أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الضريح الكبير














المزيد.....

الضريح الكبير


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4766 - 2015 / 4 / 2 - 12:57
المحور: الادب والفن
    


الضريح الكبير
محمد الذهبي
حين يكون الموت هو الحل الاخير، تصبح الحياة ضريحا كبيرا يستدعي القادمين اليه لينقلهم باتجاه حياة اخرى مفترضة، خلاصا من هذه الحياة، الضريح الذي طالما حفره الآخرون لنوارى به بصمت، وبعوامل كثيرة، قبر جماعي كبير هو الوطن، مقابر تتصل باخرى، وشواهد قبور تختلف فيما بينها، ورخام يستل النفوس بآية مطبوعة على الشاهد : ( يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي)، لم تكن نفس حياة مطمئنة، فقد عادت عودة اختيارية مدفوعة بعوامل حياتية قاهرة، كيف للمرأة ان ترى ابنها يموت امامها جوعا، هذا ماحدث في الانبار، ولما لم تستطع اطعام الصغير واسلمته للاغماء والترنح ، اختارت ان تذهب خلفه، هو الموت الذي خطفك، ساذهب اليه بقدمي هاتين.
قررت قرارها الاخير، لما لم تستطع الام ان تعطي الحياة لابنائها، فهي بالمحصلة ميتة لاتمتلك هاجس الحياة ولاقيمها، لم يكن الموت اختيارا، كان نتيجة لماتمر به المدينة، لا ادري لماذا نلوم المنتحرين، وهم من اكثر الناس تحديا للحياة، انها الثورة التي تجعل من الحياة طاغيا جبارا، وتجعل من المنتحر ثائرا كبيرا، حياة كانت فتاة شابة، وابنها البكر تضور جوعا حتى مات، مات في وطن اقل مانقول بحقه( انه لايعرف رأسه من رجليه)، ولايعرف اي مواطن او سياسي او برلماني من يحكم العراق.
نعم جميعنا لانعرف من يحكم العراق ومن يزهق الارواح فيه، كل المجتمعات تعرف اعداءها وتتجنب الاحتكاك بهم، الا نحن، لاندري الصديق من؟ والعدو من؟، نموت جوعا وقتلا وانتحارا، حين تكون الام قبرا وضريحا دائما لابنائها عليها الانتحار، لايهم من يبقى بعدها، المهم انها تفقد الاحساس بالالم، وهو قرار شجاع وجريء، بأي الكلمات ستندب طفلا صغيرا مات جوعا، ونحن نحرر المدن وسط فوضى عارمة وموازين مختلة، جعلت من الانبار والفلوجة فخا كبيرا لساكنيها ومحرريها معا.
لم تفت الا دقائق على موت الطفل، فشعت الفكرة في رأسها، ما الذي انتظره، لقد ذهب خالد وساذهب باثره، ماقيمة الحياة واجزائي مبعثرة وكلي قد مات، لعل في الموت راحة بعد هذا العناء الطويل، لم اطق كوني نازحة فعدت باطفالي الى هنا، بعد ان اختفى ابوهم، من يدري ان هذه الحياة لاتساوي شيئا، غير الذي يختار الفناء، دفنوهما معا، هي وابنها وتركوا فم الضريح مفتوحا لنساء اخريات، هذه المقبرة ستكون مختلفة، وسنطلق عليها اسم الضريح الكبير، اكتبوا اي شيء، لاداعي للشواهد والآيات، العالم جميعه يتفرج على مأساتنا، فلنؤرخ لتاريخ مليء بالموت والظلم والانهيارات، مدن بكاملها انهارت وانهارت شعوبها، وانهار تاريخ الشعوب معها.
هل سيكون باقي الوطن بمعزل عن هذا الموت؟ كلا والف كلا، ان الموت في وطني هو فايروس خطير ينتقل بشكل سريع، ولايمكن السيطرة عليه، ولذا كان قرار حياة حكيما وكبيرا، انها مأساة ولابد ان تنتهي، اقسم النائب المحترم، انه سيتناول طعام الغداء في لبنان، هيا نتغدى في لبنان ونعود في الليل، طرق المدرس الخصوصي الباب في المنطقة الخضراء ، ليعطي لابن النائب المحترم درسا في اللغة العربية، لقد سافروا الى لبنان، ومتى سيعودون؟ في الليل، تستطيع ان تأتي غدا، طفل يموت من الجوع في الانبار، ونائب يتغدى في لبنان هو وعائلته، انها حياة تستحق الانتحار، ولذا قرر الجميع ان يكون القبر جماعيا تحت اسم الضريح الكبير.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرغد امي
- بعضي سيقتل بعضي
- يوم عيد الام: ستة اولاد قد دعاهم الله
- اقليم الله
- اعترافات داعشي متمرد
- سيّاف مبتدىء
- سرّ من رأى تعرفني
- السياسي الأخير
- عن نهاية الليل وبدايته
- امرأة اسمها نينوى
- الاموات في احلامي لايتكلمون
- ابصق بدولار
- مدرس ينتظر التقاعد
- الصوت المبحوح
- ارض للبيع
- المرأة الآلية
- قطار الثورة
- الزوج الثاني
- نفايات
- الشيوعي الاخير في محاكم التفتيش


المزيد.....




- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الضريح الكبير