي ..
-
ألورق أو ألحجارة ..!!
-
القبائل الإسرائيلية المُتناحرة ..
-
وأنتصر -الإسلام- ..
-
الأُمومة المبتورة .
-
قراءة غير مُتروية للإنتخابات : بين اليسار واليمين ..
-
-الدعوشة - تنتصر لنتانياهو ..
-
الإسلام والمسلمون : نصٌّ واحد ومذاهب شتّى ..
-
المهدي بن بركة والأرض العربية المُحتلة ..
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|