عبادة المصطلح

محمد صلاح نبهان

الحوار المتمدن-العدد: 4776 - 2015 / 4 / 13 - 00:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يقولون عن الشعب المصرى شعب متدين بطبعه ودلالة ذلك كثرة المساجد وكثرة المصلين بها والحجاب المنتشر والإنتفاضة الحذرة دائما لما يمس الدين ..
كلها قد تكون أشياء محددة لفكرة التدين ولكنها لا تفى بمعناه بالكامل ودلالة ذلك انتشار التحرش والنظرة الدونية للمرأة العاملة والجهل بالأديان وتواتراتها الموثقة و انتشار المخدرات وغيرها من الأشياء الكثيرة التى من المفترض دخولها تحت طائلة توصيف التدين لكي تتم سلامة الوصف وصحته .. إذن الموضوع ببساطة تم اختزال معنى التدين العام إلى لحية وجلباب وتم التغافل عن الأشياء الأخرى لخدمة تكريس المصطلح السابق ومع التكرار المستمر يبدأ التصديق ثم الإيمان الكامل بالفكرة وبالتالى وهو الهدف الكارثى أن يختصر الفعل المجتمعى فى خانة الحلال والحرام ( رقابة دينية من كل فرد على كل فرد بمنظوره أى من المجتمع على المجتمع ) وبالتالى وجود تبريرات جاهزة لأى ردود فعل عنيفة على أى فعل تحررى أو تنويرى .
مثال آخر وهو الرئيس الأب
فى اعتقادى أن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تصنع من حاكمها فرعونا ..
مفهوم الرئيس الأب بدأ فى أوائل الألفية وخروج أول جيل عشرينى فى عهد مبارك وبحكم القاعدة ماتكرر تقرر وظهور أبناء مبارك على ساحة العمل السياسى والإجتماعى بدأت فكرة أبوية مبارك تظهر للساحة تمهيدا لوراثة الابن للعرش المصرى .. فكرة شيطانية خرجت من بين مطاوى الغرفة الأمنية حتى بدأت الناس فى الإيمان بالفكرة وتقبلها رغم مع تدهور الأحوال الإقتصادية ..
حتى أيام الثورة المصرية وتوالى خطابات مبارك الاستعطافية حتى قالها بصراحة فى آخر خطاباته التى حاول فيها مناشدة جانب الأبوة الذى كرسه هو وجيشه الإعلامى لسنوات وتبعات ذلك الخطاب من احاديث للفنانين وغيرهم حول مفهوم الأبوية .. وللأسف الشديد فإن مفهوم الأبوية الذى اعتقدنا بفنائه بعد الثورة قد عاد مرة أخرى وبقوة ولكنه مقترنا بالعصمة والنبوية أحيانا فى عهد الإخوان المسلمين حول محمد مرسى وللأسف فإنها عادت مقرونة بالملائكية فى عهد السيسى ..
الحرية كمثال آخر لم تعد كما كانت سابقا مفهوما شموليا يتسع ليشمل السلوك الفردى والمجتمعى فى آن فقد اختزل ببساطة تحت طائلة الاختيار أصبحت الحرية مسقوفة باختيارات يضعها تحت ناظريك الرقيب فعلى المستوى الإستهلاكى يستطيع المنتج المحتكر أن يضعك بسيطرته الإعلامية وسياساته الإغراقية بين عدة تصنيفات من انتاجه هو ولك أن تطبق تلك الفكرة على كل شيء بدءا بأساسيات الحياة وانتهاء برفاهياتها .. تحاصرك أساليب التسويق وبدع الإقناع فتصبح بين شقى الرحى بين أن تختار هذا أو ذاك .. وذلك الأسلوب الأمريكى منبعا أصبح السائد عالميا ..
ببساطة أنت حر طالما بين اختياراتى .. وبالتأكيد أصبح ذلك مطبقا على الأفكار التى تحكمها سقوف العقيدة والأعراف المجتمعية .
وبهذا تصبح الحرية ( التى يصعب حاليا تحديد مفهوم واضح لها وذلك لأنه تم تشتيتك تحت ألف معنى لمصطلع واحد) عبودية صرفة .
هناك عشرات المعايير التى يتحدد على أساسها مفهوم الحرية المطلق ولهذا ولكل ما سبق لم يتحقق ذلك المعنى المطلق حتى فى أعتى الدول المتغنية بالديمقراطية .

إذن القصة تكمن فى أن يتم تحوير لمصطلحات معانيها أسهمت فى ثراء الحضارات إلى معانى مسيسة أو موجهة لتكريس أنظمة سياسية كانت أو اجتماعية أو دينية .

وللحديث بقية ،،،

#محمد_صلاح_نبهان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات