أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معقل زهور عدي - قراءة في مسودة الدستور العراقي ومشروع الفدرالية 1/2















المزيد.....


قراءة في مسودة الدستور العراقي ومشروع الفدرالية 1/2


معقل زهور عدي

الحوار المتمدن-العدد: 1327 - 2005 / 9 / 24 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الدستور في أي بلد هو قانون القوانين ، من روحيته وأهدافه ومبادئه تشتق القوانين التفصيلية ، وهو مرجعيتها ، ويعتبر العقد الذي ارتضاه المواطنون لتنظيم دولتهم ومؤسساتهم التي تدير أمورهم التشريعية والتنفيذية والقضائية ، من أجل ذلك كان لزاما على الدستور أن يعبر عن التوافق الوطني منذ البداية وأن لاينشأ خارج ارادة فئة اجتماعية هامة ثم يتم تطبيقه ضد ارادتها حتى لو حاز على الأغلبية في انتخابات حرة نزيهة .
للأسف فان السياق الذي جرى فيه اعداد مسودة الدستور العراقي الذي سيطرح للتصويت الشهر القادم يتسم باقصاء فئات اجتماعية هامة وواسعة عن عملية اعداد مسودة الدستور وهذا بحد ذاته يطعن في شرعية الدستور .
في مقدمة الدستور التي يرجع اليها عادة باعتبارها مصدر الالهام لمقاصد الدستور ، نجد في البداية فقرة تحدد بصورة غير مباشرة لمن يتوجه الدستور ومن يمثل ، تقول الفقرة ( نحن أبناء وادي الرافدين ... استجابة منا لدعوة قياداتنا الدينية والوطنية ..واصرار مراجعنا العظام .. زحفنا لأول مرة في تاريخنا لصناديق الاقتراع بالملايين ..مستذكرين مواجع القمع الطائفي ..الخ الخ ..) .
تتضمن تلك الفقرة عدة دلالات :
الأولى : أن الدستور هو استمرار وتتويج للعملية السياسية التي مثلت الانتخابات أهم محطاتها .
الثانية : أن روح الدستور مؤسسة على رغبة وارادة وتطلعات الملايين التي شاركت في الانتخابات .
الثالثة : وكنتيجة لما سبق فان الفئات التي قاطعت الانتخابات هي خارج الدستور وهذا يفسر ماتم من اقصاء لممثلي تلك الفئات في لجنة اعداد الدستور .
الدستور بهذا المعنى هو دستور المنتخبين وليس دستور المقاطعين ، هو دستور الذين شكلوا المعارضة في حكم صدام وليس دستور كل الشعب .
رغم محاولة واضعي الدستور تخفيف وقع الفقرة السابقة في الفقرات اللاحقة ، لكن المغزى السابق يعود للظهور بصورة اوضح في المادتين /132/ ، /133/ المتعلقتين باجتثاث البعث ، واذا أخذنا بالاعتبار أن منتسبي حزب البعث في العراق هم بالملايين كما هو الحال في سورية ، يتبين لنا ماذا يعني اقرار الدستور العراقي باستمرار عمل الهيئة العليا لاجتثاث البعث ( الفقرة 132) بينما تنص الفقرة / 133/ على عدم جواز ترشيح من يشمله أحكام اجتثاث البعث لجميع المناصب في الدولة ومجلس النواب والهيئات القضائية والمناصب الأخرى المشمولة بقانون اجتثاث البعث .
هكذا فان محاكم التفتيش الجديدة التي نشأت برعاية الاحتلال الأمريكي قد تم تشريعها ، ليس في قوانين الدولة ولكن في نص الدستور.
خطورة تكريس اجتثاث البعث في الدستور في كونه يغلق باب المصالحة الوطنية والتسامح والوفاق الوطني ، ويبني الدولة على أساس الثأر والعزل والاقصاء ليس لبضعة مئات من المواطنين ، ولكن للملايين .
مقدمة الدستور اضافة للفقرتين /132/ و/133/ تؤسس لمفهوم فئوي للدستور ، انه دستور الذين ثاروا على حكم صدام ودفعوا غاليا ثمن ثوراتهم ، وليس دستور الذين ارتضوا بحكم صدام أو شاركوا فيه مهما كانت تلك المشاركة .
ورد في المادة /3/ : ( العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب ، وهو جزء من العالم الاسلامي ، والشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية ).
هنا اصرار على اخراج العراق من الدائرة العربية كدولة رغم أن أكثر من 80 بالمئة من سكانه عرب أقحاح ، ولست أدري كيف تتحدد هوية وانتماء دولة اذا لم يكن كافيا ل 80 بالمئة من سكانها تحديد تلك الهوية ؟ واذا لم يكن العراق عربيا فكيف تكون فرنسا فرنسية وألمانيا ألمانية ؟
ينص الدستور على وجود ثلاثة أنظمة ادارية للحكم :
1- حكومة اتحادية .
2- فدراليات جرت تسميتها بأقاليم .
3- محافظات لم تنتظم في أقاليم يتم ربطها بالحكومة الاتحادية .
هذا الجمع بين النظام الفدرالي والنظام المركزي يبدو مستغربا من ناحية ، ويؤسس لوضع غير متوازن وغير مستقر . فاعتماد الفدراليات يفترض انتظام الأقاليم جميعها في فدراليات وهكذا يتم انتخاب مجلسين اتحاديين مجلس نواب ( لكل مئة ألف مواطن نائب بغض النظر عن أي شيء آخر ) ومجلس شيوخ سمي في الدستور العراقي بالمجلس الاتحادي ينتخب فيه عن كل أقليم عدد محدد من النواب ( في أمريكا نائبان عن كل ولاية ) ويشكل المجلسان معا أساس الحكم الاتحادي . وجود محافظات خارج ذلك الاطار سيجعل من تبعيتها للحكومة الاتحادية مسألة اشكالية .
لايمكن فهم مغزى هذا النظام الثلاثي غير المسبوق سوى بوصفه سعيا لحرمان بعض المحافظات من الامتيازات والتأثير في القرار مما ستمتع به محافظات أخرى حين تشكل فدرالية تتمكن من خلالها من اقتسام السلطة مع الحكومة الاتحادية وفوق ذلك جعل السلطة الاتحادية حكرا على الأقاليم ، وهذه اشارة أخرى لروح الدستور التي لاتتسم بالتسامح والعدالة.
بطريقة أخرى يقول الدستور لمن لا يقبل الفدرالية : أنتم لاتحبون الفدرالية ، حسنا ابقوا في أماكنكم كمحافظات لكننا سنشكل الفدرالية بدونكم ولامانع لدينا في بقائكم دون فدرالية داخل الدولة العراقية .
حين دخلت القوات المسلحة الأمريكية العراق كان هدفها المعلن هو القضاء على نظام صدام واكتشاف أسلحة التدمير الشامل ، وحين سمحت تلك القوات بنهب واتلاف الوزارات والمؤسسات الرسمية عدا وزارة النفط تساءل البعض هل الدولة العراقية أيضا مستهدفة ؟ ، وحين قامت سلطة الاحتلال بتسريح الجيش العراقي ظن البعض أن الأمر لايعدو أن يكون خطأ تكتيكيا ، لكن ما أصبح جليا اليوم هو أن الولايات المتحدة دخلت العراق وهي تحمل رؤية استراتيجية على درجة كبيرة من الوضوح ، ويتمثل الهدف الرئيسي لتلك الاستراتيجية في تدمير الدولة العراقية بكل مكوناتها ، واعادة تشكيلها من أسفل الهرم الاجتماعي.
تفكيك الكيان العراقي ، والدفع بالهويات الطائفية والعرقية نحو المقدمة ، هذا هو السياق الذي أتى ضمنه الدستور محاولا اضفاء الصفة الدستورية على عملية التفكيك ، وظيفة الدستور العراقي التمهيد لحرب أهلية أو انقسام لارجعة فيه ، مايقوله واضعوا الدستور الذين يمثلون الائتلاف الموحد( حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية وحزب أحمد الشلبي ) والحزبين الكرديين بقيادة الطالباني والبرزاني للآخرين هو الآتي :
أنتم قاطعتم الانتخابات وتركتم أنفسكم دون ممثلين ، حسنا فعلتم ، هذا هو الدستور الذي وضعناه في غيابكم ، ومثلما جرت الانتخابات في ظل مقاطعتكم ، ستتم الموافقة على الدستور ، ومن لايعجبه ذلك فليشرب البحر .
لكن ماذا يعني ذلك في الواقع ؟
ببساطة يعني وضع الطرف الآخر أمام خيارين :
اما القبول بدستور لايمثل مصالحهم ومبادئهم ولم يكن لهم في وضعه يد ، وبالتالي دخولهم السياسة كطرف مغلوب على أمره .
أو الخروج على دستور البلاد وبالتالي وضعهم سياسيا خارج القانون والدفع بهم للتمرد ، ولأن الخيار الأول يبدو مستبعدا ، فعلينا القبول باحتمال أن تكون الغلبة للخيار الثاني.
هكذا سيتحول الانقسام السياسي – الطائفي حسب المخطط الأمريكي ،( وأرجو أن لا يقول لي أحد ان أمريكا غائبة عن السياق) أقول سيتحول الى انقسام سياسي – طائفي –دستوري .
ما نشاهده في الواقع أن مشروع الدستور قد عمق الانقسامات داخل العراق على نحو غير مسبوق ، ودفع الفئات التي تم اقصاؤها دفعا نحو العنف ، ليس العنف في مواجهة الاحتلال ، لكن العنف في مواجهة القوى العراقية المرتبطة بما تراه تلك الفئات مؤامرة لتهميشها سياسيا واقتصاديا وربما حرمانها من أهم ثروات العراق وهو النفط .
لقد تمت تغذية التيارات التكفيرية بما يكفي من مشاعر الاحباط والغضب والتعصب كرد فعل على العزل والاقصاء والدستور والممارسات الجارية على الأرض ، بينما يحاول الأمريكي الذي تسبب بكل ذلك عن وعي وتخطيط أن يبتعد بالتدريج عن مسرح الصراع ليوفر دم قواته المسلحة على حساب دم الشعب العراقي الفقير من مختلف الطوائف.









#معقل_زهور_عدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا-هل مازال يباركها الرب؟
- تجديد اليسار العربي-اليسار الديمقراطي اللبناني نموذجا 2/2
- تجديد اليسار العربي- اليسار الديمقراطي اللبناني نموذجا 1/2
- انكسار الحلم الصهيوني في غزة
- مؤشرات لانكفاء القوة الأمريكية
- تجديد اليسار العربي
- الليبرالية ليست هي الحل
- من ثقافة العنف الى ثقافة اللاعنف
- في ضرورة تبلور خط اليسار داخل المعارضة السورية
- بالأمل والمحبة والتصميم - منتدى الأتاسي سيبقى
- جورج حاوي - الاستشهاد والشهادة
- المعارضة السورية والمسألة الكردية
- المعارضة السورية- التحديات والمخاطر
- الديمقراطية -الطائفية والديمقراطية الوطنية
- من واشنطن الى دمشق مع التحية
- ماذا تعني مناهضة العولمة؟
- المؤتمر القومي العربي رهان على الماضي أم المستقبل
- سورية مابعد لبنان والخروج من النفق
- العرب واميركا والعداوة العاقلة
- لبنان من الدولة الى الثورة


المزيد.....




- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معقل زهور عدي - قراءة في مسودة الدستور العراقي ومشروع الفدرالية 1/2