محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4769 - 2015 / 4 / 6 - 13:00
المحور:
الادب والفن
آخُذُني إلى نزهة في شوارع المدينة.
الوقت مساء، والمدينة عامرة ، وفي شوارعها رجال ونساء، والهواء الرخي يلامس الوجوه برقة، ويمضي لشأنه دون كلام، فأظل متذمراً من شيء ما.
آخذني إلى مطعم يقدم الوجبات الشهية في الهواء الطلق، وتقوم على الخدمة فيه نادلات يتحركن برشاقة وانسجام، تلتمع على خدودهن أضواء المصابيح الملونة، ولا أشعر بارتياح.
آخذني إلى المرقص الذي ترقص فيه أجمل النساء، أخذني إلى البحر، إلى الغابة الممتدة، إلى الشلالات، آخذني إلى المكتبة العامة، إلى معرض الفنون الجميلة، إلى القاعة التي تعرض مسرحية ساخرة.
آخُذُني إلى بيت أمي وأبي.
نستعيد معاً بعض الذكريات، نضحك قليلاً، ينتابنا الحزن بعد ذلك بلحظات، نصمت كأننا استنفدنا الحكايات، أخرج، وأظل جالساً وحدي حتى منتصف الليل، أضجرُ مني.
آخذني إلى قمة الجبل الذي تغطيه الثلوج، أقول لي: ابق هنا، سأغيب عنك ساعة واحدة ثم أعود.
أغادر الجبل، أهبط إلى جوف المدينة، أدخل الحانة الشهيرة، أحتسي زجاجة نبيذ كاملة، ولا أخرج من الحانة إلا بعد منتصف الليل بقليل.
أنسلّ إلى بيتي وأنا مشفق عليّ، لأنني تركتني على قمة الجبل المغطى بالثلوج. أفتح باب بيتي بحذر كي لا أزعج الجيران، تجتاحني لحظة صحو حارقة، وأنا أراني قد عدت للتو من قمة الجبل، وهاأنذا أجلس في ركن البيت، أتلفع بمعطف سميك، أسعل من وطأة البرد، وعيناي تلتمعان.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟