أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ماجد ع محمد - السكوت علامة الرفض















المزيد.....

السكوت علامة الرفض


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4763 - 2015 / 3 / 30 - 16:29
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ليس جهلاً بقي ساكت
إنما من فرط ما تناول الجرعاتِ لم يعد قادراً على الهضمِ
لذا لاحظتموه كأبي الهول جاحظاً في الخليقة من تخمة المَشاهِد
ومن عُسر ما رأى ارتضى أن يبقى صامت.
المقتطف من وحي المقالة.
لا شك بأن وظيفة الكاتب لا تقتصر على نسف كل ما يتصل بالأعراف الاجتماعية، وليس همه الوحيد دائرٌ في مضمار من لا هم لديه غير محاولة خلخلة البنى التاريخية للموروث الشعبي، أو المساهمة في طعنِ أو نحر كل ما خطه السلف مما كان معانقاً لتلابيب الجمال، وبالتالي المداومة على لوي رِقاب معاني معظم ما جاء في حِكم وشذرات الأولين.
ولكن من قال أيضاً بأن ما خلَّفه الألون من التراث الشفاهي أو حتى المكتوب منه، يبقى بمثابة دساتير دائمة لا يُستحسن تغيير أي شيء منها؟ وأن ما صاغته حناجر القدماء يُطلب منا التعامل معه على أساس أنه ترتيل مقدس يُحظر الاقتراب من ركائزه، والتعامل مع المتوارث كمسلمة ومن ثم الالتزام الأبدي بمكنونها الدارج، وكأن الموروث عبارة عن مسار جامد وما على المواطن إلا السير على تلك السكة الثابتة، والاستضاءة بأضواء مأثوراتٍ لم تعد تتماشى مع الحياة بشروطها وقوانينها الجديدة؟
فمن المتعارف عليه بين العامة في بلادنا أن تطبيق المثل الدارج" السكوت علامة الرضى" أكثر ما خصُ بتوظيفه هو ما كان متعلقاً بإملاءات الرجال ووجوب موافقة المرأة لطلبات الذكور بوجهٍ عام، وبالأخص فيما يتعلق باختيارات البنت لشريك حياتها المستقبلي، الذي كان يُفرض من الأهل ولكن بطريقة تشبه طرق الاستفتاء في الأنظمة الاستبدادية، فيُعرض الشخصُ " العريس" على البنت مع الإيحاء إليها بوجوب القبول، وليس أمام البنت إلا خيارين ولكن بجوابٍ واحد، فإن كانت رافضة المعروض جملة وتفصيلاً تبقى صامتة خشية من غضب الأهل إن رفضت، وإن قبلتْ تبقى أيضاً صامتة لئلا تبدو وقحة بنظر الأهل، وهكذا فالصمت هو سيد الأحكام، وهو أشبه بديمقراطية النعم و اللا في النظم المستبدة، التي تضع فقط خيارين أمام المواطن، فإن وضع المرءُ إبهامه على حقل اللا راح بسببها الى أماكن لا تُرضيه، وليس أمامه آنئذٍ إلا القبول بما يُراد منه، والبنت ما عليها في حالة المعروض عليها من الأهل غير الاستسلام والخضوع لواقعٍ لم تختاره يوماً، إنما الرجل والواقع هما من فرضا الأمر عليها، بالرغم من أن الرجل نفسه مراراً ما يكون ضحية قراراته و قوانينه الجائرة.
لذا فمن المؤكد أن هنالك حكم وأمثال وقواعد ينبغي إعادة النظر بها، إن كانت فعلاً متناقضة مع الواقع المُعاش، ومن الضروري إيجاد فتاوي جديدة ترافقها حتى تُسهل من قبوليتها، تعديلها أو تقويمها إذا أمكن، ولكننا لن نغرق في الأمثلة بحكم كثرتها، ولن نغوص في بحر المرويات على ألسن العامة، إنما مدار نصنا سيبقى في محيط المثل الدارج "السكوت علامة الرضى" أو حسب ما يقوله اللبنانيون" السكوت أخو الرضى" واستخدامه في الكثير من الحالات كجوكير من جواكير لعبة الشدة، واستخدامه في مواضع لا تطيق نكاحه، ومع ذلك نُجمع المثل الغابر والحالة البشرية المعاصرة على فراشٍ واحد رغم نفورهما الواقعي، باعتبار أن المَثل بقي في مرحلة تاريخية ما خير من يعبر عن الوضع النفسي للفرد، أو ما يُعايشه الشخص وتختزل حالته في فترة زمنية معينة، لذا فمن المنطقي إن ظهر ما يناقض مفعوله مع مرور الوقت ينبغي مراجعته، وباعتبار أن من شرّعهُ هو الشعب، فمن يعيد النظر فيه هو إذن لا بد أن يكون الشعب نفسه، طالما كان المثل نتاج القريحة الجماهيرية برمتها.
لذا فالاستمرار باعتماد قول" السكوت علامة الرضا" وجعله قانوناً دائماً هو اجحافٌ بحق الساكت الذي خشي من إبراز أو إظهار موقفه الحقيقي لما عُرض عليه؟ عموماً ثمة أمثلة حية في بال الغالبية منها مثلاً: فعندما يعرض ضابط ما في الجيش موضوعاً على عناصره فهل بمقدورهم غير القبول بما استساغه الضابط وأُنزل كالوحي الذي لا يُرد من قِبله عليهم، وعندما تكون في معملٍ أو مصنعٍ ما، وتعرف حق المعرفة بأن صاحبها يغش بالمقادير في إنتاجه، فهل بمقدورك كموظف أو عامل أن تتفوه بكلمة غير الصمت المطبق الدال على القبول والايجاب، وأنت تعرف حق المعرفة بأن مجرد ملاحظة منك ستدفعك الى خارج المعمل لتتسول عملاً جديداً إن وجد، ومن الأمثلة المتعلقة بالجوانب الفكرية والابداعية فخير مثال هو ما جرى مع مذيعة سورية عاملة في إحدى القنوات المعارضة، والتي تم فصلها من عملها بسبب وضع إصبعها على زر الإعجاب ببوستٍ ينتقد صاحب المحطة، وكذاك حالة أحد المذيعين في الإذاعات السورية المعارضة في تركيا، حيثُ فُصل من عمله لأن هاجس كشف الحقائق راوده في لحظةٍ ما، لأن راح يتحقق من الموارد المالية التي تورد الى الاذاعة مع ملاحظته بعدم حصول أي تقدم في أو تطويرٍ في مجرى العمل أو البرامج أو ما كل ما يتعلق بتوسيع الكادر، والذي وقتها لم يستجب لطلب زميله الذي حضه على أن يتغاضى عن الموضوع باعتبار أن السكوت أفضل من أن يُصبح هو موضع المساءلة بدلاً من الممرغين في جوف الفساد المالي، وبدلاً من إدانة المسؤولين عن الخلل وتصويبه يتم إدانته هو، وهو الذي جرى فعلياً، إذ تم فصله من العمل بتهمة تسريب أسرار المؤسسة الى الخارج، وقد تحمَّل على مضضٍ تبعات تحريه واستقصائه لوحده ولم تفده لا نقابات الإعلاميين ولا أحداً من مدعي دعم الباحثين عن الحقيقة بشيء، ولا تجرأ أحد من العاملين في الاذاعة نفسها أو في الاذاعات المماثلة من التحدث عن الموضوع، طالما كانت معظم الاذاعات المعارضة لديها ملفات تماثلها ربما في الفساد، عموماً سنتوقف هنا عن إيراد الأمثلة الحية ولن نتطرق أو نقارب الحديث عن تجاربنا الشخصية، بكوننا لا نزال نعيش ظروف الصمت الذي يجعلنا مستمرين في الحصول على قوتنا اليومي، لأننا ندرك تماماً بأننا لو فتحنا ملفاتنا الشخصية أو أشرنا إليها أو جاهرنا بين الزملاء بانتقاد ما نعانيه، فحينها قد يُصبح واحدنا في الشارع ومصطفاً في طوابير المتسولين، لذا فالصمتُ رغم حرقته وأذاه قد يكون جالباً لبعض الأمان المعيشي الى حين، ولو أن ذلك يقض مضجع الصحفي المعني بالبحث والتقصي، ويجعله يعيش التناقض المريع في حياته اليومية والمهنية، وذلك في أن يكون قد اختار الصحافة دراسةً ليستطلع المعابر الخطرة في المجتمع ويتحرى عن الأخطاء والانتهاكات فيه، في حين تراه متجاوزاً محيطه وباحثاً عن الأخطاءِ والعثرات في محيط الآخرين، لذا فالصمت لا يزال هو خير ما يتمثل الرفض ويعبر عنه في المجتمعات الشرقية المصابة بأمراض اجتماعية خطيرة، والمبتلة لا تزال بأنظمة شمولية استبدادية قد لا ينفع معها إلا المكوث في قاع الصمت الى حين زوال أسبابه.
لذا فمن خلال المسرودات السابقة فنرى بأن حض الناس في كل شاردةٍ وواردة على التمرد ليس هو الحل الأمثل ولن يكون كذلك، إنما أهم ما يجب أن يتم تغييره في تركيبة هذه المجتمعات العربية هو ليس فقط كامن في نسف أنظمة الحكم فيها، أو هدم البنى الشمولية أو الملكية أو تلك المقنعة بقناع الجهورية في هذه الدولة أو تلك، إنما يبقى الأهم في الأمر هو تغيير البنى الاقتصادية والأنظمة المالية المعمول بها في تلك الدول، طالما أن المال هو الذي يجعل الرجُل ساكتاً حتى زوال الأسباب الاقتصادية المتحكمة بقراراته المصيرية، وكذلك المرأة تبقى صامتة الى أن تصبح سيدة ذاتها من خلال تجاوزها لعقدة الحاجة المالية للآخر، ذلك فقط ما قد يساعد الرجل على القول والتصريح بكل فخرٍ ومن دون الخوف من سلطان الجوع الكافر، وكذلك يُرفع وللأبد إشعار منع البوح عن فم المرأة، لتُعَبِّر بعد ذلك بكل جرأة عن رأيها الرافض لما يُعرض عليها من قِبل رجُلها أو المجتمع الذكوري برمته.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة من صور الحقائق المشوهة (3)
- صورة من صور الحقائق المشوهة(2)
- صورة من صور الحقائق المشوهة (1)
- مسؤولية الارتكاس الثوري
- لو أني امرأة
- اسطورة كردية
- مبعوث السخائم
- اليوم معكم وغداً عليكم
- كوباني غراد
- المقدام
- استراتيجية الحقد والتسامح
- سرطان التطرف في سوريا وعقدة كوباني
- كوباني تغيِّر المعادلات
- ما قدسية ضريح سليمان شاه بالنسبة لتنظيم داعش؟
- السوريون بين خطابات الساسة وتصرفات الشارع التركي
- هي شنكال
- لو كنتُ يزيدياً
- عبدو خليل: يُحشر السُرَ مع التساؤلات في قبوِ بارون
- هل يُعيد حزب الاتحاد الديمقراطي تجربة حلب في كوباني؟
- وزير شؤون الجنس والأدب


المزيد.....




- إسرائيل.. إعلان وزارة الدفاع عن إنشاء مستشفى ميداني للأطفال ...
- استطلاع: 80% من الأمريكيين متشائمون عقب محاولة اغتيال ترامب ...
- شاهد: بوتين يقود -لادا أورا- الجديدة ويفتتح بها الطريق السري ...
- ألمانيا تعلن مبادرة لتعليم مليوني طفل بمنطقة الساحل الأفريقي ...
- تقرير يتحدث عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب وطهران تنفي
- البنتاغون: نعتزم تسريع تطوير واختبار الصواريخ فرط الصوتية
- تدمير تسع مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة كورسك الروسية
- -نيوزويك-: أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية تشل فعالية الأسلح ...
- انقلاب حافلة عند دخولها نفقا بالقرب من برشلونة
- صيادون يرصدون تحليق صواريخ روسية فوق بحر قزوين


المزيد.....

- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ماجد ع محمد - السكوت علامة الرفض