|
الحل خطوة خطوة على الطريقة الروسية
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 4765 - 2015 / 4 / 1 - 10:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في غياب شبه كامل لأي اهتمام للدول الغربية، والإقليمية الفاعلة في الأزمة السورية بإعادة إحياء المسار السياسي للأزمة في سورية تقدمت روسا الاتحادية بمبادرة لجمع بعض المعارضين السوريين من الداخل والخارج مع وفد يمثل السلطة في سورية في "ساحة موسكو" بدعوة من وزارة الخارجية الروسية، ورعاية معهد الاستشراق الروسي، ورئيسه فيتالي نعومكين. وبالفعل انعقد اللقاء خلال الفترة من 26 إلى 29 كانون الثاني الماضي بمشاركة نحو ثلاثين مشاركاً أغلبهم من معارضة الداخل، تمت دعوتهم بصفاتهم الشخصية وليس الحزبية، مما تسبب بمقاطعة كيانات المعارضة السياسية الرئيسية للقاء. لقد سجلت المعارضة السورية على لقاء موسكو الأول أربعة مآخذ رئيسية وهي أولاً؛ أن الدعوات لم توجه إلى الكيانات السياسية، بل لأشخاص منها،وثانيا؛ عدم وجود جدول أعمال محدد، وثالثاً؛ خشية المعارضة من أن يصير مسار موسكو بديلاً عن مسار جنيف، ورابعاً؛ مشاركة بعض مؤيدي النظام في اللقاء تحت عنوان معارضة، أو هيئات مجتمع مدني. بدورها بررت الجهة الروسية الراعية للقاء دعوتها بالصورة التي تمت بها بأنها أرادت تجنب الجدل حول مسألة الاعتراف بالكيانات السياسية، ومسألة نسب التمثيل. ونظرا لأن اللقاء ذو طبيعة تشاورية فحسب فلم تشأ أن تضع له جدول أعمال محدد، بل تركت المسألة للسوريين المتحاورين أنفسهم. وبالفعل انعقد اللقاء بمن حضر، وشارك فيه بعض القياديين من هيئة التنسيق الوطنية بصفتهم الشخصية، وقد عده الروس ناجحاً لمجرد أن اجتمع بعض المعارضين مع وفد السلطة السورية برئاسة ممثلها الدائم في الأمم المتحدة السيد بسام الجعفري، رئيس وفدها المفاوض في جنيف تحت سقف واحد بدون حضور أي وسيط أجنبي، في حين اختلفت تقويمات المعارضين المشاركين في اللقاء له، وعدته هيئة التنسيق غير ناجح. وبغض النظر عن نجاح اللقاء أو فشله فقد كان واضحا بالنسبة للمشاركين فيه أنه سوف يتلوه لقاءات أخرى تمهيدا لعقد جنيف3 كما أعلنت الجهة الروسية الداعية. وبالفعل بدأت وزارة الخارجية الروسية منذ مطلع شهر آذار الحالي توجيه دعوات إلى لقاء موسكو الثاني وحددت موعده خلال الفترة من 6 إلى 9 نيسان القادم. يبدو أن الجهة الروسية الداعية تحاول هذه المرة تجنب بعض الإشكالات التي حالت دون مشاركة المعارضة السورية بصورة وازنة وفاعلة، لذلك فهي تحاول الجمع بين دعوة بعض الكيانات السياسية بصفتها الاعتبارية، إلى جانب دعوة أشخاص معارضين آخرين بصفاتهم الشخصية. فبحسب بعض المصادر المطلعة فقد تمت دعوة الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق الوطنية وجبهة التغيير والتحرير وحزب الاتحاد الديمقراطي، وتيار بناء الدولة، بصفتها ككيانات سياسية، في حين سوف يتم دعوة آخرين بصفاتهم الشخصية. إضافة إلى ذلك فسوف يكون هناك جدول أعمال لهذا اللقاء الثاني يركز على " خلق مناخات ملائمة للتفاوض" وهو مطلب رئيس للمعارضة بمختلف أطيافها، بحيث يشمل البحث في إطلاق سراح معتقلين سياسيين، وخصوصا معتقلين من النساء والأطفال، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وتوصيل الإغاثة والخدمات الطبية إليها، إضافة إلى السماح بالعمل السياسي، وإصدار عفو عن المعارضين السياسيين السوريين في الخارج، والسماح بحرية الإعلام وغيرها. وكما في الدعوة الأولى فإن الروس في دعوتهم الثانية أرادوا إطلاق " اتصالات أولية بين ممثلي حكومة الجمهورية السورية، وبين مجموعات من المعارضة السياسية السورية.." وذلك لمناقشة " أفاق إقامة حوار شامل بين السوريين بدون شروط مسبقة". هذه الشروط المسبقة لطالما شكلت خلافات كبيرة بين المعارضة من جهة، وفيما بينها كذلك وبين الحكومة السورية والجهة الروسية الداعية والراعية للقاء موسكو. من المعلوم أن الائتلاف السوري المعارض كان يطالب دائماً بتنحي الأسد كشرط مسبق، أو على الأقل أن لا يكون له دور في المرحلة الانتقالية وما بعدها، وكانت أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وأغلب الدول الإقليمية تشاركه المطلب ذاته، في حين كانت هيئة التنسيق الوطنية تقول بأنه على طاولة المفاوضات يمكن لكل طرف أن يطرح ما يريده. لكنها من جهة أخرى كانت دائما تطالب بخلق مناخات ملائمة للتفاوض بما يعني تنفيذ النظام للبنود الخمسة الأولى من خطة كوفي عنان التي تضمنها أيضا بيان جنيف في 30 حزيران 2012 والذي صادق عليه مجلس الأمن بقراره رقم 2118 الصادر في عام 2013. اليوم لم يعد الائتلاف يطالب بمثل هذه الشروط المسبقة، كما لم تعد أمريكا أيضا تطالب بتنحي الأسد، بل تدعو للحوار معه. ويبدو أن الروس كما ذكرنا يحاولون " تحسين.. " صيغة اللقاء الثاني مستفيدين من " نتائج لقاء موسكو التشاوري الأول.."، ومن التشاور مع " الأطراف المعنية.." وهذا ما انعكس في التحضير للقاء الثاني والدعوة له لجهة مخاطبة الكيانات السياسية ووجود جدول أعمال محدد للقاء. ولا ينسى الروس بطبيعة الحال أخذ رأي " الجهات الدولية والاقليمية المؤثرة .."، لضمان عدم إعاقتها لعقد اللقاء، بل تشجيعه كما فعلت الإدارة الأمريكية بالنسبة للقاء الأول، إذ نصحت وزارة خارجيتها المعارضين السوريين بضرورة الاشتراك في لقاء موسكو الأول. وربما سوف تدعو هذه المرة روسيا السيد ستيفان دي ميستورا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية، للمشاركة في لقاء موسكو الثاني أو على الأقل أن يرسل من يمثله في اللقاء كي يعطون للقاء طابعا دولياً، لذلك تمت إحاطته علماً في نص الدعوة الجديدة. وكما في الدعوة الأولى كذلك في الدعوة الثانية فإن وزارة الخارجية الروسية الداعية تهدف من وراء لقاءات موسكو تعزيز الجهود " الدولية للدفع بتسوية سياسية على أسس مبادئ بيان جنيف في 30 حزيران 2012 التي وافق عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118". في هذه الإشارة إلى بيان جنيف تستجيب روسيا إلى مطلب المعارضة الرئيس، بمعنى أن أية تسوية سياسية ينبغي أن تتم على أساس بيان جنيف المذكور، ومن خلال مسار جنيف التفاوضي، وتحت رعاية دولية ضمانا لكي يلتزم النظام بتنفيذ مخرجات التفاوض. في هذه المسألة سوف تجد الجهة الروسية الداعية اعتراضا جديا من قبل النظام الذي يعمل على تجاوز بيان جنيف ومساره، وأن تؤدي لقاءات موسكو إلى دمشق وليس إلى أي مكان آخر. بقي أن أشير فإذا كان ثمة بعض الوجاهة لمقاطعة لقاء موسكو الأول فاعتقد بأن على جميع المعارضين المدعوين إلى لقاء موسكو الثاني المشاركة فيه، خصوصا وانه سوف يركز على خلق المناخ الملائم للتفاوض اللاحق وفق مسار جنيف.
#منذر_خدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغتيال الحلم
-
تحولات سياسية استعدادا لمواجهة بين قطبين مذهبيين
-
تمرين تركي لمنطقة عازلة في سورية
-
هل تنجح موسكو فيما فشلت فيه جنيف
-
حقيقة الموقف الأمريكي من الأزمة السورية
-
ما بين لقائي القاهرة وموسكو عشر نقاط سحرية
-
حقية دور روسيا في الأزمة السورية
-
هل يشهد عام 2015 حلا للأزمة السورية
-
خارطة طريق لانقاذ سورية
-
وادي الضيف واليوم التالي
-
الربيع العربي- وراء در
-
المهمة شبه المستحيلة
-
موسكو ودي ميستورا والتسوية من - تحت إلى فوق-
-
اقتصاديات العنف في سورية
-
حيتان السلطة
-
عندما تمارس السياسة والثقافة ب - المقاولة --حازم نهار نموذجا
...
-
تيفان دي ميستورا والمهمة شبه المستحيلة
-
الأسد يخون معارضيه - قراءة في خطابه الأخير -
-
نظام يجيد تفويت الفرص
-
الانشقاقات المعاكسة
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|