الشرطي عريف 9 ج1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4765 - 2015 / 4 / 1 - 03:30
المحور: الادب والفن
    

((9)))-1

نشأ عراك شديد بين فاضل وعريف وسط الشارع وتجمع الناس لفض النزاع ,يصر الأول على أن يخرج الثاني فورا من البيت فيما يتكر أنه قد باع البيت لوالدة عريف متحديا له أن يخرج بالورقة المزعومه ,وبدا الصراخ عاليا حتى وصل مسامع الشرطة التي جاء أفرادها مسرعين بصحبة مأمور المركز ليتم ضبط الحالة وأستصحاب الطرفين للمركز ,الجميع يقولون أن فاضل قد شهر السكين في وجه عريف محاولا ترهيبه أو تخويفه ,طلب مسئول المفرزة من الشهود أن يحظروا معه وأنطلق الجميع بأنتظار حضور المعاون وبدء التحقيق مع الأطراف وضبط إفاداة الشهود .
المعاون كان في قمة المهنية لم ينحاز لأحد ولم يهمل أي نقطة في الإفادات والأقوال وسير الجميع بما فيهم عريف لقاضي التحقيق , عرف تماما أن عريف كان ضحية أستهتار وعجرفة فاضل الذي لم يحترم القانون ولم يشرع بمحاولته وفق للعرف السائر في المدينة ,أحس فاضل أنه وقع في خطأ كبير وكبير جدا بهذه المواجهة الصبيانية برغم بلوغه الأربعين وفوقها ببضع سنين .
أراد أن يعتذر منه لكن قرار قاضي التحقيق كان أسرع فقد أصدر قرارا بإيداعه التوقيف لمدة سبعة أيام بتهمة الشروع بالقتل والتهديد والأعتداء ,فاخر الذي حضر مسرعا بمجرد سماعه بالخبر كان مطلوبا أيضا للشهادة بمضمون ورقة البيع ,أصبح الجميع متورطا ,عريف بعد ذلك عاد لعمله بصمت لا يتكلم وكأنه يخوض في سجال بلا معنى وخجل من رئيسه الذي كرمه .
أول الواصلين للأطمئنان على عريف كانت أم علي إنه أبن شقيقها الغير معلن والمصرح به كما أنها تحمل طوق النجاة له من هذه المحنة وطلبت مقابلة المعاون ,أراد عريف بتوسل أن يمنعها لكنها أصرت على ذلك ,لم ينتهي الحال إلا بخروج الضابط من غرفته ليرحب بها ويدخلها الغرفة ,طلبت أيضا أن ينادي على عريف لأمر هام , الجرس المعلق في بابه نادى ليكون عريف ثالث ثلاثة ,أخرجت من كيس ورقي قديم ملفوف بقطعة قماش ورقة وسلمتها للضابط وقالت هذا صك ملكية اليتيم .
أستأذن من رئيسة أن يقبل يدها فقال له أذهب لها في البيت وقبل قدمها إنها أعرف منك بمصلحتك ولكن كيف وصلت لك هذه الورقة ,قالت عندما كان موقوفا كنت أحمل له ملابس جديدة والأكل في كل مرة ,وفي أحداهن عثرت على الورقة في جيب ثوبه وأحتفظت بها للحاجة وهاي هي الحاجة تقول أنا هنا ,سألها أخيرا هل تقربين له أو من عائلتكم مثلا ,أجابت كل يتيم هو من عائلتنا وقريب منا فنحن بالأول والأخير من صلب واحد.
حفظ الورقة في خزانة الدائرة الحديدية وتشكر من أم علي ودعى لها بالتوفيق وطلب من عريف أن يرجع لعمله دون أن يصرح بشيء أو يخبر أحد بشي لأكتمال التحقيق وحفاظا على حقه بأنتظار أن يسير المتهم والشهود للقاضي في غد ,عاد الفرح والأطمئنان مشوبا الأرتياح من أنتصاره لأول مرة على فاضل الذي كثيرا ما أستعبده في الشارع والمقهى وفي كل مكان قبل أن يصبح شرطيا .
جاء مجموعة من الناس من أصحاب فاضل وأقرباءه يطالبون عريف بالتنازل عن الشكوى وقبول الصلح مقابل أن يبقى في الدار لمدة شهر أو شهرين حتى يجد سكنا مناسبا ,رفض أي مبادرة للصلح وأخبرهم أن الدار داره وسبق وأن سلمه المتهم وشقيقة الحاضر ورقة أقرا بذلك ,أنكر فاخر الواقعة جملة وتفصيلا مقسما بأغلظ الأيمان أن لا شيء من هذا حدث ,قال أذن بيننا القانون هو من يفصل في الأمر.
أخرون حاولوا أن يتوسطوا لدى مأمور المركز لغرض الضغط على عريف بالتنازل أو قبول المصالحة ,كان المأمور يعرف جيدا حدود إمكانيته من الضغط على عريف, أعتذر بأدب وقال الأمر ليس بيد عريف وحده لقد تم الأعتداء على رجل شرطة والشروع بالقتل هذه جناية فيها حق عام لا ينفع معها التنازل, طلب البعض منهم أن يتم تغيير الإفادة وجعلها بدون إشهار السكين لتسهيل أمر أطلاق سراح فاضل, قال السكين مع المضبوطات وهذا الأمر محال.
لم تنتهي المحاولات عند حل يرضي عريف الذي خرج بعد أنتهاء الدوام وهو يشعر أن الحق معه وأن لا أحد يمكنه بعد الآن أن يسلب منه الدار ,لقد دفعت والدته الثمن كاملا ولا مجال للعودة للتنازلات ,إنه اليوم متحمس تماما أن يعيد ترتيب وضعه لم يترك بعد لكائن من كان أن يستغله وعليه أن يبني أسرة وأن يختار له زوجة تؤنس وحدته ,في خضم حديثه النفسي سمع إكريم ينادي من خلفه توقف ليستفهم ,بادره بسلام وود غير طبيعي وقال له أنا في حديث مهم بيني وبينك بحاجة أن نتكلم على إنفراد ,فال أما حديث عن عمل وتدخل في شؤون المركز فلا تقرب منه ,قال لا حديث خاص.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات