أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلال الحمود - احب والديه حبا استثنائيا .. قصة قصيرة














المزيد.....


احب والديه حبا استثنائيا .. قصة قصيرة


هلال الحمود

الحوار المتمدن-العدد: 4772 - 2015 / 4 / 9 - 23:32
المحور: الادب والفن
    


أحب والديه حبا استثنائيا
قصة قصيرة...
رحل الشيخ وحل الصمت محله ، إذ لم يعد هناك من يتعثر بزوايا المنزل وبالأواني المركونة بأرض الدار .. كانت عيناه قد ابيضت،وعاش حياته وحيدا يحفظ حكايات كثيرة .حواره مع الولد محاوله لإقناعه بالسير على خطاه حتى انه كان شديد الفرح حين عرف أن الولد لبس نفس زى والده ذات مرة . إلا أن مرتضى سرعان ما عاد لعالمه . تذوق بسهولة نمط حياته دون زحام أو توتر . واجه حياته بجدية وصرامة وعقد العزم على المضي حتى آخر لحظة من عمره ..بكى بشدة حتى ابيضت عيناه لفقده ابنه الذي مات سجينا .وكذلك الأم ماتت بعد الصراع المرير مع المرض الفتاك الذي لا شفاء منه على وسادة الانتظار لكي ترى نجاح مرتضى وخروج ابنها طليقا . قدماها لم تكل بكل يوم من الذهاب لقبره الذي يبعد كثيرا عن القرية .كانت تخلو معاتبه إياه لأنه تركها .كانت تحلم بان ترى أطفاله وتقص عليهم الحكايات والأساطير .ابيض شعرها تحت شالها وغارت عيناها .ولم تفرح بالجديد من الثياب. يرافقها مرتضى بين الحين والآخر . يساوره العذاب والقلق . تجلده سياط الفقر ويلتاع .متناسيا كمال عالمه الذي يكتب عنه بألطف العبارات وأبهاها .لعل الإبداع يولد من رحم المعاناة . وتستفيق الأماني من مضاجعها . كان لديه فضول عن إسرار الحياة وتأملات العدم ، ما يؤنسه أحيانا حين تطارد عيناه الحشرات والزواحف والنبات وما تبقى من نفايات تحللت .عراء الوادي البعيد .يطوي صفحات كتابه . حدق في ظلال الرعاة بموسم حصاد القمح .كيف يتحايل على أحزانه الملاقيته له لا محال . كان يجهل ما تفكر فيه تلك الفتاة المفعمة بالحياة . يتربص بها هنا وهناك .لم يعتقد يوما أنها ربما تعاني من نفس الألم والمرارة اللتان يعاني منهما . حلم أبيه الشيخ أن يراه معلما أو طبيبا أو محاميا في القرية أو القضاء . كي يفخر به ويؤمن عليه من زحام المدن وتباعد الطرق . كان لا يريد له أن يكون مغترب خارج وطنه .والده لا يعرف القراءة ولم يتمكن من أن يرى شهادات ووثائق نجاحاته من صف لا خر .ما يهمه أن يسمع من الناس انه أصبح يتردد اسمه على السنة أهل الريف بالشيء الحسن وبالنجاح الدائم . كونه يدرك انه كان يتطلع للاغتراب . وينظر للحياة بتفرعاتها وكثافتها البالغة . له عالمه وأسراره وتأملاته . لم يحلم ذات مرة أن يكون عظيما أو رجلا ثريا في الأعمال أو قائد رغم فلسفته المغايرة التي تثير ضحك واستغراب زملائه في الدراسة . بانت عليه علامة التأثر بأحلامه بالسفر ومغادرة واقعه لوقت طويل . ظل يراوده خياله بان الرحيل عن قريته هو الحل السحري للخلاص وينتشله من بؤس اللاجدوى والتكرار والتحرر من عقلية التسلط القبلي التي يمارسها البعض هنا وهناك . أمله اكبر من أن يدخل لعالم تلك التي تهتم بماشية أهلها معظم أوقاتها رغم اكتنازها لعنفوان شابة فاضت بالأنوثة ومعالم امرأة شرقية شديدة الاتزان .عبر عنها بأنه صندوق مغلق مملوء بالأسرار ،مملوء بالمجوهرات النفيسة الباهظة .يتصور أنها المحطة التي تعالج أوجاعه بها ومعها يستطيع الوصول إلى الخط الأول في قريته وينفذ ما تمليه عليه الظروف وتحقيق رغبة أبوه ليكونوا مسنودين بتحالف من زعماء العشيرة . استقوت بما تملكه من كلمات حفظتها من احد المسلسلات التلفزيونية التي تتابعها بعينين متعبتين حيث يبثا يومي نهاية الأسبوع .أمرته ذات مرة بالتنحي عن ملاحقتها وان يرى غيرها . تلك كانت الصفعة التي أردته ضحية نزوة غارت في أعماق خلده وكرامته .تكيف مع وضعه الجديد مع منظار الحضارة والتاريخ والاقتصاد . تصور بان الذكاء يمده بطاقة الخوف . ما لبث أن استمد طاقته من ماضيه . من طموحات أبيه وأحلام أمه نسجتها أصابع القدر . لقد أحب والديه حبا استثنائيا .فكر أن يريحهما ويرضيهما فعاد معلما في قريته وله زوجة وأطفال كثيرا ما يضع والده يده على شعرهم ويحاورهم محاولة منه ليتعرف على صورهم يضحك على كلماتهم ويلبي طلباتهم ليأخذوا النقود منه ويذهبوا إلى البقال. هكذا عصفت رياح القدر وعزفت على آخر وتر من قيثارة الحياة ليودع كل شيء كل شيء ويرحل بصمت ويرنو قبرا أخرا لجانب قبرها ..
-تمت-




#هلال_الحمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلال الحمود - احب والديه حبا استثنائيا .. قصة قصيرة