|
أيتها المرأةُ الملعونة، أين عضلاتُ فخذيك؟
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 19:25
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
سجالٌ فكريٌّ حادٌّ جمعني قبل أيام بداعية مغربيّ اسمه "محمد الفزازي" حول سؤال: "هل لحرية التعبير قيود؟"، خلال برنامج "مناظرة" الذي تم تسجيله في "قصر السفراء" بالدار البيضاء. وتطرّق الحديث، بطبيعة الحال، حول ملابس المرأة وأنها السببُ وراء ظاهرة التحرّش بالنساء المتزايدة في المجتمعات العربية. وسألتُ الشيخَ سؤالاً بريئًا: “أفغانستان تحتلُّ المركز الأول عالميًّا في نسبة التحرّش بالنساء حسب الإحصاءات الدولية، رغم أنها تغطي النساءَ من رأسِها إلى أخمص قدميها، فما تفسير ذلك؟” وراعني أن قال الرجل: “حجابُ المرأة أو نقابها ليس دليلا على فضيلتها. فقد تتغطى وترتكبُ الفواحش.” ثم أراد أن يصرف انتباهي عن عوار إجابته وتهافتها، عن طريق استفزاز وطنيتي، قائلا: “وماذا عن التحرش في ميدان التحرير؟" وكان له ما أراد، حيث انفعلتُ لأنه زجّ باسم مصر في أمر خارج السياق، محاولا أن يُهين ثورتنا ووسمها ووصمها بما لا يليق. وبالطبع غاب سؤالي العسر، وإجابته المتهافتة، وسط الجدل العقيم. والآن يحقُّ لي أن أعيد تفنيد الأمر على القراء، لأسجّل كمّ التهافت وانعدام المنطق في إجابة الشيخ الداعية. نلاحظ بدايةً أن الشيخ قد تجاهل المفارقة التي وددتُ طرحها في اجتماع التدّثر الكامل لجسد المرأة، بعدم سلامها وأمنها رغم هذا من سخافات المتحرشين. لكن الأخطر في إجابته هو أنه ألقى بتبعة التحرش على "انعدام فضيلة المرأة"، وإن كانت منتقبة! فالمراة المُتحرّش بها غير عفيفة بنظر الشيخ! أين الرجلُ في واقعة التحرش؟! غير موجود! هو الحملُ الوديع المغلوب على أمره دائمًا. ذكّرني هذا التهافت الذهني والمراهقة الفكرية بشيخ مصري اسمه "محمود شعبان"، حماه الله وبارك في عقله، حين قال: "إن عفّتِ المرأةُ عفَّ الرجل." ولا ندري أيُّ عفاف يطلب أكثرَ من النقاب؟! وهل نساء أفغانستان في نقابهن غيرُ عفيفات؟ ثم تمادى شيخنا الطيب قائلا: "إن المرأة دون سواها هي السبب في ظاهرة التحرش الجنسي.” "حتى إن احتشمت يا شيخ؟" "نعم. حتى إن احتشمت وتنقّبت.” "لماذا يا شيخ؟ وكيف"؟ "لأنها لا تستخدم أقوى عضلة في جسم الإنسان، وهي عضلة الفخذين! كما يقول العلم(!!) لماذا تخفق المرأة في استخدام فخذيها لمقاومة التحرش؟! هي إذن ترغب في التحرش بها، ملعونة ابنة ملاعين!” هذا الشيخ الكوميدي ارتكب عدة مغالطات منطقية وفكرية ووجودية. أولا أغفلَ الرجلُ أن التحرش الجنسي ليس بالضرورة هو اكتمال عملية الاغتصاب. إنما يبدأ بكلمة سفيهة يقولها رجلٌ سفيهٌ لمحصّنة تسير في الطريق. وتمرُّ بمحاولة لمس جسدها خلسةً، فإن وصل الأمرُ إلى حده الأقصى، خرج من خانة "التحرش" و"انتهاك الخصوصية" ليدخل في باب "الاغتصاب" أو “هتك العرض” وتلك جريمة أخرى. وثانيًا، يطالب الشيخُ الكريمُ المرأةَ لكي تكون عفيفة أن تتدرب احترافيًّا على المصارعة الحرّة لتصرع الرجل المتحرش الفحل. فإن كانت المرأة ذات بنيان جسماني ضعيف ولها أفخاذٌ واهنة، فهي فاجرة داعرةٌ يجوز التحرش بها! لم يسأل الشيخُ المغربي ولا زميله المصري نفسيهما عن الطفلة التي تُغتصب! ماذا ارتدت من ملابس مُغرية ولم يكتمل بناء جسدها أصلا، ولا كيف تقاوم ذكرًا يافعًا بفخذيها الناحلين؟! لاحظوا أن "الرجلَ" غائبٌ عن منظومة الشيخين في العملية الانتهاكية، في مقابل الحضور الكامل الشامل للمرأة/ الطفلة. المرأة هي الفاعلُ والمفعولُ بها طوال الوقت، والرجل لا يفعل أكثر من تأدية دوره الطبيعي الأوحد في الحياة: “الجنس"! هكذا يرى شيوخنا الأفاضل الأمورَ من منظار أعور بعين واحدة. الشيخ المغربي محمد الفزازي، الذي ناظرته في المغرب قبل أيام، أعتذر لنفسي ولقرائي على مساجلته. لأنني حين وافقتُ على النزال، كنتُ واهمةً وصدقت مزاعمه بأنه قد راجع أفكاره القديمة وعدل عنها بعدما منحه ملك المغرب عفوًا أخرجه من غياهب السجون التي قضى سنوات وراء قضبانها عقابًا له على فتاواه التكفيرية التحريضية التي أرهقت المغرب والعالمين. ظل يقول على مدى سنوات: "نعم أنا تكفيريٌّ وأفخر بهذا. بل على كل مسلم أن يكون تكفيريًّا وإلا كان هو كافرًا خارجًا عن ملّة الإسلام!" وكان يقول إن الديمقراطية "دِينُ" كفر، كالنصرانية واليهودية، وإن مَن يعتنق الديمقراطية يجب قتله كما يحلُّ قتل أي كافر. ثم زعم أنه الآن شخصٌ جديد مستنير مختلف. إلى درجة أنه، قبيل تسجيل الحلقة، قال لي أمام فريق إعداد البرنامج والمخرجين والمذيعة والمصورين وأمام زوجاته العديدات: “أنا الآن إنسان جديد، ولو شاهدتُ محمد الفزازي القديم سوف أضربه بالحذاء". هل ترون أن الشيخ قد تبدّل واستنار بالفعل وتحرر من آرائه حول المرأة والرجل وعملية التحرش الجنسي؟!
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصرُ أينما جُلتَ
-
الرئيس.. والأم
-
شكرا ونكتفي بهذا القدر
-
أمي -الملاك-... التي لم تنجبني
-
شارعُنا
-
هل تذكرون لوزة وتختخ؟
-
مفتاحُ الحياة في يدِ مصر
-
لأنها مصرُ، احتشد العالم
-
قطط الشوارع
-
مصرُ على بوابة الأمل
-
لو كان بمصر هندوس!
-
زوجة رجل مهم
-
قُل: داعش، ولا تقل: ISIS
-
ماذا قال السلفُ القديم
-
العالمُ يفقدُ ذاكرتَه
-
العالم في مواجهة داعش
-
دواعشُ بلا سكين
-
الذهبُ على قارعة الطريق
-
آن للشيطان أن يستريح
-
المرأةُ الأخطر
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|